والكنيسة المقدسة تركز كل مشاعرها خلال أسبوع الآلام حول آلام المسيح فقط، وليس أي موضوع آخر. حتى أنها تلغي الصلاة بالمزامير خلال أيام البصخة هذه. لأن المزامير تحوي مواضيع كثيرة، وإشارتها إلي السيد المسيح، تشمل ميلاده وخدمته وقيامته وصعوده وجلوسه عن يمين الآب ومجيئه الثاني في المجد، بينما نحن نريد أن نركز كل صلواتنا وتأملاتنا حول موضوع واحد هو ألام المسيح. و بدلا من الصلاة بالأجبية والمزامير، تصلي الكنيسة تسبحة خاصة بالبصخة، تقول فيها للرب خلال آلامه عنا. "لك القوة والمجد والبركة والعزة إلي الآبد آمين يا عمانوئيل ألهنا وملكنا" (لك القوة والمجد والبركة والعزة إلي الآبد آمين يا ربي يسوع المسيح" "لك القوة والمجد والبركة والعزة إلي الآبد آمين). ثم تضيف عبارة "مخلصي الصالح" إلي الفقرة الثانية وذلك من ليلة الأربعاء لأن التشاور علي تسليم المسيح له المجد كان الخطوة العملية التي قادت إلي تنفيذ عمل الخلاص..هذه التسبحة نصليها في كل ساعات النهار والليل وهي عشر صلوات، خمس بالنهار وخمس بالليل. ونعني بها صلوات الساعة الأولي، والساعة الثالثة، والساعة السادسة، والساعة التاسعة، والساعة الحادية عشرة.
في كل صلاة منها ننظر إلي مخلصنا الصالح في آلامه، ونقول له: نحن نعلم من أنت. أنت (لك القوة والمجد والبركة والعزة إلي الآبد آمين). و بهذه التسبحة نتتبع السيد المسيح خطوة خطوة معه، في كل أحداث الأسبوع الأخير السابق للصلب. فما هي أحداث هذا الأسبوع، وما هو موقف الكنيسة منها؟ كيف بدأت هذه الآلام؟ في يوم الأحد أحد السعف، أو أحد الشعانين، ذهب السيد المسيح إلي أورشليم حيث استقبله الشعب استقبالًا رائعًا كملك بالهتاف وبسعف النخل وبالتسابيح فارشين أرديتهم تحت قدميه. وارتجت المدينة كلها لمقدمة (متي 21: 10). فكانت النتيجة أن تضايق من ذلك جدًا رؤساء الكهنة وقادة الشعب من الكتبة والفرسيين والصدوقيين وحسدوه علي هذه المحبة العظيمة التي له في قلوب الناس. وفكروا في أن يتخلصوا منه. وزادهم ضيقًا أنه دخل بسلطان إلي الهيكل وطهره مما فيه من بيع وشراء، حتي. قالوا له بأي سلطان تفعل هذا "متي 21: 23). ومن ذلك الحين فكروا عمليًا في قتله، قائلين بعضهم لبعض "هوذا العالم قد سار وراءه" (يو 12: 19). هؤلاء الرؤساء أرادوا قتله حسدًا. ولكن ما هو سر تحول الشعب من هذا الاحتفال الكبير به كملك إلي قولهم فيما بعد "اصلبه، اصلبه" (لو 23: 21). لعل السر في هذا، هو أن السيد المسيح رفض الملك العالمي الذي عرضوه عليه، لأن مملكته روحية ليست من هذا العالم وبهذا خيب آمالهم العالمية التي ظهرت في هتافهم عندما أستقبله قائلين "مبارك الآتي باسم الرب. مبارك مملكة أبينا الآتية باسم الرب" (مر 11: 9، 10). وهكذا استطاع أن يقنعهم الرؤساء بأن آمالهم قد خابت في المملكة المنتظرة. وكرد فعل ينبغي التخلص من هذا الناصري!! ومن هنا بدأت فكرة قتله تتحين فرصة للتنفيذ. ولذلك تحتفل الكنيسة ببدء أسبوع الآلام بعد قداس أحد الشعانين.. الكنيسة كلها تجلل بالسواد. القماش الأسود، يحيط بالأيقونات وبالمانجلية وبأعمدة الكنيسة، أحيًا بالجدران أيضًا. وأي داخل إلي الكنيسة يشعر أنها في حالة حزن وألم، مشاركة للمسيح ألهنا في ألمه. كما قال القديس بولس الرسول لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه" (في 3: 10)