|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مزمور 121 (120 في الأجبية) - تفسير سفر المزامير سر سلامي: الالتصاق بالمخلص كلمة الله رأينا في المزمور السابق القادمين إلى أورشليم ليتمتعوا بالعبادة في هيكل الرب، يبدأون رحلتهم بالشعور بالتغرب في وادي الدموع. لن يكف عدو الخير - السليط اللسان- عن مقاومتهم حتى يمرر حياتهم فلا يصعدون. بدأ المرتل باسم كل المتغربين في هذا العالم بصرخة إلى الرب المخلص الكلي الحنو، لينقذه من سهام إبليس النارية، وختمه بظهور المخلص القائل: "أنا سلام" (مز 120: 7). الآن إذ عبروا الخطوة الأولى يرفعون أعينهم إلى الرب المخلص الفريد معين الغرباء. تكررت كلمة "يحفظ" ومشتقاتها ست مرات، حتى يمكننا أن ندعو هذا المزمور: مزمور الحفظ والأمان. الآن في هذا المزمور تُمتص كل أفكار المرتل وعواطفه نحو هذا المخلص الفريد في قدراته الإلهية وحنوه الأبوي وسماته الأبدية! يقدم لنا المرتل صورة رائعة عن المخلص الفريد الذي يعينني ويحفظني ويهبني سلامه العجيب: 1. كلمة الله جبال مقدسة 1-2. 2. الالتصاق بالحارس السماوي 3-5. 3. التمسك بالمسيح وكنيسته 6. 4. السلوك المقدس 7. 5. الشعور بالحضرة الإلهية 8. من وحي المزمور 121 1. كلمة الله جبال مقدسة يتطلع القادمون إلى أورشليم، فيرون الجبال المحيطة بمدينتهم المحبوبة، فترتفع قلوبهم إلى الجبل الإلهي الآمن. كان اليهود يتطلعون إلى جبل صهيون كأروع ما في الطبيعة، حيث تُقام أورشليم مدينة الله على الجبال المقدسة، ويُقام الهيكل المقدس فيها. الآن يتقدم المخلص رب الطبيعة نفسه كجبلٍ فريدٍ يخلصنا من الشرور ويرفعنا إلى مدينة الله السماوية. تَرْنِيمَةُ الْمَصَاعِدِ أَرْفَعُ عَيْنَيَّ إِلَى الْجِبَالِ، مِنْ حَيْثُ يَأْتِي عَوْنِي [1]. في العهد القديم وجد نوح راحته إلى حين على جبل أراراط، حيث استقر الفلك به. ووجد موسى وإيليا راحتهما بالحديث مع الله على جبل سيناء أو حوريب، وسكن إيليا إلى حين على جبل الكرمل، ووجد اليهود سعادتهم المؤقتة على جبل صهيون حيث أُقيم هيكل سليمان. أما المرتل فيتطلع هنا إلى جبل فريد هو الإيمان بالمسيَّا المخلص، القادر وحده أن يهب القيامة من الأموات وأمجاد الحياة الأبدية. في تهليل مع دهشة يقول زكريا النبي: "من أنت أيها الجبل العظيم" (زك 4: 7) ما هي هذه الجبال القادرة أن تعين الإنسان وتخلصه من الموت الذي حلّ به سوى ذاك الحجر الذي رآه نبوخذنصر: "الحجر الذي ضرب التمثال، فصار جبلًا كبيرًا وملأ الأرض كلها" (دا 2: 35). هذا الجبل القدوس يقيم من مؤمني العهد القديم والعهد الجديد جبالًا مقدسة، تحمل نوره. يتطلع إليها البشر الجادون في التمتع بالحق الإلهي، فيجدون العون الإلهي، ليس من الجبال ذاتها، إنما من الرب الساكن فيهم، والعامل في حياتهم. يرى العلامة أوريجينوس أنه من محبةww الله لنا أنه يظهر لنا فوق الجبال، حتى لا يجهدنا في التفتيش عنه، إذ نراه طافرًا على الجبال (نش 2: 8). مسيحنا المخلص الحقيقي يتحدث عن نفسه أنه الجبل الذي ينتقل كما من السماء ليُطرح في البحر (مت 21: 21؛ مر 11: 33)، لكي يخلصنا من بحر الهاوية ويرتفع بنا إلى سماواته. يرى القديس جيروم أن الجبال هنا تشير إلى أنبياء العهد القديم التي قدمت لنا نبوات عن مجيء المسيح المخلص، والرسل والتلاميذ الذين كرزوا به في العهد الجديد. ويعلن القديس أغسطينوس أن التلال والجبال المقدسة هي الأسفار الإلهية التي بها نستنير بالشمس ذاته، فيحفظها من الظلمة. يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أنه من بركات التجارب والمحن إذ تشعر النفس بالفقدان والارتباك فتشتاق أن تطلب الراحة من عند الرب المطَّلع على الخفيات، حيث تدرك عجز البشرية عن تقديم العون لها. * النفس الزانية - راحاب التي فينا - تصرخ: "رفعت عينيّ إلى الجبال من حيث يأتي عوني" [1]. حقًا إن رئيس هذا العالم لا يقدر أن يصعد إلى هذه المناطق ويصل إلى ربنا يسوع في المرتفعات، مع أنه في التجربة أخذه إلى موضعٍ عالٍ، وقال له: "اطرح نفسك إلى أسفل". (مت 6:4) فإنه لا يحب إلا الساقطين إلى الأعماق السفلية، إذ هناك يملك وهناك يقيم مسكنه، ومن هناك يهبط إلى جهنم[1]. العلامة أوريجينوس * يليق بنا أن نطرح جلد (نعل) الحرف، ونصعد على جبل صهيون حفاة مع موسى، قائلين: "أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم" (خر 3: 3)[2]. * إنهم الجبال التي نلجأ إليها عندما تحل رجسة الخراب في الموضع المقدس (مت 24: 15)[3]. القديس جيروم مَعُونَتِي مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ، صَانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ [2]. في حرفية قاتلة، كان اليهود يتطلعون إلى معونتهم من الهيكل المقام في أورشليم على جبل صهيون، دون الاهتمام بالرجوع إلى الله نفسه. لكن الله سمح بهدم الهيكل، وأسرهم في بابل، لكي يدركوا أن معونتهم تصدر عن التصاقهم بالله صانع السماء والأرض. فمع اهتمام الله ببيته الذي في وسط شعبه، إلا أنه يود أن يقيم منهم هيكلًا يقدسه ويسكن فيه. * "معونتي من عند الرب": وليس من كائنات بشرية، ولا من الخيول، ولا من الممتلكات، ولا من المتحالفين. ولا من متاريس. معونتنا من عند الرب، هذا العون لا يُقهر، هذا العون لا يُغلب، وهو ليس فقط لا يُقهر، بل وأيضًا عون بسيط وسهل. أعني، أنه لا حاجة لنا إلى السفر طريقًا طويلًا، ولا إلى مداهنة الحجَّاب، ولا إلى إنفاق أموال باهظة... ولا إلى حفظ الأعين في الأعالي[4]. القديس يوحنا الذهبي الفم * شمس البرّ قد أشرق فعلًا، والإنجيل كُرز به بواسطة الرسل، والأسفار الإلهية (للعهد القديم) بُشِّر بها، الأسرار انكشفت، والحجاب تمزق، وأعلن المكان الخفي الذي في الهيكل، لهذا فليرفعوا أعينهم إلى التلال حيث يأتي العون... يقول: "من ملئه نحن جميعًا أخذنا" (يو 1: 16). العون هو من عنده الذي من ملئه أخذت التلال، وليس من التلال