محمد مرسي قبل الرئاسة وبعدها

[Mary Naeem]

مرسي قبل الرئاسة وبعدها


هل حقا أرسل الرئيس محمد مرسى خطابا إلى رئيس الكيان الصهيونى ملىء بالحب والغرام؟ صار هذا هو السؤال الأهم والوحيد على ساحة «الميديا» بكل أشكالها لينسى الناس عامة وأبناء حركاتالإسلام السياسى وفى القلب منهم جماعة الرئيس «الإخوان المسلمين» أن القضية الأصيلة والرئيسية هى فلسطين و«التطبيع مع الصهاينة». لقد أرسل الرئيس محمد مرسى، عضو مكتب الإرشاد السابق ومسؤول المكتب السياسى للجماعة، السفير عاطف سالم سيد الأهل ليبدأ مهام عمله سفيرا لمصر لدى الصهاينة، ونقلت إذاعة صوت إسرائيل عنه قوله «إنه يحمل رسالة سلام وإن مصر ملتزمة بجميع الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل» وشرب نخب السلام مع الرئيس الإسرائيلى، ثم أعرب عن «أمله فى أن يتم تحقيق السلام فى المنطقة لضمان مستقبل النشء الجديد». وقديما.. عن فلسطين والحق العربى فيها والعلاقات مع اليهود قيّم الإمام المؤسس للإخوان حسن البنا ما يفعله الرئيس مرسى، وكان ذلك فى رسالة ألقاها باجتماع رؤساء المناطق ومراكز الجهاد المنعقد بالقاهرة فى 3 شوال سنة 1364هـ الموافق 8 سبتمبر سنة 1945م، حيث قال «وكل تفكير أو تصريح أو عمل يتنافى مع إنصاف العرب ولا يحقق آمالهم فى فلسطين لا يكون من ورائه إلا الإثارة والإحراج». كان ذلك قبل قيام دولة بنى صهيون على أرض فلسطين وقبل أن يتم اغتياله أو تقوم ثورة يوليو وقبل أن يصبح واحدا من أبناء الجماعة رئيسا للجمهورية! دعم العلاقات بوضوح الآن توقيع الرئيس مرسى على خطاب تكليف السفير عاطف سالم موجود بحبره المبارك فى ملف مرسومة عليه النجمة السداسية -نجمة داوود- داخل أحد أدراج مؤسسة الرئاسة الإسرائيلية والمفروض أن نترك هذا الحدث ونهرول خلف انفراد شبكة «رصد» الإخوانية بتصريح من السفير عبد الله الأشعل ينفى صحة صورة الخطاب الذى نشره الإعلامى خيرى رمضان فى برنامجه «هنا العاصمة» مساء الأربعاء. على قادة الإخوان أن تهتف «تكبير» وعلى الجموع أن تردد «الله أكبر ولله الحمد» بعد أن يؤكد الأشعل لـ«شبكة رصد الإخوانية» أن هذه الصورة كاذبة وأن «المرسوم» الذى يرسل مع السفراء حين توليهم منصبا فى القنصليات مكتوب منذ مئة عام فى الرئاسة ولا يتغير وكنا نعلمه لكل موظفى الخارجية فى بداية عملهم! لأن إسرائيل تحاول النبش فى أخلاق الرئيس مرسى ونشر الوقيعة بينه وبين شعبه وأن نص الخطاب مع السفراء يكون كالتالى: «نرجو اعتماد السفير….. فى دولتكم لدعم العلاقات السياسية بيننا وبينكم……». وهكذا فإن الأشعل اعترف بأن الرئيس -خريج مدرسة حسن البنا- كتب لبيريز «نرجو» وطالبه بـ«دعم العلاقات بين البلدين». رغم أن برنامج الإخوان المسلمين فى انتخابات مجلس الشورى 2010 أى فى عصر المخلوع، الذى أشرف على إعداده الدكتور محمد مرسى كان ينص فى ما يتعلق بالقضية الفلسطينية