منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 16 - 08 - 2024, 12:30 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,059

مقال لقداسة البابا تواضروس الثاني في مجلة الكرازة : أعظم شعور


قداسة البابا تواضروس الثاني

مقال لقداسة البابا تواضروس الثاني في مجلة الكرازة :
أعظم شعور


يعيش البشر في هذا العالم الكبير

والذي يسمونه Macro-Cosmos منذ قرون وقرون في جماعات وشعوب وأمم وأجيال وراء أجيال، بينما يسمون كل إنسان Micro Cosmos أي “العالم الصغير”. فكل إنسان منا هو “عالم” بحياته الداخلية والخارجية وشخصيته وطباعه وأحاسيسه المتنوعة والمتعددة وسلوكياته وتصرفاته وما يصدر عنه من كلام وألفاظ وتعبيرات ونظرات وغير ذلك والذي يرسم معالم “عالمه الصغير” في هذا “العالم الكبير”.

وعبر رحلة الحياة تتكون مشاعر عديدة عند الإنسان مثل الحب والكره والحقد والانتقام والخبث والنقد والحنان والتذمر والطموح والعند والطمع والأنانية وغير ذلك الكثير..

ونقف نتساءل ما هو أعظم شعور يمكن أن يمتلكه الإنسان ليعيش سعيدًا يمارس إنسانيته التي خلقها الله، حين وضعه في هذا الكون الواسع. وإذا بحثت يا صديقي في حياتك لن تجد أفضل من “الشعور بالرضا” ليكون هو أعظم شعور يحيا به الإنسان حسب قصد الله ضابط الكل وضابط البشر وضابط الخليقة على الأرض وفي البحر وأيضًا في السماء… ضابط ما نراه وما لا نراه…

يقول القديس بولس الرسول وهو في السجن: “…قَدْ تَعَلَّمْتُ أَنْ أَكُونَ مُكْتَفِيًا بِمَا أَنَا فِيهِ…” (فيلبي 4: 10-13). وهذه صورة الشعور بالرضا باعتباره شعور إيماني وإيجابي ينساب في قلب هادئ ونفس هادئة. لأن النفس المتذمرة دائمًا صاخبة ومتمردة ولا يعجبها أي شيء أو أي إنسان. الشعور بالرضا يعني الإحساس الدائم بقبول “حياتي” التي يقدمها الله لي كل يوم كما يقول داود النبي: “جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ” (مز 16: 8).

إن الشعور بالرضا هو سلوك المؤمن المسيحي في حياته اليومية ليس عن سلبية أو استكانة أو عدم عمل أو كسل، بل عن قبول داخلي بأن الله الذي خلقني هو مدبر حياتي بكل ما فيها من تفاصيل، مثل ما صدر عن العذراء مريم حين تلقت البشارة السماوية المدهشة وقالت: “هُوَذَا أَنَا أَمَةُ الرَّبِّ لِيَكُنْ لِي كَقَوْلِكَ” (لوقا 1: 38) دون اعتراض أو رفض أو تذمر أو صد أو عدم قبول. وأسلوب الحياة الراضية يحتاج من الإنسان أن تكون له العين النقية وهذا يبدأ من التربية للصغار وغرس هذه المفاهيم في أفكارهم.

كذلك الشعور بالرضا هو علامة نجاح في مراحل حياة الإنسان لأن هذا الشعور يرفعه من مرحلة إلى أخرى بكل اجتهاد، لأن التذمر يعرقل خطوات الإنسان بل ويصيبه بالتوهان والحيرة وإضاعة الفرص المتاحة والشلل في قدرات التفكير.

ومن المهم أن نلاحظ أن قصة سقوط الإنسان بدأت بعدم الرضا، وبصفة عامة فإن حياة الخطية تبدأ بعدم الرضا. ويمكن أن تتذكر معي صديقي القارئ مثل الابن الضال وكيف ترك بيته وانحدر إلى حياة الخنازير وقاع الخطية. ويُعبِّر سليمان الحكيم في أمثاله قائلاً: “النَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ (الراضية) تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ (المتذمرة) كُلُّ مُرّ حُلْوٌ” (أمثال 27: 7). لقد قال أحد الفلاسفة إن كل إنسان هو بئر من الرغبات، أما الشعور بالرضا فإنه يغلق هذا البئر.

