|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ملك محارب! "تقلد سيفك على فخذك أيها القوي؛ بُحسنك وجمالك استله وانجح وأملك" [3]. هنا نلاحظ الآتي: 1. لا يمكن أن يكون الحديث هنا خاصًا بالملك سليمان الذي كان رجل سلام لا قائد حرب. 2. يربط المرتل بين جمال الملك المحارب واستلاله السيف لينجح ويملك، الأمر الذي لا ينطبق على أي إنسان محارب، لأنه أي ارتباط بين جمال الإنسان وقدرته على الحرب؟! واضح هنا أن الحديث خاص بمعركة الصليب، فإن ربنا يسوع المسيح قائد حربنا الروحية ضد عدو الخير إبليس، والذي وحده بلا عيب، كليّ الجمال، يستل سيفه كعريس سماوي جميل ليقتل فينا ما هو قبيح، أي فسادنا، وبهذا يقيم مملكته في قلوبنا، معلنًا ذاته أنه الحق والوداعة والبر. هذا ما دفع القديس أغسطينوسوأمبروسيوسوغيرهما إلى الحديث عن الجمال هنا بكونه جمال القيامة، إذ يقول الأخير: [حقًا إن جمال المسيح مقدس، إذ كُتب عنه بكونه المُقام: "أبرع جمالًا من بني البشر". فإنه بكر الراقدين وقرناه كقرن وحيد القرن]. إن كان سيفه هنا هو صليبه الذي به سحق الشيطان وكسر شوكة الموت وغلب الجحيم، لذا يراه المخلصون "قوة الله" (1كو 1: 18)، وقيل عنه: "إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيه (في الصليب)" (كو 2: 15)، فإنه بقيامته قد بررنا، أي وهبنا بره فصار لنا جمال قيامته! بمعنى آخر نفسر كلمات المرتل: "بجمالك استله وانجح واملك" هكذا: "يا بكر الراقدين، استل سيف الصليب، واضرب به إنساننا العتيق الفاسد، فننعم بقوة قيامتك وبهجتها، أي نحمل جمالها فينا، بهذا تملك فينا وتنجح كلمة كرازتك!". 3. سيف المسيح هو صليبه واهب الحياة المُقامة، وهو أيضًا كلمته، إذ قيل: "لأن كلمة الله حيَّة وفعالة وأمضي من كل سيف ذي حدَّين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونيَّاته" (عب 4: 12)، "سيف الروح الذي هو كلمة الله" (أف 6: 17). وقد استخدم السيد المسيح كلمات الكتاب المقدس في معركته مع إبليس في التجربة (مت 4: 4، 7، 10). وقيل عنه: "وسيف ماضٍ ذو حدين يخرج من فمه" (رؤ 1: 16). إن كانت كلمات السيد تفيض نعمة وعذوبة، تضمد جراحاتنا وتشفيها، إنما هي أيضًا سيف ذو حدين يفصل بين النور والظلمة، أو بين الحق والباطل، أو بين برَّ الله وفسادنا، جراحاته لا تهلك بل تلهب القلب حبًا شافيًا، لتتغنى النفس قائلة: "إنني مجروحة حبًا" (نش 2: 5؛ 5: 8). 4. يحمل السيد المسيح سيفه على "فخذه"؛ الذي هو كناية عن ناسوته. إن قلنا أن السف هو الصليب، فإنه بالجسد قد حمل الرب صليبه ليذل إبليس. بتأنس الرب تمتعنا بسيف الكلمة إذ رأينا الحب متجسدًا، وتلامسنا مع وعود الله الغنية التي تحققت في كمالها بالصليب. بتأنس الرب رأينا كلمة الله لا منقوشة بحروف على ورق، وإنما معلنة بالدم على صليب! 5. قيل: "تقلد سيفك على فخذك أيها القوي". إن كان الفخذ يُشير إلى التجسد الذي به أخلى الكلمة ذاته، وصار في الجسد كضعيف، لكنه كما نترنم في الجمعة العظيمة قائلين: "يا من أظهر بالضعف ما هو أعظم من القوة!" لهذا يدعوه المرتل: "أيها القوي"، أو "أيها الجبار". أي قوة أو جبروت أعظم من تحطيم قوى إبليس وهدم مملكته بصليب الرب؟! لقد أدرك الرسول بولس أن المصلوب قوي وجبار، يهبنا بصليبه الغلبة على شهوات الجسد ومحبة العالم، إذ يقول: "الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل 5: 24)؛ "وأما من جهتي فحاشا لي أن أفتخر إلا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي به قد صُلب العالم لي وأنا للعالم" (غل 6: 14). 6. إن كان السيد المسيح قد جاء ليملك في القلب ويهبه سلامًا فائقًا، لكن بإقامة مملكته فيه، تثور قوات الظلمة ضده، وتستخدم حتى المقربين إليه، لذا قال الرب: "أعداء الإنسان أهل بيته" (مت 10: 36). يقول القديس أغسطينوس: [نقرأ في الإنجيل الكلمات: "ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا"، "يكون من الآن خمسة في بيت واحدٍ منقسمين ثلاثة على اثنين، واثنان على ثلاثة، ينقسم الأب على الابن... والحماة على كنتها" (لو 12: 52، 53). أي سيف هذا إلا الذي جاء به المسيح، وقد تحقق الانقسام؛ فإنه إذ يقدم شاب عاقل نفسه لخدمة الله يعارضه والده، فيحدث بينهما انقسام. الواحد يطلب الميراث الأرضي والآخر يحب السماوي]. 