رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
"... وأضجعته في المذود لأنّه لم يكن لهما موضع في المنزل" (لو 2: 7). منذ مولده من مريم البتول لم يكن لابن الإنسان "أين يسند رأسه" (لو 9: 58). هذا لأنّ البشريّة "لم تقبله" (يو 1: 11) . دخل في مذود وخرج على الصليب . ليس وحده كذلك. تلاميذه أيضاً كانوا مرفوضين. "إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم..." (يو 15: 20) . بعض الناس قَبِله. هؤلاء هم القطيع الصغير (لو 12: 32). حملان بين ذئاب (لو 10: 3) . خراف يحدّثون عن "حمل الله الرافع خطيئة العالم" (يو 1: 29) . ذبائح تحكي الذبيح. كل المهمَّشين عليهم وشم مسيح الربّ . في عالم القوّة الضعيف مُهمَّش. في عالم الظلم العدل مهمَّش. في عالم الباطل الحقّ مهمَّش . لذا كان الضعفاء وأُولو العدل وصَحْبُ الحقّ إلى السيّد وضعاً . إلى هؤلاء وأمثالهم من مهمَّشي الأرض كانت الدعوة: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أُريحكم" (مت 11: 28). الفقر، في نهاية المطاف، خير من الغنى لأنّه بالفقر يتسنّى لك أن تحسّ وتنوجع، وأن تصير إنساناً. تحسّ، إذ ذاك، بثقل الفقر على الناس . تصير وإياهم في مركب واحد. الفقر، والحال هذه، فرصة. ليس ضمانة. بعض الناس فقرهم يؤول بهم إلى الكفر. ولكنْ ثمّة مَن يأتي بهم إلى الحنان. الفقير ، إذ ذاك، يصير إلى الفقير كلاهما، ساعتذاك ، يعبّ من مَعين غنى القلب. كلاّ ليس الإنسان بما يعمل ولا بما يقتني. الإنسان هو القيمة لأنّه قلب. وكل ما يذهب بالقلب يذهب بالناس . الغنى تجربة قاسية لأنّه يقسّي القلب. إنسانياً، الغنى هو الفقر لأنّك إن لم تغتنِ بما للقلب، بما للحسّ ، تبقى فقيراً إلى الإنسانية الحقّ. ليس أنّ الأغنياء أو الذين في السلطة هالكون لا محالة. كلّ شيء عند الله مستطاع . لكن الغنى والسلطة يُسقطان في الزهو ويضربان بالعمى . طوبى لغني سلك في الفقر وأسبغ غناه على الفقراء ولصاحب سلطان تسيَّد، بنعمة ربّه، على بهيميّة نفسه وجيّر اقتداره لخدمة المظلومين والمقهورين. هؤلاء يكونون قد تخيَّروا، لأنفسهم، المذود مُقاماً وتشبّهوا بسيّد الأكوان وحدّثواعن عطاياه الفائقة لا في الدهر الآتي وحسب بل في هذا الدهر الحاضر أيضاً. يسوع ابن الإنسان لأنّه الإنسان جديداً. آدمُ. خلقٌ جديد. علّمني، اللهمّ، أن أصير إنساناً! لا يولد الإنسانُ إنساناً بل مشروعَ إنسان . يصير إنساناً إذا ما اقتدى بالسيّد، بابن الإنسان . الإنسان العتيق، إنسانُ قِيمِ هذا الدهر، كاللصوص يعرُّونك من قيمتك كإنسان ويجرِّحونك بالقهر والذلّ وينصرفون عنك باللامبالاة واللاحسّ ويتركونك بين حيّ وميت (لو 10: 30). ولكن يأتيك السيّد سامرياً صالحاً. والسامري هو صاحب الأرض ، الحارس والمراقب، العارف بمكنونات القلوب لأنّ الكل منبسط لديه. هو يأخذك على عاتقه، يطبِّبك بالوصيّة ويكلِّف بك الملائكة والقدّيسين ويجعلك في كنيسته، كفي فندق، حتى تتعافى ويتابع شأنك ولا يتركك إلى أن تصير جديداً. يبثُّك روحه لكي لا تخور وتشتدّ عليك العتاقة من جديد. هذا هو يسوع الذي جاء ليستوطن المذود عساك به تستوطن الإنسانية الحقّ. ومن المذود يأخذك إلى حيث كان قبل أن ينزل . هو صار إنساناً. اتّخذك وشابهك في الذلّ لأنّه أحبّك، وأحبّك لذاتك حتى إن عرفته وذقته طاب لك أن تكون حيث هو كائن. قصده، في نهاية المطاف، ليس أن يحسِّن ما لك ههنا. قصده أن يعطيك الأبدية. ليتك تدرك في هذا الميلاد أن خالق السماوات والأرض هو الذي قبع في المذود لأجلك ولأجلي لكي يجلببنا بالنور، بالمجد . للألوهة خُلق الإنسان لا لترّهات هذا الدهر . المذود اليوم عرش المساكين لدى الله! " مع العظماء يقسم [السيّد] غنيمة من أجل أنّه سكب نفسه للموت" (إش 53: 12)..!! |
|