يا له من جو مُنعش ومُبهج، ذلك الذي يعيش فيه العطار، فهو يحيا في وسط الروائح الذكية العطرية التي تُفرح النفس وتبهج القلب، هذا هو الجو الذي يليق بكل مسيحي حقيقي أن يحيا فيه، جو الشركة المقدسة التي تمتع النفس برائحة المسيح الذكية. وهذا يستلزم من المسيحي كل نشاط واجتهاد، فكما أن العطار يذهب مبكرًا إلى الجنات ليجمع الأزهار الجميلة ويقطف السوسن والناردين والحناء والورود والرياحين، هكذا المسيحي فإنه في شركة مباركة يدخل إلى جنة الملك «فتقطر أطيابها» ( نش 4: 16 ). وكلمة الله الحية هي للمؤمن أفضل وأجمل من جنة عدن لآدم، والعطار المسيحي إذ يبكر إليها ويدخل رياضها الجميلة، يجد في كل جزء من أجزائها ـ في كل سفر وفي كل كلمة منها ـ ما يفوق رائحة الأزهار العطرية.