رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
السيد المسيح على عرشه الذي رآه إشعياء هو السيد المسيح قبل تجسده من العذراء مريم. رآه جالسًا على عرشه في الهيكل ويطير حوله السرافيم يسبّحون تسبحة الثلاثة تقديسات، وشَعَر إشعياء بالخوف لأنه إنسان خاطئ وعيناه قد أبصرتا الملك رب الجنود. وقد وصف الموقف كما يلي: “رأيت السيد جالسًا على كرسي عالٍ ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل. السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة: باثنين يغطى وجهه، وباثنين يغطى رجليه، وباثنين يطير. وهذا نادى ذاك وقال: قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض. فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخانًا. فقلت ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود. فطار إلىّ واحد من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح. ومس بها فمى وقال إن هذه قد مسّت شفتيك فانتُزِع إثمك وكُفِّر عن خطيتك” (إش6: 1-7). ونلاحظ في هذا النص الملاحظات التالية: 1- إن السيد الجالس على الكرسي العالي يحمل لقب “الملك رب الجنود”وهو من ألقاب الله الخاصة به وحده. 2- إن الذي رآه إشعياء ليس هو الآب السماوي لأن يوحنا الرسول الإنجيلي يقول: “الله لم يره أحد قط؛ الإله الوحيد الجنس (عبارة “الإله الوحيد” بحسب أقدم النسخ والترجمة القبطية) الذي هو في حضن الآب هو خبّر” (يو1: 18) والمقصود بقوله “الله” في هذا النص هو “الله الآب”. بينما يقول إشعياء: “لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود” فالذي رآه هو الابن بالتأكيد. 3- إن الذي رآه إشعياء هو واحد من الأقانيم الثلاثة لأن الملائكة (السرافيم) قد سبّحوا قائلين: “قدوس قدوس قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض”، ويستحيل أن تُقال تسبحة الثلاثة تقديسات إلاّ للواحد من الثالوث القدوس. 4- إن الكرسي العالي في هذه الرؤيا لم يكن في السماء بل على الأرض. لأنه يقول عن السيد الجالس أن أذياله تملأ الهيكل، كما أن التسبيح قيل فيه فقط أن “مجده ملء كل الأرض”ومعروف طبعًا أن مجد الرب يملأ السماء أيضًا. ولكن هذه الرؤيا كانت على الأرض. كما ذُكر اهتزاز أساسات العتب وامتلاء البيت دخانًا. وكل هذا يدل على أن الرؤيا كانت في هيكل الرب في أورشليم في ذلك الزمان. يُضاف إلى ذلك وجود المذبح وعليه الجمرات المتقدة؛ وهذا أيضًا كان في خدمة الهيكل بأورشليم. 5- إن تطهير فم إشعياء بجمرة من على المذبح يرمز إلى سر الافخارستيا حيث يؤخذ التناول من جسد الرب ودمه من على المذبح بواسطة الكاهن. ويُعطى خلاصًا وغفرانًا للخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه. وكل ذلك يجرى في الكنيسة الحاضرة هنا على الأرض كعربون للحياة الأبدية؛ وتكون الملائكة حاضرة حول المذبح في خدمة القداس الإلهي في الكنيسة التي هي بيت الله الحالى في الزمان الحاضر. 6- امتلأ البيت دخانًا، وهذا يرمز إلى البخور الذي يملأ الهيكل عند إصعاد القرابين في الكنيسة. 7- إن إشعياء النبي قد اعترف بخطاياه وخطايا شعبه قبل أن ينال التطهير والتكفير. وقد سمع السرافيم اعترافه، فلم يقدّم إشعياء هذا الاعتراف للسيد الرب وحده. لذلك قام الملاك الذي يرمز إلى خادم ذبيحة القداس الإلهي بأخذ الجمرة من على المذبح بملقط؛ ومس بها فمه. وهذا يرمز إلى خدمة الأسقف في الكنيسة (ملاك الكنيسة) بمساعدة القسوس في سر الافخارستيا. وأكمل إشعياء النبي رؤياه فقال: “ثم سمعت صوت السيد قائلًا: من أُرسِلُ ومن يذهب من أجلنا. فقلت هأنذا أرسِلنِي” (إش6: 8). شيء رائع أن يستمع إلى الدعوة ويستجيب لها بعد أن تطهّر من خطاياه بقوة المذبح. وها هو صوت الرب ينادى باستمرار “من أُرسِلُ ومن يذهب من أجلنا؟”.. ألم يقل السيد المسيح إن “الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون، فاطلبوا إلى رب الحصاد أن يُرسل فَعَلة إلى حصاده” (مت9: 37، 38)؟ ليتنا نكون مستعدين للاستماع إلى صوت الرب ودعوته، ومستعدين أن نعمل معه في بناء الملكوت ونردد مع إشعياء إذ يدعونا عندما نكون مستعدين “هأنذا أرسِلني”.. |
|