"ويكون في ذلك اليوم يقول رب الجنود أني أكسر نيره عن عنقك وأقطع ربطك ولا يستعبده بعد الغرباء" [8].
يقدم هذا الوعد الإلهي "رب الجنود" نفسه واهب الحرية، فهو يكسر النير عن عنقنا، ويقطع ربطنا، ولا يعود يستعبدنا غرباء! لقد أكد السيد المسيح: "إن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحرارًا" (يو 8: 36). حمل نير الصليب ليكسر نير خطايانا، وربط جسده على الصليب بالمسامير، لكي يحل رباطاتنا، ودفع حياته ودمه ثمنًا كي لا نعود نُستعبد بعد للغرباء.
ماذا يعني بقوله: "لا يستعبده بعد الغرباء؟" حين نحني رقبتنا لمسيحنا الذي صار أخًا بكرًا ونستعبد أنفسنا بالحب لله أبينا، نستعذب هذه العبودية الإرادية التي تحملنا إلى شركة المجد الإلهي، تنزع عنا عارنا وضعفنا وفسادنا لنحيا مع الله في أحضانه. أما من يرغب في التحرر من العبودية لله النابعة عن علاقات الحب، فإنه يستعبد نفسه لغرباء كثيرين. لهذا يقول القديس أرسانيوس: كن عبدًا لسيدٍ واحدٍ (الله) فلا تُستعبد لكثيرين! شتان ما بين عبودية الحب الإرادية لله والعبودية للخطايا ولإبليس وجنوده، هذه التي تدفع بالإنسان إلى الحرمان والهوان والمذلة!