القديس موسى مارَس الحياة النسكية بغيرة شديدة، إما لتعطشه الشديد لهذا النبع ولتعويض ما فاته، وإما رغبة منه في شغل وقته وإجهاد جسده حتى لا يتمرد عليه متى كان مستريحًا، وإذا بالحرب تشتد عليه جدًا إلى الحد الذي تصغر نفسه معه، وعندئذ مضى إلى أبيه الروحي يشكو له حاله، وكان القديس إيسيذورس يدرك ما يحدث فقال له: "ينبغي عليك الاعتدال في كل شيء حتى في أعمال الحياة النسكية" وأردف قائلًا: ’كُفّ عن الصراع مع الشياطين لأنه توجد حدود للشجاعة حتى في الجهاد النسكي‘. فقال موسى: ’لن أكفّ قبل أن يكفُّوا عن تخيلاتهم‘. فقال له الشيخ: ’باسم يسوع المسيح قد تلاشت أحلامك، والآن تقدّم إلى التناول بثقة‘. كما قال له: ’بدون قوة الروح القدس التي أعطانا الله إياها في المعمودية لتنفيذ وصاياه، والتي تتجدّد فينا دائمًا بالتناول من الجسد والدم الأقدسين لن نتخلّص من الخطايا ولن نستطيع أن نقهر الشياطين، وبالتالي لن نستطيع أن ننمو في الفضيلة‘. ثم قال له: ’لقد تثقّلتَ بهذه الحروب يا موسى حتى لا تتباهى بأنك غلبتَ أوجاع الشهوات‘“.