7. إذ يستل الرب سيف صليبه ليضرب بقوة عدو الخير، وينجح ويملك، إنما يقيم مملكة الحق والوداعة والعدل: "من أجل الحق والوداعة والعدل؛ فتهديك بالعجب يمينك" [4]. إن كانت مملكة إبليس تقوم على الباطل (الكذب) والكبرياء والظلم، فقد تجسد الكلمة وصُلب لكي يُحطم بالحق والوداعة والعدل مملكة الظلمة ويقيم مملكة البر الإلهي في داخلنا. أ. قاوم الرب الباطل بالحق، والكذب بالصدق، بكونه "الحق" نقبله فينا فلا يستطيع الباطل أن يجد له فينا موضعًا، نقبل النور فتهرب الظلمة. * أُعيد "الحق" فينا، "الحق من الأرض أشرق والعدل من السماء اطلع" (مز 84: 11). لقد جاء المسيح كتوقعات البشرية، إذ في نسل إبراهيم "تتبارك كل الأمم". القديس أغسطينوس إنه لم يعلمنا الحق فحسب، وإنما قدم نفسه لنقتنيه؛ وهكذا أيضًا بالنسبة للوداعة، فبتجسده اتضع لنقتنيه فنحمل الوداعة والاتضاع، وبه نحطم كبرياء إبليس. بمعنى آخر، السيد المسيح هو سلاحنا ضد العدو المتكبر. شهد إشعياء النبي عن وداعته العجيبة، قائلًا: "كشاة تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامته أمام جازيها فلم يفتح فاه" (إش 53: 7). كما قال السيد عن نفسه: "احملوا نيري عليكم وتعلموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29). وأخيرًا فأنه بعدله يهبنا ملكوت البر الذي لا يعرف الظلم. هناك ارتباط بين الحق والوداعة والعدل، إذ هم وجوه مختلفة لملكوت واحد؛ فإن كان المؤمن يقبل المسيح "الحق" ففي رفضه للباطل يلتزم بروح الوداعة؛ بمعنى آخر لا يسقط تحت الغضب بحجة الدفاع عن الحق؛ وفي وداعته يلتزم بالعدل والبر الإلهي... جميعها هبات إلهية، أو قل هي عطايا الروح القدس فينا الذي يأخذ مما للمسيح ويهب الكنيسة لتحمل شركة سماته وتتهيأ للعريس الأبدي. هذه هي أسلحة العريس السماوي: الحق والوداعة والعدل... وهي الأسلحة التي لأجلها قَبِلَ الصليب ليُحطم الباطل ويذل الكبرياء وينتزع سلطان إبليس الظلم. بهذا تعتز يمين الرب وتحقق عجبًا، أو كما يقول القديس أغسطينوس: [إنه بهذا تقودنا يمينه أي قدرته وتصنع فينا أعمالًا عجيبة! إنها أسلحة فعّالة اجتذبت الكثيرين من الوثنية بأساطيرها الباطلة وتشامخها وعنفها إلى الشركة مع الله بالروح القدس في المسيح يسوع ليمارسوا الحياة الجديدة الفائقة السمو.] لهذا يترنم المرتل، قائلًا: "نُبلك مسنونة أيها القوي، الشعوب تحتك يسقطون في قلب أعداء الملك" [5]. ما هي نبل السيد المسيح إلا الكرازة بالصليب التي اخترقت القلوب وجرحتها بالحب، وألهبتها بروح القوة التي لا تعرف الفشل أو اليأس. لقد أصابت القلوب التي كانت في عداوة مع الملك العريس، فخضعت له بالإيمان وسجدت له في طاعة عجيبة، تتمتع بالحياة الجديدة. يرى البعض[863] أن نبل الملك المسنونة هم الرسل الأطهار الذين سنّهم الروح القدس وصقلهم فانغرسوا في قلوب الشعوب والأمم يشهدون لتعاليم الرب ولعمل نعمته العجيبة! ففي يوم العنصرة تمتع الجمهور الحاضر بهذه النُبل المسنونة، إذ قيل: "فلما سمعوا نُخسوا في قلوبهم، وقالوا لبطرس ولسائر الرسل: ماذا نصنع أيها الرحال الإخوة؟" (أع 2: 37). ويتحدث الرسول بولس عن عمل الروح خلال النبوة في الكنيسة: "هكذا يخر على وجهه، ويسجد لله مناديًا أن الله بالحقيقة فيكم" (1 كو 14: 25). * يقول: "سهامك مسنونة". إن وصايا (سهام) الله المنطلقة في كل مكان تنذر بكشف خبايا كل قلب، حاملة وخز الضمير وتغييره في كل أحد. العلامة ترتليان |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
أحارب علشان فرحي في الصلاة 💪 علشان أقدر أحارب بفرح ♥️ |
كنت أحارب حزني بالنوم |
اب محارب / يسوع |
محارة بها اللؤلؤ |
دَلايا محارب نحميا |