|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
مقدمة
"رحلة الى المرتفعات" هى قصة رمزية من الادب الروحى تحكى عن حياة كل من يجاهد فى طريق الخلاص. شخصيات الكتاب"رئيس الرعاة ": هو رب المجد يسوع "خوافة": هى كل نفس تسعى للهروب من ضعفتها الممثلة فى "عائلة الخوف " لتنطلق الى السماء التى هى "المرتفعات" بواسطة التجارب التى تنقى النفس اى "اشجان والام ". وتظهر محاربات عدو الخير فى "كبرياء وجماعته" ولقد وضعنا الايات فى بداية كل باب لتوضيح المراحل المختلفة للرحلة ونترك لخيالك ايها القارئ المحبوب استنباط بقية الرموز من معانى روحية جميلة |
20 - 07 - 2014, 11:24 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل الأول: دعوة الى المرتفعات
فى الليل يحل البكاء مز 5:30 هذه هى قصة " خوافة " وكيف هربت من اقاربها "عائلة الخوف" ، وذهبت مع رئيس الرعاة، حيث "المحبة الكاملة تطرح الخوف خارجا" 1يو 18:4 لسنين طويلة كانت خوافة تخدم رئيس الرعاة الذى كان له قطيع كبير يرعى فى "وادى المذلة"، حيث كانت تعيش فى كوخ ابيض صغير وهادئ فى "قرية الاضطراب" كانت تحب عملها وتشتهى ان ترضى رئيس الرعاة، ولكن على قدر سعادتها كانت تشعر بإعاقتين تمنعانها من اتمام عملها على الوجه الاكمل ، مما ادى الى شعورها الخفى بالالم والخجل. اول اعاقة كانت قدماها العرجاوان ... فكثيرا ما كانت تسقط على الارض اثناء تأدية عملها. اما الاعاقة الثانية فكانت فى فمها ، الذى كان مع قبح منظره يتلجلج ويتعثر كثيرا فى النطق والكلام. وكانت هاتان العاقتان تثيران دهشة كل من عرف انها فى خدمة رئيس الرعاة .. ولذا كانت تتوق الى التخلص منهما ، وتصبح جميلة لبقة وقوية مثل كثير من خدام رئيس الرعاة، ولكنها كانت تخاف لانها كانت تظن انه لا نجاة من هاتين العاقتين . هذا بالاضافة الى مشكلة اكبر ... وهى انها من "عائلة الخوف" . كان اقاربها منتشرين فى كل انحاء الوادى ، فلا امل فى التنصل او الفكاك منهم. فكيتيمة ، كانت قد تربت فى بيت عمتها "مدام متشائمة" ، وبنات عمتها "كئيبة" و "متذمرة" واخيهم "جبان" الذى كان دائما يضايقها ويضطهدها. ومثل باقى العائلات التى كانت تعيش فى "وادى المذلة" كانت "عائلة الخوف" تكره رئيس الرعاة وتضايق خدامه ، فما بالك بالعار الذى لحق بهم بانضمام احدى افراد اسرتهم الى خدامه !! وعليها تحايلوا ما استطاعوا بالتهديد مرة وبالترغيب اخرى محاولين ارجاعها عن رأيها ، وهى صامتة ليس لها اى حيلة الا البكاء . وفى يوم مشئوم وضعوها امام قرار العائلة الذى لا مفر منه وهو ان تتزوج ابن عمتها "جبان" وتستقر وسط اهلها والا .... !!؟؟ وفى صباح اليوم التالى ، عندما ارسلت الشمس اشعتها الذهبية على الكون وقت الشروق، تذكرت "خوافة" ان رئيس الرعاة سيكون بجانب غدير المياه خارج القرية ليسقى اغنامه. فقد كانت عادة خوافة ان تذهب الى هناك باكرا كل صباح، لتتعرف على رغباته، وتتلقى اوامره لذلك اليوم ثم تعود وقت الغروب لتخبره بكل ما حدث لها اثناء النهار. لذا اسرعت خوافة لتقابله عند غدير "المناجاة" وكلها ثقة بأنه لن يتركها فريسة لاقاربها بل سيجد لها منفذ. وعندما وصلت وجدت رئيس الرعاة فى انتظارها . " ماذا افعل يا سيدى ؟ كيف اهرب ؟!! اذا تزوجت جبان فسأظل اسيرة الى الابد .. " قالت خوافة هذا وهى تبكى ، بعد ما انتهت من سرد ما حدث لها طيلة اليوم . " لا تخافى " هكذا طمأنها رئيس الرعاة : انت فى خدمتى ، واذا وثقت بى فلن يستطيعوا ان يرغموك على الزواج ابدا ولكن لا تدعى احد من اقاربك "عائلة الخوف" يدخل الى كوخك لانهم اعداء الملك الذى صرت انت خادمة له " . خوافة : " اعرف ذلك جيدا ، ولكن كلما قابلت احد من اقاربى تخور قواى، ولا استطيع مقاومته. انهم منتشرون فى كل مكان فى الوادى فلا يوجد مفر من مقابلتهم، فيبدو اننى لن استطيع الخروج بمفردى ابداً " قالت خوافة هذا ، ورفعت عينيها الى الجبال التى كانت تحيط بالوادى واكملت : " لو انى اقدر على الهروب من الوادى واذهب الى المرتفعات ؟! " وحالما نطقت خوافة بهذا قال لها رئيس الرعاة: " لقد انتظرت طويلا لاسمع منك هذا... سيكون فعلا افضل شئ ان تتركى الوادى وتذهبى الى المرتفعات ، وسأقودك الى هناك بنفسى ، ان هذه المرتفعات هى حدود مملكة ابى .. مملكة الحب .. حيث لا يوجد خوف من اى نوع .. حيث المحبة الكاملة تطرح الخوف الى خارج" نظرت اليه خوافة فى دهشة : " اذهب الى المرتفعات !!؟ واعيش هناك ؟!! يا ليتنى اقدر !! طوال الشهور الماضية وانا احلم بهذا ، ولكنه غير ممكن .. اننى عرجاء !! احنت خوافة رأسها الى اسفل ، ونظرت الى قدميها ، فامتلأت عينها بالدموع ونفسها بالحزن، واكملت: هذه الجبال عالية وخطيرة ، لدرجة انه قيل لى ان الغزال والايل فقط تستطيع الصعود عليها " رئيس الرعاة : " هذا صحيح .. الطريق الى المرتفعات صعب وخطير .. لابد ان يكون هكذا حتى لا يستطيع اعداء المحبة ان يتسلقوا ويدخلوا المملكة !! لانه لا يوجد شئ به عيب او نقص يستطيع ان يدخل مملكة المحبة. ولكن يا خوافة اننى استطيع ان اجعل رجليك كالأيل واقيمك على المرتفعات. هناك تكونين معى دائما وبعيدة عن يد اعدائك .. وكم انا سعيد ان اعرف انك تتوقين الى الذهاب هناك. خوافة : تجعل قدمى كالأيل !! ماذا عن فمى ؟ انت تقول لا شئ به عيب يستطيع ان يدخل مملكة المحبة . رئيس الرعاة : لابد ان تتغيرى قبل الوصول للمرتفعات . ولكن اذا اردت الذهاب معى ، اعدك بجعل رجليك كالايل وفمك بلا عيب ، لانه توجد ينابيع مياه للشفاء بالقرب من المرتفعات ومن ينزل فيها تزول كل اوجاعه وكما يجب جعل رجليك كالايل ، يجب ايضا ان يتغير اسمك ، لانه من المستحيل " لخوافة " من "عائلة الخوف" ان تدخل الى مملكة الحب. هل انت على استعداد لهذا التغيير الشامل يا خوافة ؟!! اجابت خوافة بأمل : نعم ، انا مستعدة . ابتسم رئيس الرعاة وقال بجدية : هناك شئ اخر ولكنه اهمهم .. يجب قبل ان تدخلى الى مملكة المحبة ان تكون المحبة مزهرة فى قلبك .. هل فى قلبك غرس الحب يا خوافة ؟ عندما قال رئيس الرعاة هذا ، ثبت نظره عليها كمن يفحصها ، وادركت خوافة انه يبحث فى قلبها عن غرس الحب . لم تعرف خوافة بماذا تجيب ، اذ ادركت انه يعرفها اكثر من معرفتها لنفسها، نظرت اليه فرأت وكأن كيانها مكشوف امام عينيه . بعد مدة قالت : " يبدو لى ان هناك حب بشرى ولكنه ليس كالحب الذى اراه فيك " رئيس الرعاة : " اذن هل تدعيننى اغرس فيه بذرة الحب الان ، لتكون مستعدة للازهار وقت وصولك للمرتفعات؟" تراجعت خوافة مرتعدة : " انا خائفة ... لقد قيل لى انك اذا احببت شخصا ما ، فإنك تعطيه مع الحب القدرة ان يجرحك ويؤلمك " اجاب : هذا صحيح فالحب معناه ان تضع نفسك فى سلطان من تحب للنهاية .. وانت خائفة من ألم المحبة اليس كذلك ؟ " نعم " ... واحنت رأسها فى خجل اجاب : " ولكن فى الحب سعادة . سعادة فى ان تحب بلا غرض . ودون مقابل " " كم هو صبور على ؟!! " هكذا فكرت خوافة نفسها ، ثم قالت بصوت عال وبسرعة كمن هى خجلانة مما تقول : لكنى لن استطيع ان احب ، الا اذا تأكدت بأن محبتى ستقابل بالمثل، فهل اذا زرعت بذرة الحب فى قلبى تعدنى انى سُأحب كما احببت ؟ لانى لن اطيق غير ذلك !! ابتسم رئيس الرعاة ابتسامة مملوءة رقة وعذوبة وقال : " نعم اعدك يا خوافة انه عندما يحين وقت ازهار الغرس وتغيير اسمك سُتحبين فى مقابل محبتك" خوافة : " اذن من فضلك ، ازرع بذرة الحب فى قلبى الان " اخرج الراعى شيئا من جعبته ووضعها فى راحة يده ثم مدها الى خوافة : هذه هى بذرة الحب دنت خوافة لتنظر ، لكنها صرخت وتراجعت !! قد كانت هناك فعلا بذرة ولكن على شكل شوكة طويلة وحادة. كانت خوافة تلاحظ من قبل ان يد الراعى بها جراح فلاحظت الان ان الجرح الذى فى رسغ يده على نفس شكل الشوكة " هذه البذرة .. ألن تؤلمنى عندما تزرعها فى قلبى ؟!! " اجاب برقة : " انها حادة جدا لذا ستدخل بسرعة . ولكن ألم أقل لك ان الحب والالم متلازمين. اذا اردت الحب فلابد ان تذوقى الالم !! تقدمت خوافة فجأة وكشفت قلبها وقالت:"من فضلك ازرع البذرة هنا" اضاء وجه رئيس الرعاة بالسعادة ، وقال بنبرة فرحة : " الان انت قادرة على الذهاب معى الى المرتفعات لتصيرى مواطنة فى مملكة الحب " قال هذا وغرس الشوكة فى قلبها وصدق قوله ، اذ بعد الالم شعرت بعذوبة وحلاوة ملأت كل كيانها " ... ... " وسجدت عند قدميه كم انت حلو .. كم انت صبور .. لا يوجد من هو مثلك فى كل الوجود .. سأذهب معك للجبال وكلى ثقة انك ستجعل رجلى كالايل وفمى بلا عيب وتقيمنى .. حتى انا "خوافة" على المرتفعات. رئيس الرعاة : وانا ايضا سعيد بل اكثر سعادة منك سآخذك الى سفح الجبال بنفسى حتى لا يكون هناك خطورة من اعدائك. ولكن بعد ذلك سأتركك برفقة اثنتين متخصصتين لك يساندانك ويساعدانك على وعورة الجبال، حيث انك لن ترينى كل الوقت ولكنك متى طلبتنى فستجدينى ... اعدك بهذا وتذكرى اننى اخترت رفيقتيك بدقة شديدة، حسبما ارى احتياجك، فهل ستقبلينها بفرح؟ نظر اليها رئيس الرعاة بشفقة، لانه كان يعرف صعوبة الطريق وضيقه وتعبه، ولكنه لم يقل لها هذا، بل قال : اذهبى الان الى بيتك واستعدى للرحيل... لا تأخذى شيئا .. فقط اتركى كل شئ فى مكانه، لا تقولى لاى شخص عن هذه الرحلة لانها رحلة سرية ويجب ان تكون فى الخفاء. كونى مستعدة حتى حينما تسمعى صوتى يناديك تخرجى من منزلك وتتبعينى وبعدما قال رئيس الرعاة هذا اخذ اغنامه وقادها الى الحظيرة واما خوافة فرجعت الى منزلها والفرحة تملأ قلبها وفيما هى سائرة فى طريق عودتها واذ "بجبان" يعترض طريقها .. !! مسكينة خوافة !! كانت قد نسيت للحظات وجود اقاربها، وها هى تلتقى بأشرهم . فزعت خوافة ونظرت حولها شمالا ويمينا فلم تجد مكانا يمكنها ان تهرب اليه . فتراجعت فى خوف ، وكان هذا سببا فى اعطائه شجاعة اكثر ليستمر فى الجرى خلفها حتى امسك بها . فصرخت ، عندئذ ظهر امامها رئيس الرعاة وفى يده عصا ما كاد ان يرفعها على "جبان" حتى لاذ بالفرار ، لا يعرف الى اين يتجه فقط يبغى الهرب من رئيس الرعاة . انفجرت خوافة فى البكاء، فقد كان يجب ان تعرف ان "جبان" اسم على مسمى وانه كان يلزم فقط ان تنادى على رئيس الرعاة لتتخلص من قريبها هذا . كان الخجل يغطيها لانها رجعت الى طبيعتها القديمة، بعدما كانت تظن انها اوشكت على الخلاص منها. لم تستطع ان تنظر الى رئيس الرعاة ، ولكنها لو فعلت هذا لرأت عينين كلها رأفة ورحمة لان رئيس الرعاة طويل الروح وكثير الرحمة. لقد ظننت انه يحتقرها بسبب خوفها فتمتمت : " " وذهبت تعرج نحو قريتها وهى تقول فى نفسها : " ما فائدة ان افكر فى الذهاب للمرتفعات وانا لا استطيع ؟!! ان اقل شئ يعترضنى كفيل بأن يرجعنى مرة ثانية " شعرت خوافة بتحسن عندما وصلت الى منزلها واخذت تفكر فى احداث اليوم وتذكرت بذرة الحب المزروعة فى قلبها وعندها شعرت بنشوة وسعادة وتأملت فى محبته واخذت تعمل وتنظف الكوخ وهى تنشد : " اخبرنى يا من تحبه نفسى أين ترعى أين تربض عند الظهيرة" (نش 7:1) ثم نامت نوماً هادئاً . |