نفسها[5]. القديس أغسطينوس * يقدم المزمور الثاني للمصاعد (مز 120: 2) تطويبًا للرجل الذي يأخذ معونة من الرب صانع السماوات والأرض، فلن تضربه الشمس في النهار (عدد 6)، وإشعياء التي إذ يتنبأ بإقامة الكنيسة (إش 60: 4؛ 66: 12) يصفها بموكب خاص. وتزداد القصة إشراقًا إذ يقول: إن البنات يُحملن على الأيدي، والأطفال في مركبات مغطاة، وتحميهم مظلات من حرارة الشمس المحرقة[6]. القديس غريغوريوس أسقف نيصص 2. الالتصاق بالحارس السماوي إذ يتطلع اليهود إلى التاريخ لن ينسوا خروجهم من مصر بيدٍ قوية وذراعٍ رفيعة، وكيف كان الله نفسه يحفظهم نهارًا وليلًا في البرية. لاَ يَدَعُ رِجْلَكَ تَزِلُّ. لاَ يَنْعَسُ حَافِظُكَ [3]. ليس من يقدر أن يحفظ أرجلنا من الزلل سوى ذاك الذي يقول عنه المرتل: "ينتزع من الفخ رجلي" (مز 25: 15). يرى القديس يوحنا الذهبي الفم في هذه العبارة أن الله هو مصدر راحتنا وطمأنينتنا حيث لا يسمح لأرجلنا أن تتعثر، ويسهر علينا ليهبنا الطمأنينة والأمان. * "لا يدع رجلك تزل"، بمعنى أنك لا تتعثر، بل يمد الله يده إليك، ولا يتخلَّى عنك، ولا يتركك... عن هذا ينشأ أيضًا أن حتى ما نساهم فيه نحتاج إلى نعمته حتى نبقى في أمان ونستمر دون اضطراب[7]. القديس يوحنا الذهبي الفم * لاحظوا أولًا ذاك الذي كان بين الملائكة وقد زلت رجله، هذا الذي لما زلت رجله سقط، وتحوَّل من ملاك إلى شيطان... لقد سقط بالكبرياء. ليس شيء يجعل الرجل تزل مثل الكبرياء. الحب يجعل الرِجْل تمشي وتتقدم وتصعد، والكبرياء يجعلها تسقط[8]. * اختر لنفسك ذاك الذي لا ينعس ولا ينام، عندئذٍ لا تزل رجلك. الله لن ينام. إن أردت لك حافظًا لن ينام، اختر لكَ الله حافظًا لك[9]. القديس أغسطينوس إِنَّهُ لاَ يَنْعَسُ وَلاَ يَنَامُ، حَافِظُ إِسْرَائِيلَ [4]. لا يخضع الخالق، حارس النفس، للزمن، فبالنسبة له لا يوجد ليل يطلب فيه نعاسًا وراحة، فكيف عن حراسة المؤمن؟ إنه يرى الكل في كل حين، ويعرف كل شيء ولا يخفي عليه شيء حيث لا توجد ظلمة بالنسبة له، وهو القادر على كل شيءٍ. لقد نام السيد المسيح بالجسد في مؤخرة السفينة لكي ما يوقظ إيمان التلاميذ ويدركوا أنه حافظ حياتهم ونفوسهم، ينتهر الرياح فتهدأ عنهم (مر 4: 35-40). إنه لا ينعس ولا ينام، مشغول بخلاصنا وراحتنا نهارًا وليلًا. يظلل علينا في النهار كسحابة لا تفارقنا، ويقودنا وسط ظلمة الليل كعمود نور يتقدمنا حتى لا نتعثر. إن كان قد قيل عن السيد المسيح: "لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل" (مز 121: 4)، فإن الكنيسة عروسه تتغنى: "أنا نائمة وقلبي مستيقظ" (نش 5: 2). وكما يقول القديس جيروم: [كان يوجد رعاة ساهرين في ذلك الموضع (لو 2: 8)، فإنهم لن يجدوا المسيح ما لم يكونوا ساهرين، لأنه هذا هو التزام الراعي. لا يُوجد المسيح إلا بواسطة الساهر[10].] يرى القديس يوحنا الذهبي الفم في هذا القول أن الله لا يتخلى عن دوره في الرعاية، فلا يتركنا بل يبقى حافظًا لنا في أمانٍ عظيمٍ. في المثل الخاص بالسامري الصالح يرى كثير من آباء الكنيسة أن السيد المسيح عني بالسامري شخصه هو، لأن كلمة سامري معناها "حارس" أو "حافظ". فالسيد المسيح هو حارس النفس الذي لا يأتمن آخر غيره عليها. هذا السامري الصالح والمهتم بالحراسة الإلهية للنفس يهتم بالمؤمن شخصيًا، إذ يقول المرتل: "حافظك" وهو لا ينعس ولا ينام، بل يسهر عليك ويحفظك حتى لا تزل رجلك فتسقط وتهوي، كما زلت أرجل بعض الملائكة، فسقطوا من رتبتهم السماوية، وصاروا بالكبرياء شياطين! * يحفظكِ السامري -أي المخلص والحارس- مقدسة في الجيد والروح، الذي قيل عنه في المزمور: "لا ينعس ولا ينام حافظ إسرائيل" ليت الحارس القدوس الذي نزل لدانيال يأتي إليكِ، حتى يمكنكِ القول: "أنا نائمة وقلبي مستيقظ" (نش 5: 2)[11]. القديس جيروم * ليته لا يخف إنسان ما من الهلاك، مهما كان سقوطه فإنه السامري الصالح حارس النفوس. أقول إنه لن يجتازه (الجريح)، بل يحنو عليه ويشفيه[12]. القديس أمبروسيوس * حارسنا هو خالقنا[13]. القديس أغسطينوس * لنعمل كل شيء قدر استطاعتنا لنبقى ساهرين معه، ذاك الذي لا ينعس ولا ينام، حارس إسرائيل (مز 121: 4)[14]. العلامة أوريجينوس * [بخصوص انصراف المجوس في طريق أخرى إلى كورتهم (مت 2: 12)]. هذا مثال لنا في التواضع والإيمان، فإننا ما أن نأتي لكي نعرف المسيح كملك ونسجد له، حتى نترك طريقنا الذي كنا نسلكه قبلًا، الذي هو طريق الخطأ (حيث جاءوا إلى هيرودس). الآن نسير في طريق آخر، يكون فيه المسيح مرشدنا. نرجع إلى كورتنا، الفردوس الذي طُرد منه آدم. هذا الموضع أشير إليه في مزمور بكوننا نسر الله في أرض الأحياء[15]. الأب خروماتيوس * دعونا الآن نراجع بعض الفقرات السابقة في النص التي لم نتكلم عنها. مَرّ الكلمة على عروسه، ولكنها لم تعرف حبيبها. إنه لم يمر عليها ويجرى إلى الأمام ويهجر عروسه، لكنه أراد أن يجذبها لنفسه. وقالت العروس: "نفسي خرجت على كلمته". أي أن نفسها خرجت من المكان الذي كانت فيه حيث وجدها حراس المدينة: "وجدني الحرس الطائف في المدينة، ضربوني جرحوني، حفظة الأسوار دفعوا برقعي عني". إن لاقت العروس أية آلام خاصة بالجحيم أو بلصٍ لكانت هذه خبرة مريرة لها "السارق لا يأتي إلاّ ليسرق ويذبح ويهلك" (يو10:10)، ولكن أن يجدها حراس المدينة فهذه في الحقيقة نعمة، لأن ما يجدونه لا يمكن أن يسرقه اللصوص. من هم هؤلاء الحراس؟ إنهم ليسوا إلاّ حراس إسرائيل (مز 4:121)، هؤلاء هم حراسنا على اليمين، وهم الذين نعتقد أنهم يحفظون نفوسنا من الشر، ويحرسون دخولنا وخروجنا. الله هو حارس المدينة ويقول عنه المزمور: "إن لم يحفظ الرب المدينة فباطلًا يسهر الحارس" (مز 1:127). هؤلاء الذين يشير إليهم النص كحراسٍ للمدينة هم "الأرواح الخادمة المرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب 14:1)[16]. القديس غريغوريوس أسقف نيصص * تستنير النفس بالتوبة لترى وتباشر