« لأنه إن لامتنا قلوبنا فالله أعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء » (1يو20:3)
إن كنا نريد حقاً الدخول إلى حضرة الله بحرية الروح ويقين الإيمان، فعلينا أن نحذر من المعوقات التي تجعل إلهنا القدوس يمتنع عن منحنا ما نطلب. فيقول المرنم بصراحة « إن راعيت إثماً في قلبي، لا يستمع لي الرب » (مز18:66) . نعم إن وجود أي شر في القلب أو الحياة، يمنع أية إمكانية لصلاة الإيمان. ولكن أريد أن ألفت نظر القارئ العزيز إلى بعض الفصول الكتابية المحدودة جداً في العهد الجديد، والتي تشير إلى بعض هذه العوائق والمعطلات بصورة واضحة.
أولاً؛ دعونا نأخذ في اعتبارنا القلب الملوم أو الـمُدان، ونتأمل في العبارات الواردة في صدر هذا المقال « لأنه إن لامتنا قلوبنا، فالله أعظم من قلوبنا .... إن لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله، ومهما سألنا ننال منه لأننا نحفظ وصاياه » (1يو20:3، 21، 22). والجزء من ع14 إلى نهاية الإصحاح أكثر إيضاحاً، ويعطينا نوراً كاملاً، إذ يُرينا أن الذي يصلى بثقة لأجل احتياجات برزت أمامه، عليه أن يسلك في المحبة واعتبار الآخرين وتقديرهم، ويساهم في سد أعوازهم كلما سنحت الفرصة. ومن الجهة الأخرى، كيف يمكن أن يأتي المصلى إلى الله بقلب غير ملوم ويكون في ذات الوقت مغلقاً أحشائه عن الفقير، إذ أنه مكتوب « من يسد أذنيه عن صراخ المسكين، فهو أيضاً يصرخ ولا يُستجاب » أم13:21). وعليه فإن كنا نتوق لأن ننال رحمة معينة من الرب، فدعونا إذاً نُظهر للآخرين ذات الرحمة، وإلا فإن قلوبنا حتماً سوف تلومنا، ولن يمكننا بالتالي أن نصلى في الروح القدس. إن الروح المتجمدة واللامبالاة إزاء احتياجات الآخرين، سواء كانت الروحية أو الزمنية، سوف تعوق بشدة وصول صلواتنا إلى أذن الله.
وهذا المبدأ يمكن تطبيقه على نطاق واسع. فأي شيء ممكن أن يلومني في ضميري سيعيق الصلاة، وما لم نحكم على هذه الأمور جيداً، فإن توسلاتنا وتضرعاتنا سوف تذهب هباء.
دعونا إذاً نفحص أنفسنا أولاً ونرى إن كنا متساهلين بالفعل مع أي شيء في حياتنا يُحزن الروح القدس؟ وإن كان الأمر كذلك، فإنه لن يمكننا أن نصلى كما نرجو، إذ أن الله لم يَعِدنا أبداً بأن يستمع لصراخ شخص على قلبه ما يدينه. ولكن إذ دين الكل في محضر الله، وعادت الشركة في نقائها وصفائها، عندئذ يمكننا أن نصلى في يقين الإيمان.