|||
20 - 07 - 2014, 11:24 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل الثانى
هجوم عائلة الخوف وأما من خاف فلم يتكمل فى المحبة " 1يو 18:4 استيقظت خوافة صباح اليوم التالى وهى تشعر بتحسن وتقول فى نفسها: "ربما أبدا رحلتى اليوم". كانت متأثرة لدرجة انها لم تستطع تناول افطارها، بل قامت تستعد للرحلة وهى تشعر بسعادة بالغة. ورتلت نشيد تعلمته من الرعاة قائلة : "انا سوداء وجميلة يا بنات اورشليم، كخيام قيدار، كشقق سليمان، لا تنظرن الى لكونى سوداء ، لان الشمس قد لوحتنى" نش 5:1-6 وهكذا انقضى الصباح ولكن فى الظهيرة حدث شئ فظيع .. هجوم على منزلها من اقاربها "عائلة الخوف" .. !! فجأة وجدتهم حولها داخل منزلها .. !! كانوا يريدون خطفها لتتزوج من "جبان" كان معهم رئيس العائلة وكبيرها السيد المستشار "رعب" شخصياً الذى قال لها مقلدا اللهجة الابوية الحنونة، انه يفهم انها تكره جبان، ولكنه على استعداد ان يريها خطأها، وان لم تقتنع فلن يفرضوه عليها. وهكذا اخذ كل اقاربها يتكلمون دفعة واحدة، فى محاولة للضغط عليها والمسكينة خوافة تجلس منكمشة، تسمع وفرائصها ترتعد ، فهى لا تستطيع ان تفعل شيئاً . بعد قليل سمعت خوافة، صوت رئيس الرعاة فى الخارج، واحسن وكأن جميع الاصوات الاخرى قد صمتت ، فلم تعد تسمع سوى صوته قائلا: " صوت حبيبى هو ذا آت ظافرا على الجبال قافزا على التلال. هوذا واقف وراء حائطنا يوصوص من الشبابيك وقال لى قومى يا حبيبتى يا جميلتى وتعالى" (نش 8:2-10) وهنا ادركت بأنه يناديها لتخرج معه الى المرتفعات ... هذه هى الاشارة !! ولكنها محبوسة داخل كوخها بسبب "عائلة الخوف" وغير قادرة حتى على ان تناديه من الرعب. ولكن كان يجب ان تنتهز الفرصة، لان فى اللحظة التالية وضع "جبان" يده على فمها ليمنع صدور اى صوت منها، وهكذا مر رئيس الرعاة يوصوص من الشبابيك، دون ان يجد رداً من اى نوع. وبعدما عبر اكتشف اقارب خوافة انها قد غابت عن الوعى، فوضعوها على سريرها، فى انتظار الليل حتى يأخذوها معهم ولا يراهم احد. بعد فترة فتحت خوافة عينيها، وكادت تفقد وعيها ثانية عندما ادركت موقفها، ولكنها اخيرا استجمعت شجاعتها وذهبت الى شباك حجرة نومها ونادت على جارتها "شجاعة ... شجاعة ، تعالى ساعدينى بسرعة، ارجوك" جرت مدام "شجاعة" تجاه منزل خوافة، وحاولة فتح الباب، فوجدته مغلقاً فذهبت لتنظر من الشباك فوجدت اقارب خوافة يملئون المنزل، فصرخت مهددة: "اذهبوا من هنا توا والا سأنادى على رئيس الرعاة" وقعت عليهم كلماتها وقوع الصاعقة ، واخذوا يهربون من المنزل فى جميع الاتجاهات . دخلت مدام "شجاعة" لترى خوافة ووجدتها فى حالة يرثى لها. فربتت على كتفها وقالت : سأذهب لاصنع لك كوبا من الشاى الساخن"بعدما شربت خوافة الشاى ارادت النوم بعد هذا اليوم العصيب، فأعطتها مدام "شجاعة" جرس لتدقه اذا ما احتاجت اليها، وتركتها لتنام وحدها فى المنزل |
|||
20 - 07 - 2014, 11:25 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل الثالث
هروب اثناء الليل “جاء إلى يسوع ليلاً " يو 2:3 لساعات طويلة تمددت خوافة على سريرها، مجروحة الجسد والنفس، ففى عقلها يوجد شئ ما يقلقها .. ترى ما هو ؟! وفجأت تنبهت لالم شديد فى قلبها، لم تختبره من قبل ..، كانت الشوكة التى فى قلبها ترسل نبضات الالم، وادركت خوافة السبب، واخذت تهمس لنفسها: "لقد جاء رئيس الرعاة ليأخذنى وانا لم ألبى نداءه .. ربما تركنى وذهب لانه ظن اننى لا اريد الرحيل معه .. اننى حتى لم اذهب الى غدير المناجاة هذا المساء .. بالتأكيد لقد تركنى ورحل " كانت خوافة حزينة جدا ، ولكن الالم فى قلبها كان يفوق الحزن، نظرت حولها فوجدت كتاب الاناشيد مفتوح على صفحة مكتوب عليها نشيد يحكى عن انسانة مثلها، اخذت تقرأ فكانت الكلمات وكأنها تعبر عن حالتها هى .. " فى الليل على فراشى طلبت من تحبه نفسى طلبته فما وجدته .. اقوم واطوف فى المدينة فى الاسواق وفى الشوارع اطلب من تحبه نفسى .. طلبته فما وجدته " نش 1:3-2 حالما قرأت خوافة هذه الكلمات قفزت من سريرها، ولبست ثيابها، وفتحت باب الكوخ وخرجت .. ربما تجد هى الاخرى حبيبها .. ! كان قلبها مازال ينبض بالالم ! فتذكرت قول رئيس الرعاة .. " الحب والالم متلازمان " يجب ان تجد رئيس الرعاة ليكف الالم . اخذت تبحث فى شوارع القرية فلم تجده .. سألت بعض من خدمه " اين هو ؟ " فلم يعرفوا الاجابة كادت تيأس، ولكنها تذكرت باقى النشيد " وجدت من تحبه نفسى فأمسكته ولم أرخه" (نش 4:3). وعند هذا اسرعت تجرى نحو غدير المناجاة وهناك كان هو فى انتظارها : "اين كنت يا خوافة ؟" ارتمت عند قدميه باكية: " يا سيدى خذنى معك، سأتبعك حيثما تذهب" امسك رئيس الرعاة يدها وقادها نحو الجبال. |
|||
20 - 07 - 2014, 11:25 AM | رقم المشاركة : ( 5 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل الرابع
