01 - 09 - 2012, 11:31 AM
|
|
|
..::| VIP |::..
|
|
|
|
|
|
إذا قدمت قربانك.. وهناك تذكرت( مت5:23,24 )
السبت 01 سبتمبر 2012
بقلم قداسة البابا شنودة الثالث
قال السيد الربإذا قدمت قربانك إلي المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئا عليك,اترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولااصطلح مع أخيك مت5:24,23
القربان
هو ما تتقرب به إلي الله وتقدمه أمام المذبح.
وليس هو مجرد الخبز الذي نقدمه في سر الإفخارستيا, ففي مرد أوشية القرابين نذكرالزيت والبخور والستور والنذور وكتب القراءة وكل أواني المذبحوقديما كانوا يقدمون أيضا بعض الثمار وفي قوانين الآباء الرسل يوجد بند عنأولوجية الثمارأي مباركة الثمار كجزء مما يتقربون به إلي الله...
والأب الكاهن يصلي في القداس عن القرابين والذين قدموها والذين قدمت عنهم والذين قدمت بواسطتهم ليعطيهم الله الأجر السمائي. وقديما ما كانوا يشترون دقيقا لصنع قربان الإفخارستيا بل كان المؤمنون يقدمونه من أفخر الأصناف إلي الكنيسة.يكفيهم أن اسمهم يذكر علي المذبح وكان هناك باب خاص في الكنيسة يدخل منه من يقدمون القرابين...
ولكن لكي تكون القرابين مقبولة لابد أن تقدم من قلب طاهر.
فليس كل قربان مقبولا أمام الله.ومثال ذلك أن الله لم يقبل قربان قايين إذ كانت هناك خطية رابضةتك3:7,5.
ومن آيات الكتاب المشهورة في هذا المجال,قولهلاتدخل أجرة زانية إلي بيت الرب إلهكتث23:18وكذلك قول المرتل في المزمورزيت الخاطيء لايدهن رأسيمز141وكانت قوانين الكنيسة تمنع قبول أي تبرع يكون مصدره غير شريف فلا يقبل شيء مثلا من صانع تماثيل للأصنام أو من يقرض بالربا...الخ.
وما نقوله عن القرابين غير المقبولة نقوله أيضا عن العبادة غير المقبولة.
فليست كل صلاة مقبولة من الله لذلك نقول له في صلواتنا لتدن وسيلتي قدامك.لتدخل طلبتي إلي حضرتكإن صلاة الفريسي لم تكن مقبولة من الله لأنها كانت صادرة من قلب مفتخر وفي نفس الوقت كان يدين فيها العشار لو18:12,11وقال الرب في سفر أشعياء النبيحين تبسطون أيديكم,أستر عيني عنكم وإن أكثرتم الصلاة لا أسمع أيديكم ملآنة دماأش1:15ولنفس السبب رفض تقدماتهم وبخورهم وأعيادهم ومحافلهم وطلب منهم أولا أن يغتسلوا ويتنقوا ويكفوا عن فعل الشرأش1:16,13
وعن الأصوام المرفوضة أيضا ورد في نفس السفريقولون لماذا صمنا ولم تنظر؟ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ!إش58:3.
إن الله يريد القلب الطاهر قبل قبول القربان.
فهو القائليا ابني أعطني قلبك ولتلاحظ عيناك طرقيأم23:26أولا قلبك ومن داخل هذا القلب تلاحظ عيناك طرقي..لئلا يعيش إنسان في الخطية ثم يفكر أن يتقرب إلي الله ببعض تبرعات يقدمها إلي الكنيسة!!كلا بل ينقي القلب أولا.
وهنا يضع الرب شرطا لقبول القربان, وهو مصالحة من تكون قد أسأت إليه.
فيقول أترك قربانك قدام المذبح وأذهب أولا اصطلح مع أخيكوهكذا فإننا في الكنيسة قبل أن نرفع الأبروسفارين ونبدأ قداس القديسين نصلي صلاة الصلح أولا ونقول فيها اجعلنا مستحقين كلنا يا سيدنا أن يقبل بعضنا بعضا بقبلة مقدسةأي بمحبة صافية بغير رياءلكي ننال-بغير وقوع في دينونة-من موهبتك غير المائتة السمائية.
تذهب لتصالح أخاك إذا كنت أنت المسيء.
وتعبر عن هذا عبارةإن لأخيك شيئا عليكأي إنه يمسك عليك خطأ في حقه ويثبت ذلك أيضا قوله فيما بعدويسلمك القاضي إلي الشرطي فتلقي في السجنمت5:25
أما إن كان هو المسيء فيكفي أن تغفر له في قلبك أو أن تعاتبه بينك وبينهمت18:15أو تتركه.
