كلمة الله هي كلمة استعلان للنور : " لأن الله الذي قال أن يشرق نور من ظلمة هو الذي أشرق في قلوبنا لإنارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح " (2كو 4 : 6) ، وفعلها – من جهة الخبرة في حياتنا العملية – قوة قيامة وحياة : " قال لها يسوع أنا هو القيامة و الحياة من آمن بي و لو مات فسيحيا " (يو 11 : 25) ، وعلامة قوة قيامة يسوع فينا هي : " فان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله " (كو 3 : 1)
من هذه الكلمات البسيطة نقدر أن نستوعب سرّ كلمة الله على مستوى الخبرة في حياتنا ، فكثيراً للأسف لا ندرك عمق اتساع كلمة الله ، ويظن البعض أن الكتاب المقدس بمجرد قراءته يعتبر بركة للإنسان ، أو لكي يرضى الله على الإنسان ، ولا يدخل الإنسان في دائرة قوة قيامة يسوع لتسري حياة الله فيه ويدخل في مجال النور الإلهي المُعلن في الكلمة ، ومن هنا لا يقدر أن يستفيد من الكلمة شيئاً غير مجرد معلومات وفكر يخطه للناس أو يحفظه !!!
+ كلمة الله ليست كلمة بشر تحمل فكر أو مجموعة من العقائد المجردة أو فلسفة عقلية أو جدلية ، كلمة الله هي الله بشخصه ، الله المستعلن كحياة تتدفق من الكلمة لقلب الإنسان ، لأن حينما نقترب من كلمة الله بإيمان حي بشخص الله الكلمة ذاته يحدث فوراً استنارة فينكشف للقلب سر الكلمة وتدفق قوة حياة الله للقلب، فيختبر ويتذوق روح قيامة يسوع ، فيدخل في سر حرية مجد أولاد الله والعتق من سلطان الخطية وفساد الموت : " لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية و الموت " (رو 8 : 2)
+ اليوم يا أحبائي أكتب إليكم هذا لنعي الكلمة وفعلها في حياتنا ، وندخل لسر الكلمة باشتياق عظيم لننال قوة حياة يسوع التي فيها ، لأن الكلمة هي شخص الله الكلمة ذاته وتحمل حياته ، لكي كل من يجلس عندها يتشرب من حياة يسوع ويدخل في مجال النور ، لأن وجه الرب يُشرق على النفس فتستنير وبدورها تعكس جمال المحبوب أمام الجميع كشهادة حياة ، تجعل الكل يشتاق لنفس ذات الحياة ليدخل فيها وتنعكس عليه ويعيش متغيراً كل يوم لتلك الصورة عينها كما قاله الرسول : " و نحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح " (2كو 3 : 18)
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم : [ طوبى للرجل الذي في ناموس الرب مسرته، وفي ناموسه يلهج نهاراً وليلاً، لأن من يجلس قرب ينبوع الكتاب المقدس مرتوياً من مياهه على الدوام، يتقبل في نفسه ندى الروح القدس ]
+ يا أحبائي ، فلننتبه جداً ، أن قراءة كلمة الله وحدها لا تكفي أبداً للوصول لروح الحياة ونوال قوة القيامة ، بل ينبغي أن تقودنا قراءة الكلمة إلى شخص المسيح كلمة الله المتجسد، لتكون لنا شركة معه لننال حياته ونتشرب من روحه وندخل في حياة البنوة لله فيه لنصرخ بالروح القدس لله الآب قائلين أبانا !!!
أن لم ننال قوة الحياة من كلمة الله ، فأننا لازلنا لم ندخل في سر الكلمة، ولا زلنا نقرأ كجسدانيين لا نستطيع أن ندخل للحضرة الإلهية ...
فلنعطي لكلمة الله الفرصة لتدخل قلوبنا وتُثمر فينا حياة، وتشرق فينا نور، ولكي ندخل في سرها ، علينا أولاً أن نفهم طبيعتها كما أوضحنا ونؤمن بسر الحياة الذي فيها، ونقرع بابها بصلاة دائمة منتظرين أن يُنير الله ذهننا بإشراق وجه يسوع على قلوبنا ، ليعطينا ذهن مستنير بنوره لأنه مكتوب : [ لأن عندك ينبوع الحياة بنورك نرى نورا (مز 36 : 9) ] ، فبدون إشراق نور الله على القلب يستحيل معاينة نور الكلمة ، لأن كلمة الله تخص الله وحده ، وإشراق الحياة فيها هي إشراقه نور وجه الله ، ومن منا يقدر أن يستحضر نور الله بقدرته !!!
فلندخل لكلمة الله بوقار وإيمان ورجاء حي ننتظر عطية الله طالبين أن نتشرب من كلمته حياته لنحيا به ونتحرك ونوجد ، وهبنا الله إشراق نور وجه علينا لنعاين نوره في كلمته ، لنصير نحن أيضاً نور يظهر نوره أمام العالم كله ، لكم مني كل حب وتقدير ؛ النعمة معكم