* ذهب أحد الأراخنة إلى الأب بالليديوس لزيارته، لأنه كان قد سمع عنه. وكان قد أخذ معه كتابةً مختزَلة خاطب فيها نفسه قائلًا: ”إنني سأعرِّف نفسي للأب ولكِ، وستلاحظين باهتمام ما سيقوله لي". ولما دخل الأرخن قال للشيخ: "صلِّ لأجلي أيها الأب، لأنّ عندي خطايا كثيرة." فقال الشيخ: "يسوع المسيح وحده هو الذي بلا خطية." فقال الأرخن: ”هل مفروض علينا، أيها الأب، أن نُعاقَب على كل خطية؟" فأجاب الشيخ: ”مكتوبٌ: "أنت تجازي كل واحدٍ حسب أعماله" (مز62: 12)". فقال الأرخن: "اِشرح لي هذا القول." فقال الشيخ: "إنه يشرح نفسه، ومع ذلك فاسمع تفسيره بالتفصيل: هل ضايقتَ جارك؟ انتظر أن تتلقّى المثيل. هل سلبتَ خيرات المتواضعين؟ هل ضربتَ مسكينًا؟ سيكون وجهك مغطّى بالخزي يوم الدينونة. هل أهنتَ أو افتريتَ أو كذبت؟ هل عزمتَ على الزواج بامرأة شخص آخر؟ هل أقسمتَ بيمين كاذبٍ؟ هل طرحتَ عنك منهج الآباء؟ هل أخذتَ ما يخص اليتامى؟ هل ظلمتَ الأرامل؟ هل فضّلتَ المسرات الحاضرة على الخيرات الموعودة؟ فانتظر أن تتلقّى ما يقابل كل ذلك، لأنّ الإنسان يحصد مثل البذار التي يزرعها. كما أنك بالتأكيد إذا فعلتَ خيرًا فانتظر أن تتلقّى بالمقابل أكثر منه كثيرًا حسب القول نفسه: "أنت تجازي كل واحدٍ حسب أعماله«. فإذا ذكّرت نفسك بذلك كل أيام حياتك يمكنك أن تتحاشى ارتكاب معظم الخطايا".
ثم سأله الأرخن: "ما الذي ينبغي عمله أيها الأب؟" فقال الشيخ: "فكّر في الأمور الأبدية والخالدة الباقية التي لا يوجد فيها ليل ولا نوم. ضع أمامك الموت الذي لا يوجد بعده طعام ولا شراب الذي هو بسبب ضعفنا. ولن يكون هناك مرض ولا أوجاع ولا طبّ ولا محاكم ولا تجارة ولا غِنَى ولا علّة الشرور ولا مبرر للحروب ولا جذر الحقد. هذه ستكون أرض الأحياء لا للذين ماتوا في الخطية، بل للذين يعيشون حياة أبدية في المسيح يسوع". فتأوّه الأرخن وقال: "حقًا أيها الأب، إنّ الأمر هو تمامًا كما قلت." وإذ اقتنع جدًا رجع إلى مسكنه شاكرًا الله.
فردوس الآباء