رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أبينا البار مرقيانوس القورشي (أواخرالقرن4م) 2 تشرين الثاني غربي (15 تشرين الثاني شرقي) إن المصدر الذي استقينا منه سيرة هذا الأب البار المعرّف عنه بالعظيم هو اللاهوتي والمؤرخ المعروف ثيودوريتوس أسقف قورش (393 – 366 للميلاد)، مواطن القدّيس مرقيانوس. أما مدينة قورش فقد أضحت اليوم خربة، وهي على الحدود السورية الشمالية، عند نهر عفرين، والأكراد يدعونها "النبي هوري"، وهي على بعد مئة وخمسين كيلومتراً تقريباً من الجهة الشمالية الشرقية من مدينة أنطاكية. |
11 - 05 - 2019, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
من شرف إلى شرف كان مرقيانوس من عائلة شريفة مرموقة، وقد تسنى له أن يتبوأ مركزاً مهماً في البلاط الملكي. وكان، إلى ذلك، طويل القامة، جميل الطلعة، قوي البنية، حاد الذكاء. وعوض أن يصرفه ميراثه البشري عن الله اغتراراً تحوّل إليه بكليتّه. وإذ تخلى طوعاً عن اللآلئ الكثيرة التي كانت في حوزته، خرج إلى الصحراء في طلب اللؤلؤة الواحدة الكثيرة الثمن (مت45:13_46). في الصحراء، ابتنى مرقيانوس لنفسه كوخاً صغيراً ضيقاً يكاد لا يتّسع لجسمه وأحاطه بسياج وأقام فيه منقطعاً عن كل خلطةٍ بشرية، منصرفاً إلى اللهج بالله ليل نهار وقولة داود النبي في المزمور الأول تتردّد في نفسه دونما انقطاع: "طوبى للرجل الذي... في ناموس الرب هواه وبشريعته يلهج نهاراً وليلاً ويكون كالعود المغروس على مجاري المياه الذي يعطي ثمره في حينه وورقه لا ينتثر" (مز1:1_3). ثلاثة كانت تشغله: مطالعة الكتاب المقدّس التي كان يتمتع فيها بسماع صوت الله، والصلاة والضراعة ابتغاء للحديث إلى ربّه، والترنم بالمزامير تسبيحاً لاسمه وتمجيداً. |
||||
11 - 05 - 2019, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
طعامه كان طعام مرقيانوس مقتصراً على الخبز، وبكمية تكاد لا تكفي طفلاً فطيماً. كان جائعاً عطشاً كل أيامه لا يسمح لنفسه إلا بما هو كاف لإبقاء الجسد على قيد الحياة. كان يقول أنه من الأفضل للمرء أن يتناول الطعام كل يوم ولكن من دون أن يشبع لأن الصيام الحقيقي هو الجوع الدائم. أما لماذا كان يؤثر مثل هذا النظام الغذائي على الصيام بضعة أيام ثم تناول وجبة كافية نظير الكثيرين فلأنه خبر الصيام المتواصل لعدة أيام يضعف الإنسان جداً فلا يستطيع إتقان خدمة الرب. فإذا ما أقبل بعد ذلك على الطعام ثقلت معدته وتوانت نفسه عن السهر كما يليق وكما يشتهي. |
||||
11 - 05 - 2019, 04:55 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
تلميذاه ثابر مرقيانوس على قانونه هذا مدة من الزمن أنعم الله عليه بعدها بتلميذين: افسافيوس الذي ورث قلايته من بعده وأغابيتوس الذي كان له الأثر الأكبر في زرع السيرة الملائكية في ضواحي مدينة أفاميا. وقد سمح لهما مرقيانوس ببناء قلاية جديدة سكنا فيها معاً وأقاما مرتّلين مصليين يطالعان الكتب الإلهية نظير أبيهما. وإذ قدم عدد من طلاب الرهبنة بعد حين، أوعز مرقيانوس إلى تلميذيه ببناء قلاية أخرى على مقربة من الأولى واسند مهمة العناية بالقادمين الجدد إلى افسافيوس. أما أغابيتوس فبعدما تمرّس على الحياة الرهبانية انطلق يؤسس الأديرة والمناسك فاستقطب المئات ويقال أنه حسب أهلاً لرئاسة الكهنوت. |
