هل الماء في المعمودية له كل هذه الفاعلية؟
ولعل أحدًا يسأل: هل الماء له كل هذه الفاعلية؟
أ) إن هذا السؤال يذكرني بالاحتجاج الذي احتج به نعمان السرياني حينما طلب إليه إليشع أن يغتسل في الأردن لكي يطهر. فاستكثر هذا أن يكون الأمر مجرد غسل في الماء، وعندهم أنهار في دمشق أفضل من أنهار إسرائيل (2مل5: 10-12) ولكنه لما أطاع واغتسل، نال الطهارة بهذا الإيمان. وملاحظة بسيطة هنا. ان النبي أمره بالاغتسال في الأردن الذي صار فيما بعد نهر المعمودية أيام يوحنا المعمدان (مت6:3) فهل نستكثر علي الماء مفعوله، كما حدث مع نعمان السرياني؟!
إن الله يعطي النعمة بالطريقة التي يريدها. وهنا لم تكن النعمة في مجرد ماء الأردن، إنما السر في القوة التي وضعها الله في هذا الماء للتطهير.. ونفس الأمر نقوله إلي حد ما عن المعمودية كما سنشرح.
ب) مثال آخر: حينما شفي الرب الرجل المولود أعمي. وضع طينًا في عينيه وقال له:
(أذهب اغتسل في بركة سلوام. فمضي واغتسل وأتي بصيرًا) (يو9: 6،7) كان يمكن بمجرد الإيمان أن ينال هذا الأعمي بصرًا. ولكن الله أراد أن يمنحه النور- والمعمودية استنارة – عن طريق الماء. فليكن مشيئة الرب فيما يريد. إننا لا نرسم له خططًا ينفذها تبارك اسمه..
ج- ومع كل ذلك نقول في الإجابة على هذا السؤال إن ماء المعمودية ليس مجرد ماء بسيط عادي. والإنسان المعمد لا يولد من الماء فقط، إنما من الماء والروح.
الروح القدس يقدس هذا الماء لكي تصبح له طبيعة خاصة يمكن بها لمن يغطس فيه أن يولد من الماء والروح وبهذا يأخذ استحقاقات دم المسيح في الفداء حينما – في هذا الماء – يدفن المعمد مع المسيح، ويشترك مع المسيح في موته، لكي يستحق أن يشترك معه في قيامته.
ولذلك فنحن أثناء تقديس ماء المعمودية، نسكب عليه من زيت الميرون المقدس الخاص بالمسحة المقدسة، مسحة الروح القدس، لكي يتقدس الماء بالروح. ومن يولد منه يولد من الماء والروح.
وفي تقديس هذا الماء يصلي الكاهن صلوات معينة خاصة بتقديس الماء وحلول الروح لتقديسه. وأيضًا يتلو تلاوات من كلمة الله. وهكذا فإن ماء المعمودية الذي نغتسل به يكون قد تقدس بالكلمة.