تُحكى قصة لطيفة عن شجرة عيد الميلاد، أنها ذات يوم تذمّرت على شكلها، وذهبت إلى السيد المسيح، وقالت له: كيف تكون شجرة عيد الميلاد الخاصة بك ورقها صغير هكذا؟ وسألها السيد المسيح عن رغبتها، فقالت أريد أن يكون ورقي من الذهب!

وفعل لها السيد المسيح ما أرادت، ولكن في المساء أتى إليها لصوص، وسرقوا أوراقها، فذهبت متذمرة إلى السيد المسيح، وطلبت منه أن تكون أوراقها من الزجاج. وأيضًا أجاب السيد المسيح لها طلبها، ولكن في الليل هبّت عاصفة شديدة أدَّت إلى تكسير هذه الأوراق الزجاجية.

فتذمرت مرة ثالثة، وذهبت إلى السيد المسيح وقالت له أريد أن تكون أوراقي الخضراء كبيرة وعريضة، وأجاب الرب هذه المرة أيضًا. فمرّت بالشجرة مجموعة من الخراف وأكلت الأوراق! وفي النهاية عادت الشجرة إلى السيد المسيح وقالت له أريد أن أعود كما صنعتني! فلا يوجد لصوص يسرقونني، ولا عاصفة تُكسّر أوراقي، ولا خراف تأكلني، وهكذا أظل شجرة خضراء جميلة وأكون راضية بكل ما خلقتني فيه.

وحياة الإنسان الراضي تدور بين أربع صفات رئيسية تشكل ملامح مشوار حياته على الأرض:

أولاً: الرضا بالاختيار والقرار المصيري
الذي اختاره لنفسه لأن الاختيار حرية ومسؤولية وهذا ينطبق على دراسته وعمله ثم مستقبله سواء في طريق الزواج أو في طريق التكريس بكل صورة لأنه “لَيْسَ أَحَدٌ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَيَنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ يَصْلُحُ لِمَلَكُوتِ اللهِ” (لوقا 9: 62). ودائمًا عدو الخير يشكك في الطريق الذي تسلكه.. وربما قصة “راعوث الموآبية” تقدِّم لنا مثالاً للنفس الراضية تمامًا بكل أحداث الحياة ولذا استحقت أن تذكر في سلسلة أنساب السيد المسيح (متى 1).

ثانيًا: الرضا بالخدمة والمسؤولية العملية لأن أحيانًا الإنسان يقارن نفسه بآخر وهنا يبدأ التذمر. واعلم أن الله يعطي لكل إنسان وزنات على قدر طاقته (متى 25: 15-28).

ثالثًا: الرضا بالآخر سواء شريك الحياة أو شريك الخدمة أو زميل العمل والدراسة. وعدم وجود الانسجام مع الشريك غالبًا يكون سببه قلة المحبة وعدم اتساع القلب لقبول الآخر. اعتبر أن الآخر هو رسالة من الله لك، فتعلَّم منه وأكثر له الحب.

رابعًا: الرضا بالظروف وذلك لأنها تتغير باستمرار ولا يدوم الحال كما هو.. إن فصول السنة الأربعة تتغير لكي ترضي كل الأذواق. فاحذر التذمر والتمرد، واعلم أنه “صانع الخيرات” على الدوام، واشكره في كل وقت، وضع ثقتك فيه، واعلم أن الله لا يعطينا عندما نتكاسل، وإنما يعطينا عندما لا نستطيع.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
مقال لقداسة البابا تواضروس الثاني في مجلة الكرازة أعظم قوة
مقال لقداسة البابا تواضروس الثاني في مجلة الكرازة أعظم كلمتين
مقال لقداسة البابا تواضروس الثاني في مجلة الكرازة أعظم نصيحة
مقال لقداسة البابا تواضروس الثاني في مجلة الكرازة أعظم راحة
مقال لقداسة البابا تواضروس الثاني في مجلة الكرازة أعظم قرار


الساعة الآن 06:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024