لايقصد الرب أن تتشكك في قربانك وتتركه قدام المذبح إن كان شخص قد أساء إليك أو أهانك أو سبب لك ضررا أو أنه ظلمك بطريقة ما بلإن كان له شيء عليك.
هذا أمر طبيعي فما كان ممكنا أن يسعي القديس يوحنا المعمدان إلي مصالحة هيرودس الملك الذي تضايق من توبيخه له وسجنهمكت14:4,3.
هنا خصومة بين المعمدان وهيرودس وفيها كان المعمدان علي حق حينما قال لهيرودس لايحل لك أن تأخذ امرأة أخيك.
كذلك كانت هناك خصومة طويلة المدي بين القديس أثناسيوس الرسولي والهرطوقي أريوس سببها العقيدة والإيمان وما كان ممكنا أن يذهب القديس أثناسيوس إلي أريوس ويصالحه قبل أن يقدم قرابينه!
كلا,ففي الدفاع عن الإيمان كثيرا ما تحدث خصومة-ليست شخصية-بل هي دفاع عن الحق وتعتبر فضيلة وعنها قال السيد الربأتظنون أني جئت لأعطي سلاما علي الأرض؟كلا أقول لكم بل سيفا.. ينقسم الأب علي الابن والابن علي الأب الأم علي الابنة والابنة علي الأم,والحماة علي كنتها والكنة علي حماتهالو12:49-53
كل ذلك لأجل الإيمان ولايلازمه لون من الصلح.
بل إن القديس يوحنا الحبيب قال عن التعامل مع الهرطوقي لاتقبلوه في البيت ولا تقولوا له سلام لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة2يو11,10
وبالمثل عدم الذهاب لمصالحة من يأتيك منه ضرر خلقي أو روحي أو عثرة تبعدك عن الله بل ينطبق عليه قول الرب:
إن كانت يدك اليمني تعثرك فاقطعها وألقها عنكمت5:30
وتنطبق عليه أيضا قول المزمور الأول:في طريق الخطاة لاتقف وفي مجلس المستهزئين لاتجلس.
ما كان ممكنا ليوسف الصديق أن يصالح امرأة فوطيفار.
حتي لو أدي الأمر أن تدعي عليه ما يجعل فوطيفار يأخذه ويلقيه في السجنتك39:20 أما يوسف فكان قد وبخ المرأة ولم يسمع لها في ما طلبته منه بل قال:كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطيء إلي الله؟!تك39:9.
إن المصالحة تكون داخل حدود وصية الله وليس ضدها.
فإن كنت أنت المسيء وكانت المصالحة لاتتعارض مع وصية الله حينئذ إن قدمت قربانك إلي المذبح وهناك تذكرت أن بأخيك شيئا عليك اترك قربانك قدام المذبح واذهب أولا اصطلح مع أخيك
وهناك تذكرت:
صدقوني يا إخوتي إنني تأثرت كثيرا عندما قرأت عبارةوهناك تذكرتوذلك لأننا نقع في كثير من الخطايا وننساها وقد يمر علينا زمن طويل ثم يحدث لنا أمر ما نقول معههناك تذكرت.
مجرد هيبة المذبح تجعلنا نتذكر ونحن وقوف أمامه.
وهكذا يقول إن قدمت قربانك إلي المذبح وهناك تذكرتفي يوم التناول أو ونحن نستعد له أو حينما نقرأ في1كو11عن خطورة التناول بدون استحقاق نجد شريطا طويلا من الأحداث يخرج من العقل الباطن ويقف أمامنا فنقولهناك تذكرت.
وهناك أماكن مقدسة حينما نقف فيها, تقف أمامنا ذكريات معينة نقول معهاهناك تذكرتوقد حدث هذا لمريم القبطية الخاطئة في الأراضي المقدسة حينما وجدت قدميها قد تسمرتا وما عادت تستطيع التقدم لنوال البركة وهناك تذكرت خطاياها بشكل دفعها إلي التوبة الحقيقية.
وهنا أيضا نضع أمامنا قصة إخوة يوسف وهم في موقف حرج.
حينما أحرجهم يوسف قائلاما هذا الفعل الذي فعلتم؟فقال له يهوذاماذا نقول لسيديماذا نتكلم وبماذا نتبرر؟!الله قد وجد إثم عبيدكتك44:16,15ماهو ذلك الإثم؟لعل يهوذا يقول في قلبه-وهو محرج أمام يوسف-هناك تذكرت...