||||
11 - 05 - 2019, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
مسكناً للنعمة ومما يروى عن القدّيس مرقيانوس أن تلميذه افسافيوس خطر بباله مرة أن يعاين ما عسى معلمه يفعل في الليل فاجترأ واقترب من نافذة قلايته الصغيرة وتطلّع فأبصر نوراً عجيباً فوق رأس معلمه، نوراً لم يكن مصدره سراجاً أو ما يشبه السراج كان النور إشراقاً من الله على عبده لتمكينه من قراءة الكتاب المقدّس. ارتعش افسافيوس لهذا المشهد وعاد إلى قلايته يمجّد الله على عنايته الفائقة بعبده. ويروى عنه أيضاً أن النعمة الإلهية سكنت فيه إلى حد أنه لم يعد للخوف من الخطر الخارجي، أياَ كان حجمه أو مصدره، مكان في نفسه. فلقد حدث أنه كان مرة في الباحة أمام قلايته وإذا بوحش يتسلّق السياج الشرقي طالباً من يفترسه وكان افسافيوس قريباً من المكان فصرخ بمعلمه منبّهاً فرفع معلمه رأسه صوبه دون أن تبدو عليه إمارات القلق وقال له بصوت هادئ واثق: لا تخف يا بني، اهدأ فالانفعال لا يليق بالرهبان. ثم رسم على الوحش إشارة الصليب ونفخه بفمه فيبس الوحش للحال وبدا كأنه قد اشتعل وتحوّل إلى رماد كما لو كان حزمة قش التهبت. |
||||
11 - 05 - 2019, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
المعجزات عفواً وكعادة الآباء، كان مرقيانوس حريصاً على إخفاء مواهبه اجتناباً لتجربة المجد الباطل، لكنه كان يأتي المعجزات عفواً. من ذلك مثلاً أنه كان لرجل من الأشراف، من قادة الجيش، ومن أصدقاء مرقيانوس، ابنة بها مسّ كانت من جرّائه تضطرب وتهتاج كما لو كانت مصابة بداء الكلب. هذا بعدما عيي عن شفاء ابنته بالأطباء والأدوية انطلق إلى الصحراء، إلى حيث كان مرقيانوس مقيماً، وطلب أن يرى القدّيس فمنعه شيخ كان مقاماً على خدمته، فطلب الشريف من الشيخ الخادم أن يأخذ إناء فيه قليل زيت ويضعه أمام باب قلاية القدّيس فأبى فتوسل فرضي. |
||||
11 - 05 - 2019, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
وأخذ الشيخ الإناء واقترب من القلاية على مهل ووضعه عند الباب فسمع القدّيس وقع قدميه فناداه من الداخل ماذا يريد، فاضطرب الشيخ وأجاب: "لا شيء البتة. فقط جئت أرى ما إذا كنت تريد مني شيئاً". قال هذا وعاد إلى الوراء. ثم في صباح اليوم التالي، عاد والد الصبية ليأخذ الإناء فتردّد الشيخ قليلاً ثم تقدّم بخطى بطيئة صوب القلاية. وما أن مدّ يده ليأخذ الإناء حتى سأله مرقيانوس مجدداً عما يريد، ولما أجابه كمثل الليلة السابقة غضب وقال له أن يقول الحقيقة، فأخبره الشيخ مرغماً قصة الرجل الشريف والابنة وإناء الزيت فوبّخه وأمره أن يعيد الإناء إلى صاحبه ويصرفه. وإن الشيطان في اللحظة التي تفوه فيه القدّيس بهذه الكلمات، خرج من الصبية فعادت سليمة معافاة، وقد شهد والدها بذلك فيما بعد.
