|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المعرفة الروحية الحقيقية حسب القصد الإلهي وتدبير الخلاص لا تأتي للنفس إلا بالاستنارة أولاً والدخول في الحرية الحقيقية على المستوى العملي بعتق النفس فعلياً وفكها من كل شبه قيد، لأن طالما النفس مقيدة بقيود الذهن المُظلم، فأنها تسير في ليل عدم الفهم الروحاني، وبالتالي لا تستطيع ان تعبد الله عبادة حقيقية مقبولة، لأنه كيف لإنسان يحيا في الظلمة يرى ويبصر وينظر أي شيء، لأن النفس المُعتمة بليل ظلمة هذا الدهر كيف ترى وتنظر إنجيل نور المسيح الذي هو صورة الله، فتنطبع ملامحه فيها وتتغير إليه، فتصير شبهه وتحيا به، ويصير الإنجيل له طعم خاص تتذوقه سراً في داخلها بالروح والحق، لأنها في تلك الساعة (وقت استنارتها) تعيش سرّ الإنجيل، وتصير هي نفسها إنجيل الله المقروء من جميع الناس. v الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمنين لئلا تُضيء لهم أناره إنجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله. (2كورنثوس 4: 4) فالنفس التي لم تنظر بهاء نور الابن الوحيد ولم ينفتح ذهنها على الحق الإلهي بالروحولم تدخل بعد في سرّ حُرية مجد أولاد الله في المسيح يسوع، فأنها لا تقدر حقاً أن تُميز الأمور المتخالفة بمقارنة الروحيات بالروحيات مهما ما كان لديها من معرفة موسوعية علمية وأكاديمية، بل وعقائدية سليمة وصحيحة تمام الصحة، حتى ولو كان عندها حرية إنسانية طبيعية وانفتاح فكري ووعي إنساني عالي، فبكونها ما زالت تتبع الحس الإنساني حسب الإنسان الطبيعي، فدائماً تحكم في الأمور من خلال الجسديات والحسيات، بل وأيضاً أحياناً كثيرة تحكم بما تصدقه من غيبيات حسب فكر الناس أو ما تربت عليه من أفكار وعادات، أو حتى صار لها إمكانيات فكرية واسعة. لأنها في النهاية ستُقارن الروحيات وتشرحها في حدود إمكانيتها وذكائها الخاص بمعزل عن الله الحي،وتظن أنها في قمة الروحيات وتُدافع عن الحق التي تغضب لأجله حتى تهتاج على الناس وتود أن تمحوهم من أمامها لأنها تغير غيرة الله كما ترى (أي حسب الرؤية الشخصية)، أو أحياناً تنطوي على ذاتها وتحيا في معزل عن الآخرين ولا تقدر أن تصنع شركة معهم، بل ولا تُريدها من الأساس، لأنها تشعر – في ذاتها وتفردها – أنها مكتفيه ولا تُريد أن تُقيم علاقة مع المتخلف فكراً عنها، مع أن في الواقع الروحي هي تعمل في اتجاه مُخالف ومُغاير تماماً للحق، لأنها تحيا في معزل عن النور وتسلك في ظلام الليل الذي لا يقدر أحد فيه أن يُميز الطريق الصحيح من الباطل، لذلك فأنها – بالضرورة في تلك الحالة – لا تستطيع أن تُميز قصد الله من قصد الناس، ولا فكر المسيح الرب من الفكر الفلسفي الخاص. فانتبهوا جداً أيها القراء الأعزاء،لأن في المعرفة الإلهية الحقيقية نور خاص مُشرق بالحرية ببهاء المجد الإلهي الفائق والمُفرح للنفس جداً، إذ أن عمل المعرفة هنا هو نقل الإنسان من المنظور الحسي للغير منظور الفائق حس الإنسان الطبيعي، أي السماوي الذي يفوق كل إمكانيات الإنسان المولود من الجسد. ففي المعرفة الإلهية نور يُميز ويفصل بدقة شديدة ما بين الخير حسب الله والخير المشوش الممزوج فيه سم الحية،أو الخير الذي حسب الإنسان الطبيعي وهو في اسمى صوره، لأن الذهن المستنير بالنور الإلهي يلتصق بالصلاح التصاقاً وينجذب للمحبة الإلهية جذباً، تلك المحبة التي تقوده وحدها في طريق العدل الإلهي بغيرة