منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 04 - 2014, 03:50 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

الصليب
صليب ربنا يسوع المسيح، قوة حقيقية للخلاص والنصرة في الجهاد.
ومعلمنا بولس الرسول يسلمنا هذا الإيمان الحيّ بقوله: "إن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وأما عندنا نحن المخلَّصين فهي قوة الله" (1كو1: 18).
والصليب وإن كانت له أعياد زمنية ومكانية، فهو فوق كل شيء وقبل كل شيء حقيقة إلهية سماوية.


كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
لذلك نستطيع أن نقول في جرأة الإيمان أن الأعياد التاريخية في كنيستنا تستمد مجدها وبهاءها من واقع حياتنا وإيماننا أكثر من أنها تعطى لحياتنا شيئًا من الواقع أو شيئًا من الإيمان.
وصليب ربنا في مضمونه الكلى يلزم أن لا يكون في بالنا حقيقة من حقائق الماضي بأي حال من الأحوال، لا لشيء إلا لأن تأثيره الفعال ممتد بالحقيقة في الحاضر والمستقبل، طالما يوجد إنسان يعيش على الأرض. لأن الصليب مرتبط أساسًا بالمصلوب، والمصلوب حي في السماء يحمل سمات صليبه ويسكبها علينا كل يوم بل كل لحظة غفرانًا وتطهيرًا، بل قداسة وبرًا وفداء. فنحن نختبر بأنفسنا بل ونمارس بأجسادنا وأرواحنا صليب ربنا كل يوم.
وحينما نقول الصليب " المحيى " فإنما نقول ذلك ونظرنا على الدم الإلهي الذي انفجر لنا من الجنب المطعون وجرى على خشبة الصليب نهر حياة!!
ولا يمكن أن نذكر الصليب ذكرًا حسنًا أو ننشد نشيده بالروح إلا والإحساس بالدم يملأ أعماق كياننا الإنساني، فالدم هو الصلة الحية المحيية بين الصليب وقلوبنا، بين المصلوب وبين ضمائرنا، بين المسيح في السماء والكنيسة على الأرض!
ولا يغيب عن بالنا قط أن شركة الدم أو شركة الألم أو شركة المجد، هذه الأنواع المتعددة التي للشركة الواحدة -أي شركة الصليب- إنما تأخذ قوتها من المسيح "الحي" أي من القيامة.
فالصليب قوة حياة أو قوة محيية، لأن المسيح الذي صُلب هو الآن حي! فبدون المسيح الحي يصبح الصليب عثرة وجهالة. ولكن إيماننا بالمسيح الحي القائم من بين الأموات أو بالحرى شركتنا الآن في المسيح الحي تجعل لنا من الصليب قوة حياة. فقيامة المسيح المصلوب جعلت خشبة العار سبب مجد وافتخار ظاهر لكل العالم.
وإن كان التحول الذي تم على الصليب من عار إلى افتخار يظهر أمامنا هائلًا وغير معقول، فإنما ذلك من أجلنا نحن، وقد استدعى عملًا من الله الآب فائقًا أيضًا وهائلًا أكثر مما يتصوره العقل، يقول عنه بولس الرسول: "وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته. الذي عمله في المسيح إذ أقامه من الأموات وأجلسه عن يمينه في السمويات" (أف1: 19،20).
فهذه القدرة المتعاظمة والفائقة عن حدود العقل والتصور التي أجراها الله الآب في المسيح من أجلنا، هذه العظمة وهذه القدرة الفائقة وهذه الشدة المتناهية التي استخدمها الآب ليحول لنا عار الصليب إلى افتخار في المجد الأسنى بقيامة المسيح، هذا كله وبكامله مذخر في الصليب!!
فبقدر ما احتوى الصليب كل العار البشرى، كذلك وبمقدار أعظم احتوى شدة قوة الله للمجد الأبدي!!
رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 03:51 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

