تسمى الأناجيل الثلاثة الأولى أو أوجه الإنجيل التي للقديس متى والقديس مرقس والقديس لوقا، بالأناجيل المتفقة أو المتماثلة أو المتشابهة أو المؤتلفة (1) وذلك لأنفاقها بدرجة كبيرة في التدوين والتسجيل والصياغة والمفردات اللغوية وترتيب الأحداث الرئيسية لحياة السيد المسيح وتعليمه وأعماله. هذا بالرغم من أن كل واحد من الإنجيليين الثلاثة سجل ودون أحد أوجه الإنجيل الثلاثة الأولى في مكان غير الذي كتب فيه الآخران، وبالرغم من أنه لم ير أي واحد منهم ما كتبه الآخر، بأوجهه الأربعة ولا في كل أسفار العهد الجديد (الـ27)، كما يقول القديس يوحنابالروح القدس "وأشياء أُخر كثيرة صنعها يسوع أن كُتبت واحدةً واحدةً فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" (2). فقد كان من المتوقع، في نظر العلماء والنقاد، أن يدون كل واحد من الإنجيليين الثلاثة كثيرًا من الأعمال والأقوال التي عملها وعلمها السيد المسيح غير التي يدونها الآخران وذلك لكثرة ما قاله وعمله السيد، والذي لا يحصى ولا يعد. وهذا ما حدث عند تدوين وكتابة الإنجيل للقديس يوحنا والذي اتفق مع الإنجيليين الثلاثة في أقل من 10% تمثل الخطوط العامة لحياة وكرازة السيد المسيح وتميز عنهم بتدوين أكثر من 90% مما دونه وسجله وكتبه في الإنجيل الرابع ولم يكتب في الأناجيل الثلاثة الأولى. وهذا راجع لأنه كتب بعدهم بمده طويلة وقرأ ما كتبوه بالروح القدس فسجل ما لم يسجلوه ودون ما لم يدونوه. ولكن الذي حدث أن الأناجيل الثلاثة الأولى اتفقت في تدوين وتسجيل وكتابة أعمال وأقوال بعينها بنفس الأسلوب والصياغة والترتيب والمفردات بصورة جوهرية، وعلى سبيل المثال لهذا الاتفاق المذهل نذكر عدد آيات (أعداد) الإنجيل للقديس مرقس ومدى اتفاقها مع ما دُون في الإنجيلين الأولين؛ فيتكون الإنجيل للقديس مرقس من 661 عددًا (آية) يتفق معه بصورة جوهرية الإنجيل للقديس في أكثر من 600 عددًا والقديس لوقا في أكثر من 350 عددًا. إلى جانب أن كل واحد منهم سجل أعمالًا وأقوالًا خاصة به وحده، ولكن الاتفاق بينهم جاء أكثر من المتوقع إذ اتفق الثلاثة معًا في 53% مما دونه وسجلوه وكتبوه. مع الوضع في الاعتبار أن لكل وجه من أوجه الإنجيل الثلاثة الأولى مفرداته الخاصة وأسلوبه الذي يتميز به.
ونتيجة لهذا الاتفاق الجوهري جاء السؤال: "كيف كُتبت الأناجيل الثلاثة يمثل هذا الأنفاق الاتفاق الجوهري في تسجيل أقوال وأعمال بعينها وفى التسلسل والصياغة مع تميز كل واحد منهم بتدوين وتسجيل وكتابة أعمال وتعاليم تميز بجمعها وتسجيلها وحده.