|
||||
11 - 05 - 2019, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
الصمت أجدى
زاره مرّة عدد من رؤساء الكهنة من ذوي الفضل والفضيلة: فلافيانوس الأنطاكي الذي سام القدّيس يوحنا الذهبي الفم كاهناً وأكاكيوس الحلبي وأفسافيوس أسقف قنسرين (خلكيس) وأيسيدوروس القورشي وتيودوتوس المنبجي وبعض الموظفين وطلبوا أن يسمعوا منه كلمة فبقي صامتاً. ولما ألح عليه أحد الحاضرين تنهّد وقال: "إن إله الكل يكلّمنا كل يوم بالخليقة، يكلّمنا بالكتب المقدّسة، يحضّنا على عمل ما يتوجّب علينا، يدلّنا على ما ينفعنا، ينذرنا بوعيده ويحرّضنا بوعوده، ونحن لا نجني من ذلك نفعاً البتة. فإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن مرقيانوس أن يفيدكم بكلامه وهو كغيره لا يبالي بهذا الخير الجزيل ولا يريد أن ينتفع منه". وبعدما حرّك كلامه القلوب قاموا وصلّوا وأرادوا أن يضعوا عليه الأيدي ليجعلوه كاهناً، لكن كل واحد كان يرجو أن يفعل ذلك سواه ولما امتنع الجميع عن المبادرة انصرفوا إلى أوطانهم. |
||||
11 - 05 - 2019, 04:56 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
تجرده وفقره
وإظهاراً لتجرّده وفقره وحكمته وتنزّهه عن علاقات القربى الطبيعية تروى عنه هذه الحادثة: أقبلت أخته إليه يوماً برفقة ابنها، وكان أحد أعيان قورش، وقد حملت معها كميّة وافرة من المؤن. فقيل له: "جاءت أختك وابنها لرؤيتك"، فأبى أن يستقبلها، إلا ابنها. ولما طلب هذا إليه إن يقبل ما أتياه به قال له: "بكم من الأديار مررتما في الطريق إلى هنا، فهل قدّمتما لساكنيها شيئاً مما حملتما؟". أجاب ابن أخته: "كلا"، فقال: "عودا، إذاً، بكل ما أتيتما به إلي فلا حاجة لنا هنا إليه، واعلما أنه حتى ولو كنا في حاجة إليه فلسنا نقبله لأن ما دفعكما إلى الاهتمام بي هو القرابة الطبيعية، لا الخدمة الإلهية. فلولا اعتباركما القرابة الدموية لما كنتما خصّصتمانا بعطيتكما". قال هذا وصرف الابن وأمه ولم يأخذ منهما شيئاً. |
||||
11 - 05 - 2019, 04:57 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: أبينا البار مرقيانوس القورشي
رقاده
ولما كان كثيرون، استباقاً لرقاد القدّيس مرقيانوس، قد أخذوا في تشييد ضريح له فقد استدعى رجل الله تلميذه افسافيوس وأوصاه بإخفاء جثمانه بعد رقاده وأن لا يسلمه لأحد. وهكذا كان، فما أن أسلم القدّيس مرقيانوس الروح بسلام حتى دفنه تلميذه واثنان آخران في البريّة، وبقي كذلك مخفى عن الأنظار خمسين سنة إلى أن نقل إلى جرن من الحجر بسماح من القدّيس نفسه. كانت وفاته بعد العام 381 للميلاد. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
مرقياوس القورشي الناسك البار |
أبينا البار مرقيانوس القورشي القديس صاحب الفضائل |
صورة القديس أبينا البار مرقيانوس القورشي |
القديس البار مايسيماس القورشي |
أبينا البار يعقوب القورشي (القرن5م) |