رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شرح أيقونة التجلّي إنّ أيقونة التجلّي، هي المَدخل لمعاينة الله. يُعتبر حدث التجلّي غايةَ الحياة المسيحيّة، وقد جرت العادة في الأديار أن تُرسم هذه الأيقونة في صدر الكنائس والموائد... لأنّها "عَلَمُ" الحياة المسيحيّة. فالنور الظاهر للتلاميذ يوم تجلّي الربّ، أوضح لهم نور الألوهة غير المخلوق والأزليّ. إنه كشفٌ لطبيعتَي المسيح الإلهيّة والبشريّة، وصورةٌ عن الطبيعة الإنسانيّة المتجلّية التي منحها الربُّ يسوع التألُّهَ بواسطة تجسّده. التجلّي هو عيد تأليه طبيعتنا البشريّة وشركة جسدنا القابل الفساد في الخيرات الأبديّة التي تسمو على الطبيعة. شرحها يمكننا أن نقسم هذه الأيقونة إلى ثلاثة أقسام أفقيًا: القسم العلوي فيتصدر فيه يسوع المسيح المشهد، ويحيط به النبيّان إيليا عن يمينه وموسى عن يساره. القسم المتوسّط يحوي الجبال. إنّها تربط الأرض بالسماء. فغالبيّة لقاءات الله بالإنسان، خصوصًا في العهد القديم، تتمّ على رؤوس الجبال. أمّا القسم السفلي فيضمّ من اليسار إلى اليمين الرسل الثلاثة بطرس، يوحنا ويعقوب. أما رموز الأيقونة فهم: السيد المسيح المسيح في الوسط يرتدي ثوبًا أبيضًا ناصعًا، ويقف على قمّة الجبل في الوسط، تحيط به ثلاث هالات، واحدة دائريّة وهالتان رباعيّتان. الهالة الدائريّة ترمز إلى السموات. إنّه سيّد الكون كلّه. والهالتان الرباعيّتان ترمزان إلى أنّه سيّد الأرض أي أقطار المسكونة الأربعة (الهالة الخلفيّة)، وما عليها من جمادٍ ونباتٍ وحيوانٍ وبشر (الهالة الأماميّة). يحمل بيده اليسرى ملفًّا هو الإنجيل الذي أعلنه للبشر، ويبارك بيده اليمنى المُشاهد الذي يتأمّله.كما يَظْهرُ السيد المسيح في وسط الأيقونة مباركاً بيده اليمنى لابساً ثياباً بيضاء برّاقة. وفي هالة السيّد نقرأ دائماً عبارة O WN "الكائن". موسى وايليا يظهر النبي موسى في الجانب الأيسر حاملاً الوصايا العشر لأنه يمثّل الشريعة. أما النبي إيليا فيظهر في الجانب الأيمن مشيراً بيده الى المسيح في حركة من الشفاعة لأنه يمثّل النبوءة. يقف النبيّان إيليا وموسى على قمة جبلَين منفصلَين على يمين ويسار السيّد المسيح. ينحنيان أمامه ويرفعان يديهما اليمنى وفي هذا إشارة الى الشفاعة. يقول القدّيسُ يوحنا الذهبي الفم أنّهما يمثّلان القانونَ والأنبياء؛ ويضيف أيضًا الى أنهما رمز للحياة والموت (ايليا، الحياة، لأنه صعد إلى السماء على عربة ناريّة. وموسى، الموت، لأنه واجه الموت). فعن موسى قال الكتاب ان الله دفنه "ولم يعرف احد قبره الى يومنا هذا". (تث 34: 6) وفي الفكر اليهودي اللاحق أنّه رُفِعَ الى السماء. وعن ايليا انه "صعد في العاصفة نحو السماء" (2 ملوك ك 2: 11 ). الرسل الثلاثة ( يعقوب، بطرس ويوحنا الحبيب ) يَظهرُ الرسل عند قدمَي المسيح مذعورين من الحدث ومنكبّين على وجوههم. على عكس النبيّين اللذين يظهران ساكنين. وهذا ما يؤكّده متىّ الإنجيلي بقوله: "ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جدّاً". إنّ قوى نور الطبيعة الإلهية التي للمسيح حوّلت التلاميذ إلى نورٍ بعد أن كانوا قد فقدوا كلّ توازنهم البشري. في اسفل الأيقونةِ تحت السيد المسيح نرى رَدَّة فعل الرسل الثلاثة عند رؤيتهم السيد المسيح متجلياً. بحيث أن: + يعقوب يبدو منذهلاً، يحاول أن يهرب، ويضع يده على وجهه كي يحميه من النور الساطع. + يوحنا الحبيب يبدو يوحنا في الوسط ساجداً وكأنه مُلقى على الأرض إذ يدير ظهره للمشهد، حركة يده تشير إلى التأمّل. + بطرس نرى بطرس أيضاً يَسْجدُ ويرفع يده اليمنى نحو السيد المسيح مُظهراً رغبته في بناء المظال الثلاثة. الجبال الجبال في الأيقونة تمثّل العهد القديم فنلاحظ فيهما تجويف وفراغ، وهما خاليين من النباتات، في حين أنّ الجبل القائم في الوسط ممتلئ يختلف لونه عن الجبلين الجانبيّين، وتنبت فيه الحياة. إنّه العهد الجديد، فهو "لا ينقض القديم بل يكمّله". ملاحظة: نلاحظ أن ملابس الرسل في حال من الفوضى دلالة الى وقع الحدث الذي لا يمكن وصفه. كما وقد حرص الرسّام على جعل حركة جسمي يوحنّا ويعقوب متشابهتين للدلالة على أنّهما أخوان. أمام هذه الأيقونة الرائعة نلاحظ الدعوة الالهية للتجلي (ومعناه التحول والتغير) الدعوة الى الارتقاء والصعود على جبل القداسة لاكتشاف بهاء الله الآب القدوس والتسامي نحو الأعالي… هي دعوة للنمو الروحي التي لا تتوقّف أبدًا وهي كانت منذ الأزل وللأبد. |
|