القديس بولس
يظن بعض العصريين أن الرسالة إلى العبرانيين ليست له لأنه لا يبدأها بقوله: "بولس عبد يسوع المسيح" ولكن آباءنا وجميع الكنائس الشرقية التي نشأت منذ فجر المسيحية علمونا أنها ضمن ما كتب، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ويفسِّر ذهبي الفم بدايتها المختلفة بعنف مقاومة اليهود له في كل مكان. فلو أنه استهلها بإعلانه شخصيته على الفور لرفضوها وقاطعوها قبل أن يقرأوها لذلك يبدأ بتذكيرهم بما يعتزّون هم به اعتزازًا فيقول: "اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآبَاءَ بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُق كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ،..". فهو بهذه البداية غير المعتادة يستثير رغبتهم في التقرب إلى السيد المسيح. ثم يُقدم لهم كشفًا جذّابًا بالعدد الوفير من الرجال المحببّين إليهم مبتدئًا من هابيل وممتدًا على مدى عصورهم المضيئة. وفي ختامه يقول: "وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقًّا لَهُمْ..." نرى إلى أي حد كان بولس بنَاءً حكيمًا، فهو، بعد تقديمه هذا الكشف، يهيب بهم: " لِذلِكَ نَحْنُ أَيْضًا إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا... وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ..) " (عبرانيين 12: 1-2) فهو يسير من إيمان آبائهم إلى الإيمان بالسيد المسيح.