إن ما فعلوه بأخيهم يوسف حينما ألقوه في البئر وحينما باعوه كعبدتك37كان قد مر عليه زمن طويل..أما الآن-وهم في ضيقتهم -فيقول عنهم الكتابقالوا بعضهم لبعض:حقا نحن مذنبون إلي أخينا الذي رأينا ضيقة نفسه لما استرحمنا ولم نسمع لذلك جاءت علينا هذه الضيقةفأجابهم رأوبين قائلا:ألم أكلمكم قائلا:لاتأثموا بالولد؟وأنتم لم تسمعوا؟فهوذا دمه يطلبتك42:22,21
حقا إن الشخص في الضيقة كثيرا ما يقول:هناك تذكرت.
ومن أمثلة ذلك ما حدث لتلك الزانية في قصة أبا مقار.
كانت قد أخطأت مع أحد الشبان وحملت منه سفاحا واتفقا معا علي أن تلصق التهمة بالقديس مقاريوسقبل رهبنتهفتجمع حوله الناس وأهانوه إهانات شديدة وطالبوه بأن ينفق علي المرأة وما تحمل وكان القديس يعمل ليصرف عليها وكان يقول لنفسه :كد يا مقارة فقد صارت لك أمرأة وابن!!
وحدث لما حان موعد الولادة أن تلك الشقية تعسرت في الولادة جدا حتي قاربت الموت.وهنا تذكرت خطيئتها في اتهامها لذلك العابد البريء فاعترفت باتهامها الظالم حتي يرفع الله غضبه عنها.
نذكر أيضا عبارة وردت في قصة أرملة صرفة صيدا.
كلكم تذكرون قصتها مع إيليا النبي ومباركة ما عندها من دقيق وزيت ولكن هناك عبارة في القصة ربما عبرت علي البعض فلم يهتم بها فماهي؟يقول الكتاب أن ابن هذه الأرملة مرض واشتد به المرض حتي لم تبق فيه نسمةفقالت مالي ولك يا رجل الله هل جئت إلي لتذكيري بإثمي وإماتة ابني؟1مل17:18,17.
لم يذكر الكتاب خطية لها من قبل ولكنها لما مات ابنها قالت في نفسها هناك تذكرتوقالت لإيليا النبي:هل جئت لتذكيري بإثمي؟
قد تظلم إنسانا وتنسي أنك ظلمته وفي لحظة تقول هناك تذكرت.
تقع في ضيقة ويصيبك ظلم من آخرين فتشعر أنه عقوبة لك علي ظلمك السابق لغيرك وتتذكر قول الشاعر:
وما من يد إلا يد الله فوقها ولا ظالم إلا سيبلي بأظلم
وقد يسمح الله بوقوع هذا الظلم عليك لكي تتذكر ما سبق لك أن اقترفته ضد الآخرين.
وقد يصيبك مرض وتدخل حجرة العمليات فتتذكر.
وفي ساعة خوفك من العملية أو خوفك من الموت تجد جميع خطاياك السابقة قد وقفت أمامك فتقول نفس العبارة هناك تذكرتوتعترف أمام الله وتطلب رحمته أو تطلب مجيء أب اعترافك لتتوب علي يديه عن خطايا فعلتها ونسيتها.
وقد تكون في كنيسة أو دير في أسبوع الآلام.
وأمام ذكريات ألام السيد المسيح تتذكر أن كأس المر الذي يشربه فيه قطرات من خطاياك وبينما ينشغل كثيرون بالألحان أو بقراءة فصول بالقبطية تسرح أنت في خطاياك وتقول في مرارة هناك تذكرتأو قد يحدث لك ذلك في رأس السنة أو في مناسبة معينة.
قد تتذكر خطية أو نذرا قد نسيته أو وعودك لله.
وقد تحدث حادثة لأحد أقرابائك أو يموت أحد أحبائك فتقول أيضا هناك تذكرت.
جائز أن عبارة هناك تذكرتتكون عملا من أعمال النعمة فيك.
عملت النعمة فيك تتذكر فتترك قربانك وتصطلح مع أخيك.
اترك قربانك:
يقول الرب إنك حينما تتذكر إساءتك لأخيكاترك قربانك قدام المذبح واذهب أولا اصطلح مع أخيك ذلك لأن الإساءة التي أسأت بها إليه تصرخ إلي الله شاكية.. كما قال الرب لقايينإن صوت دم أخيك صارخ إلي من الأرضتك4:10
إن قايين هو أول إنسان لم يصطلح مع أخيه بل تمادي في غيظه حتي وصل إلي ارتكاب جريمة قتل.
أما أنت فلا تكن هناك بل اذهب واصطلح مع أخيك
لاتنتظر حتي يأتي ليعاتبك ويقود العتاب إلي الصلح.
بل اذهب وقم بالمبادرة وخذ بركة المصالحة.
|