رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
من الخليقة يركِّز البعض في محاجته من الخليقة على بداية الخليقة؛ أي على حتمية وجود مُبدئ لها. بينما يركِّز البعض الآخر، ليس على بدايتها، بل على وجودها الفعلي الحالي. فبغضِّ النظر عن بدايتها، يرون أن وجودها الآن يعتمد على سبب لا سبب له. وبالطبع كلا المحاجتين صواب، وتدعم إحداهما الأخرى. كما أن الكتاب يؤكِّد على كلتيهما. فعن الله باعتباره مُبدئ هذا الكون يقول تكوين 1: 1 «في البدء خلق الله السماوات والأرض». وعن اعتماد وجود الخليقة الآن على خالق، يقول في عبرانيين 1: 3 «الحامل لكل الأشياء بكلمة قدرته». وعن الاثنين معًا في عبارة واحدة يقول في كولوسي 1: 16، 17 «الكل به وله قد خُلق. وهو قبل كل شيء. وفيه يقوم الكل». ولذا فإنني سأتوقف عند الأمرين. أولاً: لا بد للكون من مُبدئ تنطلق هذه المُحاجَة من الفرضية المنطقية البسيطة، ألا وهي: طالما أن الكون موجود، فلا بد من سبب أوجده خارجًا عنه؛ بناء على قانون السببية أن لكل معلول علَّة أوجدته. ويمكننا صياغتها بالطريقة الآتية: 1- بما أن الكون له بداية، 2- وبما أن كل شيء له بداية لا بد أن يكون له سبب أبدأه، 3- إذًا الكون نتج من سبب أبدأه؛ وهذا السبب هو الله. ولكي يتحاشى البعض هذه النتيجة المنطقية، ولكي يتمكنوا من أن لا يبقوا الله في معرفتهم، لجأوا إلى اعتراضين: الاعتراض الأول: هو اعتراض سخيف للغاية، ولذا لن أقف أمامه طويلاً، إذ قالوا: “الكون ليس بموجود. هو مجرد وهم ILLUSION”!!! والرد على هذا الاعتراض ببساطة هو أنك إذا قلت إن الكون ليس بموجود، فالقائل نفسه لا ينبغي أن يكون موجودًا لكي يقدر أن يقول إن الكون ليس بموجود، إذ إن القائل هو جزء من هذا الكون. وقد وصل السخف ببعضهم لكي يتجنبوا هذا الاستنتاج المنطقي أنهم قالوا: نعم نحن لسنا بموجودين! وفاتهم أنه من المحتم أن يكونوا موجودين لكي يتمكنوا من أن ينفوا وجودهم. الاعتراض الثاني: “الكون ليس له بداية هو أزلي”!!! يقول كارل ساجان، العالم الأمريكي الشهير جدًا في علم الفلك: “الكون هو كل ما هو كائن، وما كان، وما سيكون”! ودعونا الأن ندحض هذا الاعتراض، ونؤكِّد على حتمية وجود بداية للكون من العلم ثم من الفلسفة. أ) من العلم 1- لقد اكتشف إدوين هابل سنة 1925 أن الكون في حالة تمدُّد باستمرار، وأنه يسير بسرعة جنونية منطلقًا من الداخل إلى الخارج، وأن المجرَّات تتباعد عن بعضها؛ وهذا يعني أنه لو كان أزليًا لكان قد تفكك وتلاشى الآن. 2- القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية، والذي ينص على أن كل الطاقة التي في الكون تتجه إلى أدنى مستوى لها، أي أن الكون يستنفذ طاقته المخزونة، فلو كان الكون أزليًا لكانت طاقته قد نفذت منذ زمن بعيد، ولكان الآن في حالة موت وتجمد أبدي. ب) من الفلسفة إذا قلت لي إن الكون ليس له بداية، فأنت تعني أن الكون لا نهائي في القِدَم، وهذا مستحيل. ولكي أبرهن استحالته لا بد من توضيح أن ما لانهاية في الرياضيات هي شيء افتراضي وليس حقيقي، أي لا يمكن تطبيقها على أي شيء له وجود حقيقي مثل الزمن. تخيل معي خط مستقيم أ ب طوله 30سم، يمكنك بكل ثقة أن تقول أن هذه الـ30سم تحتوي على ما لا نهاية من النقط الهندسية الواقعة بين أ، ب؛ وكلامك صحيح تمامًا من الناحية الرياضية. لكن إذا أردنا شيئًا واقعيًا، فتخيلنا أن هذه الـ30سم هي سُمك كتاب يحتوي بين ضفتيه على صفحات رفيعة ورقيقة للغاية، فإنه لن يمكنك أبدًا أن تقول إن هذا الكتاب الذي سمكه 30سم، ولا حتى إن كان سُمكه 30 كيلو متر، يحتوي على ما لا نهاية من الأوراق الرفيعة مهما كانت رقة أوراقه. وهكذا لا يمكننا أبدا أن نقول إن الكون له عدد لا نهائي من وحدات الزمن، لأن الزمن شيء حقيقي له وجود ويمكن قياسه وليس شيئًا افتراضيًا. ثانيًا: الكون يعتمد في وجوده على خالق: يمكنني أن ألخِّص هذه المحاجة في نقاط كالآتي: 1- الكون هو مجموعة من الموجودات المتغيرة والمحدودة، 2- كل موجود متغير ومحدود لا بد أن يكون هناك سبب آخر لوجوده. لأنه ما دام محدودًا ومتغيرًا، فمن المستحيل أن يكون وُجد بذاته مستقلاً عن غيره في وجوده، وإلا فلماذا يعتريه التغيير؟ 3- لا يمكن تفسير سبب وجود الموجودات بالرجوع إلى سلسلة لا نهائية من الأسباب المتغيرة المحدودة، لسبب بسيط. تخيَّل أني سألتك ما سبب وجود كل متغير محدود نظيري؟ فأجبتني بأنه نتج عن متغير آخر. فسأقول أنت لم تُجبني لأنني لم أزل أسأل عن سبب وجود المتغير الذي ذكرته باعتباره السبب. ولو ظللت لمدة عشرة سنين متصلة تقول هذا المتغير الآخر نتج عن متغير نتج عن متغير نتج عن متغير... فكلامك لا معنى له، لأنك بعد عشر سنين أنت عند نفس النقطة. وإذا قلت لي إن هناك في نهاية هذه السلسلة الطويلة يوجد سبب أوجد ذاته؛ فاسمح لي أن أقول إن هذا كلام فارغ لا معنى له بالمرة، لأنه كان ينبغي أن يوجد لكي يكون قادرًا على أن يُوجِد نفسه أي يُوجَد قبل أن يُوجِد؟!! أي يكون سبب ونتيجة في نفس الوقت، فهل هذا معقول؟ ثم لو أمكنك رصد اللحظة التي سبقت اللحظة التي فيها أوجد نفسه، فهو فيها موجود وغير موجود في الوقت نفسه!! وبالطبع هذا كلام فارغ بلا معنى. 4- إذًا النتيجة الحتمية التي لا مفر منها، مهما حاول عقل الإنسان الخضوع لقلبه الفاسد والهروب منها، هي أنه يوجد سبب لا سبب له، هو علة وجود كل موجود متغير محدود، وهذا السبب الذي لا سبب له هو الله. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أمهات عازبات أصبحن قديسات |
أمهات أصبحن قديسات وكل منهن أعطت نصيحة! |
ميجان ماركل تنضم إلى قائمة أمريكيات أصبحن أميرات أو ملكات |
للكون ربا |
قصيده للكون اله |