بداية الرحلة “إن اراد احد ان يأتى ورائى فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعنى " مت 24:16 كان صباح يوم جميل، ولاح الوادى وكأنه يستيقظ من النوم، والطيور تنتقل بين الاغصان مغردة، والندى على الزهور يضوى كالماس فوق المساحات الشاسعة من الالوان المختلفة. وفى بعض الاحيان كان رئيس الرعاة وخوافة يدوسان فوق الزهور اثناء سيرهم. واذ برئيس الرعاة ينحنى ويمسك بزهرة قائلاً : " لخوافة" بابتسامة : "تواضعى، وستجدين ان الحب سيكون كبساط من الزهور تحت رجليك" فنظرت اليه بتساؤل : " لقد فكرت مراراً كثيرة فى الزهور البرية .. انه لمن العجب ان تكون كل هذه الزهور فى هذا المكان القفر .. !! فى مكان لا يشاهدها فيه احد، ليتمتع بجمالها. كما انها مرضة ان تدوسها ارجل قطعان الماشية فى طريقها الى المراعى" اجاب : " لا شئ يفعله ابى وانا ويكون للخسارة ابدا .. هذه الزهور الصغيرة تعلم درسا جميلا .. انها تبذل ذاتها برضا وثقة، حتى ولو لم يقدر احد جمالها، وكأنها تقول: (السعادة هى ان نحب حتى وان لم يرد لنا الحب) .. اقول لك شيئاً .. قليلون يفهمونه .. ان اجمل صفات النفس البشرية، اعظم انتصاراتها، اكبر انجازاتها لا يعرف احد عنها شئ. كل رد فعل للحب وكل بذل ذات هو زهرة جديدة فى غرس الحب. كم من حياة عادية وهادئة .. حياة مختفية وغير معروفة للعالم كانت حديقة يانعة يلذ للملك نفسه ان يتنزه فيها ويفرح مع اصدقائه بها. بالطبع يوجد كثير من خدامى كانت انتصاراتهم واضحة للكل، وكانت الناس تقدرهم وتبجلهم، ولكن حتى هؤلاء كانت لهم انتصارات وامجاد داخلية لا يعلم احد عنها شيئا. تعلمى هذا الدرس الان يا خوافة فسوف يعزيك اثناء رحلتك. هيا الان لنشارك الان الطيور تغريدها وننشد سويا .. انا نرجس شارون سوسنة الاودية. كالسوسنة بين الشوك كذلك حبيبتى بين البنات، كالتفاح بين شجر الوعر كذلك حبيبى بين البنين. تحت ظله اشتهيت ان اجلس، وثمرته حلوة لحلقى" نش 1:2-3 وعندما انتهيا قالت خوافة : "لم اكن اعرف ان سفح الجبال مكان جميل هكذا" اجاب : "كلما نما فيك زرع الحب ستفهمين اشياء كثيرة، وتدركين ما لم تفهميه .. ستتعلمين ان تتكلمى بلغة الحب، ولكن يجب اولا ان تتعلمى الف باء الحب .. وهذا سيكون اثناء رحلتك ، والان هيا بنا فرفيقتاك تنتظرانك" خوافة : " لماذا لا تأخذنى انت الى المرتفعات ؟!! معك اشعر بالقوة وانا واثقة انه لا احد غيرك يستطيع ان يأخذنى الى هناك " اجابها بعطف : " يا خوافة من الممكن ان افعل ما تطلبينه، ومن الممكن ان احملك الى المرتفعات، لكن ان فعلت هذا فلن يكون لك ارجل الآيل .. اصعدى هذه المرة فقط.. ستكون صعبة وشاقة، ولكن فى النهاية سيكون لك ارجل الايل حينئذ تستطيعين ان تكونى معى وتتبعيننى دائما .. بالمناسبة يجب ان احذرك بأن اعداءك يمكنهم الصعود على الجبل لمسافة محدودة، ولا شك انك ستقابلينهم ، لذلك اخترت لك رفيقتين قويتين لمساعدتك، وانا سأكون معك وان لم ترينى وسألبى نداءك فى اى وقت تحتاجين الى فيه .. فقط نادى اسمى .. ولك وعدى الامين انه فى نهاية الرحلة ستكون لك ارجل الايل وتتبعيننى اينما ذهبت .. لا تخافى لانى انا معك خوافة : "انا اثق بك يا راعى" رئيس الرعاة : "ان الثقة هى فضيلتك يا خوافة" بعد مدة قصيرة وصلا الى بداية الطريق، عند سفح الجبل ولاحظت خوافة وجود سيدتين مقنعتين جالستين على احدى الصخور، وعندما رأوهما تقدمتا وانحنتا امام رئيس الرعاة فى صمت. رئيس الرعاة : "هاتان رفيقتاك يا خوافة، وسوف تصحبانك حتى نهاية رحلتك" نظرت اليهما خوافة .. حقيقة كان شكلهما يبدو عليه القوة .. ولكن لماذا تغطيان وجهيهما: "من هما ؟!! " همست خوافة لرئيس الرعاة " ما اسميهما ؟ ولماذا لا تتكلمان ؟؟" رئيس الرعاة : " انهما تتكلمان لغة لا تعرفينها ، ولكن رويدا رويدا ستفهمينها كلما صعدت معهما، اما عن اسميهما فهو "اشجان والام" كادت خوافة ان تقع من طولها غير انها امسكت برئيس الرعاة واخذت تصرخ : "لا اقدر ان اذهب معهما ..!! لماذا يا سيدى تفعل هذا بى ؟ كيف اسافر فى صحبة "اشجان والام" ؟!! لماذا لا تعطنى "فرح" و "سلام" يسندانى ويساعدانى فى هذا الطريق الصعب ؟! كيف تفعل هذا بى ؟! ارجوك اشفق على !! لم اكن اتخيل انك تريد هذا لى. ثم انفجرت فى بكاء شديد نظر اليها الراعى الحنون بحزن، ولكنه قال برقة : "فرحة وسلام ؟!! " هل هما اللتان تطلبينهما لنفسك ؟! ألم تعدينى ان تقبلى الرفيقتين اللتين اخترتهما لك ؟ الا تثقى بى ؟! خوافة .. هل تذهبى مع "اشجان" و "آلام" ام تعودى الى قرية الاضطراب لتعيشى مع "عائلة الخوف" ؟ كان الاختيار صعب ..كانت تعرف الخوف جيدا، اما الاشجان والالام فيبدو لها انهما افظع واقسى. لكنها نظرت الى رئيس الرعاة وادركت فى نفسها انها تثق به، ولا تقدر ان تتركه ورغم كل ضعفها وخوفها فانها تحبه، ولا تقدر ان ترفض له طلب ابدا. فقالت: "سيدى لمن اذهب وحياتى هى معك .. من لى فى الارض سواك .. ساعدنى لاتبعك .. ساعدنى لاثق بك" وحالما سمع رئيس الرعاة هذا الكلام من خوافة ابتسم ابتسامة مملوءة بالانتصار والفرحة وقال : "كلك جميل يا حبيبتى ليس فيك عيب (نش 7:4) .. لا تخافى .. اذهبى مع اشجان والام . وان لم تقدرى على ان تقبليهما الان، فعلى الاقل اذهبى معهما . وعندما تصلن الى مناطق شديدة الوعورة والانحدار وامسكى ايديهما، وسوف يساعدانك ويقودانك الى حيث اريد انا " تقدمت خوافة بشجاعة لم تعهدها فى نفسها من قبل ، ثم قالت لاشجان والام : "تفضلا امامى وانا سأتبعكم" . قالت هذا لانها لم ترد ان تضع يدها فى ايديهما . ابتسم رئيس الرعاة وقال : " سلامى اترك لك " وقبل ان تدرك خوافة ما يحدث كان رئيس الرعاة قد ذهب من امامهم ، متقدما وصاعدا الى المرتفعات، وفى لحظات اختفى . وهكذا بدأت خوافة الرحلة وهى تعرج فى طريقها الى المرتفعات متجاهلة رفيقتيها وكأنها لا تراهما . |
