حرب الأفكار
++++++
قد تكون الأفكار في اليقظة . وقد تكون في المنام . والأفكار أثناء النوم ربما تكون مترسبة من أفكار وأخبار النهار ، مما ترسب في العقل الباطن من شهوات ومن أفكار ، وما جلبته الأذن من أخبار وحكايات ، وما قرأة الشخص من قراءات رسبت في ذهنه .
كل هذه تأتي في أحلام ، أو في سرحان ، أو ما يسمونه أحلام اليقظة . ويستمر فيها الإنسان طالما كان القلب قابلاً لها ... فإن كان رافضاً لها تتوقف ، ويصحو لنفسه ...
وإرادة الإنسان ضابط هام للفكر فهي التي تسمح بدخول الفكر ... وحتى إن دخل خلسة ، هي التي سمح باستمراره أو بايقافه ..
ومن هنا تأتي المسئولية ...
ومن هنا نرد على السؤال القائل : هل هذه الأفكار إرادية ، أم غير إرادية أم شبه إرادية ، أي من النوع الذي هو غير إرادي الآن ، ولكنه نابع من إرادة سابقة تسببت فيه .
فقد يغرس الشيطان فكراً في عقل الإنسان ، يدخل إليه بغير إرادته . ولكن حتى هذا الفكر ، الذي لا مسئولية عليك في قبولة .
إن أردت ، يمكنك أن تطرد الفكر ، ولا تتعامل معه ، ولا ترحب به ... لأنك إن قبلت الفكر الخاطئ ، تكون خائناً للروح القدس الساكن فيك ، وخائناً لمحبة الله ، ومقصراً في حفظ وصاياه ، وفي صيانة قداسة قلبك من الداخل .
وقد يأتيك الفكر الخاطئ في حلم ... فإن كنت نقياً تماماً ، سوف لا تقبله في الحلم أيضاً ... وإن كنت لم تصل إلى هذا المستوي وقبلته ، فستحزن بسببه كثيراً في يقظتك ، ويترك حزنك هذا أثره العميق في عقلك الباطن ، لرفض كل حلم مماثل في المستقبل : إن لم يكن مباشرة ، فبالتدريج إلى أن تصل إلى نقاوة العقل الباطن .
إذن قاوم الفكر الخاطئ بالنهار ، أثناء يقظتك ، لكي تتعود المقاومة حتى بالليل أثناء نومك وتنغرس هذه المقاومة في أعماق شعورك ، ويتعودها عقلك الباطن .
إن زمام أفكارك في يدك ، سواء منها الأفكار التي تصنعها بنفسك ، أو التي ترد إليك من الخارج ، من الشيطان أو من الناس . وما أصدق قول المثل :
إن كنت لا تستطيع أن تمنع الطير من أن يحوم حول رأسك ، فإنك تستطيع أن تمنعه من أن يعشش في شعرك !
وبإرادتك ، واشتراكك مع عمل النعمة فيك ، يمكنك السيطرة على الأفكار ، فلا تجعلها تأخذ سلطاناً عليك . ولا تستطيع الأفكار الخاطئة أن تفقدك نقاوتك ، وذلك لأنك لا تجاوب معها . وما أصدق قو القديس يوحنا ذهبي الفم :
لا يستطيع أحد أن يضر إنساناً : ما لم يضر هذا الإنسان نفسه .
لذلك لا تستسلموا للأفكار . وليكن كل إنسان حكيماً . يعرف الفكر ، كيف يبدأ عنده ، وكيف يتطور ، وما خط مسيرة داخل ذهنه ؟ وما نوع الأفكار التي تبدأ برئية وهادئة وتنتهي بنهاية خاطئة ؟ فليحترس من أمثال هذه الأفكار ، ولا يعطي مجالاً للفكر حتى يشتد ...
وإن اشتدت عليك الأفكار بطريقة ضاغطة ومستمرة ، فلا تيأس ، ولا تقل لا فائدة من المقامة ، وتستسلم للفكر .
إن اليأس يجعل الإنسان يتراخي مع الفكر ، ويفتح له أبوابه الداخلية ، ويضعف أمامه ويسقط ، أما أنت فحارب الأفكار وانتصر ... وكيف ذلك ؟