رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
جاءَ السيد المسيح لأرضنا، كما نصلي في القداس الغريغوري، لـكي "يظهر لنا نور الآب" ولهذا السبب نقول مسبِّحين شاكرين مع الكاهن: "أيها الكائن السيد الرب، الإله الحق من الإله الحق، الذي أظهر لنا نور الآب، الذي أنعم علينا بمعرفة الروح القدس الحقيقة، الذي أظهر لنا هذا السر العظيم الذي للحياة" لقد شُـبِّه غنى وعظمة تدبير الخلاص بقطعة من الماس النقي عندما تسقط عليها أشعة الشمس، ينعكس منها ألوان واطياف عديدة. وكلُ من تنفتح عينيه ويتطلع إليها، يرى من الجَمال والتفرُّد ما يبهره ويسبيه، فلا يتوق لشيءٍ إلا ان يبيع كل ما له ويقتنيها، كما نقول في التسبحة، في إبصالية الاثنين، عن أسم الخلاص الذي لربنا يسوع المسيح؛ هذا هو الحجر الحقيقي الكثير الثمن الذي باع الرجل التاجر كل ماله واشتراه. لقد إستخدم السيد المسيح، له المجد، أسلوب الامثال، ليبين لنا هذا الغنى العجيب، والتنوع الأخّاذ. من بين هذه الأمثال الكثيرة، المثل المعروف بـ "مثل الابن الضال" المُدون في الانجيل بحسب القديس لوقا، في الاصحاح الخامس عشر. لقد جاء السيد المسيح في وسط يهودي متديّن جداً وأعمى جداً بآنٍ. أو بمعنى أدق، وسط فاقد لرؤيته لله من فرط تدينه! لكنه، له المجد، تفاعل مع هذه المنظومة الدينية، الدقيقة جداً في ممارساتها، والضالة في سعيها، بحنانٍ فائقٍ، وسعيٍ غيرِ مُنقطع. نراه يؤكد لهم، ولنا، من خلال هذا المثل المُرَكّب (الدرهم والخروف والابن) بُعداً، كان غائباً عنهم، ومازال يغيب عنّا أحيانا، وهو ان السماء تفرح برجوع الخطاة؛ ففي قصة الخروف الذي وجِدَ، يقولُ معقِباً "أقول لكم انه هكذا يكون فرحٌ في السماء بخاطئٍ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون إلى توبة وفي قصة الدرهم الذي وجِدَ "هكذا أقول لكم يكون فرحٌ قُدّام ملائكة الله بخاطئ واحد يتوب" وفي القصة الثالثة، الابن الذي وجِدَ، يخاطب الأب ابنَهُ الأكبر قائلاً "كان ينبغي أن نفرح ونُسرُ لأن أخاك هذا كان ميتاً فعاش وكان ضالاً فوجِدَ" يكرر رب المجد، في تصاعدٍ عجيبٍ، من خلال هذه القصص الثلاثة، حقيقة واحدة، وهي فرح الله عندما يُعيدُ خاطئاً لنفسهِ ويرده إليه. وعندما نقرأ في أول الاصحاح الخامس عشر من الانجيل بحسب القديس لوقا "وكان جميعُ العَشَّارين والخُطاة يدنونَ مِنهُ ليسمعوه. فتذمَّر الْفَرِّيسيُّون والكتبة قائلين: ’هذا يقبل خُطَاةً ويأكُل معهم!’ " ندرك ان السيد المسيح، بقبوله لهذه الفئة المنبوذة من الناس، قد صار ضداً ونداً لمؤسسة دينية، صوّرت لنفسها إلهاً، وكرَزَت به، هو في الحقيقةِ مُختلف بالكلية عن الآب، الذي تجسد الابن ليعلنه لنا. ففي تفسير الفريسيين لسفر التثنية، قالوا (والترجمة هنا حرفية) "أن الله يفرح عندما يفنى من الأرض أحد الذين يُغضِبونه". هكذا آمن، وهكذا علّم، وهكذا تعامل الفريسيون مع من اعتبروهم هم انهم خطاةً. أن بيئة القسوة لا تُنتِج ولا تُفرز إلا قسوة. فقسوة الرومان على اليهود، وكرههم الشديد لهم، وقمعهم لكل سعي نحو الحرية، قد وجَدَت صداها في قسوة الكتبة والفريسيين وكرههم لكل من كان خاطئ في نظرهم. أخي/أختي، ان لم تجد نعمة الله فرصتها وراحتها في قلب الانسان، لتعيد صياغته وتشكيله بحسب صورة المسيح، فتحرّره فعلياً من الداخل، فليس في وسعِ أي مقموع إلا ان يصبح هو نفسه طاغية. في وسط هذا الفكر المشوَّه والمشوِّه، تأتي تعاليم السيد المسيح له المجد لتزعزع هذه المنظومة الفكرية من أساساتِها. فالقصة تضعنا امام ابن يستحق كل