حالنا أكبر إساءة للرسول والإسلام
«الداعية المنافق نزل من سيارته الألمانية، وركب الأسانسير السويدى، ورش قليلا من عطره الفرنسى وأدار مكيفه اليابانى، رفع كم جلبابه التايوانى، ونظر فى ساعته السويسرية، تذكر أن عليه الاتصال بخادمه البنغالى ومربية أولاده الأندونيسية، تحدث قليلا من جواله الفنلندى، وضع أمامه ميكرفونا هولنديا، أخرج قليما انجليزيا غاليا، وقال: إياكم إياكم وربطات العنق إنها رمز الكفرة فى الغرب».
العبارة السابقة بأكملها ليست من اختراعى هى تنتشر على مواقع الفيس بوك منذ أسابيع حتى قبل تفجر قضية الفيلم المسىء للرسول (صلى الله عليه وسلم).
العبارة تعكس إلى حد كبير حجم النفاق الذى ينتشر فى المجتمع بكل أطيافه من القاع إلى القمة.
لو أننا نريد إصلاح «الحال المايل» لاعترفنا بوضوح أن حالتنا الراهنة كعرب وكمسلمين هى أكبر إساءة ليس فقط للرسول الكريم ولكن للإسلام ذاته.
جيد أن ننتفض دفاعا عن الرسول وعن الإسلام لكن بشرط بسيط أن نتحلى بخلق الرسول ونتمثل قيم الإسلام الحقيقية، وليست تلك الطقوس التى يحاول البعض إيهامنا أنها جوهر الدين.
نسب الغرب ليل نهار وننتقد انحلاله وتهتكه، لكننا عمليا نعتمد عليه فى كل شىء من الإبرة إلى الصاروخ.
من المضحك والمبكى فى آن أننا ندعو لمقاطعة بضائع الغرب، وكأننا سنعاقبه فى حين أننا نحن من يعتمد عليه.
نحن نستورد من الخارج خصوصا الغرب السيارة والقطار والطائرة وكذلك التوك توك، نستورد الثلاجة والغسالة والبوتاجاز، نستورد معظم ما نأكله خصوصا القمح ثم اننا نستورد سائر انواع التكنولوجيا منه وكل الاسلحة التى يفترض اننا سنحاربه بها لنصرة الدين، فكيف سنعاقب هذا الغرب عندما نتوقف عن استهلاك بضائعه؟!.
حتى مناهج التعليم نستورد بعضها من الخارج ونسرق افكار افلامه وابداعاته. نحن أمة لا تقدم شيئا للحضارة الإنسانية فى الوقت الراهن، نحن نستهلك حضارة الغرب الذى نسميه كافرا ثم نلعنه صباح مساء.
صرنا أمة عالة على الأمم، لا نفعل سوى اننا نبيع للخارج بعض المواد الخام الموجودة بالمصادفة فى أراضينا ونأخذ مقابلها أموالا طائلة ننفقها على المأكل والملبس والملذات والنزوات.
نحن أمة تتفوق فى الانجاب، مثل الصين، لكن الأخيرة استغلت سكانها وحققت نهضة عالمية، ونحن لدينا أكبر نسبة أمية فى العالم بعد أفريقيا جنوب الصحراء.
للأسف لدينا جبل شاهق من التخلف، والأغرب لدينا «عنطزة فارغة» ونمارس «التنطيط» على بقية الأمم، والعالم يضحك علينا.
لو أننا طبقنا فعلا جوهر تعاليم الإسلام وجوهر تعاليم كل الأديان لكنا فى مقدمة الأمم.
سوف يحترمنا العالم عندما نعود بشرا فاعلين فى الحضارة الإنسانية وليس فقط مجرد طفيليات تعيش على حوائط العالم المتقدم، نقتات من إنتاجه ثم نمارس التهجم عليه صباح مساء.
عندما نأكل مما نزرع ونركب مما نصنع ونستهلك مما ننتج نستطيع وقتها أن نستغنى عن العالم.
عندما نتحضر ونتمثل الإسلام كما هو فعلا سوف يحترمنا الجميع، والأهم سيعمل الجميع لنا ألف حساب.
الغرب ليس واحة المثالية، لديه جوانب مظلمة فى مجالات عديدة، لكنه على الأقل ليس غارقا فى الأوهام والشكليات والقشور كما نفعل نحن.
ليس الغرب فقط هو الذى تقدم، الشرق أيضا فعل ذلك ومن لا يصدق فلينظر فى منزله وهل يخلو من منتج صينى وربما كورى وأحيانا تايوانى.
إذن نصرة الإسلام ورسول المسلمين تكون بالعمل والإنتاج والأخلاق والتحضر وليس بالاكتفاء باقتحام السفارات وقتل الدبلوماسيين.
ويا أيها المنافقون تذكروا أن معظم سجادات الصلاة صناعة صينية.. أى بوذية.. أفيقوا يرحمكم الله!.