كاتب إنجيل يهوذا من طائفة القاينيين
الكاتب في الحقيقة هو من طائفة غنوسية اسمها طائفة القاينيين Canians، وأصحاب هذه الطائفة يدافعون عن قايين ابن آدم الذي قتل أخاه هابيل ويبررونه ويبرئونه، كما يبرئون السادوميين أي أهل سدوم وعمورة الذين عاشوا في أيام نوح وكانوا يمارسون الشذوذ الجنسي. ويبرئون قورح وداثان وأبيرام الذين قدموا نارًا غريبة في أيام موسى النبي فانشقت الأرض وابتلعتهم أحياء ونزلوا أحياء إلى الهاوية، لأنهم كانوا ينافسون هارون الكاهن في كهنوته والله هو الذي اختار هارون. كما قاموا بعمل ثورة ضد موسى النبي. وهم يبرئون عيسو الذي باع البكورية لأجل أكلة عدس، والمعروف أن يعقوب هو الذي أخذ البركة... تبرئة قايين.. تبرئة عيسو.. تبرئة السادوميين.. تبرئة قورح وداثان وأبيرام.. كل مجرم أو شرير أو قاتل أو منحرف في تاريخ البشرية يثبتون أنه بطل وأن الذين حكموا عليه أو أدانوه هم المخطئين.
إنجيل يهوذا مملوء بالهزء والسخرية على تلاميذ المسيح الأحد عشر الباقين. بمعنى أن المسيح اختار اثني عشر تلميذًا لم يخرج منهم سوى واحد فقط صالح.... هل هذا يعقل؟!!! السيد المسيح قال "أَجَابَهُمْ يَسُوعُ: أَلَيْسَ أَنِّي أَنَا اخْتَرْتُكُمْ الاِثْنَيْ عَشَرَ؟ وَوَاحِدٌ مِنْكُمْ شَيْطَانٌ! قَالَ عَنْ يَهُوذَا سِمْعَانَ الإِسْخَرْيُوطِيِّ لأَنَّ هَذَا كَانَ مُزْمِعًا أَنْ يُسَلِّمَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنَ الاِثْنَيْ عَشَرَ" (يو 6: 70-71). لكن هل يعقل أن يختار أحد عشر من الفاشلين وواحد فقط صالح؟!؟ فما الداعي لهم إذن؟!؟
لكنه اختار يهوذا مع جملة الاثني عشر لكي يرينا ما الذي يعمله الخائن، ولكي يكون هذا هو الدور الذي يقوم به، مع أن المسيح لم يدفعه لذلك بل عاتبه بقوله: "إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ مَاضٍ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنْهُ وَلَكِنْ وَيْلٌ لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي بِهِ يُسَلَّمُ ابْنُ الإِنْسَانِ. كَانَ خَيْرًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ لَوْ لَمْ يُولَدْ" (مت 26: 24).
الغنوسيون لم يقوموا بكتابة إنجيل يهوذا فقط لكنهم كتبوا إنجيل فيلبس وإنجيل بطرس وإنجيل المصريين وإنجيل مريم وإنجيل أعمال الرسل وكتبوا كثير من الكتب التي قد تصل إلى خمسين كتابًا وادعوا أنها أسفار مقدسة أو أناجيل. إلا أن القديس إيرينئوس حوالي عام 180 م. كتب عن هذا الإنجيل وقال إنه إنجيل مملوء بالخرافات التاريخية fictitious history أي تاريخ خرافي. وقال إن الكنيسة لم تقبل سوى أربعة أناجيل فقط هي: متى ومرقس ولوقا ويوحنا وقد كتبت هذه الأناجيل حسب ما هو مقرر تاريخيًا بحسب رأى العلماء بين عاميّ 65 و95 م. ولدينا بالفعل نسخة من إنجيل يوحنا ترجع إلى حوالي 200 م. وقصاصات من إنجيل يوحنا من عام 125 م.
أما عن إنجيل يهوذا فليس لدينا شيء منه قبل عام 300 م. والنسخة الوحيدة هي الترجمة القبطية التي تم العثور عليها مؤخرًا. والمعروف أن زمن كتابة هذا الإنجيل المزعوم لا يتخطى إلى الوراء عام 150 م. أما الأناجيل المعروفة فكتبت بين عامى 65 و95 م.