على «ضرورة وقف كل أشكال التطبيع الاقتصادى والثقافى والسياسى والأمنى لإجهاض الحلم الصهيونى فى بناء دولته». تغيير الثوابت بالتأكيد هناك تحول ما يحدث فى منطقة «العلاقات مع الصهاينة» داخل التنظيم الإخوانى إنه التحول الذى يفرض حسابات السلطة على كل شىء بما فيها ثوابت الدعوة القديمة والحديثة على حد سواء. وهل تغيرت ثوابت التنظيم عالميا بحيث أصبح الثابت متغيرا وصار مطلوبا تغيير النص الخاص بـ«مقاومة كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيونى» من بيانات وأدبيات الإخوان فى سوريا والأردن واليمن وغيرها من دول العالم؟ بقى أن نذكر أن رسالة الإخوان الصادرة فى عددها 611 الصادر من لندن بتاريخ 9 أكتوبر 2009 رصدت الأدوار التى لعبها الإخوان فى العالم للتصدى لـ«كامب ديفيد» وما بعدها حيث قالت «تمثل دور التيار الإسلامى الذى يشكل الإخوان المسلمون عموده الفقرى فى التصدى لهذا الانحراف الخيانى الذى تمثله معاهدة كامب ديفيد، ونشطوا فى جميع الميادين الجهادية والسياسية والإعلامية والعقائدية، فى مواجهة هذا الانحراف». والمثير للدهشة أن رصد رسالة الإخوان دور التنظيم المصرى فى التصدى للمعاهدة أكد أن دورهم كان فاعلا «فى إفشال كل محاولات التطبيع الشعبى مع اليهود»، وقد عبرت عن زيادة الإخوان فى قيادة المعارضة للمعاهدة، صحيفة «الشرق الأوسط» الصادرة فى لندن فى 5/7/1979 حين نشرت تحليلا سياسيًّا بعنوان: «الإخوان المسلمون فى مصر.. نشاط متزايد ورفض مطلق للمعاهدة مع إسرائيل..». لكن المؤكد أن شيئا ما يتغير فى كل تلك الثوابت وأن البداية ليست من اعتماد الرئيس لسفير لدى الصهاينة، بل لقد بدأ الأمر قبل هذا بقليل حين قرر المهندس خيرت الشاطر أن زمن المقاطعة للعدو انتهى. ولذا لم يكن محض صدفة أن يلتقط المهندس خيرت الشاطر صورته وهو يفتتح سلسلة السوبر ماركت المملوكة له، وفى الخلفية نفس المنتجات التى كانت كل الجماعة تقاطعها وتطالب الشعوب بمقاطعتها «دعما للقضية الفلسطينية» لأن واجبات رجال المال والأعمال كما تنص عليها وثيقة الممانعة «التجار جهادهم بالامتناع عن الدعاية والتسويق للبضائع والسلع الدعامة للكيان الصهيونى العدو ومقاطعتها تعبدا لله تعالى، وهى من أعلى مراتب التعبد. ولا تنسوا ترك الصفقات التجارية للدول الداعمة للعدو وما تركتم من شىء لوجه الله تعالى ولنصرة مسرى نبيكم، صلى الله عليه وسلم، إلا عُوضتم خيرا منه». وأخيرا… تبقى الأسئلة الأكثر أهمية: هل سبق توقيع مرسى لبيريز عبارة صديقك الوفى؟ وهل ما كان فى كأس السفير عاطف سالم منكر والعياذ بالله أم أنها كانت حلبة حصا؟ إنها الأسئلة الأهم فى توقيت لا تحتاج فيه مؤسسة الرئاسة وجماعتها إلى أسئلة عن ثوابت الجماعة فى علاقتها مع إسرائيل التى صار اسمها يتردد تلقائيا فى وسائل الإعلام الإخوانية بعد أن كانت على مدار تاريخ الجماعة «الكيان الصهيونى»؟