بالعمل لإخراج الشرور بأسرها... وعندما ترى العملية قاسية وصعبة عليها تدعو المراحم (الإلهية) لتعضدها في فاعليتها. تشرع في جر الإثم وسحبه، لتخرجه من بيتها، فتستأجر الحنان بالدموع ليكون عاملًا معها. تبدأ في جمع الذنوب التي دخلت إليها منذ صباها، وتسكب مياه عينيها بدراية... كان اللص طفلًا مبتدئًا في ذلك الاعتراف، ثم توصل ليكون وارثًا في الملكوت. بكلمة واحدة نقل جميع جبال الإثم التي بناها، لأن إيمانه كان قويًا (مت 17: 19). ساعدته المراحم ليبلغ إلى هذا العمل الجبار. أنت أيضًا إن طلبتها تأتي إلى عونك. عليك أنت ن تبدأ فقط ويسير الحنان حالًا معك. قدم أنت سببًا، ومساعدك لن يبطئ (مز 121: 3-4)[17]. القديس مار يعقوب السروجي * لتكن إسرائيل! ماذا تعني إسرائيل؟ إنها تُفسر "رؤية الله". وكيف يُرى الله؟ أولًا بالإيمان، وبعد ذلك بالرؤية. إن كنت لا تقدر بعد أن تراه بالعيان، فلتنظره بالإيمان... لا تتكل على إنسان، فالمائت قد ينعس، إنه ينام في الموت، لا تطلب لك من بين البشر حارسًا![18] القديس أغسطينوس الرَّبُّ حَافِظُكَ. الرَّبُّ ظِلٌّ لَكَ عَنْ يَدِكَ الْيُمْنَى [5]. الله يريد أن يخلص العالم كله لأنه محب البشر، ويود أن يحتضن كل إنسان بكونه إلهه الشخصي، يعطيه كل الحب وكل الرعاية. إن كان الرب قد وهب بطرس أن يشفي بظله الأمراض، فكم يكون ظل الرب نفسه الذي بسط يديه على الصليب ليلقي بظله على كل البشرية. إنه يظلل على يدنا اليمنى أي على أعمالنا وتصرفاتنا لكي نسلك حسب إرادته المقدسة. * إنه حافظك، يقول إنه حليفك، ومعينك... بل وملجأ لك[19]. القديس يوحنا الذهبي الفم * يدنا اليسرى تعني كل ما لدينا بطريقة وقتية، واليد اليمنى تعني ما يعدنا به الله، ما هو غير قابل للتغير وأبدي. لكنه إن كان يعطينا الحياة الأبدية فهو نفسه يريح حياتنا الحاضرة بالبركات الزمنية. هو نفسه صنع يدينا اليمنى واليسرى... إيمانك هو يدك اليمنى، أي السلطان المُعطى لك. أن تكون بين أبناء الله فهذه هي يدك اليمنى[20]. القديس أغسطينوس 3. التمسك بالمسيح وكنيسته لاَ تَضْرِبُكَ الشَّمْسُ فِي النَّهَارِ، وَلاَ الْقَمَرُ فِي اللَّيْلِ [6]. يحفظ الله مؤمنيه نهارًا وليلًا، فلا تؤذيهم الشمس بحرارتها الحارقة ولا القمر بالليل. قيل إن القمر له تأثير في المناطق الصحراوية يؤذي جسم الإنسان[21]. دُعي السيد المسيح شمس البرّ والشفاء في أجنحتها، ودُعيت الكنيسة بالقمر التي تحمل انعكاس نور شمس البرّ. فمن ينكر الإيمان بالسيد المسيح تحرقه الشمس، ومن يسبب انشقاقًا في الكنيسة يحرقه القمر. الله يحفظنا في الإيمان المستقيم وفي وحدة الكنيسة الحقيقية. مقابل هذا فإن عدو الخير المخادع يظهر كشمسٍ لا ليهب شفاءً للنفوس، بل ليحرق بشروره النفس ويحطمها. ويظهر كقمرٍ إشارة إلى الثعالب الصغيرة التي تفسد كرم النفس خلال صغر النفس والكآبة.