رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ورَحمَتُه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلذَّينَ يَتَقّونَه تشير عبارة "ورَحمَتُه مِن جيلٍ إِلى جيلٍ لِلذَّينَ يَتَقّونَه" إلى صدى دُعاء صاحب المزامير "رَحمَةُ الرَّبّ مُنذُ الأَزَل وللأبدِ على الَّذينَ يَتَّقونَه وبِرّه لِبَني البَنين"(مزمور 103: 17). كانت مَريَم، والعَالَم كلُّه من خلالها، موضوعَ رحمةٍ من قِبل الرَّبّ. ويُعلق العلاَّمة ماكس توريان قائلاً: " كان، يوم البشارة ولحظة التَّجسُّد، العلامة الوحيدة لرحمة الله، تلك الرَّحمة التي سوف تَعُمُّ جيلاً بعد جيل العَالَم باسره، في المسيح وكنيسته". أمَّا عبارة "رَحمَتُه" فتشير إلى صفة رئيسية من صفات الله التي أُوحيت إلى موسى " الرَّبّ الرَّبّ! إِلهٌ رَحيمٌ ورَؤُوف، طَويلُ الأَناةِ كَثيرُ الرَّحمَة والوَفاء" (خروج 34: 6) والتي توسَّع بها المزمور مُشدّدًا عليها ومُمهّدًا بالتَّالي للإنجيل المُقدَّس خاصة وفقا إنجيل يوحَنَّا البشير بقوله "مَن لا يُحِبّ لم يَعرِفِ الله لأَنَّ اللّهَ مَحبَّة" (1 يوحَنَّا 4: 8). الله محبَّة، ولزامًا علينا أن نكشف هذا الحُبِّ، لانَّ الله لا يفرضه علينا. أمَّا عبارة " يَتَقّونَه " فتشير إلى إكرام الله والعيش بحسب مشيئته. هذا النَّشيد هي كلمات مَريَم العذراء الأولى التي تُعبِّر عن حالتها النَّفسية وتكشف عن الآفاق الرَّوحية العُليا التي كانت تُحلق بها في آفاق حياتها. ويُعلق البابا يوحَنَّا بولس الثّاني قائلاً: "إن هذه العبارات الرَّائعة تنمُّ عن اختبار مَريَم الشخصي، عن انخطاف قلبها. وهي إشعاع لسرِّ الله، ولمِجد قداسته الفائقة، ورحمتِه وللحبِّ الأبدي الذي دخل تاريخ الإنسان عطاءً نهائيًا لا رجوع عنه" (رسالة أم الفادي، 1987، 8/36). ينتهي نشيد مَريَم بوَعْدُ اللهِ بمجيءِ المُخلِّصِ لإبراهيمَ ونسلِه إلى الأبد، أي لأبناءِ الوَعدِ كلِّهم الذين قِيلَ لهم: "فَإذَا كُنْتُم لِلمَسِيحِ، فَأنتُم إذًا نَسلُ إبرَاهِيمَ، وَأنتُم الوَرَثَةُ وِفقًا لِلوَعدِ" (غلاطية 3: 29). ويُعلق القديس بيدا المكرم قائلا: " كَمَا قَالَ لآبَائِنَا، لإبرَاهِيمَ وَنَسلِهِ إلىَ الأبَدِ" (لوقا 1: 54-55). لا يُشِيرُ النَّصُّ هنا إلى نسلِ إبراهيمَ بحسب الجسدِ فقط، بل بحسبِ الرَّوحِ أيضًا، أي ليس فقط الذين وُلِدوا منه بحسبِ الجسد، بل الذين آمنوا به أيضًا سواءٌ في الختانِ أو خارجَ الختان. لأنَّه هو نفسُه آمنَ قبلَ أن يُختَنَ، وعُدَّ له ذلك بِرًّا" (في إنجيل القديس لوقا الكتاب 1، 46-55: CCL 120، 37-39). |
|