التهتهة : تعريفها ، اسبابها، أعراضها
تعريف التهتهة:
تعرف التهتهة بأنها : (اضطراب في طلاقة الكلام يظهر في شكل توقف زائد للكلام مع مد وتكرار للمقاطع الكلامية تكرارا لا إراديا ، ويكون مصحوباً عادةًً ببعض التوترات والتقلصات اللاإرادية لعضلات النطق، وقد تظهر أيضاً أنماط صوتية وتنفسية غير منتظمة ، وينتج عن هذا الاضطراب أفكار وسلوك ومشاعر تتعارض مع التواصل الطبيعي مع الآخرين) .
متى تعتبر الكلمة فيها تهتهة ؟
تعتبر الكلمة فيها تهتهه عندما :
1- يصارع أو يجاهد الطفل عند محاولة بدء الكلمة
2- يكون هناك وقفة صامتة قبل بدء الكلمة
3- توجد أنماط تنفس غير منتظمة مرتبطة بنطق الكلمة
4- يوجد مد لأي صوت في الكلمة
5- تكرار لأي أصوات أو مقاطع كلامية في الكلمة أو للكلمة نفسها
6- وجود تغيرات في شدة وارتفاع الصوت أثناء التهتهة
الأعراض الأولية التهتهة :
1- التكرار: هي ترديد وإعادة الأصوات أو المقاطع أو الكلمات وخاصة الحروف الساكنة فيها، تكراراً لا إراديا
2- التوقف : يبدو فيها المتهته غير قادر على إنتاج الصوت إطلاقاً ، بالرغم من المجاهدة والمعاناة . وتبدو تلك الحالة أكثر ما تكون عند بداية النطق بالكلمات أو المقاطع أو الجمل حيث يتم التوقف عن الكلام نظراً لصعوبته .
3- الإطالة : هي مد وتطويل الأصوات أو المقاطع والكلمات خاصة الحروف الساكنة.
4- اضطرابات في التنفس : وهي أنماط غير منتظمة من التنفس تتمثل في اختلال في عملية التنفس مثل استنشاق الهواء بصورة مفاجئة وإخراج كل هواء الزفير، ثم محاولة استخدام الكمية المتبقية منه في إصدار الأصوات
5- استخدام أصوات حروف العلة (إقحام) مثل صوت الألف - الواو - الياء
6- ارتفاع الصوت وحدته .
7- المجاهدة والتوتر .
8- صعوبة ثابتة عند نطق أصوات معينة مع عدم تماسك الكلمات .
9- الوعي والإدراك بوجود التهتهة .
الأعراض الثانوية للتهتهة :
هي ردود أفعال المتهته تجاه تهتهته (أي كيف يتفاعل معها) وهي أيضا السلوكيات المرتبطة بها والتي يمكن ملاحظتها مثل :
1- رعشة أو رجفة : وهى تحرك الشفاه والوجه برعشة لا إرادية خفيفة أثناء محاولة الكلام
2- حركات لاإرادية : مثل الشد العصبي لعضلات الوجه والرقبة والجذع العلوي ومحاولة دفع الكلمات للخروج ، تكشيرات الوجه ، والغمز
بالعين ، واحمرار الوجه ، فم مفتوح ، الرمش بالعين أو إغلاق العين. الضغط على الأرض بالقدمين ، حركات فجائية للرأس واليدين.
3- خصائص غير معتادة في الكلام : مثل إخراج عدد من الوقفات غير المعتادة تشمل صوت خاطف أو تعجبي وأصوات غريبة (دخيلة) واستخدام مترادفات وبدائل للكلمة الواحدة وتكرار استخدام عبارات شاذة أو غير ضرورية .