|||
20 - 07 - 2014, 11:25 AM | رقم المشاركة : ( 6 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل الخامس
المقابلة مع كبرياء “لأن الشيطان نفسه يغير شكله الى شبه ملاك نور" منذ البداية ادركت خوافة ان الطريق اشد انحداراً مما كانت تتوقع، لدرجة انها اضطرت ان تمسك بيد رفيقتيها كلما جاءت الى منطقة صعبة، وفى كل مرة كانت تمسك بيد اى منهما، كانت تشعر بمرارة تجتاحها، ولكنها ايضا كانت تختبر قوتهما فى رفعها الى اعلى بسهولة. نرجع الان الى وادى المذلة .... اكتشفت "عائلة الخوف" هروب خوافة منهم فثارت ثائرتهم، وارادوا ارجاعها بكل الوسائل الممكنة .. واخيرا استقر رأيهم ان يبعثوا ورائها واحد من معارفهم .. "كبرياء" .. اختاروه لانه كان قوى ووسيم وجذاب ولانه لا يمكن ان يرجع بدون خوافة لان كرامته لا تسمح له بالهزيمة ابدا . مرت ايام على خوافة منذ بداية رحلتها، وقد تقدمت تقدما حسنا الى ان ظهر كبرياء فجأة امامها . تعجبت خوافة جدا من وجوده، لكنها لم تخف، بل ظنت انه سيتجاهلها كالمعتاد .. فإنه لم يكن يدنو منها، او حتى كان يحييها من قبل . لقد كان كبرياء يتبعهم من بعيد منذ فترة ولاحظ ان رئيس الرعاة غير موجود لذا تشجع وتقدم وقال : كيف حالك يا خوافة ؟ " اهلا اهلا يا كبرياء " اجابت خوافة الساذجة بزهو وفخر ؟ فهى لم تعتاد على هذا الترحيب من كبرياء . امسك "كبرياء" بيد خوافة لانها لم تكن تمسك بيد اشجان والام ، ثم قال : " خوافة لقد قطعت كل هذه المسافة حتى انبهك الى سخافة هذه الرحلة، اين كرامتك ؟!! هل تصدقين انه يحبك بحق ؟!! انت !! لم يحبك احد طوال حياتك !! اتخدعين نفسك ؟! هل تعرفين ماذا سيحدث لك ؟! او اين سيقودك هذا (لا يقدر كبرياء ان ينطق باسم رئيس الرعاة) انه سيأخذك الى المرتفعات ويتركك هناك فى خزى " حاولت خوافة المسكينة الهروب منه، ولكنه كان يمسك يدها بقوة. فصرخت : " يا راعى اسرع واعنى، يا سيدى التفت لمعونتى" وفى لحظة وجدوا رئيس الرعاة امامهم، ممسك بعصا هوى بها على رأس كبرياء الذى فر نازلا الجبل . التفت رئيس الرعاة لخوافة وقال لها بحزم : " لماذا تركت كبرياء يتكلم معك ؟ لماذا تركت يد رفيقتاك ؟ لو كنت تمسكين بها ما حدث هذا ابدا " تعلمت خوافة درسا لا ينسى .. ان التجاوب مع كبرياء فى اى حديث ستكون النجاة منه صعبة جدا . اخذت تعرج بشدة اكثر من ذى قبل وشعرت بمرارة واشجان والام بصورة اعمق |
|||
20 - 07 - 2014, 11:26 AM | رقم المشاركة : ( 7 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل السادس
جولة فى صحراء مصر "لقد رأيت مشقة شعبى الذين فى مصر وسمعت أنينهم ونزلت لأخلصهم"أع 34:7 بعد مقابلة كبرياء مضت خوافة ورفيقتاها فى طريقهم، ولكن بصعوبة اكبر وببطء اشد، وعلى الرغم من هذا فقد تقبلت مساعدة رفيقتيها بترحاب. وبمرور الوقت زالت اثار مقابلة كبرياء، وتقدمت بسرعة فى طريقها. وفى اثناء سيرهم يوما ما، استدار الطريق وانحنى وانحدر فى حدة فرأت ولدهشتها صحراء شاسعة، ممتدة الى نهاية مرمى البصر. ولشدة جزعها بدأت اشجان والام النزول فصرخت: "ما هذا !! لقد امرنى رئيس الرعاة بالصعود لا بالنزول .. لابد ان نجد طريق يؤدى الى اعلى" ولكنهم اشاروا لها بأن تتبعهم ولكنها تجاهلتهم واخذت تنظر شمالا ويمينا، فى محاولة بحث عن طريق يصعد الى اعلى ولكنها لم تجد، فصرخت : "لقد وعدنى بالصعود الى المرتفعات انه لم يقصد النزول ابدا … يا راعى اسرع لنجدتى لانى فى احتياج اليك" فى لحظة كان هناك واستدركت خوافة : " يا سيدى انى لا افهم هذا ابدا ، الرفيقتان اللتان اعطيتنى اياهما تريدان اخذى الى اسفل ، وهذا معناه انى سأبتعد عن مسيرتى، واعتقد انك لا تقصد هذا ، أليس كلامى صحيحاً ؟!! ارجوك ارنا طريقا اخر للصعود كما وعدت" اجاب برفق: "هذا هو الطريق وارادتى هى ان تعبرى فيه" خوافة : " لا لا … انك لا تقصد هذا ابدا فهو ضد وعدك لى بالصعود للمرتفعات … ان هذا يخالف وعودك " رئيس الرعاة : "انه غير مخالف … فقط يؤجل الوعد الى حين وهذا للخي" شعرت خوافة وكأنه طعنها فى قلبها، وقالت بصوت مرتعش: " هل تقصد فعلا انه يجب ان انزل الى اسفل واعبر كل هذه الصحراء؟ ربما يأخذ هذا شهورا بل سنين .. هل هذا التأجيل الى غير مسمى؟ هز رأسه بالايجاب فى صمت .. فخرت خوافة عند قدميه .. لقد كان يقودها بعيدا عن مشتهى قلبها وبدون وعد يضمن رجوعها. تكلم رئيس الرعاة فى هدوء شديد : " خوافة .. هل تحبيننى لدرجة ان تقبلى التأجيل، وهذا التناقض الظاهرى لوعدى ؟!! هل تقبلين النزول معى الى صحراء مصر؟ كانت خوافة لا تزال ساجدة عند قدميه تبكى، وكأن قلبها سينفجر ولكنها رفعت رأسها، ونظرت اليه من خلال دموعها، ثم امسكت بيديه: "احبك .. انت تعلم كل شئ .. انت تعلم انى احبك .. سامحنى لانى لا اقدر ان امسك دموعى .. ولكنى سأذهب معك حسب ارادتك .. حتى لو لم تفسر لى الاسباب .. سأذهب معك لانك تعرف ما هو لخيرى " فى ذلك الصباح بنت خوافة اول مذبح لها ، وقدمت ارادتها ذبيحة، وجاءت نار واكلت الذبيحة وتركتها رماداً. على الاقل هذا ما كانت تظنه ولكن رئيس الرعاة لفت نظرها الى حجر وسط الرماد وقال لها : "خذيها كتذكار لاول مذبح " ثم بدءوا النزول ومنذ اول خطوة شعرت خوافة بسعادة غامرة لانها وجدت رئيس الرعاة بجانبها وينزل معها، وبدأ ينشد لها نشيداً عذباً ، جعل الحزن يذوب من قلبها. وكانت كلمات النشيد تلمح لها لماذا كان هذا التأجيل : "اختى العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم استيقظى يا ريح الشمال وتعالى يا ريح الجنوب. هبى على جنتى فتقطر اطيابها " نش 12:4-16 وصلوا الى صحراء مصر بسرعة غير متوقعة، لانه على الرغم من شدة الانحدار، الا ان خوافة كانت تستند على ذراع رئيس الرعاة، فلم تشعر بضعفها مطلقا. وهكذا وصلوا الى بعض الاكواخ حيث كانوا سيبيتون ليلتهم ثم اخذ رئيس الرعاة خوافة جانبا وقال لها : "خوافة كل خدامى الذى سبقوك الى المرتفعات مروا من هذا الطريق انه يسمى الرعبة المظلمة العظيمة (تك 12:15) . هنا تعلموا اشياء كثيرة .. تعلموا سر الملوكية وها انت هنا .. انها فرصة عظيمة ، لان الذين يجتازون صحراء مصر وهذه الظلمة وهذا الاتون يخرجون منه امراء واميرات " ما كاد رئيس الرعاة ينتهى من كلامه حتى رأت خوافة الصحراء مليئة بالاشخاص .. رأت ابراهيم وزوجته سارة اول من تغربوا فى هذه الارض. ثم يوسف مجروح ومرذول من اخوته الذين باعوه كعبد. الذى لما بكى طالبا خيمة ابيه، لم يرى سوى هذه الصحراء.. بعدهم رأت سلسلة من الاشخاص بلا نهاية تتقدمهم ملكة بدت اجمل من الكل واكثرهم جلالا ومجدا فقد كانت والدة رئيس الرعاة بنفسها … نظرت الى خوافة بحنان وقالت لها : "مهما قال لك فافعليه (يو 5:2) فإنه انا ايضا قد جاز فى قلبى سيف (لو 48:1) ولكن الان كل الاجيال تطوبنى لانه نظر الى اتضاع امته . (لو 35:2) تشجعت خوافة من كلامها وملأ السرور قلبها ثم سمعت صوتا واضحا يرن فى اذنيها : "لا تخافى من النزول الى ارض مصر لان هناك سأجعلك امة عظيمة وسأصعدك من ارض مصر" (تك 3:46) بعد هذا رجعت الى الاكواخ واستراحت فى تلك الليلة. فى صباح اليوم التالى اخذها رئيس الرعاة فى جولة الى المغارات المنتشرة فى الصحراء .. وفتح بابا صغيرا فى احداها، فدخلوا حجرة تشبه الطاحونة .. كان بها اكوام القمح فى كل مكان، ماعدا فى منتصف الحجرة، حيث كان الرجال يطحنون انواعا مختلفة من القمح، بعضه ناعم كالهشيم واخر خشن . وفى ناحية كانت السيدات يجلسن على الارض يطحن اجود انواع القمح بالرحى. لاحظت خوافة كيف ان القمح يضرب بشدة حتى يتكسر ومع الطحن يصير ناعما يصلح لعمل اجود انواع الخبز . رئيس الرعاة: "انظرى الطرق العديدة لسحق القمح، لكل منها فائدة وهدف ما … ان الشونيز لا يدرس بالنورج ، ولا تدار بكرة العجلة على الكمون، بل بالقضيب يخبط الشونيز، والكمون بالعصا، يدق القمح لانه لا يدرسه الى الابد، فيسوق بكرة عجلته وخيله لا يسحقه" (اش 27:28-28) لاحظت خوافة ايضا طول المدة التى يستغرقها طحن الدقيق، حتى يصير ناعما، ثم سمعت رئيس الرعاة قائلاً : "انى احضر شعبى الى مصر حتى يطحنوا فيصيروا صالحين للاستعمال.. لانه لا يدرسه الى الابد .. هذا ايضا خرج من قبل رب الجنود " اش 29:28 ثم ذهبوا للمغارة التالية، وفى وسطها وجدوا عجلة كبيرة كأنها منضدة، وبجانبها فخارى اخذ يصنع اشكال جميلة واشياء مفيدة … كان الطين يقطع ويضغط عليه ولكنه دائما صامت مستسلم . رئيس الرعاة : "فى مصر ايضا اصنع اجمل الاوانى والادوات، كما ارى انه نافع .. اما استطيع ان اصنع بك كهذا الفخارى يا خوافة ؟ هوذا كالطين بيد الفخارى ، انت هكذا بيدى (أر 6:18) بعدها ذهبوا للمغارة الثالثة ، ووجدوا فيها فرن عظيم حيث ينقى الذهب من كل زغل .. وكان يلقى فى الفرن ايضا احجارا، وعند خروجها اذ هى احجار كريمة تبرق كأنها اخذت لمعان النار داخلها. رئيس الرعاة : "ان الذهب يمحص فى النار، والمرضيين من الناس يمحصون فى اتون الاتضاع. ايتها الذليلة المضطربة غير المتعزية، هاأنذا ابنى بالأثمد حجارتك، وبالياقوت الازرق اؤسسك، واجعل شرفك ياقوتاً، وابوابك حجارة بهرمانية ، وكل تخومك حجارة كريمة" ثم اكمل : "افضل جواهرى عبرت على اتون مصر" مرت عدة ايام وهم يمكثون فى صحراء مصر، وفى اخر يوم هناك، رأت خوافة جميلة كانت تنمو وحيدة فى الصحراء. فاقتربت منها وسألتها : "ما اسمك ؟ " فأجابت ال : "اسمى مطيعة" فكرت خوافة فى نفسها : " اذن، هذا هو السبب الذى من اجله احضرنى رئيس الرعاة الى هنا ، لا تعلم ارادته، من الان فصاعدا سوف اكون عبدتك المطيعة، وانحنت، واخذت حجرة من جانب ال، ووضعتها فى الكيس مع الاولى التى اخذتها من اول مذبح بنته. |
|||
20 - 07 - 2014, 11:26 AM | رقم المشاركة : ( 8 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل السابع
