أسبوع الآلام الذي لمخلصنا الصالح يسوع المسيح
كان في البداية هناك يوم واحد يصام فيه وهو يوم الجمعة العظيمة وقد حفظ هذا اليوم في اللاشعور المسيحي ضدًا لفرح اليهود بعيد 14 نيسان، وكانت غايته هي الشهادة بالأسف والأسى الذي ملأ قلوب المسيحيين عندما يفكرون في إخوانهم من شعب إسرائيل الذين لم يقبلوا إلى معرفة المسيا.
والى هذا اليوم (يوم الجمعة العظيمة) أضيف اليوم التالي له وهو يوم السبت الذي أعتبر بالأحرى ذا خاصية الاستعداد المباشر للعيد.
ولقد أشارت الديداخى (تعليم الرسل) إلى صوم هذين اليومين لاسيما المقبلين إلى المعمودية (الموعوظين) (1) ومعروف إن يوم القيامة في البداية المبكرة جدًا في الكنيسة كان ليلة عيد القيامة. فتقول الديداخية (قبل المعمودية، ليصم المعمد والذي يعتمد ومن يمكنه (ذلك) من الآخرين وأوص الذي يعتمد، أن يصوم يومًا أو يومين قبل المعمودية) (4:7) .
وهو نفس ما تذكره قوانين هيبوليتوس القبطية في القانون (4:19) وأيضا تحدث العلامة ترتليان (160-225 م.) في كنيسة شمال أفريقيا عن (صوم الفصح) الذي كان يبدأ يوم الجمعة العظيمة ويدوم حتى فجر أحد القيامة. كما يذكره القديس إيريناؤس (130-200 م.) في عبارة له أوردها يوسابيوس المؤرخ (إن صوم ما قبل الفصح هو يومان أو ثلاثة أي انه في القرون الثلاثة الأولى كانت فترة استعداد الفصح لا تتعدى يومان أو ثلاثة أيام).
ثم كان التطور التالي لذلك وهو صوم الأسبوع كله وهو أسبوع الفصح (ستة أيام) والذي عرف فيما بعد باسم (أسبوع الآلام) وأول ذكر جاء له في الدسقولية السريانية (ديداسكاليا اى تعاليم الرسل) التي تم تدوينها في شمال سوريا مابين عامي (200 -250 م) وكان قد حفظ أولا في كنيسة أورشليم ولقد كان صوم الأربعيني منفصلًا عن صوم أسبوع الآلام خلال مرحلة تاريخية معينة وكان الصوم يبدأ بعد عيد الأبيفانيا (عيد الغطاس) مباشرة وهو الثاني عشر من طوبة على نحو ما فعل مخلصنا له المجد، ثم يفطرون فىاليوم الثاني والعشرين من أمشير وبعد ذلك بمدة يعملون جمعة الآلام ويختمونها بعيد القيامة. وظلوا على هذا الحال إلى أيام البابا الأنبا ديمتريوس الكرام البابا الثاني عشر من باباوات الإسكندرية (188- 230) وهذا قرر أن يكون أسبوع الآلام تاليا لصوم الأربعيني،وظلت مدة الصومين معًا أربعين يومًا، وبعني أخر كان الصوم الكبير ذو الأربعين يومًا ينتهي يوم الجمعة العظيمة وليس جمعة ختام الصوم كما نعرف اليوم اى أن فتر ة الصوم الكلية أربعين يومًا فقط حاوية فيها أسبوع الفصح المقدس، وهذا ما تؤكده الرسالة الفصحية الثانية للبابا أثناسيوس الرسولي (328-373 م.) والتي كتبها سنة 330 م. وان يكون الفصح المسيحي في الأحد التالي لفصح اليهود، وهذا هو التقليد الذي اتبعته كنائس مصر وفلسطين وروما فقد كتب البابا بذلك إلى بطاركة الكراسي الثلاثة وهم فيكتور بطريرك رومية،ومكسيموس بطريرك إنطاكية، وأغابيوس أسقف أورشليم إلا إن الشرقيين تمسكوا بما كانوا عليه وهو الاحتفال بالفصح يوم 14 نيسان مع اليهود سواء وقع يوم أحد أم لا بحجة أن هذا ما تسلموه من بوليكربوس تلميذ يوحنا الرسول.
ظل أباء الكنيسة طوال القرون الثلاثة الأولى يجاهدون لتوحيد هذا العيد، حتى جاء مجمع نقية سنة 325م وقرر أن يكون العيد في الأحد التالي ليوم 14 نيسان حتى لا يعيدوا قبل اليهود أو معهم واستمرت الكنائس تسير على هذا النظام إلى أن اصد البابا جريجورى الثالث عشر أمره بالإصلاح المشهور سنة 1582م مما ترتب عليه انقسام الكنيسة إلى فريقين، اولهما يتمسك بقرار مجمع نيقية وهم الأقباط ومن معهم، والثاني يتبع الإصلاح الغريغورى.