نبوات عن خيانة يهوذا
وردت نبوة عن يهوذا في المزمور المائة والتاسع (مز109: 8) واقتبسها القديس بطرس الرسول في حديثه عنه بعد انتحاره وعند اختيار متياس الرسول بدلًا منه والمذكور في سفر أعمال الرسل (أع1: 20) "لتصر داره خرابًا ولا يكن فيها ساكن وليأخذ وظيفته آخر"وهذا المزمور يحوى كلامًا كثيرًا عن يهوذا الإسخريوطي ويبدأ بعبارة "يا إله تسبيحي لا تسكت. لأنه قد انفتح علىّ فم الشرير وفم الغش.." (مز109:1، 2).
ويستطرد المزمور فيقول "فأقم أنت عليه شريرًا وليقف شيطان عن يمينه. إذا حوكم فليخرج مذنبًا وصلاته فلتكن خطية. لتكن أيامه قليلة ووظيفته ليأخذها آخر.. من أجل أنه لم يذكر أن يصنع رحمة بل طرد إنسانًا مسكينًا وفقيرًا والمنسحق القلب ليميته. وأحب اللعنة فأتته ولم يسر بالبركة فتباعدت عنه" (مز109: 6-8، 16، 17).
وهنا يكشف المزمور سر هلاك يهوذا الإسخريوطي في عبارة "وأحب اللعنة فأتته ولم يسر بالبركة فتباعدت عنه" (مز109: 17).
أحيانًا يحاول البعض أن يدافعوا عن يهوذا الإسخريوطي ويقولون إن يهوذا قد قدّم خدمة للبشرية بتسليمه السيد المسيح لليهود لكي يتم الفداء والخلاص. وأن السيد المسيح قد اختاره لهذا الغرض.
ولكن السيد المسيح أنذر يهوذا بأن الخلاص سيتم؛ من خلال خيانة يهوذا أو بدونها. ولكن ويل لمن يقوم بهذه الخيانة. وقد سجلت الأناجيل قول السيد المسيح هذا بحضور يهوذا: "إن ابن الإنسان ماضٍ كما هو مكتوب عنه. ولكن ويل لذلك الرجل الذي به يُسلَّم ابن الإنسان. كان خيرًا لذلك الرجل لو لم يولد" (مت 26: 24).
وها هو أيضًا المزمور يوضح أن يهوذا قد "أحب اللعنة فأتته، ولم يسر بالبركة فتباعدت عنه" (مز109: 17).
وقد كشف المزمور بهذا مشاعر قلب يهوذا الداخلية أنه أحب اللعنة، ولذلك جاءته هذه اللعنة. أحب أجرة الظلم، وجاءت معها اللعنة. أحب الخيانة، وجاءت معها اللعنة. أحب مشورة الشياطين، وجاءت معها اللعنة. أحب مؤامرة الأشرار، وجاءت معها اللعنة.
كذلك فإنه لم يسر بالبركة فتباعدت عنه. لم يسر برفقة السيد المسيح، فتباعدت عنه البركة. لم يسر برفقة التلاميذ المخلصين، فتباعدت عنه البركة. لم يسر بحضور القداس الإلهي الأول، فتباعدت عنه البركة. لم يسر بمرافقة السيد المسيح ومشاركته في ليلة آلامه، فتباعدت عنه البركة. لم يسر بحديث السيد المسيح عن صلبه وقيامته، فتباعدت عنه البركة. لم يسر بوظيفته الرسولية، فتباعدت عنه البركة. لم يسر بأن يصنع رحمةً بل طرد المنسحق القلب ليميته، فتباعدت عنه البركة.
ماذا نقول عنك يا يهوذا؟ لقد صرت نذيرًا وتحذيرًا لكل من تسول له نفسه الخيانة. لقد أحزنت قلب سيدك الذي قدّم لك الحب وصار يقول: "بدل محبتي يخاصمونني. أما أنا فصلاة. وضعوا علىّ شرًا بدل خيرٍ، وبغضًا بدل حبي" (مز109: 4، 5).