رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المرأة الفينيقية وابنتها ذهبت المرأة إلى المسيح من أجل أبنتها، ومع أن الأبنة لم تظهر في الصورة قط، إلا أن الأم وهي تتحدث عنها، تكشف عما في الأمومة من حب عظيم، الحب الذي هو غريزة من أعظم الغرائز التي أودعها الله في قلب الإنسان، مهما اختلفت عقيدته أو ثقافته، أو حضارته أو جنسيته أو تاريخه أو زمانه، وعندي أن المرأة من هذا الجانب أقوى وأعلى وأسمى من الرجل، بل أنها تأتي في محبتها لأولادها تالية لمحبة الله في المسيح للإنسان، ورجال علم النفس، وهم بصدد الموازنة بين حب الرجل لأولاده وحب المرأة، يرفعون الأخير على الأول، لتجرده من كل ذاتية وأثرة، قد نجدها في حب الآباء لأولادهم، وذلك لأن هذا الحب في نظرهم، هو نوع من تحايل الإنسان على الحياة في مواجهة الموت، إذ أن الأب يريد أن يبقي اسمه بعد الموت مرة أخرى في أولاده، الأمر الذي لا تفعله المرأة، إذ هي أشبه الكل بالجندي المجهول، يبذل ولا يطلب، ويقدم ولا يمن، ومن العجيب أن الكتاب يعطي صورًا لهذه الحقيقة في أكثر من موضع، فعندما وقع موسى تحت الخطر، وبعد أن عجز أبواه عن حمايته تقدمت محبة الأم خطوات على محبة الأب، في ذلك السفط من البردي الذي صنعته يوكابد لولدها العزيز، وجعلت أخته تراقبه من بعيد على شاطئ النيل.. وعندما ضاع أولاد راحيل في القديم، وعندما قتلوا في بيت لحم، لم يذكر الأب، ولكن قيل: راحيل تكبي علي أولادها ولا تريد أن تتعزى لأنهم ليسوا بموجودين، ومع أن الأب يتراءف على ابنه ويشفق عليه، لكنه لا يمكن أن يكون نظير الأم في لحظة الضيق أو الألم أو الأحزان، ولهذا جاء القول: كإنسان تعزيه أمه هكذا أعزيكم،... ولعلنا نلاحظ ههنا لا مجرد الحب العميق من أم لابنتها، بل أكثر من ذلك الألم النيابي، الألم الذي قد يكون مرات كثيرة، أقسى عند المتألم من صاحب الألم ذاته، ولست أعلم مقدار إحساس الابنة المجنونة بجنونها، لكني أعلم تماماً أن الألم كان يعصر أمها عصرًا، أنظر إليها وهي تتحدث إلى السيد فتقول: «ارحمني يا سيد يا ابن داود ابنتي مجنونة جدًا.. يا سيد أعني؟» وهكذا في كل جيل وعصر يبدو الألم النيابي أقسى وأقدح وأرهب وأشد!! ولكم رأيت الكثيرين من الأولاد والبنات، الذين لا يعلمون كيف يبكون على نفوسهم، ورأيت الألم مجسدًا ومجسمًا في آبائهم وأمهاتهم، على أرهب وأفظع ما يمكن أن يكون الألم في حياة الإنسان على هذه الأرض، بل أن ظاهرة الألم النيابي تكاد تكون الظاهرة الأمجد والأعظم في هذه الحياة، فالجندي المحارب الذي يقاتل في الميدان دفاعًا عن وطنه، والطبيب الذي يبذل من ذاته وحياته، من أجل جريح يتألم أو مريض يشكو ويصرخ، والقائد الذي يحمل تعاسات شعبه فوق كتفيه، ويسير بنبل وشجاعة، فوق الأشواك والآلام ليعطيهم النور والبهجة والإشراق والحياة، كل هؤلاء يعكسون بعض الصور الرائعة العظيمة للألم النيابي بين الناس! بل لماذا نقف عند هذه الصور جميعًا، وننسى ذاك الذي عرف في صليبه أعلى ظاهرة للألم النيابي من أجل الناس، ألم يقل عنه إشعياء «لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصاباً مضروبًا من الله ومذلولاً وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا» أجل وهذا حق فإن رابية الجلجثة تصعد بنا إلى أمجد ألم نيابي يمكن أن يراه الإنسان في قصة حياته على هذه الأرض. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المرأة الفينيقية| المرأة الثابتة في ايمانها نحو هدفها |
المرأة الفينيقية | المرأة المحتاجة للخلاص |
المرأة الفينيقية| المرأة الأم |
المرأة الفينيقية |
المرأة الفينيقية |