يرى البعض أن ضربات الشمس هي السقوط في الكبرياء والبرّ الذاتي، وضربات القمر هي التحطيم بالتجارب. والرب يحفظ أولاده من كليهما. * إنه يريد أن يؤكد عنايته بصورة فيَّاضة، ليس فقط بتحريرهم من المتاعب، وإنما لا يسمح أيضًا لهم حتى بالمصاعب البشرية العادية... عونه يتحقق بسخائه ورأفته فوق كل تقدير، عونه من جانبه لا يُقاس حسب احتياجنا بل يتعدى متطلباتنا[22]. القديس يوحنا الذهبي الفم * يتقدم جندي المسيح سواء بصيتٍ حسنٍ أو بصيتٍ رديءٍ (2 كو 6: 8)، واحد عن اليمين، والآخر عن اليسار. المديح لا ينفخه، والتوبيخ لا يحطمه. لا ينتفخ بالغنى، ولا يحطمه الفقر، الفرح والحزن يحتقرهما على حدٍ سواء، لا تحرقه الشمس بالنهار، ولا القمر بالليل[23]. القديس جيروم * من لا يخطئ في الحكمة ذاته لا تحرقه الشمس. ومن لا يخطئ في الكنيسة وفي جسد الرب وفي الأمور التي صنعت لأجلنا في الزمن لا يحرقه القمر[24]. القديس أغسطينوس * هكذا ترون أن الشمس لن تحرق القديسين الذين ليس فيهم أمر شرير، لأنه كما نقول بأن للشمس قوة ذات حدين، فهي تنير الأبرار، لكنها لا تنير الأشرار بل تحرقهم، لأنهم هم أنفسهم يكرهون النور، إذ يفعلون الشر (يو 3: 29)[25]. * لا تحرق شمس التجارب الإنسان البار الذي يستريح تحت ظل كلمة الله. الشمس التي تحرق البار ليست تلك الشمس التي تسبح بل بالحري ذاك الذي يغير نفسه إلى ملاك نور (1 كو 11: 14)[26]. * "عيناك حمامتان؛ ها أنت جميلة يا حبيبتي ها أنت جميلة عيناك حمامتان" (نش 15:1). سمعت العروس هذا الثناء، فأثنت بدورها على العريس. إنها لا تثنى على جمال لا تراه. كلا. بل رأت جماله وأطالت النظر فيه فقالت "ها أنت جميل يا حبيبي وحلو وسريرنا أخضر" (نش 16:1) أنى أبحث عن سرير تستريح فيه العروس والعريس، أنه الجسم البشرى فالمفلوج الذي كان يرقد على سريره دعاه الرب أن يذهب إلى بيته حاملا سريره (مت 6:9). لقد كان يرقد فيه وهو بائس لضعف أعضائه التي ثبتت بعد ذلك بالقوة الإلهية وهذا معنى أمر الرب "احمل سريرك، واذهب إلى بيتك"، لأن ابن الله لم ينزل من السماء إلى الأرض ليعطي أوامر خاصة بالسرير- كذلك لم ينزل لكي يترك الذي شفي من مرضه يذهب بلا سريره، لكنه قال: "احمل سريرك، واذهب إلى بيتك". وأنت أيضًا يا من شفاك المخلص احمل سريرك أيضًا واذهب إلى بيتك، وعندك يأتي العريس... وينام. ستقول له: "ها أنت جميل يا حبيبي وحلو، وسريرنا أخضر. ها أنت جميل يا حبيبي... إنه جميل، فلا تحرقك الشمس بالنهار، ولا القمر بالليل" (مز 6:120). العلامة أوريجينوس * جندي المسيح يزحف بصيتٍ حسنٍ وبصيتٍ رديءٍ، الواحد عن اليمين والآخر عن اليسار. ليس من مديح ينفخه، ولا من ذمٍ يحطمه. لا يتفاخر بالغنى ولا يحبطه الفقر. الفرح والحزن سيان يحتقرهما. لا تحرقه الشمس بالنهار، ولا القمر بالليل[27]. القديس جيروم 4. السلوك المقدس رعاية المخلص على مستوى أبدي، يهتم بخلاصنا ليدخل بنا إلى أمجاده الأبدية. الرَّبُّ يَحْفَظُكَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ. يَحْفَظُ نَفْسَكَ [7]. إذ يلتصق به ككنزٍ في أوان خزفية، يحفظنا هو ويقدسنا له. فلا يليق بنا أن ننشغل حتى بالسياسات الكنسية. الذين يتكلون عليه وينظرون إليه يحفظهم من كل شرٍ أخلاقي، أي من الخطية، وليس ما ندعوه نحن شرًا كالآلام والأحزان والخسائر في الأمور الزمنية. الحفظ من الشر يتضمن حياة آمنة متهللة وسط الآلام والضيقات، وليس بالضرورة إزالة الضيق. العلامة أوريجينوس * بمعنى آخر، ذاك الذي لا يسمح لك أن تعاني حتى من المشاكل البسيطة، وعوض ذلك تمتد رعايته وعنايته بك إلى هذه الدرجة، مستعد بالحري أن يستثنيك عن الآخرين... يد الله كليَّة القدرة، وفعّالة، وقادرة أن تحررك وتخلصك من كل تعبٍ، أيا كان هذا التعب، وتجعلك حرًا[28]. القديس يوحنا الذهبي الفم * "الرب يحفظك من كل شرٍ" [7]، من المعاصي في الشمس والمعاصي في القمر، يحفظك من كل شرٍ، بهذا يحفظ يدك اليمنى ذاك الذي لا ينعس ولا ينام[29]. القديس أغسطينوس * عندما تسمع خبرًا حسنًا احتقره، ولا تتكل عليه لأنه ليس صحيحًا. وإن طرق سمعك أيضًا خبر سيئ لا تخف منه، لأنه غير ثابتٍ. في هذا الزمان تمتطي الأخبار السارة والمحزنة العجلات مثل النهار والليل، وتتراكض وراء بعضها بعضًا، وليس لأي منها سلطة لتستقر في موضعٍ أو تخرج منه، لأن الحكمة إرادتها أن تتراكض هكذا. لا يفزع فكرك ويستعجل ويطارد مثلها، بحيث يحزنك هذا ويفرحك ذاك. لكن دعْ الأخبار تذهب وتجيء، واتكل على الله، وعلى رجاء الإيمان، منتظرًا العبارة التي تقول: "لا تضربك الشمس في النهار، ولا القمر في الليل، الرب يحفظك من كل شر" (مز 121: 6-7)[30]. القديس مار يعقوب السروجي 5. الشعور بالحضرة الإلهية الرَّبُّ يَحْفَظُ خُرُوجَكَ وَدُخُولَكَ، مِنَ الآنَ وَإِلَى الدَّهْرِ [8]. إنه يحفظ خروجنا من محبة العالم، ويحفظ دخولنا إلى خبرة الحياة السماوية. لقد خرج من عند الآب ونزل إلينا، ليحملنا فيه ويدخل بنا إلى حضن الآب. بخروجه ودخوله قدَّس خروجنا ودخولنا. * يشير هنا إلى كل ما في الحياة، كل الحياة مغطاة بهذه (العناية)، المداخل والمخارج. إنه يقول ليس إلى يومٍ أو يومين أو ثلاثة أيام أو عشرة أو عشرين أو مائة يومٍ، بل على الدوام، وهذا ليس حال البشر الذين يتعرضون إلى تغيُّرات كثيرة، وأحداث لا تتوقف، وتبديل لا ينتهي... صديق اليوم هو عدو الغد، المعين اليوم يتركك غدًا... أما ما يأتي من الله، فغير متغير، وخالد، وثابت، وغير محدود[31]. القديس يوحنا الذهبي الفم * "الرب يحفظ خروجك ودخولك من الآن وإلى الدهر" [8]. ليس جسمك، فإن الشهداء هلكت أجسامهم لكن "الرب يحفظ نفسك"[32]. القديس أغسطينوس يستخدم اليهود تعبير "يدخل ويخرج" لتعني "كل شيءٍ" أو لتدل على تصرفاتنا اليومية، أي سلوكنا اليومي ( تث 28:6؛ يش 14:11؛ 2 صم 3:25). وربما تعني حياة الإنسان منذ مولده حيث يدخل العالم إلى يوم رحيله حيث يخرج منه، أي إلى فجر الحياة وغروبها. ويفسر البعض هذا التعبير روحيًا بمعنى أنه