قوة صليبنا



ونستطيع أيضًا في جرأة الإيمان أن نقول أنه ليس من بين أعمال الله كلها عمل بلغ في قوته، بل في شموله، بل في مجده، بل في سلطانه، بل في غايته، مثلما بلغ الصليب!
لأنه رفع الخليقة كلها من دائرة العصيان إلى الصفح الكلى والمصالحة، من الرفض إلى القبول والاختيار، من العبودية إلى البنوة والميراث مع المسيح في الله!!
والصليب مذخر فيه كل مجد الله بل وكل مجد الإنسان. فمن أدرك سر المسيح المصلوب وآمن بالإله المهان، انكشف له السر وانقلب تجديفه إلى دموع وهتاف، وعثرته إلى إيمان وشهادة، وتجلى له الصليب كمصدر وحيد للحق والمعرفة والخلاص...

كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
آلاف من المعجزات عملها الله في القديم وعملها المسيح في الإنجيل وكلها معجزات للإنسان، أما الصليب فهو معجزة الله..!
"إذ عرفنا بسر مشيئته حسب مسرته التي قصدها في نفسه لتدبير ملء الأزمنة ليجمع كل شيء في المسيح ما في السموات وما على الأرض في ذاك" (أف1: 9، 10).
والصليب في حياة المسيح ليس حادثة عرضية بل غاية، جاء وتجسد من أجلها، ونهجًا شمل حياته كلها جاعلًا من الصليب كأسه المفضل وطاعته العظمى للآب، وبرهان حبه الأبدي للإنسان كل الإنسان، نقض به ناموسالخطيئة وبَّرر به الخطاة، وظفر به على قوات الظلمة، وقتل به العداوة، وجمع تحت لوائه شمل الإنسان كل البعيدين والقريبين، كرعية مع القديسين وأهل بيت الله.
لقد حول المسيح صورة الصليب الذي عرفناه يوم الجمعة، صليب الخشب الثقيل الذي لم يقوى هو على حمله فسقط تحت ثقله، الصليب الذي بدا أمام أحبائه كريهًا مشئومًا، والذي تراءى لأعدائه ذلًا وشماتة، وكان بالنسبة للناموس لعنة وعارًا، هذا صار لنا من أجل يسوع وفى يسوع شركة سعادة أبدية ومصدر راحة وسرور وافتخار، وكلما ازدادت الآلام من أجل شهادة يسوع ازدادت رؤية الصليب نورًا وازدادت الحياة قوة وعزاءًا، وارتفع الصليب من التاريخ لينغرس في عمق أعماق الضمير. وتكريم الصليب نابع من كرامة القيامة، لأن الموت الذي باشره الرب على الصليب، أثمر قيامة وبالتالي مجدًا. فيكون الصليب باختصار هو سبب المجد!!
وفى هذا يصف القديس يوحنا في إنجيله – الصليب بالمجد قائلًا في موضوع انسكاب الروح: "لأن يسوع لم يكن قد مُجِدَّ بعد" (يو7: 39).
مشيرًا بذلك الى الصليب، والمسيح نفسه سمَّى الصليب ارتفاعًا: "وأنا إن ارتفعت أجذب إلىَّ الجميع. قال هذا مشيرًا إلى أية ميتة كان مزمعًا أن يموت" (يو12: 32، 33).
إذًا فحق لنا أن نهتف بملء أفواهنا: السلام للصليب مصدر كل ارتفاع ومجد!! فإن كان الصليب هو أقصى صورة للاتضاع والمذلة، فهو قد صار أعظم واسطة للارتفاع والمجد.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 03:52 PM   رقم المشاركة : ( 3 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

مجد الصليب



السلام للصليب الذي عليه دفع المسيح ثمن كل خطايانا.
السلام للصليب المحيي الذي به زالت اللعنة وقبلنا الحياة الأبدية.
السلام للصليب رمز المجد والنصرة على الخطية والعالم والجسد وكل قوات الظلمة.
إذًا جيد لنا جدًا أن نمجد الصليب وإشارة الصليب، فهو محور كل طقس وبداية ونهاية كل تقديس، سر القوة المتدفقة في كل سر، والنعمة الحالة على كل نفس.

كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
فلنحب صليب ربنا يسوع المسيح الذي به صار لنا الفداء والدخول إلى شركة الآلام لكي نحيا له بالحب، وحمل الصليب هو علامة التلمذة الحقيقية بحفظ الوصية، واحتمال المشقة والتجارب ونحن نسير على درب الصليب وقبول الإهانات بشكر، وجحد الذات والخدمة والبذل بتقديم ذواتنا ذبيحة حب، على مذبح الحب الإلهي تتقد بنار محبة الله يشتمها الرب رائحة رضى عن العالم.
ليشرق المسيح بالحب في أعماقنا. وليضئ بالحكمة في عقولنا وليكن فينا فكر المسيح حتى نتصالح مع الصليب كما قال معلمنا بولس الرسول: "فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضًا الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خُلسة أن يكون معادلًا لله. لكنه أخلى نفسه أخذًا صورة عبد صائرًا في شبه الناس. وإذ وجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب." (فى2: 5-8).
فإن كان لنا فكر المسيح هكذا نكون فعلًا في مصالحة مع الصليب: "وضع نفسه"... "وأطاع حتى الموت موت الصليب".
وحينما نحاول أن نعيش حسب وصايا المسيح، قبل أن يكون لنا " فكر المسيح" (1كو2: 16) من جهة المصالحة مع الصليب وطاعة المسير في الدرب المؤدى إليه، نخفق بشدة، ويتزيف لنا التعليم المسيحي كله، فنصير معلمين كذبة ومتعلمين لأكاذيب.
لأن معرفة الإنجيل ووصايا يسوع لإنسان ليس له "فكر المسيح من جهة الصليب، تصبح كلها معرفة للافتخار والمجد والدينونة.
أما الذي له "فكر المسيح"، "وقد وضع ذاته فعلًا وأطاع مصممًا على المسير في درب الصليب حتى الموت، فلمثل هذا تصير معرفة الإنجيل لا لدينونة آخرين، ولا لتمجيد الذات أو الافتخار بالمعرفة، ولكن لقيادة الآخرين إلى "فكر المسيح" عينه وللمصالحة مع الصليب.
فيصير الصليب سبب فرح لنا، وننال به قوة للخلاص وحياة للمجد الأبدي.
بين يديك أيها القارئ العزيز كتاب:
رؤية كنسية آبائية:
الصليب في المسيحية
يتضمن سبعة فصول كالآتي:
{1} سر الصليب
{2} الصليب وأسرار الكنيسة السبعة
{3} الصليب في حياتنا
{4} إشارة الصليب
{5} قوة الصليب
{6} عيد الصليب
{7} الصليب في التقليد المقدس
ليت الرب يستخدم هذا الكتاب سبب بركة لحياتنا لنحمل الصليب ونسير خلف الرب وننال بركة شركة الآلام وننال مجد الرب في الأبدية.
بشفاعة القديسة العذراء مريم والدة الإله، وكافة الملائكةوالشهداء والقديسين. وبركة صلوات صاحب الغبطة والقداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر أفريقيا وبلاد المهجر.
ولإلهنا المجد والإكرام والشكر والسجود في كنيسته المقدسة إلى أبد الدهور آمين.

بنعمة الله
الأنبا ياكوبوس
أسقف الزقازيق ومنيا القمح
سبتمبر 2001
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 03:53 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

التجسد والصليب



إذا أردنا أن نتعمق الأصول الأولى التي نبع منها الصليب وبلغت الآلام غايتها العظمى بالفداء، علينا أن نعود مباشرة إلى التجسد، لنربط " الكلمة صار جسدًا" (يو1: 14)، والجسد المكسور الذي ينزف على الصليب! فلولا التجسد، أي لولا أن ابن الله صار إنسانًا كاملًا ذا جسد ونفس وروح مثلنا تمامًا، لما استطاع أن يتألم بآلام تنتهي بالموت الفدائي.
ولا يغيب عن أذهاننا قط لحظة الصلة الحية الجوهرية بين "التجسد" والصليب!! فالكلمة صار جسدًا، ليستطيع عمل الفداء ويكمله بجسده بدم صليبه!!

كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
ولكي نسير خطوة أعمق نحو سر الفداء، الذي نرى أنفسنا فيه كمفديين ونلنا الخلاص بدم المسيح المسفوك على الصليب لأجلنا بالحب الباذل المعطى الموهوب للعالم من قبل الآب، يلزم أن نعرف قبلًا ما هو موقعنا من سر التجسد، لأنه هو السر المؤدى للفداء.
والتجسد هو اتحاد كامل بين الله والإنسان في شخص المسيح، لذلك صار قبولنا للفداء واتحادنا بشخص المسيح (بتناولنا دمه) معناه أننا دخلنا في سر الاتحاد بين الله والإنسان - أي سر المسيح!!
وهو عودة الإنسان إلى الله!! عودة حياة الشركة المقطوعة بآدم التي كانت بين الإنسان والله!!
أما كيف ندخل إلى سر الاتحاد بين الله والإنسان، لنستعيد الصلة مع الله، فهذا أكمله لنا المسيح بدم صليبه بآلام الموت، بالفداء الذي هو تقديم نفس عوضًا عن نفس، ليربطنا في الله بآلامه وموته.
فالآن، كل من يؤمن بصليب المسيح -أي يدخل سر الفداء- ويشرب دم المسيح الذي للخلاص، يتحد بالمسيح، فيدخل في سر التجسد، سر العلاقة أو سر الاتحاد بين الله والإنسان.
وهذا هو واقع المصالحة التي أكملها المسيح للإنسان مع الله بدم صليبه. وكما وضح لنا معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل كولوسى: "لأن فيه سر أن يحل كل الملء. وأن يصالح به الكل لنفسه عاملًا الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الأرض أم ما في السموات." (كو1: 19، 20).
وباختصار، يكون التجسد قد أنشأ الفداء. والفداء عاد فأنشأ الاتحاد بالله، الذي كان مقطوعًا بسبب الخطية. والاتحاد هو المصالحة وهو الخلاص. وبهذا يرتبط الصليب بالتجسد ارتباطًا جوهريًا من جهة خلاصنا. فالمسيح له المجد ابن الله الكلمة تجسد ليخلصنا بآلامه وموته بالجسد.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 03:55 PM   رقم المشاركة : ( 5 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

التجسد والفداء



كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
ويقول القديس إيرينيئوس:
"ابن الله صار ابن الإنسان (بالتجسد) لكي يصير الإنسان ابن الله (بالموت على الصليب)".
هذا هو السر المخفي منذ الدهور، والآن قد أعلنه الله للعالم كله بموت المسيح وقيامته:
أن الله أضمر منذ البدء أن يرفع الخليقة البشرية الخاطئة والساقطة إلى حالة التبني ليتحد بها بواسطة تجسد كلمته، الذي به أكمل فداءها من الخطية والموت بموته على الصليب.

