رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَمَنْ ذَا الَّذِي يُخْفِي الْقَضَاءَ بِلاَ مَعْرِفَةٍ! وَلَكِنِّي قَدْ نَطَقْتُ بِمَا لَمْ أَفْهَمْ. بِعَجَائِبَ فَوْقِي لَمْ أَعْرِفْهَا [3]. هذه العبارة مُقتبسة من كلمات الله القدير (أي 38: 2)، نطق بها ليوبخ أيوب على الطريقة التي استخدمها في شرحه لمعاملات الله. نطق بها الرب لأنه كثيرًا ما نخفي مشورة الله أو نشوهها بكلمات ننطق بها في جهالة... كأنه يقول: أنا هو الرجل الذي بلا معرفة، فقد صارت خطيتي أمامي، ففي عدم معرفة لم أدرك مقاصدك الإلهية من جهة التجارب التي حلت بي. في تواضع حقيقي وندامة يعترف أيوب أنه قد أخطأ في كلماته تحت ثقل ضغط الألم، ودخل في حوار بخصوص خطة الله كمن هو الند للند، مع أنه لا يستطيع إدراك خطة الله. كأنه يقول له: "أنا إنسان، نطقت بما لم أفهمه، أقحمت نفسي في أمورٍ إلهيةٍ عجيبة تفوق إدراكي!" يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن أيوب ينتقد لوياثان بهذه العبارة: [مع أن لوياثان يعمل في الخفاء ضد من يجربهم، لكنه لا يقدر أن يخفي شيئًا عن الدافع عن المجربين.] * "لذلك قد نطقت بغباوة، بأمور تفوق معرفتي". كل حكمة بشرية، مهما كانت دقيقة تُحسب غباوة متى قورنت بالحكمة الإلهية. فإن كل الأفعال البشرية العادلة والجميلة، متى قورنت بعدل الله وجماله، لا تكون عادلة ولا جميلة، بل ولا وجود لها نهائيًا. هكذا مع أن موسى قد تدرب على كل حكمة المصريين، إلا أنه عندما سمع الرب يتكلم للحال اكتشف أنه إنسان متردد وثقيل اللسان، قائلًا: "أسألك أيها السيد، لست أنا صاحب كلام منذ أمس ولا أول من أمس، ولا من حين كلمت عبدك، بل أنا ثقيل الفم واللسان" (خر 4: 10)... هكذا أيضًا إرميا، إذ سمع كلمات الله، وجد نفسه ليس لديه كلمات ينطق بها، إذ يقول: "آه يا سيد الرب إني لا أعرف أن أتكلم لأني ولد" (إر 1: 6)... انظروا كلما وبخ أيوب نفسه تقدم بالأكثر، واعتقد أن معرفته تزايدت بلا مقياس، لأنه تبين في كلمات الرب أسرار حكمته، فوق تصوره. البابا غريغوريوس (الكبير) |
|