رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
عدد من المفاجآت المثيرة والمدوّية حملتها تحقيقات وزارة الداخلية فى حادثة مذبحة قسم كرداسة. حيث حصلت «التحرير» على أسرار جديدة فى الحادثة الدموية التى وقعت يوم 14 أغسطس الماضى، وراح ضحيتها 11 ضابطا وفرد أمن تابعين لمركز شرطة كرداسة، عقب قيام أنصار جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، بمحاصرة القسم واقتحامه اعتراضا على قيام قوات الأمن بفض اعتصامى «رابعة العدوية» و«النهضة» بالقوة. من بين المعلومات الجديدة ما أُثير عن الأسباب الحقيقية حول نقل مدير أمن الجيزة الأسبق، اللواء عبد الموجود لطفى، إلى ديوان عام وزارة الداخلية، وتعيين اللواء حسين القاضى، مديرا لأمن الجيزة بدلا منه، فعلى الرغم مما أشيع وقتها أن أحداث «بين السرايات» كان السبب الوحيد وراء استبعاده، لكن حقيقة الأمر أنه كان هناك سبب أخرا وراء إقصاء اللواء عبد الموجود لطفى من منصبه وهو اتفاقه مع الإخوان على الوقوف بجانبهم بكل قواته بالمديرية ضد ما يحدث مقابل -حسب التحقيقات- «تعيينه وزيرا للداخلية» فور انتهاء وفشل التظاهرات المنددة بحكم مرسى، وهذا بالفعل ما حاول لطفى فعله والدليل على ذلك رفضه إرسال أى إمدادت إلى كرداسة صباح ومساء يوم 30 يونيو، على الرغم من إبلاغه بالمعلومات التى وردت إلى المباحث بأن القسم سيتم استهدافه فى حاله نجاح التظاهرات، بالإضافة إلى رفضه إرسال أى قوات إضافية وقت أن حاول أنصار الإخوان اقتحام القسم مساء ذلك اليوم إلا أنه اضطر إلى إرسال تشكيلات أمن مركزى بعدما تم الضغط عليه من قبل الإعلام، إثر إجراء العميد عامر عبد المقصود نائب المأمور، مداخلة هاتفية مع الإعلامى وائل الإبراشى، وأخبرهم أن القسم محاصَر فى ذلك الوقت. ساعتها خشىَ اللواء لطفى من مساءلة وزير الداخلية له، فأرسل القوات لكنه أيضا فى نفس الوقت وجَّه لوما كبيرا إلى العميد عبد المقصود على ما فعله، الأمر الذى دفع نائب المأمور إلى ترك القسم لمدة خمسة أيام بعد أن تأكد من نية لطفى لمحاسبته على ما فعل لكنه لم يتمكن من ذلك بعد استبعاده من المديرية بأكملها، وبعدها عاد عبد المقصود إلى عمله بعد تولى حسين القاضى مدير أمن الجيزة، الذى أصدر أوامره لضباط كرداسة بمواجهة أى شخص تلمس يده سور القسم. المفاجأة الثانية فى تحقيقات «الداخلية» تشير إلى صلة القرابة بين الدكتورة باكينام الشرقاوى مساعد الرئيس للشؤون السياسية، واللواء محمد الشرقاوى مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، الذى لعب دورا غامضا فى الأحداث، من حيث إغلاق هاتفه المحمول فى وجه النقيب محمد فاروق، من ضباط القسم وأحد الضحايا، فى أثناء استنجاده به، وطلبه سرعة إمدادهم بالسلاح والذحيرة، لمواجهة الهجوم الكاسح من أنصار الإخوان، ومع تكرار الاستغاثة به طلب من الضباط التماسك فقط دون التدخل لإنقاذهم، ثم قام بإغلاق هاتفه المحمول. التحقيقات كشفت أيضا تقصير اللواء حسين القاضى مدير أمن الجيزة السابق، إذ قام بسحب التشكيلات والمعدات المرابضة أمام القسم قبل الاقتحام بأيام قليلة، على الرغم من تخذيرات ضباط القسم ومأموره من احتمالية تعرُّض القسم للاقتحام وأن لديهم معلومات شبه مؤكدة عن ذلك، لكن مدير الأمن استمر فى سحب القوة والمعدات، مما زاد من عدم صمود القوات يوم المذبحة. كما بيَّنت التحقيقات أن واقعة التعدى على القسم فى أغسطس الماضى لم تكن هى المرة الأولى وإنما سبق أن تم اقتحامه من قِبل أنصار الجماعات الجهادية والإخوان المسلمين يوم 30 يونيو الماضى، يوم خروج المظاهرات المنددة بحكم الإخوان المسلمين وليس من الغريب أن ينال مركز كرداسة النصيب الأكبر بسبب انتشار الجهاديين فى المنطقة هناك. فتفاصيل الأحداث جاءت