عجائب القديسين كيروس ويوحنا(7)
عن إيليا الأبرص :
إن المعجزة الهائلة التي تمت لإيليا الأبرص من قِبل القديسين ، إن سمعه أحد ليس فقط سيمجد صانعيها بل بالأكثر إن استطاع سيستشهد بسبب هذه المعجزة . لأن إيليا هذا كان أبرص ، وكان يعاني من هذا منذ مدة طويلة ، ولم تكن مقتصرة فقط على عضو واحد فيه ، بل كانت علامات المرض تملأ جسده كله ، وكان مرض ذاك (البرص) كريه ونجس حسب الشريعة الموسوية ، والإنسان المُصاب به كانوا يطردونه خارج المحلة والمدينة وكان يُستبعد من بني جنسه كمرذول ونجس .
وإذ كان لإيليا تلك الوصمات ، كعلامات الخطية الموجودة فيه ، فقد فشل في علاجه كل الأطباء وذوي العلم في ذلك الوقت . فتوجه إلى الشهيدين كير ويوحنا ، وهو يريد أن ينال الشفاء من أمراضه ، وواثقاً أنه بالتأكيد سيناله . ومر وقت ليس بقصير من حين حضر ، ولكنه لم يجد أية منفعة ، ولكن كان القديسين يدخرون له الشفاء بتدبير معين .
لأن الذي قد حدث له كان بضربة شيطانية وكانوا أيضاً يريدون أن يعطلون شفائه ، ويقطعون رجائه بالقديسين ، وهكذا لم يستطع بعد البقاء في البيعة . لأنه ثقيل هو احتمال عدم الاهتمام ، وهي حرب شديدة للأرواح المحبة لله ، وهي قادرة على تحطيم النفوس الكبيرة إذا لم تُنتزع سريعاً من البداية تلك الخيالات الشيطانية التي للوقت الظهيرة (هناك اعتقاد أن لكل وقت من النهار هناك شياطين خاصة به ) .
وهكذا الأبرص إذ كان قد قرر المجيء آملاً أن ينال الشفاء ، ولكن لم يستطيع بعد أن يحتمل ذاك اللهيب ، فقام ومشى وترك البيعة ونعم الشهيدان المقدسة ، وكل شفاءات الأمراض التي تنبع من هذا المسكن .
أما القديسين فإذ قد رأوه في ذلك الوقت يتذمر على شفائه ، فرحموه مشفقين عليه ، متغاضين عن عدم تعقله أو إهانته لهم . وإذ كان في طريقه نحو ميترا ، في منتصف النهار صادفه القديسين الشهيدين في شكل رهبان ، مؤثرين عليه بمودة نقية ، وسألوه من أين يأتي وإلى أين يتوجه . أما ذاك فإذ كان في الحقيقة غير مبالي صرح لهم وتكلم عن القديسين وعبّر عن سخطه . ولكن الشهيدان أمروه أن يقول لهما لأي سبب ذهب هناك . أما ذاك فقال ” السبب ها أنتم ترونه ، لأنه غالباً ليس هناك داعي أن يقوله أحد . أما الطوباويان فسألوه مرة أخرى ، ولأي سبب انصرفت قبل التحرر من الداء ؟ فذكر لهم زمن الانتظار وأنه لم يستفد بشيء في فترة بقائه وكدليل على ذلك تلك البقع البيضاء القبيحة التي فيه . أما القديسان فلاماه ليس لأنهم لا يقدران أولا يريدان ، بل قالا له أنه غير مستحق لهذه الهبة بالإضافة للخشوع والتمييز التي كان يجب أن يتصف بهم .