وهكذا تمت مشورة الله على مرحلتين:
{1} الله استُعلن للبشرية أولًا بالتجسد، فأصبح التجسد تاج الخليقة وكمالها الإلهي في شخص يسوع المسيح:
"عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تى3: 16).
{2} الحياة الأبدية التي كانت عند الآب محجوزة عنا، استُعلنت ووهبت للإنسان بموت المسيح على الصليب، عندما قام ناقضًا أوجاع الموت وقاهرًا سلطانه وكاسرًا شوكته.
(لأن المسيح بقيامته صار باكورة الراقدين (1كو15: 20).
والنتيجة الحتمية للقيامة هي أن الروح القدس روح الحياة في المسيح يسوع انسكب على البشرية، وهكذا انتقلت الحياة الأبدية للإنسان عَبرْ التجسد والصليب ثم الموت والقيامة.
وهكذا يظهر التجسد كدرجة أساسية في تكميل الخليقة البشرية ورفعها إلى مستوى صورتها الأولى الأساسية المكرمة في الله، في شخص المسيح نفسه. .
ثم يظهر الفداء بموت المسيح على الصليب كدرجة حتمية لتكميل غاية التجسد وهو الاتحاد، حتمية من وجهة نظر الله، حتمية الحب الذي أحب به الله العالم، ليرفع الخليقة البشرية كلها من الهلاك إلى حياة أبدية في حالة التبني.
وهكذا يتضح أمامنا أن التجسد والفداء عملان متلازمان أساسيان، بل وحتميان.
التجسد: الاتحاد كنموذج فعال.
الفداء: إعطاء هذا الاتحاد كهبة.
هذا هو التدبير الإلهي لتكميل الخليقة البشرية ورفعها من العداوة إلى حالة التبني، ومن الانفصال إلى الاتحاد بالله بواسطة المسيح.
من هذا يتضح لنا أن الفداء الذي أكمله المسيح على الصليب ليعيد لنا شركتنا واتحادنا المفقود مع الله، إنما يقوم على أساس لاهوتي بالنسبة للتجسد باعتبار أن التجسد هو المسئول عن عطية الفداء، أي إعادة اتحاد الإنسان بالله.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 03:57 PM   رقم المشاركة : ( 6 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

أنواع آلام المسيح



أنواع الآلام التي قبلها المسيح:-
يوجد نوعان أساسيان للآلام التي قبلها:
النوع الأول:
هي الآلام التي دخلت إليه من واقع قبوله للطبيعة البشرية بكل إعوازها وضعفها.
فآلام الجوع والعطش والتعب وحزن النفس من جراء الاتهامات والمطاردات والمصادمات والخيانات والشتيمة والإهانة، كل هذه قبلها المسيح كما يقبلها أي إنسان، فقد صار مثلنا في كل شيء ما خلا الخطية وحدها:" بل مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية" (عب4: 15).

كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
هذا النوع من الآلام قبلها اضطرارًا من جهة الحب والحق والاتضاع، والتزامًا من جهة المشورة الإلهية التي حتمت بالتجسد ولكن لم يكن مضطرًا لقبولها، ولا تحتم عليه الالتزام بها من جهة خبث الناس وشرهم أو جور الطبيعة واختلال موازينها، فهو كان قادرًا على أن يمنعها ويرد عليها ويلغى سطوتها وكل آثارها، فالذي سار على الماء كان في قدرته أن لا يتعب من السفر على الأرض، والذي قال للسامرية أنه قادر أن يعطى ماء حيًا وكل من يشرب منه لا يعطش أبدًا بل ينبع فيه إلى حياة أبدية كان قادرًا أن لا يطلب منها ليشرب ويستقى بفمه من دلوها النحاسي، والذي أطعم الخمسة آلاف من الجموع من خمس خبزات كان قادرًا أن لا يجوع أو على الأقل أن لا يطلب طعامًا ليرد به جوعه، والذي أقام لعازر من الموت كان قادرًا أن يُميت أو يُخرس فم الأشرار من الكتبة والفريسيين والرؤساء الذين تربصوا به وأهانوه وأخرجوا عليه كلامًا شريرًا.