ما يمكننا ان نتصوره من عقاب ولكنه، ويا للعجب، يُقابَل بلهفة أبٍ، يظهَرُ ظهوراً جلياً مغلوباً من محبتهِ. هنا نرى ان صورة هذا الاب قد انطبعت في وجدان الكنيسة، فنراها، وقد انفتح امامها سر هذا الحب العجيب، تُرتل وتسبح وتتهلل، بفرحة، في ثيؤطوكية الاثنين، في القطعة الخامسة، وتقول: افرحوا وتهللوا يا جنس البشر لأنه هكذا أحب الله العالم. حتى بذل ابنه الحبيب عن المؤمنين به لكي يحيوا إلى الأبد. لأنه ُغلَب من تحننه وأرسل لنا ذراعه العالية. أشرق جسديا من العذراء بغير زرع بشر حتى خلصنا. وان كنا نؤمن ونقر بالتوبة، ساعين دوما ان نلبي نداء رب المجد "تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ" (مت 4: 17)، إلا ان كل وعظٍ وتفسير لهذا المثل يُركّز الضوء على الابن الذي "رجع إلى نفسهِ" يفقد، دون ان يُدرك، المغزى الرئيسي لهذا لمثل. فبحسب ما قاله السيد المسيح في المثل، أن هذا الابن الجاهل المسرف فكّر في العودة لأبيه لينقذَ نفسَه من الموتِ جوعاً. اسمعه يصف لنا حديث الابن مع نفسه، اذ يقول "وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الَّذِي كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ، فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ. فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: ’كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعًا! أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ، وَلَسْتُ مُسْتَحِقًّا بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْنًا. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ’ " (لوقا 15: 16-19) لقد كان كل ما تمناه هذا الابن الشقي، ودار في مخيّلته، ان يقبله ابوه كعبدٍ فيعمل ويأكل ولا يهلك جوعاً! لكننا نرى القصة في المثل تأخذ منعطف صادم لكل فكر بشري عامة، ولفكر هذا العائِد خاصة. نرى الأب يرى من بعيد، ويتحنن، ويركض، ويحتضن، ويقبِّل ابنه فرحاً. نعم، لأنه حتى وان كان الابنُ قد تحول عبداً في نظر نفسهِ، ونظر كل من حوله، لكنه، في عيني ابيه لم يتغير ابداً عن كونه ابناً. لم يذكر المثل ان الاب سأله لماذا عاد، أو عنّفه على فعلته المشينة، أو أشاح بوجهه عنه. لم يفعل الاب أي شيء من هذا. لكنه اختطف فرصة عودة الابن، بإرادته المشوشة، وأهدافه المتداخلة، وجعل منها فرصة جديدة ليغمره بمحبته ويؤكد له انه مازال ابناً. الاب لم، ولن، يقبل عودة أبنائه إليهِ كعبيد. ففي قبول الاب لأبنائه، بل بالحري قبول الأبناء لبنوتهم، يعيدهم الاب الى رتبتهم الأولى، ويكشف لهم تلك الحقيقة الغالية، والتي شوهتها الخطية والذات، أنهم ما زالوا أبناء في هذا تمام خلاص الأرض، وفرحة السماء. مُبارك بالحقيقة الذي يملأ الكل في الكل. |
26 - 05 - 2017, 09:06 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: بمن تفرح السماء؟
ربنا يبارك خدمتك لولو توضيح رااااائع جدا
|
|||
26 - 05 - 2017, 10:26 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: بمن تفرح السماء؟
في هذا تمام خلاص الأرض، وفرحة السماء. مُبارك بالحقيقة الذي يملأ الكل في الكل. رووووووووووعة حببتي ربنا يفرح قلبك |
||||
26 - 05 - 2017, 06:48 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: بمن تفرح السماء؟
ميرسى كتير على مروركم الغالى |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ثم تفرح بالأكثر في السماء |
السماء تفرح |
توبة الخاطئ تفرح السماء |
السماء تفرح بي |
السماء تفرح بعودة الخاطئ |