رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دانيال في جب الأسود الحالة الأولى التي سندرسها هي حالة دانيال، كان دانيال واحداً من هؤلاء اليهود الذين أخذوا أسرى في بابل والذي عين في النهاية وزيراً على المملكة، وفي الحقيقة، كما نقرأ في دانيال 6: 3 أن حدث في وقت الملك داريوس المادي أنه فُضِّل على جميع حكام المملكة، فتسبب هذا بدوره في حسد زملائه والذين خططوا ضده، فأقنعوا الملكك بأن يصدر أمراً ملكياً يشدد نهياً طلب أي طلبة من أي أحد آخر غير الملك حتى ثلاثين يوماً (دانيال 6: 4- 8)، كانت عقوبة من يعصى هذا الأمر هو إلقائه في جب الأسود، والسبب في أخذ المؤامرة لهذا الشكل لم يكن من قبيل الصدفة. وكما تخبرنا الآية 5، فهؤلاء علموا أن الطريقة الوحيدة لبلوغ هدفهم هو أن بجدوا على دانيال علة " مِنْ جِهَةِ شَرِيعَةِ إِلهِهِ"، ومن ثم، فبمعرفة المحبة التي كانت لدانيال تجاه الله، وضعوه في مأزق: فإما أن يتوقف عن سؤال الله، كما تطلب الأمر، أو سيصير، كما ظنوا، طعاماً للأسود. حاول هؤلاء الرجال من خلال هذه الخطة أن يتدخلوا كثيراً في علاقة دانيال بإلهه، فهو الآن عليه أن يختار؛ إما أن يسمح لهذا الضغط والتهديد بأن يؤثرا على قلبه بالقلق والخوف أو أن يلقيها على الله ويُبقِى على علاقته به ويستودعه الأمر برمته. تخبرنا الآية 10 باختياره: دانيال 6: 10 "فَلَمَّا عَلِمَ دَانِيآلُ بِإِمْضَاءِ الْكِتَابَةِ ذَهَبَ إِلَى بَيْتِهِ، وَكُواهُ مَفْتُوحَةٌ فِي عُلِّيَّتِهِ نَحْوَ أُورُشَلِيمَ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ، وَصَلَّى وَحَمَدَ قُدَّامَ إِلهِهِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ قَبْلَ ذلِكَ." لم يكمل دانيال الصلاة وطلب الله فحسب، بل أيضاً فعل ذلك مثلما كان يفعل دائماً: وشباكه مفتوح على مصراعيه! من الواضح أنه تجاهل التهديد، أو بمعنى أفضل، لم يحاول مواجهته بأساليبه الخاصة، كأن يغلق الشباك مثلاً أو أن يحاول الاختباء أو الصلاة في أوقات لا يراه فيها أحد أو سراً... إلخ، بل على عكس ذلك، استمر في علاقته بالله كسابق عهده، من ناحية أخرى، كان هذا بالضبط هو ما رغب به أعدائه. كما رأينا، فقد وضعوا خططهم على أساس أن دانيال لن يتوقف عن الصلاة وطلب الله ومن ثم سيتعدى على أمر الملك. فتخبرنا الآيات 11- 16 بما فعله هؤلاء الرجال فيما بعد: دانيال 6: 11- 16 "فَاجْتَمَعَ حِينَئِذٍ هؤُلاَءِ الرِّجَالُ فَوَجَدُوا دَانِيآلَ يَطْلُبُ وَيَتَضَرَّعُ قُدَّامَ إِلهِهِ. فَتَقَدَّمُوا وَتَكَلَّمُوا قُدَّامَ الْمَلِكِ فِي نَهْيِ الْمَلِكِ: «أَلَمْ تُمْضِ أَيُّهَا الْمَلِكُ نَهْيًا بِأَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَطْلُبُ مِنْ إِلهٍ أَوْ إِنْسَانٍ حَتَّى ثَلاَثِينَ يَوْمًا إِلاَّ مِنْكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ يُطْرَحُ فِي جُبِّ الأُسُودِ؟» فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ: «الأَمْرُ صَحِيحٌ كَشَرِيعَةِ مَادِي وَفَارِسَ الَّتِي لاَ تُنْسَخُ». حِينَئِذٍ أَجَابُوا وَقَالُوا قُدَّامَ الْمَلِكِ: «إِنَّ دَانِيآلَ الَّذِي مِنْ بَنِي سَبْيِ يَهُوذَا لَمْ يَجْعَلْ لَكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ اعْتِبَارًا وَلاَ لِلنَّهْيِ الَّذِي أَمْضَيْتَهُ، بَلْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فِي الْيَوْمِ يَطْلُبُ طِلْبَتَهُ». فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ هذَا الْكَلاَمَ اغْتَاظَ عَلَى نَفْسِهِ جِدًّا، وَجَعَلَ قَلْبَهُ عَلَى دَانِيآلَ لِيُنَجِّيَهُ، وَاجْتَهَدَ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ لِيُنْقِذَهُ. فَاجْتَمَعَ أُولئِكَ الرِّجَالُ إِلَى الْمَلِكِ وَقَالُوا لِلْمَلِكُ: «اعْلَمْ أَيُّهَا الْمَلِكُ أَنَّ شَرِيعَةَ مَادِي وَفَارِسَ هِيَ أَنَّ كُلَّ نَهْيٍ أَوْ أَمْرٍ يَضَعُهُ الْمَلِكُ لاَ يَتَغَيَّرُ». حِينَئِذٍ أَمَرَ الْمَلِكُ فَأَحْضَرُوا دَانِيآلَ وَطَرَحُوهُ فِي جُبِّ الأُسُودِ. أَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِدَانِيآلَ: «إِنَّ إِلهَكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ دَائِمًا هُوَ يُنَجِّيكَ»." كره هؤلاء الرجال دانيال كثيراً، فلكي يطرحوه عن منصبه خدعوا حتى الملك، وعندما فهم الملك ما حدث، حزن كثيراً ولكنه لم يقدر أن يفعل شيء، إذ أنه من المستحيل للأمر أن يتغير، إلا أنه فعل شيئاً أكثر أهمية: وثق في الله، فتخبرنا الآيات 17- 23 ما حدث في النهاية: دانيال 6: 17- 23 "وَأُتِيَ بِحَجَرٍ وَوُضِعَ عَلَى فَمِ الْجُبِّ وَخَتَمَهُ الْمَلِكُ بِخَاتِمِهِ وَخَاتِمِ عُظَمَائِهِ، لِئَلاَّ يَتَغَيَّرَ الْقَصْدُ فِي دَانِيآلَ. حِينَئِذٍ مَضَى الْمَلِكُ إِلَى قَصْرِهِ وَبَاتَ صَائِمًا، وَلَمْ يُؤْتَ قُدَّامَهُ بِسَرَارِيهِ وَطَارَ عَنْهُ نَوْمُهُ. ثُمَّ قَامَ الْمَلِكُ بَاكِرًا عِنْدَ الْفَجْرِ وَذَهَبَ مُسْرِعًا إِلَى جُبِّ الأُسُودِ. فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى الْجُبِّ نَادَى دَانِيآلَ بِصَوْتٍ أَسِيفٍ. أَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِدَانِيآلَ: «يَا دَانِيآلُ عَبْدَ اللهِ الْحَيِّ، هَلْ إِلهُكَ الَّذِي تَعْبُدُهُ دَائِمًا قَدِرَ عَلَى أَنْ يُنَجِّيَكَ مِنَ الأُسُودِ؟» فَتَكَلَّمَ دَانِيآلُ مَعَ الْمَلِكِ: «يَا أَيُّهَا الْمَلِكُ، عِشْ إِلَى الأَبَدِ! إِلهِي أَرْسَلَ مَلاَكَهُ وَسَدَّ أَفْوَاهَ الأُسُودِ فَلَمْ تَضُرَّنِي، لأَنِّي وُجِدْتُ بَرِيئًا قُدَّامَهُ، وَقُدَّامَكَ أَيْضًا أَيُّهَا الْمَلِكُ، لَمْ أَفْعَلْ ذَنْبًا». حِينَئِذٍ فَرِحَ الْمَلِكُ بِهِ، وَأَمَرَ بِأَنْ يُصْعَدَ دَانِيآلُ مِنَ الْجُبِّ. فَأُصْعِدَ دَانِيآلُ مِنَ الْجُبِّ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ ضَرَرٌ، لأَنَّهُ آمَنَ بِإِلهِهِ." تعطينا الآية الأخيرة محصلة ما حدث لدانيال وسببه، ومن ثم، قد كانت المحصلة هي " وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ ضَرَرٌ" وكان السبب هو أنه " آمَنَ بِإِلهِهِ" من السهل جداً قراءة ما سبق والمرور به مرور الكرام، ولكن، فلنضع أنفسنا محل دانيال لدقيقة، فلم يكن هو وغيره من رجال الكتاب المقدس أناساً خارقين، بل كانوا رجالاً مثلنا عليهم أن يختاروا بين الإيمان أو عدم الإيمان بالله، هل مشاكلنا والتهديدات التي قد نواجهها أكبر من التهديدات التي واجهها دانيال؟ كان من الممكن أن يموت في دقيقة واحدة، وبطبيعة الحال، كان سيموت بمجرد وصوله أسفل الجب، إلا أن دانيال لم ينظر إلى وضعه الطبيعي بل نظر إلى ما هو فوق الطبيعي، كما تخبرنا الفقرة "أَنَّهُ آمَنَ بِإِلهِهِ"، وثق بالله. كان من الممكن أن يعمل آلاف الأشياء الأخرى، كان من الممكن أن يبتكر آلاف الطرق للهروب من الفخ: كان من الممكن أن يغلق النوافذ، أن يتحايل، أو أن يتوسل للملك، إلا انه اختار بدلاً من ذلك أن يؤمن بالله، فقد " آمَنَ بِإِلهِهِ"عندما سيق إلى الجب، " آمَنَ بِإِلهِهِ" عندما ألقي في الجب، وماذا كانت النتيجة؟ أنه "لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ضَرَرٌ لأَنَّهُ آمَنَ بِإِلهِهِ."، فالقضية هنا ليست هي مرورنا بأوقات عصيبة أو أحمال وهموم ستلقى على أكتافنا، لأننا نعلم أنه سيكون كل هذا، ولكن القضية هي كيفية التعامل معها، هل سنبقيها على أكتافنا أم سنلقيها على الله؟ هل سنؤمن بقدرة الله وقوته، أم في قدراتنا وقوتنا؟ هل سنبحث عن حل طبيعي ("أنا قادر"، "أنا لدي حكمة")؟ أم فوق طبيعي ("الله قادر"، "الله يعطيني الحكمة")؟ |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قصة إلقاء دانيال في جب الأسود |
دانيال النبي | في جب الأسود |
في جب الأسود وقف دانيال يصلى فسدت أفواه الأسود |
فيلم دانيال فى جب الأسود |
دانيال فى جب الأسود |