رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الصليب! وما أدرانا نحن أبناء العصور الحديثة ما الصليب؟! الجنون نقيض الحكمة التي طلبها اليونانيون (الاية 22 ب)، ولا سيّما الفلاسفة من إغريق كلاسيكيين وهلنستيين. مثلا، هذا أفلاطون يعارض معلّمه سقراط الذي حسب ذاته سعيدا وهو محكوم عليه بالموت على براءته: (حين يتآمر انسان من غير حقّ على طاغية، فيُلقى القبض عليه ويُسلم للتعذيب، فتُبتر أطرافه وتُحرق عيناه، ويتألم من العذابات الشخصية الوحشية المتنوعة فيشهد إذلال أبنائه وزوجته، وفي آخر الامر يُصلب أو يدهَن بالزفت ليُحرق حيّا، أيكون هذا الرجل أسعد ممّا لو نجح في الفرار..؟)(27). و لنسألنّ من كان بالعالم الروماني خبيرا: يوليوس باولوس - في القرن الثالث قبل الميلاد - وضع عقاب الصلب في أول قائمة العذابات، يتبعه الحرق ثم قطع الرأس(28). أمّا نجم الخطابة شيشرون (106 - 43 ق.م.) فهو الروماني الوثني الذي يجسّد النفور من الصليب والارتياح للبلاغة! يكتب في عقاب الصليب انه ("أقسى العذابات وأفظعها)(29) ويصفه بأنه (الطاعون)!(30). ويسخر الفيلسوف الروماني اسباني الاصل سينكا (2 - 65 م) من (ميشينوس) الذي رفض فكرة الانتحار قبل الصلب: (أهنالك انسان يحبّ أن ينهار تحت وطأة العذابات، وتفنى أعضاؤه الواحد تلو الاخر، وتُهدر حياته قطرة قطرة، بدل أن تفنى دفعة واحدة؟ من الذي يُعلّق على المشنقة الملعونة، وقد أعيق وشُوّه وتحوّل كتفاه وصدره إلى حدبتين بشعتين، ويكون لديه ألف سبب للموت حتّى قبل الصليب، ويرجو أن يمدّ وجوده الذي سيطيل من آلامه؟)(31). أشار الرومان إلى الصليب بأنه (عذاب العبيد)servile supplicium) غير اللائق بالمواطنين. وكتب شيشرون أيضا: (لو هددونا بالموت، فلنمت أحرارا على الاقل! نعم، فليبتعد الجلاد والحجاب على الرأس وحتّى ذِكر الصليب..) (32) ولا ينسى التاريخ العبد (سبارتاكوس) الذي قاد ثورة العبيد وصُلب مع المئات منهم (سنة 71 ق.م.). وبما ان الصلب للعبيد، فلفظة (القابلين للصلب)Cruciarii مرادفة ل (العبيد)(33). (يضاف إلى ذلك انه كان يُصلب عبيد السيّد الذي كان يُغتال ولا يُعرَف قاتله)(34). النتيجة الثالثة: نظرة اليهود والوثنيين (ممثلين باليونانيين) إلى يسوع نظرتهم فقط إلى أداة عذاب وعقاب وإعدام هي موقف هلاك لا يساعد على إدراك الخلاص. وكذلك موقف المسيحيين ناقصي الايمان عبر التاريخ الذين يتنكّرون للصليب السيدي! |
|