ما بين لامبالاة الرجال وتسلّط النساء
من أكثر الأمور التي تعاني منها النساء في الحياة الزوجية هي لامبالاة الرجل وتوانيه في اخذ قرار جديد وتجنبه لتحمّل عبء المسؤولية في البيت، سواء في ادارة البيت وحاجاته او في متابعة الاولاد وتربيتهم.. والنساء تغتاظ من هذه المواقف الدائمة، وتعمل على تغييرها في زوجها، لكنها تيأس عندما تكتشف ان كل محاولاتها تزيد الرجل اصرارا وتعنتا.. واحيانا يجد الرجل سرورا في ذلك، وكأنه يفرح انه نجح في ايجاد ما يغيظ المرأة... غريب حقا وغريب جدا...
والغريب ان المرأة غير قادرة وغير معنية كثيرا في معرفة السبب الدفين لذلك الكامن في نفسية الزوج.. والسبب بسيط جدا.. ان النساء ما تزرعه، فاياه تحصد ايضا... ربما لا يدرك الرجل لماذا يتصرف بهذا الشكل واحيانا ينتابه شعور مزدوج من السرور والانزعاج، من المتعة والغيظ.. ففي نفس الوقت، يجد متعة عارمة في اغاظة زوجته باصراره على موقف اللامبالاة ، ويمقت نفسه بسبب هذا التصرف الذي لا يقبله عقل او ضمير..
وما هو التفسير النفسي والتحليل المنطقي لسلوك الرجل هذا؟.. لماذا يفعل ذلك؟ ولماذا لا يتغيّر؟ لماذا يستمر على هذا الموقف البغيض؟؟ ولماذا لا يغيّر الايمان هذا الموقف المرفوض الخالي من المحبة والرحمة؟ ان الرجل يغتاظ من نفسه بسبب هذا، لكنه عاجز عن تغييره. فحكم العادة لهو اقوى واشد من الارادة.. ان التحليل لذلك هو تسلّط المرأة...
بسبب الفكرة الاجتماعية السائدة ان المرأة هي اقل من الرجل وهي محدودة ومستغَلّة من الرجل، تميل المرأة دون ان تدري الى اثبات ذاتها والبرهنة على انها غير ذلك.. هي تريد ان تصرخ في وجه المجتمع طالبة تحريرها من الظلم والاجحاف بحقّها.. الجدير بالذكر ان الانجيل المقدس يدعو الى احترام المرأة وعدم احتقارها او تجاهلها.. مع انني انتمي الى التصنيف الذكوري، الا انني اتفهّم مشاعر المرأة المريرة.. واتعاطف معها، التي ظلمها المجتمع حتى الديني وحتى المسيحي ايضا.. الحقيقة ان المرأة كما قال الرسول بولس ليست من دون الرجل....والمسيح يدعونا الى احترام المرأة. يمكنني اذن ان اتفهّم ما تفعله المرأة ، هي تناضل بصمت لتتحرر من احتقار المجتمع لها.. لكن المشكلة ان المرأة بشكل عام تفشل في تطبيق او تحقيق ذلك.. انا مع نضالها، لكن طريقتها خاطئة وبدل ان تصلح حالها، يزداد الوضع سوءا.. ان الطريقة الخاطئة التي تلجأ اليها النساء بشكل عام هي التسلّط. التسلّط اولا على مَن هو اضعف منها، اي على اولادها.. للأسف حتى النساء المسيحيات تستخدم مبدأ التسلّط والتحكّم والهيمنة على اولادهن اولا ثم على ازواجهن وايضا على الاخرين.. ان التسلّط عند النساء بأشكاله المتنوعة يزيد الشعور بالنقمة عند الرجال الذين ينتقمون من خلال موقف اللامبالاة.. وعندما يجدون ان هذا يغيظ المرأة، يتابعون به مع سبق الاصرار... اي ان الولد الذي عاش في جو من تسلّط الام والتحكم الزائد في كل جوانب اموره وحياته، هذا الولد يخزن شعورا من الغضب، وعندما يكبر ويرتبط بامرأة، ولا يجد المتعة التي تعده بها وسائل الاعلام في الزواج، تستفيق فيه مشاعر عدم الرضى من تربيه امه التي كتمت على انفاسه في تربيته، فيلجأ الى اللامبالاة والهروب من المسؤولية .. طبعا لا عذر لتسلّط المرأة ولا للامبالاة الرجل، كان ينبغي ان يلجأ كل منهما الى طرق اخرى ناجعة لاثبات الذات وتحقيقها الاجتماعي والنفسي والروحي، علما ان الايحاء لتحقيق الذات لهو من اقوى المشاعر الانسانية التي يسعى البشر لاشباعه.. وهنالك طرق ناجحة وبنّاءة للوصول اليها.. بدل التسلط، مثلا امتلاك شخصية مؤثرة ومقتدرة وتنمية المواهب التي وهبها الله لكليهما الرجل والمرأة على السواء...
يدعو الرب الرجل المسيحي الى تحمّل المسؤولية والقيادة والاهتمام واحترام المرأة، ويدعو المرأة الى تحقيق ذاتها من خلال المعرفة الكتابية وتأثيرها الايجابي على اولادها وزوجها واقتدارها الروحي. لكن اولا على كليهما ان يكفّا من ان يلوم او يتهم كل واحد الاخر. وبدل الشعور بالظلم، على كل منهما ان يحترم الاخر ويصلح موقفه هو، ويجد الطريق الالهي الصحيح لتحقيق الذات من خلال تحقيق ارادة الرب في حياتهم... كثيرون من الرجال والنساء في الكتاب المقدس استخدمهم الرب على السواء، ونجحوا في كسب ثقة الرب لهم ووجدوا نعمة في عيني الله ، لماذا لا تكون مثلهم ولماذا لا تكوني مثلهن، وليقتد كلاهما برجال ونساء ابطال ارضوا الرب وسجلوا التاريخ كابراهيم وداود وموسى وبولس، وراعوت ودبورة وابيجايل ومريم وبريسكلا.... ها نحن على اعتاب عام جديد، نداء لك لكي تنسى الماضي وتبدأ يداية جديدة على الطريقة الالهية الناجعة... نداء للرجال والنساء على السواء...
اذا قال الرجال بعد قراءة هذا المقال ان ما كتبته عن النساء، صحيح، واذا قالت النساء ان من كتبته عن الرجال، هو صحيح، يكون عندها، كل من الرجال والنساء مصمما على موقفه، وقد قرر ان ما اكتسبته من التربية لهو اقوى من اي عامل اخر، وبهذا ينكرون قوة الله للتغيير.. فالايمان المسيحي يطلب من المؤمن ان يكون شجاعا ومستعدا للتغيّر ومواجهة نفسه، والا فهو يعطي صورة مشوهّة عن الايمان الصحيح. مجمل الكلام اننا نحن نصنع سعادتنا ونحن نعد فشلنا بانفسنا... والرب يبارككم في هذا العام الذي اتمنى ان يكون فعلا جديدا، ولا يكون اعادة لعام سبق ان رأيناه واتعبنا واتعبناه..
lمنقول