4- اضطراب النشاط الحركي للمتهته: ويبدو ذلك في سلوك حركي غير ملائم ، وعادة ما يرتبط ذلك بلحظات صعوبة لفظ بدايات الأصوات والكلمات، ومنه تقلصات عضلات الوجه ، وارتعاش الرموش والشفتين، ورفع الأكتاف وتحريك الذراعين ، واحمرار الوجه ، حركة الرأس للإشارة إلى كلمة \"نعم أو لا\" ، حركة الضرب بالقدم على الأرض للتعبير عن العدوان ، والإشارة باليدين للإشارة إلى الإيجاب أو السلب
هناك أيضاً ردود الأفعال الانفعالية مثل :
1- القلق والتوتر والخوف والعدوانية والشعور بعدم الكفاءة والعجز واليأس
والخجل ، التعرق والشعور بالارتباك ، وقد تزداد حدة هذه الأعراض بدرجة تعوق التلميذ عن التواصل مع البيئة المحيطة .
2- السلوك التجنبي ويعكس هذا السلوك رغبة المتهته في تجنب ما يترتب على تهتهته من نتائج غير سارة ، ويأخذ أشكالاً مختلفة منها الإسهاب في بعض المترادفات بغرض تجنب بعض حروف أو كلمات معينة يتوقع أن يتهته فيها ، وتحاشي النظر في عين المستمع .
بعض الأسباب الشائعة للتهتهة :
إن التهتهة ترجع إلى أسباب عديدة يختلف وزن كل منها طبقاً لتوافقه مع مدخل دراستها ؛ فالمدخل العضوي يؤكد على الأسباب الوراثية وعدم سيطرة أحد النصفين الكرويين للمخ على النصف الآخر ، بينما يؤكد المدخل البيئي على اعتبارها عادة كلامية أو نتيجة لمثيرات إحباطية وربما نتيجة للتدليل الزائد ، ويرى بعض الباحثين أنها نتيجة التفاعل بين العاملين ؛ فهي استجابة للمؤثرات البيئية من خلال الاستعداد الوراثي .
1- الأسباب العضوية :
- إن أسباب التهتهة العضوية تعود إلى اختلاف تقاسيم الجهاز العصبي المركزي وخاصة نصف المخ وارتباك في توزيع الكلام بين نصفي المخ .
- ويرى البعض انه من الأسباب العضوية الكامنة وراء إصابة الطفل بالتهتهة ، إصابة الطفل بمرض عضوي كالتنفس من الفم مثلا، أو ضخامة اللسان مما تجعله غير قادر على النطق السليم، كذلك وجود اضطراب في الجهاز التنفسي أو خلل عضوي في الحبال الصوتية عند الطفل أو فجوة في سقف الفك الأعلى من الداخل أو زوائد لحمية في انف الطفل .
- إصابة أو تلف لأحد أعضاء الجسم أو الجهاز العصبي التي تشترك في عملية النطق مثل الرئتين والحنجرة والأوتار الصوتية أو الفم ومراكز الكلام في المخ ، كذلك ما يصيب حاسة السمع من ضرر.
أما عن الأسباب الوراثية للتهتهة فقد وجدت بعض الدراسات الاضطراب بين أفراد آخرين داخل أسرة المريض ولعدة أجيال ، ووجد أن نسبة تقدر بحوالي 25 % من الذين لديهم تهتهة يرجع الاضطراب لديهم إلى عوامل وراثية قبل أو بعد ولادية على شكل استعدادات للإصابة ، وعلى الرغم من أن الوراثة لا تتضح في التهتهة نموذجاً واحداً ؛ فقد أشار بعض الباحثين إلى أن العوامل الوراثية في مجال اضطرابات الكلام يمكن أن ترتبط بعامل الاستعداد الطبيعي الذي يرجع إلى ضعف في البنية الجسمية عامة ، وضعف وراثي في جهاز التنفس والكلام ، والجهاز العصبي مما يجعل الفرد تربة خصبة لاضطراب الكلام والتهتهة.
