رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نعمة الله ومقاصده مَنْ سَيَشْتَكِي عَلَى مُخْتَارِي اللهِ؟ ... مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ .. مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ ( رومية 8: 34 ، 35) في رسالة رومية نرى الروح القدس يقود القديسين في طريقين مختلفين: طريق النعمة (ص1-8)، ثم طريق المعرفة (ص9-11). يتطلع إلينا الرب في بادئ الأمر فيجدنا في ذُلنا وخرابنا العظيم، خطاة أعوزهم مجد الله، وقد زاغوا وضلوا بعيدًا عنه. هذا هو حالنا في بداية رومية. من هذه النقطة نبدأ سيرنا، ومن مراكزنا الدنيئة نراه يقودنا إلى مرتفعاته العالية، ومن خرابنا وفقرنا إلى عجائبه وغنى نعمته، وهناك ثبَّت أقدامنا على صخرة عالية نستطيع منها مقاومة كل أعدائنا، ونرى أنفسنا أعلى من أن تصلنا أيدي مقاومينا مهما تطاولت واشتدت. هناك تتغيَّر لغة الضعف الأولى، وتحلّ محلها لغة الغلبة والانتصار: «مَن سيشتكي؟ مَن سيدين؟ مَن سيفصلنا؟». هذه هي اللغة التي يتغنى بها القلب في ذلك المكان الأمين. وإذ قد قادنا هكذا كل الطريق الأولى – طريق النعمة – وأنهى كل مخاوفنا إلى الأبد، نراه يمسك بيدنا مرة ثانية، ويقودنا في طريقٍ آخر هو طريق الحكمة أو المعرفة، حيث نتعلَّم ليس ما نحتاجه كخطاة، ولكن غنى نعمته العظيمة وأسرار مشوراته الأزلية من أولها لآخرها، ولا يترك يد ذلك الخاطئ الذي نال الخلاص إلى أن يُوقفه على صخرة عالية أخرى، ويملأ قلبه بنشوة فرح أخرى تجعل روحه تفيض غبطةً وسرورًا، ليس بسبب بركاته الغنية ومراحمه الواسعة، كما في آخر الطريق الأولى، ولكن مجرد الفهم والإدراك لطرق ومقاصد الله، ونور الإعلانات الإلهية التي كُشفت له. وفي إنجيل يوحنا ورؤيا يوحنا نرى فيهما وصفًا كاملاً لهذه الأمور. ففي الأول ترى خاطئًا تلو الآخر، وكلهم منقادين في طريق النعمة من هوة خرابهم السحيقة إلى مرتفعات الله، حيث الخلاص والسلام التام، وهناك يتهللون بتلك الروح التي تراها في ختام رومية 8. ثم في سفر الرؤيا ترى كيف أن يوحنا نفسه في حالته كخاطئ مُخلَّص وقد عبر طريق النعمة إلى نهايتها، يتمتع بالمسير في طريق الإعلانات الإلهية، ويتعلَّم أسرار الأختام والأبواق والجامات، إلى أن يرى أورشليم المقدسة، فتمتلكه نشوة الفرح التي نراها في ختام رؤيا11. حقًا إنهما لطريقان مُفرحان. في آخر أولهما يتهلل الخاطئ بالحالة التي وصل إليها بخلاص أكيد وأبدي، وفي آخر الثانية يتهلل القديس بمشورات الله المُعلنة له لكي يسير في النور كما أن الله في النور. |
|