القديسة البارة في الشهيدات أفجانيا الرومية ورفقتها (القرن3م)
24 كانون الأول شرقي (6 كانون الثاني غربي)
ولدت أفجانيا، التي يعني اسمها "الشريفة النسب"، لعائلة رومية عريقة. اسم أبيها كان فيليبس واسم أمّها كلوديا. نشأت وثنية، ولكن ورد أن والدها كان صاحب فضائل طبيعية جمّة ولم تفسده الوثنية. وقد جرت تسميته والياً لمدينة الإسكندرية فانتقل إليها هو وزوجته وابنته أفجانيا وابناه أبيطوس وسرجيوس. أفجانيا، يومها، كانت في أول شبابها.
في الإسكندرية سلّم فيليبس ابنته إلى خيرة المعلّمين. وبطريقة ما لا نعرفها اطّلعت على رسائل القديس بولس فتأثّرت بها واهتدت إلى المسيح من خلالها وذووها لا يعلمون. وكان أبوها قد جعل لها رجلين خصيّين، اسم الواحد بروتس واسم الآخر ياكنثوس، ليقوما بخدمتها. هذان تأثّرا بالمسيحية نظيرها. فلما احتدّت الروح في أفجانيا وخادميها غادروا بيت فيليبس سراً، وقيل تعرّفوا إلى أسقف قديس اسمه ألينوس، ثم اقتبلوا المعمودية عن يده. مذ ذاك قرّرت أفجانيا أن تكون عذراء للمسيح.
ويظهر أن أفجانيا ومن معها عاشوا في الخفية مدة من الزمان. كما ذكر أن البارة تزيّت بزي الرجال واتخذت أفجانيوس اسماً لها. وثمة رواية تناقلتها الأجيال عنها أن امرأة اسكندرانية اسمها ميلانثيا، معروفة في قومها، أعجبها أفجانيوس للطافته ودماثته وطيبته فحاولت استمالته إليها فصدّها فشعرت بالمهانة وادّعت عليه بأنه رغب فيها وحاول إذلالها. وإذ كان فيليبس من قُدِّمت الدعوى لديه، فإنه أمر بجلب المدّعى عليه، فجاءت أفجانيا وجاء معها مرافقاها بروتس وياكنثوس. هنا يبدو أن الحقيقة انكشفت والتأم شمل عائلة فيليبس من جديد.
ثم أن فيليبس وبقية أفراد عائلته آمنوا بالمسيح واعتمدوا. وقيل صار فيليبس أسقفاً واغتيل بسبب تخلّيه عن الوثنية واقتباله الإيمان الجديد. إثر ذلك عادت العائلة إلى رومية.
في رومية عاشت العائلة في سلام لبعض الوقت. وقد اهتمت كلوديا، زوجة فيليبس، ببذل مالها للمرضى والغرباء. أما أفجانيا فاستقطبت عدداً من الفتيات النبيلات وبشّرتهن بالمسيح وبثّت فيهن محبة الفضيلة، لاسيما سيرة العذرية.
هذا ويذكر التراث اسم واحدة من العذارى اللواتي التصقن بأفجانيا، المدعوّة فاسيلا أو فاسيليا. هذه كانت أسيرة ذويها لأن العادة بين بعض القدامى كانت ألا تغادر الفتاة بيت ذويها إلا إلى بيت زوجها. لكن فاسيلا التي وصلتها أخبار أفجانيا واشتاقت إلى الاتصال بها تمكّنت من توجيه رسالة إليها، فكانت رسالتها فاتحة علاقة ما لبثت أن توثّقت وأدّت إلى هداية فاسيلا واقتبالها المعمودية ومن ثمّ حياة العذرية. وقد ذكر أن فاسيلا تمكّنت، بدورها، من كسب عمّها والوصي عليها، إلينوس، إلى المسيح. ولكن وصل خبرها إلى بومبيوس الأمير الذي كان موعوداً بها فاشتكى عليها أنها تتنكّر للآلهة وتحتضن أفكاراً سامّة تدعو إلى الامتناع عن الزواج. وقد حظيت فاسيلا، نتيجة ذلك، بإكليل الاستشهاد بعدما جرى قطع رأسها.
ثم أنه جرى القبض على بروتس وياكنثوس الخصيّين واستيقا إلى معبد الإله زفس حيث حاول العسكر إجبارهما على تقديم الذبيحة للإله. ولما رفضا الانصياع عمد الجلادون إلى قطع هامتيهما.
أخيراً أوقفت أفجانيا للمحاكمة فاعترفت بالمسيح ربّاً وإلهاً أوحد. ولما أخذت إلى هيكل أرتاميس لتقدّم لها فروض العبادة قسراً، تحت طائلة الموت، تمسّكت بأمانتها ولم تتزحزح. إذ ذاك طُرحت في نهر التيبر فنجت، بنعمة الله، فأمسكوها من جديد وألقوها في السجن حيث بقيت إلى أن جرى قطع رأسها. كان اليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الأول.