النظريات النيورفسيولوجية : التهتهة وفق هذه النظرية تنشأ عن مرض عصبي عضلي حيث لوحظ أن المتهتهين يكون لديهم التوصيل العصبي في أحد الجانبين أبطأ من التوصيل في الجانب الآخر . وبذلك لا تستخدم عضلات النطق كلها بكفاءة واحدة أو في تناسق ؛ فضلاً على ذلك هناك وجهة نظر أخرى ترى أن محور التهتهة يكمن في خلل يصيب الأداء الوظيفي للحنجرة في المواقف التي تسبب التوتر ، وتقرر هذه النظرية أن الثنايا الصوتية تظل مفتوحة ومن ثم تعوق إصدار الأصوات اللازمة للكلام ، ولكي يتغلب ذلك الفرد على الثنايا الصوتية المفتوحة فإنه يقوم بالضغط على هذه الثنايا بواسطة الشفتين أو اللسان أو الفك أو أجزاء أخرى من الجسم ، ثم تصبح هذه الاستجابات الشاذة جزءاً من السلوك الذي نطلق عليه التهتهة في الكلام .
2- الأسباب السلوكية المتعلمة :
ما يطرأ على حياة الطفل من مواقف جديدة تأتي بشكل مفاجئ ، أو ازدياد الأعباء بشكل مطرد، ويقصد بالأحداث هنا المفاجآت غير السارة على الأغلب وفيما يلي بعض الأمثلة على هذه الأحداث :
o موت أحد إفراد الأسرة وخاصة أحد الوالدين.
o انتقال عائلة الطفل إلى منزل جديد ، وبالتالي بيئة سكنية ومدرسية جديدة وجيران وزملاء فصل جدد.
o انفصال الوالدين.
o دخول الطفل أو أحد أفراد الأسرة إلى المستشفى.
o فقدان الأب وظيفته مما يزعزع أمن البيت والمزاج العام فيه.
o قدوم مولود جديد ينافس الطفل في اهتمام عائلته.
o غياب الوالدين أو أحدهما عن البيت فترة طويلة.
إن الأحداث السابقة وما شابهها تؤدي إلى الإخلال بأمن الطفل واستقراره وعندها قد تظهر التهتهة فجأة وذلك نتيجة للشد أو الضغط الانفعالي.
التهتهة سلوك تجنبي يستهدف الحد من أحاسيس القلق المرتبطة بين رغبتين متعارضتين هما الكلام والصمت ، فالتهتهة تحدث نتيجة رغبة الفرد في الكلام وعدم رغبته في الكلام خوفا من التهتهة.
ويفترض السلوكيون أن حالة التهتهة هي استجابة متعلمة لحالات الخلل في طلاقة اللسان المعيارية بمرحلة الطفولة المبكرة ، ومن عوامل التعلم غير البناءة في هذا المجال :
أ- التقليد : فالتهتهة قد تكون سلوكًا مكتسبًا عن طريق محاكاة وتقليد الآخرين فهي نتيجة لوجود أفراد مهمين في الحياة المبكرة للطفل ، يتسمون بعدم الطلاقة في الحديث .. وعندما تشتد علاقة هؤلاء الأفراد بالطفل يحاول تقليدهم شعوريا أو حتى تقمصهم لا شعورياً ، ومع بعض الخوف والقلق يتحول هذا القلق إلى عيب في هؤلاء الأطفال .
ب- الإشراط : فتكتسب التهتهة عندما يتم الاقتران بين مواقف الكلام ومواقف الضرب والقسوة والحرمان (تعزيز سالب) مما يؤدى بالطفل إلى تجنب النطق أو إلى التهتهة عند المواجهة كشكل من أشكال التوافق الانسحابي خشية العقاب
ج- انعدام التغذية الرجعية : إن اكتساب الكلام عملية تعتمد على تغذية رجعية مناسبة ، ومن ثم يفترض وقوع التهتهة أو غيرها من أمراض الكلام الأخرى يكون بسبب تعطل في درجة التغذية الرجعية التي ينالها الطفل فيتعزز لديه الكلام المضطرب ، ومن ناحية أخرى يرى البعض أن التهتهة ترجع إلى الإلحاح في التصحيح الزائد من قبل الوالدين لنطق الطفل وعقابه على النطق غير الصحيح مما يولد لديه القلق والخوف من ممارسة الكلام فيؤدى إلى التهتهة إذا ما اضطر للتواصل الكلامي مع الآخرين .
