ملك ليس له أين يسند رأسه!!
داود مسكين... وجد نفسه ممسوحًا ملكًا من قبل الله، لكن في نفس الوقت لا يجد مستقرًا لقدميه حتى ولو في بيت أبيه الذي كان نعمة كبيرة. ويوم صدور الأمر بالقبض عليه، نزل من الكوة حيث أنزلته ميكال زوجته ابنة الملك شاول, بعد أن أخبرته قائلة:"إِنْ كُنْتَ لاَ تَنْجُو بِنَفْسِكَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ فَإِنَّكَ تُقْتَلُ غَدًا" (1صم19: 11)، لأن شاول الملك سوف يقتلك, وفعلاً هرب وعاش في الصحراء شريدًا منفيًا, متغربًا ليس له أين يسند رأسه.
ما الذي فعله داود وما ذنبه ليحدث له كل هذا؟ داود لم يطلب لنفسه ملكًا, ولا اشتهى أن يصير ملكًا, ولا اشتهى الغنى, ولا الأبهة, ولا العظمة, بالرغم من إنه هو الملك الحقيقي الممسوح والمختار من الله. لم يأخذ شيئًا من مجد المملكة، فلم يأخذ من المُلك سوى تعبه وليس مجده!!...
أول شيء عمله كملك إنه في الوقت الذي لم يجسر الجيش كله أن ينزل منه أحد ليقاتل العملاق جليات, قال هو للملك شاول أنا أنزل، وقدّم نفسه فداءً عن شعبه. فلم يأخذ من المُلك سوى تعبه وليس رفاهيته ولا غناه.
كما يقول معلمنا بولس الرسول "صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ: إنِ ابْتَغَى أحَدٌ الأُسْقُفِيَّةَ فَيَشْتَهِي عَمَلاً صَالِحًا" (1تي3: 1).