وهكذا يتضح أنه قَبِلَ هذه الآلام في جسده ونفسه قبولًا طبيعيًا بالتزام الحب، وبدافع الاتضاع والمشاركة لنا في آلامنا التي بحسب هذا الدهر "مُجرب في كل شيء مثلنا"، ولكن ليس بحتمية الالتزام أو الخضوع لشر الأشرار وجور الفجار أو ضعف الطبيعة أو تسلط المقادير. إذن فهي آلام لمجرد الشركة في طبيعتنا، دخلت إليه دخولًا طبيعيًا، فقبلها هو حبًا لنا وتكريمًا لضعفنا ومذلتنا.
كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
النوع الثاني:
هي آلام الفداء! آلام الصليب والموت! هذه قبلها هو بإرادته وحتمَّها هو على نفسه تحتيمًا "لأجل هذا أتيت إلى هذه الساعة" (يو12: 27)، وقبل حتميتها من الآب بحسب مشورة ما قبل الدهور كلها: "الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" (يو18:11).
فالصليب محسوب حسابه قبل الزمن: "عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح. معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم ولكن قد أُظهر في الأزمنة الأخيرة من أجلكم" (1بط1: 18 - 20).
وصلب السيد المسيح له المجد على خشبة الصليب، هذا أيضًا كان مرسومًا ومكمَّلًا في التدبير الإلهي كفعل كامل تم في المشورة العلوية، ولا ينتظر إلا استعلانه بحسب الواقع البشرى.
"... الذين ليست أسماؤهم مكتوبة منذ تأسيس العالم في سفر حياة الخروف الذي ذبح." (رؤ13: 8).
وهكذا فإن آلام الصليب الفدائية لها في الحقيقة وجهان:
وجه بشع أرضى، يمثله حقد اليهود وشرُّهم المريع وعداوتهم وكذبهم ونميمتهم، مع ظلم وعنف القضاء الأممي.
ووجه الصليب سمائي، ينضح بالحب والمسرة والبذل الإلهي الفائق الوصف من نحو العالم: "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (يو3: 16)، وإنصافًا للحق وتكميلًا للبر الأبدي وخلاصًا عميقًا متسعًا يشمل كل الدهور.
ولكن الوجه البشع الأرضي لم يثنى المسيح قط عن أن يتمم مطالب الوجه السمائي المملوء حبًا وطاعة ومجدًا وكرامة للآب وخلاصًا عميقًا أبديًا للإنسان!!
لذلك فبسبب حقيقة الوجه السمائي للصليب، صار قبول المسيح لعار الصليب بكل صنوف المهانة والهوان والإذلال المريع، صار يُعتبر انتصارًا رائعًا للحب الإلهي ولمجد الله في السماء وخلاص الإنسان على الأرض!!
فالصليب كان طريق الاتضاع، بل والمذلة الإرادية المذهلة التي أوصلت المسيح إلى قمة الانتصار والمجد السمائي ومعه الخليقة الجديدة، ملايين المفديين من بنى الإنسان الذين رفعهم إلى ذات المجد وذات الانتصار وأدخلهم معه إلى الحياة الأبدية في شركة الآب في الفرح الأبدي.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 03:58 PM   رقم المشاركة : ( 7 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