3- الأسباب النفسية :
هناك نظرية التوقع المسبق والتي تنص على أن التوتر المتواصل غالبا ما يؤدي إلى ما يعرف بالقلق التوقعي حيث يخاف الأطفال مما سوف يحدث عندما يتكلمون، فيتوترون ويتهتهون ، فتصدق مخاوفهم وتصبح أقوى . وقد يكون القلق التوقعي ناتجا عن الرغبة في الكلام بشكل سريع، إذ أن خوف الطفل من أن يبدو بطيئاً أو بليداً بالمقارنة بزملائه ، وخوفه من انتقادات الآخرين يمكن أن يخلق عنده توقعا بأنه لن يتكلم بشكل جيد وهذا يؤدي إلى التهتهة في الكلام .
ويعتبر الكثير من الباحثين الذين تناولوا عيوب الكلام والنطق بالدراسة أن التهتهة من العيوب الكلامية التي تنشأ عن حالات نفسية عارضة أو مزمنة تجعل حديث المصاب بها غير واضح لأنه لا يؤدى على النحو المألوف ، فيتوقف السامع عن فهمه أو يجد صعوبة في إدراك المراد منه .
- أن معظم حالات التهتهة لها منبع أو مصدر نفسي ، إنها عرض من أعراض سوء التوافق الاجتماعي ، وينشأ من حالة الخوف أومن فرط إدراك الذات أو اليقظة الذاتية أو اللوم الذاتي أو الشعور بالنقص والشعور بالتهديد ، أو من الإسراف في الإشراف الوالدي، كما أن التهتهة ضمن أنواع العصاب ذات المصدر النفسي والناتجة عن خلل في مراحل النمو الانفعالي أو اللغوي أو كليهما.
- التفرقة في المعاملة بين الأبناء أو التحيز للطفل الأصغر تؤدى إلى إيذاء شعور الأخوة وتملأ قلوبهم بالحسد ، كما أن إجبار الطفل الأعسر على استعمال يده اليمنى قد يؤدى به إلى التهتهة ، كذلك فإن مواقف الشدة والتوتر تزيد من حدوث التهتهة لدى الطفل .
- ويرجع البعض سبب التهتهة في أغلب الظن إلى القلق أو الخوف المكبوت . وأن العامل النفسي الأساسي في التهتهة هو التوتر النفسي المصاحب للقلق أو الخوف أو فقدان الشعور بالأمن أو الشعور بالنقص ، وهذا الخوف أو القلق ينشأ إما بالتأثير فنجد الوالدين أحدهما أو كليهما على درجة من القلق ، وقد ينشا مما يحدث للطفل من حوادث التخويف أو المعاملة غير الحكيمة ، ويترتب على حالة القلق النفسي إما خجل وانزواء وعزلة أو جرأة ومرح ونقد .
- وقد يكون ظهور التهتهة مرتبطاً بالرعب من الامتحانات والخوف الشديد من الفشل فيها ، كما أن التعرض لحوادث قاسية مثل هدم المنزل أو حوادث السيارات يؤدي إلى نفس النتائج السيئة .
- ويعتبر الجدل والشجار العنيف المستمر في الأسرة ، مصدر قلق شديد لكثير من الأطفال ، مما يؤدى إلى التوتر داخل الأسرة وبالتالي يصاب الأطفال بالتهتهة .
بعض الجوانب الأسرية المساهمة في نشأة التهتهة مثل :
1- الطموح الزائد عند الآباء فيما يتعلق بأداء أبنائهم وسلوكهم والتوقع الذي لا يتناسب مع إمكاناتهم مما يجعل الأبناء يقعون تحت ضغط نفسي شديد يكون مناسباً لظهور مشكلات النطق والكلام.
2- يصف بعض الآباء أبناءهم بأنهم يجدون صعوبات في الكلام وكأنهم يشخصون الحالة ، ويحدث أن يستدخل الابن هذا التشخيص ويتصرف على أن هذا الوصف من صفاته الأساسية والدائمة مما يعمل على تثبيته.
3- القسوة الشديدة والأساليب التي تثير الألم النفسي إذا ما استخدمت كثيراً تجعل الطفل يعاني من عدم القدرة على التعبير عن نفسه بوضوح وتقلل من قدراته اللغوية.