في خوفه ِ من اخيه عيسو وهو عائد ٌ من عند خاله ِ لابان ومعه ثروة ٌ كبيرة ، نام نوما ً قلقا ً وحده وفي الليل " صَارَعَهُ إِنْسَانٌ حَتَّى طُلُوعِ الْفَجْرِ " . وفي مصارعته ضرب حق فخذه وانخلع حق فخذ يعقوب في الصراع ، وقال له مصارعه : " أَطْلِقْنِي " ، لكن يعقوب تشبث وتعلق به ورمى كل ثقله ِ عليه ، فقال : " لاَ أُطْلِقُكَ إِنْ لَمْ تُبَارِكْنِي " . وباركه قائلا : لقد " جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ . " . واحيانا ً يرى الله ان نتصارع معه ، لا مصارعة ً جسدية كما حدث ليعقوب ، بل مصارعة ً في الصلاة ، الله يستحسن المصارعة في الصلاة . والعجيب ان الله في مصارعتنا له في الصلاة يسمح بأن نقدر ونغلب . نحن لا ننال ما نبتغيه ونطلبه اذا لم نتعلق بالله بقوة ونصارع ونجاهد . نُلقي بانفسنا عليه في الصلاة ، نرمي بثقلنا كله عليه ، نمسك به بقوة . احيانا نتسائل في تعجب : وهل يستطيع الانسان الضعيف ان يتحدى قوة الله ؟ هل نغتصب بركة الله اغتصابا ً بالقوة والمصارعة والعراك والجهاد واللجاجة ؟ في عراكنا وصراعنا وجهادنا ننال ما نريد من بركة اذا سلمنا لارادة الله . لا استسلام بل تسليم ٌ له وتعلق ٌ به ومثابرة ٌ على الايمان والصلاة . تسليم ارادتنا لارادته ومشيئتنا لمشيئته واهدافنا لاهدافه بلجاجة ٍ والحاح ٍ وصراع ٍ في الصلاة نطلب ارادته لا ارادتنا ومشيئته لا مشيئتنا وقصده لنا لا قصدنا لانفسنا وقصده لنا لا قصدنا لأنفسنا . الصراع والجهاد لا يعني المقاومة والتناحر والتقاتل . المصارعة لها وسائل واساليب فنية تصل بالمتصارعين الى النصر. حين تصارع في طلبتك للشفاء من مرض سلم نفسك لله ليحقق قصده فيك . حين تجاهد في صلاتك لطلب بركة خاصة افتح يدك لله لينفذ رغبته لك . والمصارعة والجهاد مع الله له مسحة رائعة ولذة كبيرة . حين تمسك يدك به وتقبض اصابعك عليه وتتلاحم معه تشعر بدفء محبته يملئك وحرارة نعمته ِ تغمرك . تُحس بقوته تحيط بك وقدرته تحرك جسدك . وتسعد بالصراع مع الله ويسعد الله بالصراع معك ، ويحقق مشيئته لك ويباركك ببركاته كثيرا ً ، وتنتفض وتغلب وتفوز في الصراع ويلبسك الله الاكليل ويطوقك بالبركات .