على النحو التالى: يوم 30 يونيو: أرسل قسم شرطة كرداسة إلى مديرية أمن الجيزة بدءا من الساعة العاشرة صباحا يطلب منها إرسال قوات إضافية تؤهلهم لحماية المركز ضد أى هجوم من الممكن أن يتعرض له خصوصا مع خروج مظاهرات منددة بحكم محمد مرسى، فى حين أن دائرة كرداسة أغلبها إخوان مسلمون، بالإضافة إلى أن معلومات مؤكدة كانت قد وردت إلى المباحث بأن المركز سيتعرض لهجمة قوية من أنصار الإخوان والجهاديين فى المنطقة فى حال خروج أعداد كبيرة فى التظاهرات، وبالتالى فإن مركز الشرطة سيكون فى دائرة الخطر يوم 30 يونيو إلا أن المديرية، لم تستجب إلا فى السادسة مساءً وقامت بإرسال مدرعة واحدة بها ضابطان وعسكريان فقط. كما كشفت التحقيقات أنه مساء يوم 30 يونيو توجَّه محمد نصر الغزلانى وعبد السلام بشندى ومعهما تجمعات كبيرة، واقتحموا المركز واحتلوا الدور الأرضى منه وصعدوا إلى الطابق الخاص بالمباحث وحاولوا الاستيلاء على الأسلحة الخاصة بالقسم وبدؤوا يصيحون فى الضباط، ويسبونهم ويرمونهم بأقذر الألفاظ منها «انتو كفرة وظلمة وعلى رأسكم أحمد جمال الدين، الذى خرج ضد الشرعية بمظاهرات فى التحرير يوم 30 يونيو». وأكدوا للضباط أنهم قادرون على اقتحام القسم وإخلائه وجعله مقرا للحرس الثورى المصرى «أسوة بإيران». كما أشارت تحقيقات «الداخلية» إلى أن العميد محمد جبر، مأمور المركز، شعر بخطورة الموقف خصوصا مع رفض المديرية إرسال أى مدد، بالإضافة إلى أن الأسلحة بالقسم وقوة التأمين الموجودة غير كافية لتأمينه أمام هذه الأعداد الغفيرة المسلحة التى تهاجمهم فحاول إقناع المهاجمين بكل الطرق للعدول عن الأفكار التى تدور فى رؤوسهم أو تأجيلها إلى وقت آخر بعدما أكد لهم أن قسم شرطة كرداسة بكل من فيه مع الشرعية، ومؤيدون لحكم مرسى وضد التظاهرات وأنهم على استعداد لفعل أى شىء فى سبيل الوقوف أمام المظاهرات، ووافقهم بشكل مبدئى على ما يريدونه إلى أن تمكن الضباط من إبعاد الغزلانى ومَن معه خارج أسوار القسم وأغلقوا أبوابه بسرعة. بعدها -حسب التحقيقات- جدد القسم الطلب من المديرية إمداده بالذخيرة، لأن الموقف أصبح أكثر خطورة، إلا أن الرفض تكرر مرة أخرى كأن ثمة اتفاقا حدث بالفعل بين الغزلانى ومن معه وبين المديرية، إلى أن بدأ أنصار الإخوان فى «نط السور الخاص بالقسم» بعد تعليمات من عبد السلام بشندى، الأمر الذى دفع الضباط إلى التعامل معهم وتجديد طلب المساعدات من المديرية للمرة الثالثة، بعدما شعر الضباط بأن أسلحتهم أوشكت على الانتهاء وأن قوات القسم بدأت تنهار فى ذلك الوقت وتحديدا الساعة العاشرة والنصف وصلت تشكيلات من الأمن المركزى وإدارات البحث من المديرية للقسم فى اللحظات الأخيرة، قبل أن ينهار ويسقط بشكل فعلى بأيدى الإخوان واستمر التعامل إلى الساعة الخامسة فجرا، مما يشير إلى أن السيناريو الذى دار فى 14 أغسطس كان سيحدث بنفس التسلسل يوم 30 يونيو لولا وصول مساعدات المديرية فى اللحظة الأخيرة. فى صباح يوم 1 يوليو أرسلت المديرية قوات كبيرة لحماية القسم وهى عبارة عن مدرعتين «رينو شربا» وهى من أحدث المدرعات التى قام بشرائها الوزير السابق أحمد جمال الدين، ومدرعتين «فهد»، و2 مايك «ميكروباص مدرع»، 3 تشكيلات أمن مركزى، 3 تشكيلات قوات أمن، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة. وأمام ضخامة التسليح الموجود بقسم كرداسة سادت حالة من الهدوء فى المنطقة التى لم تشهد سوى مناوشات خفيفة بين أنصار الإخوان وبين الشرطة وظل الوضع هكذا إلا أنه بعد خطاب عزل مرسى فى الثالث من يوليو توجهت أعداد كبيرة من أنصاره إلى القسم وحاولوا اقتحامه لكنهم سرعان ما تقهقروا أمام قوة القسم فى ذلك الحين. وبعدها دُعِى «لجمعة 5 يوليو» وكانت اعتصامات رابعة والنهضة قد بدأت فى