يحفظ الإنسان منذ دخوله إلى الحياة حتى يخرج ليمارس الحياة الجديدة في الرب، وكأنه يحفظه حتى في ضعفه حتى يدخل إلى الشركة مع السماوي. * خروجنا من حالتنا الراهنة يصير دخولًا إلى عالم الخير المطلق. إنه الخروج الذي تتمتع به النفس حينما تسترشد بالكلمة (اللوغوس) الذي قال: "أنا هو الباب" (يو 10: 9) لن تكف (تلك النفس) عن الدخول والخروج، فإن راحتها فقط في دخولها المستمر، بتقدمها في الأمور التي كانت قبلًا، وفي خروجها من الحالة التي أدركتها بالفعل. بهذه الطريقة أيضًا عبر وجه الرب المحبوب بموسى، وبهذا فإن نفس مستلم الناموس استمرت في الخروج من الحالة التي كانت عليها لتتبع على الدوام الكلمة التي سارت قدامها[33]. القديس غريغوريوس النيسي من وحي المزمور 121 لألتصق بك يا حارس نفسي! * من يحرس نفسي ويحفظني من الشر سواك. من أجلي صرت جبلًا شاهقًا، تحملني إلى القمة، فلا يقدر عدو الخير أن يقترب إليّ. يود أن يحدرني إلى الهاوية مسكنه الأخير، أما أنت فتصعد بي إلى قمم الجبال العالية. * من أجلي تجسدت، صرت حجرًا صغيرًا غير مقطوع بأيدٍ بشرية. ملأت الأرض، فصرت جبلًا شامخًا يا أيها القدوس. أقمت منا جبالًا مقدسة مستنيرة. تشرق بنورك علينا، فتبدد كل أثرٍ لظلمة إبليس، ولا يكون له موضع فينا. * تتهلل نفسي إذ أراك أقمت جبالًا في كل الأجيال. تشهد لبهائك وخلاصك وحقك الإلهي! * لنطرح عنا نعالنا، ونصعد على جبل صهيون المقدس. نقول مع نبيك موسى: "أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم!" اسمع معه صوتك، واكتشف معه أسرار تجسدك. أراك نارًا تلحق بالعليقة، لا لتحرفها بل تنيرها. * وهبتني أسفار كتابك المقدس جبالًا منيرة. أتمتع بنور معرفتك، وأنعم بعونك. كتابك نور وحياة، قوة مع عذوبة! * كان المؤمنون يشتهون الصعود إلى أورشليم، يرون هيكلك الذي على مثال سماواتك. وهبتني أن تحملني إلى عربون السماء. تستقر نفسي في أحضانك، فتستريح على الدوام. ليهج عدو الخير بكل قواته، فأنت عوني وحارسي. لألتصق بك يا حارسي! * إن كان العدو لا شغل له سوى تدبير مكائد، فإنك تنتزع من فخاخه رجلي. أنت هو الطريق الذي ليس فيه عثرة. تحملني وتصعد بيّ إلى الراحة الأبدية. * أنت الحارس الذي لا ينعس ولا ينام، تهبني روح السهر، فتتغنى نفسي قائلة: "أنا نائمة وقلبي مستيقظ". لن يغفو قلبي مادمت معك. * لتحفظني من ضربات الشمس كما من ضربات القمر. لا أخطئ إلى الإيمان فأسقط تحت ضربات الشمس. ولا أخطئ في حق الكنيسة فأسقط تحت ضربات القمر. أنزع عني الكبرياء، فلا تحطمني الشمس. وأنزع عني صغر النفس، فلا يحطمني القمر. بك لا يحطمني الغنى، وبك لا يسحقني الفقر. بك لا يفسدني الفرح غير اللائق، ولا الحزن القاتل. * لتحفظ خروجي ودخولي. بك يطمئن قلبي بخروجه من محبة العالم. وبك تستريح نفسي بدخولي إلى عربون السماوات. لتحفظني منذ دخولي إلى العالم، وإلى خروجي منه. تحفظني منذ الحبل بيّ إلى يوم انطلاقي إليك! |
|