أما أولئك القديسين المحبوبين مشفقين عليه بأكثر من ذلك ، قالوا له “ثق وعد إلينا الآن مسرعاً ، وانظر عجائب الله ، وافتقاد القديسين لك . وإذ تصل إليهم في البيعة ، ستجد أربع جمال عند البئر يدورون حوله ، ومتأملاً في الرابعة تأخذ مخلفاتها وتحللها بماء البئر ، واستخدم هذه الخلطة وامسح بها جسدك كله دون أن تترك شيء دون استخدامه ، لئلا يبقى أي جزء دون أن يوضع عليه هذا الدهان ويبقى المرض ملازماً له” وإذ قالوا له هذا وجهاً لوجه ، اختفوا من أمامه تماماً .
وإذ قد استوعب مباشرة هذه الرؤية المقدسة أن أولئك الشهيدان هما الظاهران له بأنفسهم والآمرين له ، توجه مباشرة إلى بيعتهم المقدسة ، وبجوارها وجد البئر والجمال التي قالوا له عنها ، وأمسك بمخلفات الرابعة وبللها بماء البئر ، ومسح بها جسده . وكان لم يزل هناك شيطان يحسده ، لأنه لم يدهن بهذا الدهان وجهه ، لأنه كان يجزع من تنظيفه .
ولهذا بحسب الوصية الإلهية التي من قبل القديسين ، كل جسده مباشرة برأ من كل العلامات ، أما وجهه فبقي فيه بقع . فظهر بوضوح امتحان عدم طاعته لهم ، وقوة الشهيدان ، وأصبح كارز صامت وشهيد أمين بالحقيقة للوصية الغير منطقية التي أُعطيت له .
وأدان إيليا ذاته كثيراً لعدم طاعته ، ولم يقدر أن يسترجع نهائياً ما سبق كعيسو الذي لم يستطع أن يسترجع البكورية بدموع .
عن Theopempton ( ثيئوبمتون ) الذي به روح نجس :
ثيئوبمتون والذي يعني مُرسل من الله فهو مثال لكل من له نفس اللقب . وسنسرد المعجزة التي حدثت معه ، والتي ستبهج الأتقياء الذين سيسمعونها ، وستكرز أيضاً بأقوى التماجيد عن عمل القديسين ضد الشياطين .وإذ كان ثيئوبمتون مصروعاً بشدة ، وكل من كان ينظر إليه تجري من عينيه الدموع إشفاقاً على ما هو عليه. إذ أن هذا المرض ليس خاص بالجسد ، ولكن مرض الروح التي لا تموت ، وفي هذا المرض ظل ثيئوبمتون ثمانية عشر عاماً خاضعاً وغير قادراً على تحمل وحشية الشيطان ، وأخيراً توجه إلى كير ويوحنا الشهيدين الذين يقدرون على طرده . وإذ قد قطع المسافة الأكبر من الطريق بتعب شديد (لأنه فعل ذلك ماشياً على قدميه بسبب قلة إمكانياته المالية) وإذ قد وصل عند غروب الشمس إلى البيعة ، وبعد تعب كبير قد استنزف كل قواه ، ففي فناء البيعة الخارجي تمدد غير قادراً حتى عل سير هذه المسافة الصغيرة لداخل البيعة ولكنه ظل عند مدخل البيعة . وهناك إذ كان نائماً طوال الليل ، ظهر له الشهيدان محبي البشر بشكل مألوف وليس غريب ، ودعوه بإسمه قائلين : أيها الأخ ثيئوبمتون ، ها الروح الشرير الذي يضايقك ويشقيك ، بإسم يسوع المسيح الذي احتمل الصليب لأجلنا ، تحررت منه . ولكن مجرد أن تقوم تشكر الله وتذهب إلى بيتك .
أما ذاك فغير منتظراً أن تظهر الشمس على الأرض بالإضافة إلى التعب الذي هرب منه كما هرب الروح الشرير منه ، قام مباشرة من المكان الذي كان نائماً فيه وجاء إلى البيعة وبعدما قد الشكر لله وللشهيدين لأجل نعمة هذا الشفاء العظيم فرحاً ومتهللاً ومعلناً عظم المعجزة ، انصرف .
ترجمة: يوحنا فورتوناس وإيريني مفرودي
من المجلد 78 من سلسلة البترولوجيا