آلام المسيح بالنسبة لحياتنا اليومية وخلاصنا الأبدي: شاركنا في الآلام



لقد شارك الله البشرية في آلامها الطبيعية التي كانت هذه الآلام اليومية محسوبة أنها لعنة بسبب الخطية، فبتجسد ابنه لم تعد آلام حياتنا اليومية معتبرة أنها لعنة أو عقوبة، فالجهد والتعب والعرق من أجل لقمة العيش الذي صار عقوبة لآدم شاركنا فيه كلمة الله بنفسه متنازلًا عن مجده محتملًا كل الآلام والتجارب مثلنا، ليرفع اللعنة عن الجهد والتعب والعرق والألم، ويحوله لنا إلى شركة حب مع الله في المسيح، محولًا الحياة برمتها لتكون غايتها ميراثًا مع الله في المسيح.
"من ثم كان ينبغي أن يشبه إخوته في كل شيء لكي يكون رحيمًا ورئيس كهنة أمينًا في ما لله حتى يكفر خطايا الشعب. لأنه في ما هو قد تألم مجربًا يقدر أن يعين المجربين". (عب2: 17، 18).

كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
"وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام." (2كو5: 15).
"فإذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئًا فافعلوا كل شيء لمجد الله" (1كو10: 31).
كيف يكون ذلك؟
لقد استقطب المسيح ليس فقط الآلام اليومية الطبيعية عندما بلغ بالآلام إلى الموت الفدائي لرفع الخطية وإبطال سلطانها، بل حوَّل الحياة كلها لحسابه!!
أي أننا نتعب ونشقى ونتألم من الآن من أجل الرب وحبا فيه وشركة معه.
لأن الخطية كانت سببًا في انفصال آدم عن الله، ودخوله في لعنة آلام الحياة اليومية: "ملعونة الأرض بسببك" (تك3: 17).
ولكن لأن المسيح أبطل سلطان الخطية التي هي سبب اللعنة بالفداء على الصليب، فانه ينتج من ذلك أن المسيح قد رفع عنصر اللعنة المتغلغل في الآلام والأتعاب اليومية باعتبارها عقوبة الحياة. .
فصار الجهاد والألم لكل إنسان -يعيش في الفداء والصليب- هو مشاركة حياة مع المسيح الذي قبل لعنة الموت في نفسه ورفع الانفصال عن الله.
الآن نحن لا نحيا لأنفسنا، وبالتالي لا نتألم لأنفسنا، لأن ابن الله مات عنا ليعيدنا إلى الحياة مرة أخرى وتألم عنا ليرفع اللعنة عن الألم، فلا..يُحسب الألم عقوبة بل شركة في آلام المسيح.
لذلك أصبحت الآلام اليومية لكل مفدى الله هي شركة حب، هي وقود لإشعال القلب كل يوم بالحب الإلهي، وكأننا لا نتألم وحدنا ولا لأنفسنا بل نتألم لنزداد قربًا من الله ونزداد حبًا وحياة فيه!!
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 03:59 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

آلام الفداء



كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
هنا الآلام التي احتملها المسيح حتى الموت، هي كفاَّرة للفداء، لذلك فهي آلام فوق مستوى البشرية موجهة ضد الخطية مباشرة، ليست لمجرد غفران الخطية، وليست لمجرد المصالحة مع الله، ولكن لاقتلاع الخطية نفسها من أصولها، ومحوها، والإنقاذ من سلطان الخطية وسطوة الموت!!
هذا هو معنى الفداء "الفداء بدم صليبه" (كو1: 20).
هنا ليس آلام وحسب بل آلام للموت. والانتصار الذي تم ضد سلطان الخطية والموت وابليس لم يتم باحتمال الآلام وحسب بل بقبول الموت لتتم القيامة.
فالموت إجراء فدائي أساسي، ولكنه لا ينتهي في ذاته بل هو موت لقيامة. والقيامة هنا مرتبطة بالموت { الفداء }، ثم بالصليب والقيامة معًا. فكل من قبل موت المسيح على الصليب، يكون قبل القيامة، وحاز الفداء.
لذلك فبسبب القيامة، صار موت المسيح نصرة فوق الموت.
ولذلك كان الإيمان بموت المسيح على الصليب ليس لمجرد قبول غفران خطايا ولا لمصالحة مع الآب وحسب، ولا للحصول على البراءة أو التبرير، ولكن: لقبول نصرة على الموت، وعل سلطان الخطية، بقبول القيامة كحياة أبدية، حياة جديدة، خليقة جديدة بالروح القدس.
عمل قوة موت المسيح على الصليب في الطبيعة البشرية بقبول آدم لعنة الموت، بسبب التعدي على وصية الله - صارت نتيجته المباشرة، فقدان الإنسان الصلة المحيية التي كانت تربطه بالحياة مع الله.
لقد فقدت النفس وفقد الجسد الألفة والرباط الذي كان يربطهما بالله، وصارا قابلين للتفكك والنزاع، وبالتالي قابلين للمرض والانفصال - أي الموت والفسادولكن الله خلق الإنسان على غير فساد. إذًا الفساد هنا عرض. وليس من صميم طبيعة خلقته الحسنة، " الموت هو أجرة الخطية" (رو6: 23)، هو استعلان الخطية!!
والموت هنا واقع على الجسد، لأن النفس لا تموت. لذلك بقى للإنسان رجاء. موت المسيح حقق هذا الرجاء، رجاء غلبة الموت بدفع أجرة الخطية، فقام الجسد. وصار باكورة الراقدين (1كو15: 20)، أي أعطى كل الراقدين رجاء بل قوة القيامة!! قيامة الجسد والنفس في ألفة الروح القدس بالاتحاد بالمسيح الذي هو القيامة والحياة!!
وبذلك صار موت المسيح على الصليب هو نفسه مصدر القوة لإلغاء الموت وإعطاء قوة القيامة.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 04:00 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس

الصليب وأسرار الكنيسة السبعة




كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
منذ العصر الرسولي وانتشار المسيحية في كثير من المدن والأقطار وإيمان الكثير من الناس، إذ يقول سفر الأعمال: "وكان الرب كل يوم يضم إلى الكنيسة الذين يخلصون" (أع2: 47). وكانت الكنائس تبنى وتسير في خوف الرب، فيقول معلمنا لوقا في سفر الأعمال أيضًا: "وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تُبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر" (أع9: 31).
عرف المسيحيون مركز الصليب، وفاعليته في حياة المؤمن، فرتب الرسل القديسون بإرشاد الروح القدس، أن يكون الصليب أساسي في خدمة جميع الأسرار. لما له من فاعلية، فيصبح للسر قوة المصلوب التي تعمل في الشخص الذي ينال بركة السر.
  رد مع اقتباس
قديم 12 - 04 - 2014, 04:01 PM   رقم المشاركة : ( 10 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,102

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس


الصليب وسر المعمودية



السيد المسيح له المجد اكتنز في هذا السر فاعلية صلبه وموته وقيامته إذ يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى أهل رومية: "نحن الذين متنا عن الخطية كيف نعيش بعد فيها. أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع المسيح اعتمدنا لموته. فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات بمجد الآب هكذا نسلك نحن في جدة الحياة. " (رو6: 2-4).

كتاب الصليب في المسيحية: رؤية كنسيّة آبائية - الأنبا ياكوبوس
فالروح القدس الذي كان يرف على وجه المياه وأعطى الخليقة الحياة، في بداية خلقة العالم، هو بعينه يعطى ماء المعمودية قوة لكي يولد المسيحي المؤمن ميلادًا ثانيًا روحيًا جديدًا. وهذا الميلاد الروحي الذي من فوق وضحه السيد المسيح له المجد في حديثه مع نيقوديموس قائلًا له: "المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح " (يو3: 16).
فيصير المعمد بهذا الميلاد الثاني، ابنًا للآب السماوي في المسيح بعمل الروح القدس.
والمعمد بميلاده الجديد ترجع إليه الصورة الإلهية مرة أخرى التي فقدها آدم بمخالفة الوصية وتشوهت بالخطية.
ولما كان سر المعمودية هو السر الوحيد الذي يغمر الكاهن الصليب في مادته. والصليب له أثره الظاهر في خدمة قداس المعمودية كما يلي:
  1. [1] عندما يبدأ الكاهن صلاة قداس المعمودية يأخذ الزيت الساذج ويسكب منه فيها على مثال رسم الصليب.
  2. [2] لتقديس الماء يأخذ الزيت المقدس ويسكب منه في جرن المعمودية ثلاث مرات بمثال الصليب.
  3. [3] بعد نفخة في الماء ثلاث مرات برشم الماء ثلاث مرات بالصليب.
  4. [4] وبعد صلاة أجيوسيرشم الماء بالصليب ثلاث مرات.
  5. [5] يأخذ الكاهنالميرون ويسكب منه قليلًا في المعمودية مثال الصليب ليتقدس الماء.
فلذا يخرج المعمد بعد ولادته الجديدة، لابسًا الصليب. فان كانت المعمودية بالصليب هي موت المعمد مع المسيح عن الخطية، كذلك هي ارتقاء المعمد إلى السماء حاملًا الصليب في جسده.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب فكر الآباء وإختبار الإيمان - المتنيح الأنبا ياكوبوس
كتاب الإيمان بالمسيح - المتنيح الأنبا ياكوبوس
كتاب ذكرى آلامه المقدسة: قصة الحب العجيب، رؤية آبائية
عيد الصليب ودورة عيد الصليب ... بقلم المتنيح الأنبا ياكوبوس
الصليب فى التقليد المقدس ... بقلم المتنيح الأنبا ياكوبوس أسقف الزقازيق ومنيا القمح


الساعة الآن 05:05 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024