الطريقة الصحيح للتفكير في المجيء الثاني
تكلّم السيد المسيح كثيرًا عن أهمية حياة الاستعداد... واستخدم الاستعداد لمجيئه الثاني كوسيلة للاستعداد في حياتنا الشخصية. لأن العالم سينتهي بالنسبة لأي إنسان مع انتقاله من هذا العالم. فمجيء السيد المسيح الثاني لن يغير الوضع كثيرًا بالنسبة لأي إنسان من حيث استعداده الشخصي لملاقاة الرب.. والذين سيكونون في العالم في وقت مجيء السيد المسيح الثاني عليهم أيضًا أن يستعدوا، لكن ما الفائدة من أن يظل الإنسان يفكر في ميعاد نهاية العالم ثم تنتهي حياته هو شخصيًا على الأرض ولم يكن مستعدًا؟
فلو فُرض أن عرف الإنسان أن العالم سينتهي بعد ألف سنة من الوقت الحاضر، بينما لم يستعد هو نفسه لأنه يعلم أنه لا يزال هناك ألف سنة أخرى. حياته هو لن تطول ألف سنة، فما الفائدة من معرفته بميعاد نهاية العالم؟!! لذلك كان السيد المسيح متعمدًا كما أيضًا في التدبير الإلهي أن لا يعلن متى ستكون نهاية العالم لأن هذا سيكون مدعاة للناس أن تتمسك بهذا العالم. لكن الكتاب ينذرنا دائمًا بزوال هذا العالم وانتهائه لنفهم أيضًا أن العالم سينتهي بالنسبة لنا شخصيًا بانتقالنا من هذا العالم، فالبعدين مرتبطين معًا.
لذلك حينما تكلّم السيد المسيح عن مثل العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات قال في نهاية المثل: "فاسهروا إذًا لأنكم لا تعرفون اليوم ولا الساعة التي يأتي فيها ابن الإنسان" (مت25: 13).
كذلك حينما تكلّم عن نهاية العالم قال: "اسهروا إذًا لأنكم لا تعلمون في أية ساعة يأتي ربكم.. لذلك كونوا أنتم أيضًا مستعدين لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الإنسان" (مت24: 42، 44) والمعروف أن "ابن الإنسان" هو الرب السيد المسيح نفسه لأنه تجسد من العذراء مريم وصار إنسانًا.
إذًا الشيء الذي يستفيد منه الإنسان في تذكّره لنهاية العالم هو أن لا يحب العالم.. ليس المقصود هو كراهية الناس، بل عدم محبة المادة والحياة الزمنية. وأن يشتاق إلى الأمور السمائية وينتظر الحياة الأبدية.
في نهاية قانون الإيمان الذي يقال في الصلوات الخاصة وفى القداسات والأسرار إلخ. نقول {وننتظر قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي آمين}. ففيما نحن ننتظر حياة الدهر الآتي ونهاية العالم نتذكر قيامة الأموات. وهذا هو الأسلوب السليم للتفكير في نهاية العالم. فنهاية العالم بالنسبة لنا هي بداية استعلان ملكوت الله في الحياة الأبدية.