لئن كان الفيلسوف أيبوقراط بمعنى آخر قال هذه الكلمات عن أمرأةٍ نظرها مجتازةً من أمامه حاملةً في يدها مجمرة النار متقدةً. على أن القديس أيدالفونسوس يقول: أن الروح القدس قد ألهب بحرارة الحب الإلهي مريم البتول بكليتها. نظير ما أن النار تحمي ضمنها الحديد. وهكذا كان يظهر فيها لهيب نار هذا الروح البارقليط حتى أنها لم تعد تشعر هي في ذاتها بشيء آخر الا بشهائب نار الحب الإلهي متقدةً في نفسها وقلبها: وقال القديس توما الفيلانوفي: أن العليقة التي رآها موسى ملتهبةً بالنار كلها من دون أن تحترق، كانت رسماً لقلب البتول والدة الإله: ولذلك هذه السيدة بالصواب شوهدت من الرسول الحبيب يوحنا في جليانه ملتحفةً بالشمس (أبوكاليبسي ص12ع1): لأنها بهذا المقدار كانت هي متحدةً بالله بشدة الحب (كما يقول القديس برنردوس مفسراً كلمات الأبوكاليبسي المومى إليها) حتى أنه يبان أن خليقةً بسيطةً لا يمكنها أن تتحد به تعالى أتحاداً أشد من هذا الأتحاد.