|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَكْثَرُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِي الَّذِينَ يُبْغِضُونَنِي بِلاَ سَبَبٍ. اعْتَزَّ مُسْتَهْلِكِيَّ أَعْدَائِي ظُلْمًا. حِينَئِذٍ رَدَدْتُ الَّذِي لَمْ أَخْطَفْهُ [4]. جاء المزمور كله يصوِّر ما حل بداود النبي من آلام ليس بسبب جريمة ارتكبها، وإنما بسبب حسد الأشرار له. فما حلّ به كان من أجل الله، إذ سلك في طريق مستقيم. هكذا السيد المسيح حمل الآلام ظلمًا، عوض ما كان يجب أن يحتمله آدم ونسله عدلًا! في حديث السيد المسيح الوداعي يقول لتلاميذه: "لو لم أكن قد عملت بينهم أعمالًا لم يعملها أحد غيري لم تكن لهم خطية. وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي. لكن لكي تتم الكلمة المكتوبة في ناموسهم أنهم أبغضوني بلا سبب" (يو 15: 24-25). من جهة العدد فيبدو كأن أعداءه بلا عدد، أكثر من شعر رأسه، ومن جهة الإمكانيات فإنهم يعتزون بقدرتهم وإمكانياتهم. مما أحزن قلبه أن ما حلَّ به كان بلا سبب، ظلمًا. لو أنه ارتكب خطأ ما، لاعتذر عنه أو عوَّضهم عنه، لكنه ليس من سبب حقيقي سوى البغضة الدفينة في قلوبهم من جهته وروح العداوة والحسد. إنهم يقابلون حبه بالعداوة، وكما قال في موضع آخر: "يجازوني عن الخير شرًا ثكلًا لنفسي. أما أنا ففي مرضهم كان لباسي مسحًا" (مز 35: 12-13). لقد اُتهم داود ظلمًا، حين خرج شمعي بن جيرا يَسِبَّه ويرشقه بالحجارة، وكان يقول له: "اخرج، اخرج، يا رجل الدماء ورجل بليعال. قد ردَّ الربُ عليك كل دماء بيت شاول الذي ملكت عوضًا عنه، وقد دفع الرب المملكة ليد أبشالوم ابنك، وها أنت واقع بشرِّك، لأنك رجل دماء" (2 صم 16: 7-8). بالأكثر احتمل السيد المسيح الآلام عنا ظلمًا. وكما يقول إشعياء النبي: "لكن أحزاننا حملها، وأوجاعنا تحمَّلها، ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومذلولًا. وهو مجروح لأجل معاصينا، مسحوق لأجل آثامنا، تأديب سلامنا عليه وبحُبره شُفينا" (إش 53: 4-5). ويقول القديس بطرس: "فإن المسيح أيضًا تألم مرة واحدة من أجل الخطايا، البار من أجل الأثمة، لكي يُقَرِّبنا إلى الله، مماتًا في الجسد، ولكن مُحْيىً في الروح" (1 بط 3: 18). بإرادته قَبِلَ كلمة الله المتجسد أن يحقق العدل الإلهي فيه، عن خطايا ومعاصٍ وأخطاء لم يرتكبها، إنما ارتكبها آدم الأول وبنوه. لقد تُمم فيه الناموس، وحمل عقوبته عنا، هذا لم يكسر الناموس قط، لكي يردَّ الضالين إلى البرّ الذي هو مصدره. إن كان داود قد تألم بلا سبب، بسبب حسد البعض له، فإن ابن داود تألم عن البشرية كلها لكي يسدد دينها ويقدِّم لها بره وقداسته. |
|