حدث مبدأ انقلاب الأوضاع بعد الموت كما جاء في تصريح أبينا إِبراهيم إلى الرجل الغَنِيٌّ: "يا بُنَيَّ، تَذَكَّرْ أَنَّكَ نِلتَ خَيراتِكَ في حَياتِكَ ونالَ لَعاَزرُ البَلايا. أَمَّا اليَومَ فهو ههُنا يُعزَّى وأَنت تُعَذَّب" (لوقا 19: 25)! وأوضَّح يسوع تلك المواقف في مثل الغَنِيٌّ ولعازر الفقير التي يصف تغيير الموقف الذي يؤدِّي إليه الانتقال من هذه الدنيا إلى الآخرة (لوقا 16: 19-26).
فذاك الذي كان محتقَراً على الأرض يتمتع الآن بأعظم الإكرام، وهذا الغَنِيٌّ المتكبّر القاسي القلب الذي لم يعرف الشفقة يصرخ طالباً الرحمة. يبدو في ملكوت الله انقلابا للمواقف الحاضرة. فالغَنِيٌّ نال الويلات ليس بسبب ثروته بل لرفضه تقاسمها وعدم اكتراثه بمعاناة قريبه لعازر الفقير عند بابه ولم يستعمل أملاكه ليعزِّي المحتاجين ولم يفتح بابه كي يدخل الجميع. بالعكس من ذلك جعل مسافة وهوة بينه وبني الفقراء وبنى حدودا وأغلق الأبواب. إنّ كل إنسان يقوم بحفر تلك الهوة أثناء الحياة، بيد الإنسان يتمّ بناء جحيم العزلة أو يمهد الطريق للعودة إلى حضن إبراهيم في الفردوس.