رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
رغم إعلان مؤسستى «الرئاسة» و«القضاء» رسميا عن انتهاء «فتنة إقالة النائب العام»، إلا أن الأيام القليلة التى استغرقتها الفتنة، قبل تراجع رئيس الجمهورية عن قرار الإقالة، تركت جرحا غائرا فى العلاقة بين المؤسستين، ربما يستلزم سنوات للشفاء منه، بينما مازالت فرص تجدد الأزمة بين الجانبين مستمرة، إذا جدد رئيس الجمهورية محاولة الإقالة مجددا، حتى لو بطرق أخرى، ناعمة أو عنيفة.
«الشروق» استطلعت رأى عددا من القضاة حول رؤيتهم للسيناريوهات المستقبلية بين الرئاسة والنائب العام، ورغم أن معظم الآراء أشارت إلى «أنه لا يوجد حاليا فى قانون السلطة القضائية، أى ثغرة قانونية تمكن أى شخص، أيا كان منصبه داخل الدولة، من إزاحة المستشار عبدالمجيد محمود عن منصبه، حتى وصوله إلى سن التقاعد»، وهو ما لخصه تصريح رئيس نادى القضاة، المستشار أحمد الزند، بقوله إن «النائب العام بات مادة دراسية مقررة حتى عام 2016»، فإن القضاة وضعوا سيناريوهات أخرى، قد تمكن الرئيس من عزل النائب العام، فى السنوات المقبلة، منها القانونى وغير القانونى. من جانبه، يتحدث أمين عام المجلس الأعلى للقضاء السابق، المستشار محمد عيد سالم، عن أسوأ السيناريوهات الممكنة من وجهة نظره، وهى أن يستغل رئيس الجمهورية سلطاته التنفيذية، ليصدر قرارا سياسيا بعيدا عن القانون، بعزل المستشار عبدالمجيد محمود، ووقتها سيشعل القرار غضبا فى صفوف القضاء. ووفقا لسالم، «سيتم الطعن على قرار الرئيس فى هذه الحالة، مع الوضع فى الاعتبار أن يبقى الحكم على الطعن فى غرفة الإنعاش، وتائها لفترة طويلة من الوقت ما بين المحاكم، حتى يصدر حكما بشأنه، سواء برفض القرار أو تأييده»، مضيفا «أن نسبة وقوع هذا السيناريو السوداوى، تكاد تكون معدومة، حتى لو بعد فترة، خاصة بعد ما لمسه مرسى من غضب عارم بين القضاة». ويظل سيناريو الإقصاء السياسى للنائب العام، مستبعدا من وجهة نظر المستشار عيد سالم، «خاصة أن جموع القضاة افترضوا حسن النية من جانب مؤسسة الرئاسة، تجاه النائب العام الحالى، والذى خرج على الملأ فى الجمعية العمومية الطارئة للقضاة، الأحد الماضى، ليؤكد فى كلمته أن الأزمة انتهت، وأن الرئيس مرسى يحترم رغبته فى البقاء حتى انقضاء مدته القانونية». أما رئيس نادى قضاة أسيوط الأسبق، المستشار رفعت السيد، فقال إن «رئيس الجمهورية هو رئيس السلطة التنفيذية، وهو ما لا يعطيه حق التدخل فى أعمال السلطة القضائية، باعتبارها سلطة مستقلة، تخرج عن سلطان السلطة التنفيذية تماما، وبالتالى فإن رجال القضاء مثلهم مثل أعضاء البرلمان، لهم حصانة قانونية، تحول دون إقالتهم من جانب السلطة التنفيذية، كما أن الرئيس لا يملك أن يقيل معاون نيابة حديث التخرج، لأن له حصانة تحول دون عزله». ورغم تشديد السيد على عدم جواز تدخل الرئيس فى شئون السلطة القضائية، إلا أنه يضع سيناريو آخر لعزل النائب العام، تتمثل فى اتهامه بارتكاب أخطاء مهنية جسيمة، مع دعمها بالمستندات، ثم التحقيق معه أمام دائرة تأديب القضاة، لتقضى بعزله او إحالته إلى وظيفة أخرى فى حال إدانته، مشددا فى الوقت نفسه، على أن دور رئيس الجمهورية يقتصر على إصدار القرار التنفيذى لحكم مجلس التأديب فى القضاء، دون التدخل فيه. وأشار السيد إلى أن «نسبة حدوث ذلك السيناريو، تبدو ضعيفة للغاية، خاصة أنه لم يسبق فى تاريخ القضاء المصرى، منذ بدايته فى القرن التاسع عشر، أن ارتكب النائب العام جريمة أو فعلا خارجا عن أصول العمل بشكل فج، وبالتالى فإن محاولات التفتيش خلف المستشار عبدالمجيد محمود، على أمل العثور على أى وقائع فساد خطيرة لإدانته، سيكون مصيرها الفشل، خاصة أن هذه الأخطاء، حتى لو وجدت، وهو احتمال غير وارد مطلقا، فإنها من الصعب إثباتها». ومن بين الأسباب التى نص عليها القانون لإقالة النائب العام، ويمكن استخدامها كذريعة لإقالته، وفقا للمستشار رفعت السيد، هو عدم صلاحيته الصحية، «ويشترط لتحقق ذلك، إصابته بمرض عضال يمنعه من مباشرة عمله بشكل أو بأخر»، مؤكدا أنه «فى حالة المستشار عبدالمجيد محمود، فإنه مصاب بآلام فى الفقرات العنقية، وسبق له السفر فى رحلة علاجية إلى ألمانيا، خلال يونيو الماضى، وعاد بعدها إلى القاهرة، ثم غادر إلى ألمانيا فى أغسطس الماضى، لمتابعة حالته الصحية، وعاد مجددا». وأكد الرئيس بمحكمة جنايات الإسماعيلية، المستشار خالد محجوب، أن «هناك فارقا بين عزل أحد رجال القضاء، وبين نقله من موقع إلى آخر داخل السلطة القضائية، حيث يجوز مثلا نقل النائب العام بشكل عام إلى وظيفة قضائية أخرى، مثل رئيس محكمة النقض، أو نائب رئيس محكمة النقض، أو رئيس محكمة الاستئناف، وهو ما سبق حدوثه فى تاريخ القضاء الحديث، منذ ثورة 23 يوليو 1952، عندما تم نقل النائب العام الأسبق المستشار حافظ سابق، من منصبه لرئاسة محكمة النقض، وكذلك المستشار محمد عبدالسلام إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة، والمستشار مصطفى القليوبى إلى مدير النيابة الادارية، فيما قرر الرئيس السابق حسنى مبارك نقل النائب العام المستشار ماهر عبدالواحد لرئاسة المحكمة الدستورية العليا». ووضع محجوب سيناريو جديد يمكن من خلاله إبعاد النائب العام الحالى عن موقعه، يتمثل فى إصدار السلطة التشريعية، ممثلة فى رئيس الجمهورية، كما هو الوضع حاليا، أو مجلس الشعب المقبل، تعديلات لمشروع قانون السلطة القضائية، بحيث ينص على تخفيض سن تقاعد القضاة عن 70 عاما، وفقا للمنصوص عليه فى القانون الحالى. وأكد محجوب أن «القانون الجديد فى حال تطبيقه، سيكون دستوريا، لأنه سينطبق على القضاة بشكل عام، ولكن يبقى أن نطلق عليه فى حال تطبيقه مع المستشار عبدالمجيد محمود، وصف قانون العزل القضائى، وعلى طريقة قانون العزل السياسى، الذى أصدره مجلس الشعب المنحل، لاستبعاد رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق من الانتخابات الرئاسية، لكن الأمر سيختلف لأن القانون الخاص بالقضاء سيطبق على النائب العام أولا، ثم يعمل به على جميع القضاة، ومن هنا يستمد دستوريته، بينما اختلف الأمر بالنسبة لقانون العزل السياسى، لأنه تم إعداده من أجل شخص بعينه». وأوضح محجوب أن «لجوء الرئيس إلى سيناريو تعديل قانون السلطة القضائية، لإبعاد النائب العام، قد يكون واردا بعد هدوء الأزمة الاخيرة، ففى حالة تطبيقه سيضع الرئيس فى موقف حرج، خاصة أن محمود من مواليد 1946، وأمامه 4 سنوات ليصل إلى السن القانونى للتقاعد، ووقتها فإن التغيير الجديد قد يجعل سن التقاعد للقضاة مثلا 60 أو 65 عاما، مما يخلق صعوبة فى تنفيذ القرار، لأن النائب العام الحالى يبلغ من العمر 66 عاما، ولن يكون منطقيا سن قانون يجعل سن التقاعد يقف عند 67 أو 68 عاما»، مشيرا إلى أن الافضل من خفض سن التقاعد للقضاة فى مشروع بقانون جديد، هو وضع فقرة تعطى الحق لرئيس الجمهورية فى تغيير النائب العام. فيما أكد مساعد وزير العدل، المستشار هشام رءوف، المحسوب على تيار الاستقلال، أن «المادة 120 من قانون السلطة القضائية، تنص على أن يؤدى النائب العام اليمين أمام رئيس الجمهورية، وبمقتضى هذا النص، فإن النائب العام هو المنوط به شخصيا إنهاء مهمته، وعودته لصفوف القضاء العادى بدرجته الأساسية مرة أخرى، أى بتقديمه الاستقالة، ولم ينظم القانون حالة رفض رئيس الجمهورية استقالة النائب العام، مما يؤكد أنها تسرى تلقائيا فور تقديمها، وما يتبعها من خروج للنائب العام المستقيل من تشكيل المجلس الأعلى للقضاء». وقدم رؤوف سيناريو آخر مزدوج لخروج النائب العام من منصبه، وهو «أن يترك الرئيس للنائب العام أن يمارس مهام منصبه حتى نهاية مدته القانونية، أو أن يقدم المستشار عبدالمجيد محمود استقالته بمحض إرادته، لكن الأهم هو أن تسود دولة القانون». واعتبرت مصادر قضائية، رفض الكشف عن اسمها، أن التصالح الحالى بين مرسى وعبدالمجيد، هو مجرد «هدنة مؤقتة»، مشيرة إلى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عندما كان يتولى رئاسة السلطة التنفيذية فى السابق، امتلك الحق فى إقالة النائب العام خلال الفترة من تنحى مبارك عن الرئاسة، حتى صدور الإعلان الدستورى فى 30 مارس 2011، باستخدام «الشرعية الثورية»، وأضافت «الآن لم يعد هناك شرعية ثورية فى ظل العمل بالإعلان الدستورى». وقدمت المصادر سيناريو آخر، قالت إنه يبدو الأقرب إلى الواقع، لإبعاد النائب العام، وهو استغلال تقارب وجهات النظر بين الرئيس والنائب العام، بعد اللقاء الذى جرى بينهما السبت الماضى، لإجراء اتصالات جديدة بالمستشار عبدالمجيد محمود، بالحصول على ترقية، وتقليده وظيفة قضائية أعلى من النيابة العامة، «ولكن هذا السيناريو لابد أن يحصل فيه الرئيس على موافقة عبدالمجيد بشكل رسمى هذه المرة، بدلا من الموافقة الشفهية التى أبداها على تعيينه سفيرا لمصر فى الفاتيكان». |
|