رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ثم جلسوا يحرسونه هناك "ثم جلسوا يحرسونه هناك" (مت27: 36) بعد أن صلب الجند السيد المسيح، جلسوا يحرسونه في موضع الجلجثة بحسب الأوامر الصادرة إليهم. كان القصد من الحراسة الموضوعة، هو متابعة تنفيذ الحكم بالموت صلبًا إلى نهايته. فالمصلوب يستغرق موته على الصليب وقتًا ليس بقليل ويحتاج إلى حراسة لكي لا يأتي أحد وينزله من على الصليب وينقذه من الموت. في الوضع العادي قد يبقى المصلوب عدة أيام، وهو يتألم ويعانى من التعليق على الصليب، ومن العطش والجوع وضيق التنفس، حتى تنتهي مقاومته تمامًا ويموت في النهاية. ولكي يتم التعجيل بالموت تكسر سيقان المصلوبين، لكي لا يتمكنوا من التنفس ويموتوا بالاختناق. فالمصلوب يعتمد في تنفسه على ارتكازه على قدميه على مسمار القدمين، إذ يرفع جسده إلى فوق لكي يخف الشد على الساقين، ويرتخي القفص الصدري ويتمكن من الشهيق. أما إذا كسرت ساقاه، فلا يمكنه أن يتنفس، لأن عضلات القفص الصدري تكون مشدودة بقوة في اتجاه الساعدين. أما السيد المسيح فلم يستغرق موته على الصليب أكثر من ثلاث ساعات. حيث إنه كان قد تعرض منذ الصباح للجلد الروماني العنيف، الذي أحدث نزيفًا داخليًا شديدًا. هذا بالإضافة إلى جراحات المسامير في اليدين والقدمين، وجراحات إكليل الشوك وسائر جراحات الضرب والجلد الخارجية، التي كانت تنزف جميعها دمًا مستمرًا، أدى إلى هبوط حاد في عضلة القلب، نتيجة النزيف الداخلى والخارجي، الذي تحقق به قول الرب: "دمى الذي يُسفك عنكم" (لو22: 20). وعلى العموم فقد كان قرار اليهود هو أن تكسر سيقان المصلوبين في ذلك اليوم قبل غروب الشمس، وذلك لكي لا تبقى الأجساد على الصليب في السبت، لأن يوم ذلك السبت كان عظيمًا (انظر يو19: 31). "سأل اليهود بيلاطس أن تكسر سيقانهم ويرفعوا. فأتى العسكر وكسروا ساقي الأول والآخر المصلوب معه. وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه، لأنهم رأوه قد مات" (يو19: 31-33). ولكن حراسة الجند للسيد المسيح المصلوب لم تكن مصادفة، لأن المشهد بذلك يقود أفكارنا للتأمل إلى الفردوس الأول، ونتذكر قول الكتاب "فطرد الإنسان وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة" (تك3: 24). جلس العسكر يحرسون السيد المسيح المعلّق على خشبة الصليب،ولم يفهموا بذلك أنهم يذكروننا بالصورة النبوية المعلنة في سفر التكوين عن حراسة طريق شجرة الحياة، أليس الصليب هو شجرة الحياة التي لا يموت آكلوها؟ هؤلاء العسكر يذكروننا دون أن يدروا بحراس الأسرار المقدسة؛ ولكن هل يحتاج السيد المسيح إلى من يحرسه لكي يتمم الفداء؟ لقد جاء السيد المسيح إلى العالم واضعًا الصليب نصب عينيه.. وكان الصليب هو الهدف من مجيئه فاديًا ومخلصًا. فلم يكن ممكناً إطلاقًا أن يهرب من الصليب حتى يحتاج إلى حراسة. بل إن الحراس قد صاروا شهودًا للصلب وشهودًا للخلاص الذي تم حتى نهايته. شهدوا أمام التاريخ -دون أن يقصدوا- بأن يسوع الناصري قد مات حقًا على الصليب.. تمامًا مثلما شهد حراس القبر -دون أن يقصدوا- بأن يسوع المصلوب قد قام حقًا من الأموات.. لأن وجود الحراس كان دليلًا قوياً على صدق واقعة القيامة. |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حتى في أعمق يأسنا هناك فرصة للنمو |
( مت 27: 36) جلسوا يحرسونه |
“ثم جلسوا يحرسونه هناك” (مت27: 36) |
إذا جلسنا |
اوصنا خلصنا |