ذلك الحين حيث وردت معلومات مؤكدة للمباحث أن الإخوان بمساعدة الجهاديين سيحوّلون المنطقة إلى جحيم فى هذه الجمعة وأنهم ينوون فعليا اقتحام القسم وقطع كل الطرق المؤدية إليه والانتقام من الضباط الذين ضللوهم ولم يقفوا بجوار شرعية مرسى خصوصا أن الأئمة فى المساجد كان يدعون للجهاد ضد ضباط كرداسة فى كل حين واعتبار دمهم حلالا وأن مَن يتمكن من قتل أى منهم سيكافئه الله لأنه بذلك يدافع عن الإسلام ضد «الداخلية» الكفرة.. هذا كله كان دافعا قويا لأن يجدد القسم الطلب من المديرية بضرورة إرسال إمدادات ضخمة تساعدهم على مواجهة ما سوف يتعرضون له خصوصا مع هذه المعلومات التى أبلغها ضباط قسم كرداسة إلى المديرية فى اعتقاد منهم أنها ستقف بجوارهم فى ذلك اليوم العصيب إلا أن الأمر جاء عكس توقعات ضباط كرداسة فحالة التخاذل تتكرر للمره الثانية إذ لم تستجب المديرية واكتفت بالتسليح الموجود بالقسم. وبعد ظُهر يوم الجمعة 5 يوليو بدأت اشتباكات عنيفة بين قوات الشرطة وبين أنصار الإخوان استمرت حتى السادسة مساءً حتى بدأت الذخيرة تنفد من قوات الشرطة «خصوصا قنابل الغاز والخرطوش» الأمر الذى دفع الضباط إلى تجديد الطلب من المديرية بضرورة إرسال ذخيرة لنفاد التسليح بالقسم إلا أن الروتين المستشرى داخل مديرية أمن الجيزة أسهم فى تأخر وصول الإمدادات لأن القائمين على رأس المديرية كان يبحثون بمنتهى الهدوء كيفية التوصل لطريقة مثلى لنقل الذخيرة فى حين أن القسم ينهار أمام قوة الأسلحة التى يهاجَم بها. ضباط كرداسة فى ذلك الحين شعروا أن بينهم وبين الموت خطوات إذا لم تتوافر ذخيرة كافية لديهم فاستغاثوا بزملائهم فى الخارج، إلى أن تولى ضابط بالأمن المركزى مهمة إحضار ذخيرة للضباط المحاصَرين فى كرداسة فأخذ سيارته الملاكى ودار على كل الأقسام الشرطية بالجيزة وأخذ منها السلاح والذخيرة الموجودة لديهم احتياطيا وبعدها توجه إلى قسم كرداسة وتمكن من الدخول إليه وأعطاهم الأسلحة التى استطاع جمعها بنفسه ورفض أن يتركهم وبقىَ معهم للدفاع عن القسم على الرغم من أن ذلك خارج اختصاص عمله لكنه شعر بخطورة الموقف الذى لم يحرك للمديرية ساكنا. فى ذلك الحين قام أحد العساكر الموجودين بالقسم بأخذ سيارة الضابط «لانسر 2009» من القسم لتوصيلها للقطاع مرة أخرى إلا أن أنصار الإخوان علموا أن هذه السيارة كانت محملة بالأسلحة والذخيرة التى أهَّلت القسم للصمود أمامهم ولولاها لكانوا قد انتصروا على الضباط فأخذوها وأشعلوا بها النيران ودمَّروها بالكامل واعتدوا على العسكرى بالضرب المبرح وأرادوا قتله لكنهم تراجعوا بعدما تعرف أحدهم عليه وأنه ينتمى إلى إحدى العائلات الكبرى فى كرداسة أى أنهم بقتله سيخلقون ثأرا بينهم وبين أسرته فاكتفوا فقط بضربه وتعذيبه. ومع بداية شهر رمضان عاد الهدوء الذى يسبق العاصفة مرة أخرى لكرداسة ولم يقم أنصار الإخوان بأى أعمال عنف، فى حين استمر التسليح أمام القسم بشكل كبير فى حين كانت مهمة موقَف السيارات الموجود أمام القسم متوقفة على تحميل الأهالى إلى «النهضة» و«رابعة العدوية» على مدار اليوم. فى ذلك الحين وردت معلومات إلى مباحث القسم بأن أغلب معتصمى رابعة العدوية والنهضة من أهالى كرداسة وهو ما أكدته المعلومات التى وردت إلى الضباط الموجودين بتلك الاعتصامات نفسها واستمر الوضع هكذا إلى أن وردت معلومات مؤكدة إلى المباحث بأن أنصار الإخوان بدؤوا فى تسليح أنفسهم بأسلحة ثقيلة من البنادق الآلية والـ«آر بى جى» والجرينوف وأنهم سيعاودون محاولة اقتحام القسم مرة أخرى وسيقطعون كل الطرق المؤدية إلى القسم وذلك عن طريق وضع حمولات ثقيلة تعوق الوصول إلى القسم باستخدام سيارة نقل، وكل ذلك سيحدث بمجرد أن تقوم قوات الأمن بفض الاعتصامات فى ذلك الحين. التحرير |
|