التقوى، فيدخل مع أعضاء المسيح الرب في شركة حقيقية إذ يصير من عائلة الله وأهل بيته فينمو في استنارة المعرفة الإلهية التي لا حد لها. وكلما يتعمق يعشق أن يُنادي على الجميع بقوة الحب المنسكب في قلبه بالروح القدسلكي يأتوا لمسيح القيامة والحياة، مسيح الحرية، ليشاركوه هذا المجد الفائق باستنارة المعرفة الحقيقية، لأنه لا يقدر أحد على أن ينعزل وحده ولا يسعى لشركة الآخرين في النور وحياة القداسة، لأن سرّ المسيح يظهر في الوحدة الحقيقية، لأن إرادة الله ومشيئته هو أن يكون الجميع واحداً فيه؛ فعلامة من دخل في استنارة المعرفة الحقيقية هو شوقه ولهفته أن يُجمع لا أن يُفرق، أن يضم لا أن يحرم، أن يُقرَّب لا أن يبعد، أن يُشارك لا أن يعزل[1]. v كُفَّ يَا ابْنِي عَنِ الإِصْغَاءِ إِلَى التَّعْلِيمِ الَّذِي يُضِلُّكَ عَنْ كَلِمَاتِ الْمَعْرِفَةِ؛ رَأْسُ الْحِكْمَةَ مَخَافَةَ الرَّبِّ، والفهم صالح لكل من يعمل به وتقوى الله هي بدء الفهم؛ مَعَ أَنَّ الذَّهَبَ مَوْجُودٌ واللآلئ كَثِيرَةٌ، فَإِنَّ الشِّفَاهَ النَّاطِقَةَ بِالْمَعْرِفَةِ جَوْهَرَةٌ نَادِرَةٌ؛ الحكمة تسكب المعرفة وعلم الفطنة، وتُعلي مجد الذين يملكونها. (أمثال 19: 27؛ 1: 7؛ 20: 15؛ سيراخ 1: 24) v وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله. (أفسس 3: 19) v كما أن قدرته الإلهية قد وهبت لنا كل ما هو للحياة والتقوى بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضيلة. اللذين بهما قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكي تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية، هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة. ولهذا عينه وأنتم باذلون كل اجتهاد قدموا في إيمانكم فضيلة، وفي الفضيلة معرفة، وفي المعرفة تعففاً، وفي التعفف صبراً، وفي الصبر تقوى. وفي التقوى مودة أخوية، وفي المودة الأخوية محبة[2]. لأن هذه إذا كانت فيكم وكثرت تصيركم لا متكاسلين ولا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح. لأن الذي ليس عنده هذه هو أعمى قصير البصر، قد نسي تطهير خطاياه السالفة. لذلك بالأكثر اجتهدوا أيها الإخوة أن تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين، لأنكم إذا فعلتم ذلك لن تزلوا أبداً. لأنه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلى ملكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الأبدي. (2بطرس 1: 3 – 11)_____________________________ [1] ويلٌ لكم أيها الناموسيون لأنكم أخذتم مفتاح المعرفة، ما دخلتم أنتم والداخلون منعتموهم (لوقا 11: 52) [2] عَلَيْكُمْ أَنْ تَبْذُلُوا كُلَّ اجْتِهَادٍ وَنَشَاطٍ فِي مُمَارَسَةِ إِيمَانِكُمْ حَتَّى يُؤَدِّيَ بِكُمْ إِلَى الْفَضِيلَةِ، وَاقْرِنُوا الْفَضِيلَةَ بِالتَّقَدُّمِ فِي الْمَعْرِفَةِ، وَالْمَعْرِفَةَ بِضَبْطِ النَّفْسِ، وَضَبْطَ النَّفْسِ بِالصَّبْرِ، وَالصَّبْرَ بِالتَّقْوَى، وَالتَّقْوَى بِالْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ، وَالْمَوَدَّةَ الأَخَوِيَّةَ بِالْمَحَبَّةِ – ترجمة تفسيرية |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الغنوسية (المعرفة) الحقيقية |
المعرفة الحقيقية ليست المعرفة العقلية |
المعرفة الحقيقية بالرب |
المعرفة الروحية الحقيقية |
أهمية المعرفة للحياة الروحية الحقيقية |