على شاطئ الوحدة " عند كثرة همومى فى داخلى …تعزياتك تلذذ نفسى " مز 19:94 بعدما تركوا الصحراء واثناء سيرهم اعترض الطريق الرئيسي طريق اخر مقاطع. فأشار اليها رئيس الرعاة: "هذا هو الطريق الذى يجب ان تسلكيه الان" وعندما بدءوا السير فيه كانت ظهورهم للمرتفعات ومشوا حتى وصلوا الى شاطئ بحر واسع كبير . رئيس الرعاة : "الان حان الوقت لاتركك يا خوافة، ولكن تذكرى انه حتى لو بدا انك تبتعدين عن المرتفعات وعنى .. لكنه فى الحقيقة، لا يوجد مسافات بيننا نهائيا، لانى سأكون بجانبك عندما تطلبيننى … ثقى فى هذا. خرافى تسمع صوتى وتتبعنى .. عندما تنوين تنفيذ ارادتى، ستجدين انك تستطيعين ان تسمعى صوتى، وعندما تسمعين يجب ان تطيعى، حتى لو طلبت منك ما يبدو مستحيلا " مشت خوافة مع رفيقتيها لعدة ايام، وفكرت فى نفسها، انها لم تكن تعرف معنى الوحدة حتى الان .. فلم يوجد معها اى احد من اصدقائها .. وحتى المرتفعات لم تعد تراها .. لم يتواجد شئ سوى صحراء جرداء على ناحية، وبحر شاسع على الاخرى .. لم تتواجد شجرة او اى شئ اخضر .. الكائنات الحية الوحيدة كانت طيور النورس فى السماء والكابوريا فى شقوق الرمال . فى تلك الايام لم تترك خوافة ايدى رفيقتيها ابدا، وكان عجيبا مقدار مساعدتهما لها. والاعجب من هذا، ان العرج الواضح فى سيرها تلاشى تقريبا، لان درس الطاعة الذى تعلمته فى صحراء مصر، ترك اثرا عليها، معلنا بداية مرحلة جديدة فى حياتها، صحيح انها مازالت خوافة، ولكن علامة الطاعة ختمت على جبينها ختم الملوكية .. وهكذا مرت الايام .. لم تكون خوافة تتذمر او تشكو بل كانت تشعر بسعادة غريبة، حتى انها بدأت تلاحظ جمال الطبيعة من حولها. وذات يوم وصلوا الى استراحة مبينة على صخور عالية تطل على الشاطئ، واستقبلهم شيخ من خدام الراعى، وعلى محياة وقار عجيب، وقد ارتسمت على وجهة بساطة الطفولة، اما شفتاه فلا تفارقهما البشاشة قط. رحب بهم بحرارة وقال : "لقد كنت فى انتظارك يا خوافة. فما اخبارك ؟ "جلست خوافة معه على انفراد، واخبرته بكل ما حدث لها حتى تلك اللحظة، وعندما انتهت شجعها الشيخ قائلاً : "ان محبتك لرئيس الرعاة هى سندك فى التجارب .. ثقى انت ايضا فى محبته لك ولا تجزعى لانه معك ويرعاك " بعد هذا قدم لها الشيخ الوقور خبزا لتأكل وكأسا من عصير الكرمة لتشرب .. فتقوت وانتعشت . وبعد فترة ذهبت خوافة للتجول وحدها .. صعدت الى اعل الصخور، وعندما وصلت الى حافتها وجدت انها تقف على سقف كهف داخل البحر، كان الكهف فارغا ، لكن بعد عدة ساعات، جاءت مياه المد وملأته . فخرت خوافة على ركبتيها وقدمت ذبيحة ثالثة قائلة : "اشكرك يا سيدى انك قدتنى الى هنا، فأنا مثل هذا الكهف الفارغ منتظرة وعدك بالامتلاء " ثم اخذت حجرة ووضعتها مع السابقتين . عندما لم يعد "كبرياء" مع فريسته الى قرية الاضطراب، فهمت عائلة الخوف انه اخفق فى مهمته، ولكن كبرياءه يمنعه من الاعتراف بفشله. فقرروا ارسال مجموعة ثانية لتلحق بخوافة قبل وصولها، حيث تصبح بعيدة عن ايديهم .. ارسلوا جواسيس ، فرجع اولئك واخبروهم ان خوافة تسير فى طريق على شاطئ الوحدة ففرحوا جدا وظنوا انه من السهل ارجاعها فبعثوا بـ "ندم" و "مرارة" و "شفقة على النفس" وذهب معهم كبرياء ايضا . وصل اعداء خوافة الى حيث هى تمكث ، وبدأت معركة حامية جدا بينهم .. ادركوا ان خوافة لم تعد كما كانت .. فلم يقدروا ان يقتربوا منها ، لانها كانت تمسك بيد اشجان والام. لذلك ظلوا ينادون عليها ويقترحون عليها اقتراحات سخيفة ويحاولون اخافتها، فقال لها "كبرياء" : الم اقل لك هذا؟ اين انت الان من المرتفعات .. ؟!! كل الناس فى وادى المذلة يعرفون انك تسيرين الان على شاطئ الوحدة ويسخرون منك !! "ندم" : هل تعرفين يا خوافة انك عبيطة !! كيف تتبعين من يطلب منك كل هذه التضحيات !! ولا يعطيك شيئا سوى الحزن والالم والسخرية .. !! دافعى عن نفسك !! طالبى بحقوقك !! او ارجعى عن هذه الرحلة السخيفة . واضاف "مرارة" : كلما اطعته يطلب منك اكثر .. انه ينتهز طيبة قلبك .. ولكن كل ما طلبه منك لا يعد شيئا لما يطلبه من اخرين .. انه يجعل احباءه واتباعه يضطهدون، ويعذبون بل ويسفكون دماءهم من اجله .. هل تقدرين على هذا ؟!! اهربى قبل ان يضع عليك صليب ويتركك تحملينه وحدك " اما "شفقة على النفس" فكان اسوأهم .. كانت كلماته تجعل خوافة تشعر بالضعف الشديد: يا مسكينة انك مخطئة جدا .. ولكن هل تظنى انه فعلا يحبك ليتركك هكذا ؟!! لك الحق ان تشفقى على نفسك !! حتى ولو عندك استعداد لبذل ذاتك فيجب ان تظهريه للناس، حتى يشفقوا عليك بدلاً من ان يسخروا منك . ولكن يبدوا ان الذى تتبعينه يجد مسرته فى ان يسحقك ويجرحك . كانت كلمة "يسحقك" خطأ من الشفقة على النفس اذ جعلت خوافة تتذكر الدقيق المسحوق الذى رأته فى المغارة فى صحراء مصر وتذكرت "لانه لا يسحقه الى الابد" فقط حتى يصير صالحا للاستعمال .. ولدهشة شفقة على النفس التقطت خوافة حجرا صغيرا ودفعته نحوه فأسرع يجرى مبتعداً . وهكذا مضت الايام عصيبة ، ولان خوافة كانت تمسك بيد اشجان والام فلم تستطع ان تغطى اذنيها فاضطرت لسماع كل مشاكسات اعدائها . الى ان حدثت كارثة …!! فقد بدا ان الاعداء يستريحون قليلا، فأخذت خوافة تتجول وحدها، دون حذر، الى ان وصلت الى برزخ جبلى يمتد داخل يمتد داخل البحر كلسان، ولفزعها فوجئت بالاربعة الاعداء حولها… كان البرزخ ضيق لا يسعهم جميعا ولكن كبرياء تقدم قائلا بوحشية : نحن اربعة ولن تقدرى على الهروب منا وسوف نأخذك معنا الان " رفعت خوافة عينيها للسماء وصرخت : "الى متى تنسانى ؟! حتى متى تصرف وجهك عنى ؟! الى متى اردد هذه المشورات فى نفسى ؟! وهذه الاوجاع فى قلبى كل يوم ؟! الذين يحزنوننى يتهللون ان انا زللت اما انا على رحمتك توكلت " (مز 12) وكم كانت صدمة الاوغاد الاربعة، عندما وقف رئيس الرعاة امامهم فى نفس اللحظة ..! جرى ندم ، مرارة ، شفقة على النفس ولكن لان كبرياء كان على وشك الهجوم على خوافة، فقد وقع فى قبضة رئيس الرعاة ، الذى امسك به ورفعه عاليا ثم طرحه الى اسفل فى البحر … سألته خوافة : هل تظن انه مات ؟ رئيس الرعاة : "لا … هذا غير ممكن" والقى نظرة على البحر حيث كان كبرياء يعوم ناحية البر . خوافة : "يا راعى نفسى لماذا كنت سأقع فى يد كبرياء ثانية ؟! ولماذا فغروا على افواههم كأسد مفترس مزمجر ؟!! " (مز 13:22) يبدو لى يا خوافة " اجاب الراعى برقة " ان الطريق كان سهلاً فى الفترة الاخيرة .. لقد نسيت لفترة انك عبدتى المطيعة ، وبدأت تقلقين وتريدين العودة، ولهذا تمكن الاعداء منك" احمر وجه خوافة خجلا ولم تنبس ببنت شفة، لانها كانت تعرف ان هذا التشخيص صحيح وردت بأسف: "انت على حق !! لقد بدأت اظن انك نسيت وعدك ، ولكنى اجدد عهدى معك.. انا عبدتك احبك واطيعك فى اى طريق تختاره لى " اخذ رئيس الرعاة حجارة من جانب خوافة وقال : "ضعى هذه مع الباقى كتذكار لهزيمة كبرياء، وتجديد عهدك لى بالطاعة والانتظار بصبر" مرت ايام على انتصار خوافة ، واستمرت فى الرحلة مع رفيقتيها، وصباح ذات يوم وجدن ان الطريق الذى يسرن فيه يتجه مرة اخرى ناحية المرتفعات .. التى كانت بالطبع بعيدة جدا، ولكن هذا لم يمنع خوافة من الفرح بل اخذت تجرى ناحية المرتفعات وهى تصفق بيديها كما لو لم تكن عرجاء !!! ولكن فجأة انحنى الطريق بزاوية حادة وامتد على مرمى البصر ووقفت خوافة فى ذهول !! فها هو رئيس الرعاة يؤجل الوصول للمرتفعات مرة اخرى !! وعن قرب ظهر مرارة لم يقترب منها، لانه تعلم قليل من الحذر، ولكنه اخذ يضحك ويضحك، ضحكات مملوءة بالسخرية المرة وقال لها : "لماذا لا تضحكين انت ايضا يا عبيطة .. كنت تعلمين ان هذا سيحدث !! " واستمر فى ضحكه حتى امتلأ المكان بصوته لحقت اشجان والام بخوافة ووقفتا بجانبها فى هدوء ثم قالت خوافة : ماذا تريد ان تقول لى يا سيدى ؟ تكلم فإن عبدتك تسمع " فى الحال كان رئيس الرعاة يقف بجانبها وقال : لا تخافى تشددى وتشجعى وابنى مذبحا اخر وقدمى عليه ارادتك وذاتك " ففعلت خوافة كما امرها وقالت : مشيئتك سررت ان اصنع . وجاءت نار والتهمت الذبيحة وسمعت صوت رئيس الرعاة: هذا ليس للموت بل ليتمجد اسم الله . يو 4:11 التقطت خوافة الحجرة المتبقية من احتراق الذبيحة ووضعتها مع الباقى ثم اتجهت فى الطريق الذى اراده لها راعيها، واثناء سيرها التقطت زلطه اخرى، تذكارا لانتصارها على ذاتها وعلى اعدائها. وهكذا ساروا حتى وجدا انفسهم فى "غابة السلام" . كانت مملوءة بالاشجار، والنباتات المختلفة، والزهور المتنوعة الجميلة، والطيور المغردة التى تملأ المكان بأصواتها الرقيقة . ملأت السعادة نفس خوافة وتذكرت بذرة المحبة المزروعة فى قلبها، وارادت ان تلقى نظرة لترى اذا كانت حقا تنمو ؟! فنظرت داخل قلبها ورأت عشبا اخضر وفيه ما يشبه برعم الزهرة .. فبكت ، لانها تذكرت ان رئيس الرعاة قال لها : انه عندما تزهر زرعه الحب فى قلبك تصبحين مستعدة للذهاب الى المرتفعات . ولكن ها هى بعيدة كل البعد عن المرتفعات ، ولكنها لم تبك كثيرا لانها لاحظت وجود زهرة جميلة فى ارض الغابة، كتلك التى رأتها فى صحراء مصر، احنت الزهرة رأسها وقالت : انا "مطيعة" ، فابتسمت خوافة وتمتمت : نعم ، لقد نسيت !!! ثم بنت مذبحا اخر ، وقدمت قلبها ومحبتها وطاعتها واخذت خوافة الحجر المتبقية . وعندما وصلن للطرف الاخر للغابة صرخت خوافة من الفرحة اذ رأت رئيس الرعاة ينتظرها مبتسماً … فجرت وسجدت عند قدميه قائلة : "انا لحبيبى والى اشتياقه " (نش 10:7) "حبيبى لى وانا له الراعى بين السوسن " (نش 16:2) رئيس الرعاة : " جئت لابشرك برسالة جديدة وهى ان تكونى مستعدة .. الان تنظرى ما انا افعل " (خر 1:6) خوافة : هل تعنى انه قد حان الوقت لذهابى الى المرتفعات ؟!! ظنت انه هز رأسه ، ولكنه لم يجب بل نظر اليها بطريقة لم تفهمها !! فأعادت سؤالها ، فرد عليها قائلاً : اما قلت لك الان تنظرى ما انا افعل ؟!! |
|||
20 - 07 - 2014, 11:26 AM | رقم المشاركة : ( 9 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل الثامن
جبل التجريح “وآخرون تجربوا فى هزء وجلد … طافوا معتازين مكروبين مذلين “(عب 36:11) سارت خوافة بعد هذا وهى سعيدة جدا .. ألم يعدها رئيس الرعاة بالصعود للمرتفعات قريبا ؟!! بعد قليل اخذ الطريق يصعد نحو الجبال المتشعبة، وفى صباح احد الايام وصلوا لقمة جبل صغير، وكانت القمة عبارة عن مساحة واسعة من الارض المستوية، وفى الناحية الاخرى بداية لسلسلة اخرى من الجبال اعلى بكثير من ذلك الذين يقفون على قمته فى تلك اللحظة. ادركت خوافة انها تنظر الى حدود المرتفعات. سقطت على ركبتيها واحنت رأسها وشكرت، وفى تلك اللحظة نسيت كل الشقاء والتعب والالم الذى تعرضت له. بعدها قامت خوافة من ركوعها . واخذوا فى عبور هذه المنطقة بسرعة لانه رغم ارتفاعها الا انها كانت مستوية حتى وجدوا انفسهم عند سفح الجبال العالية. صعقت خوافة من رؤية شدة ارتفاع الجبال وتوقعت ان ترى طريق ممهد للصعود عليها ولكنها لم تجد. نظرت خوافة بذهول !! وكلما نظرت زاد شعورها بالخوف، حتى بدأت ترتعش. كانت الجبال تحيط بهم من كل ناحية، حتى بدا ان الطريق الوحيد الممهد هو طريق الرجوع !! لكن الام امسكت بيد خوافة واشارت الى غزال وآيل ظهرا من مكان ما بين الصخور بجانبهم وبدءا الصعود !! ووقف الثلاثة ينظرن !! كان الطريق شديد التعرج، وفى بعض الاحيان ضيق جدا ، وفى اماكن متقطع، وغير متصل ببعضه، فكان الغزال والايل يقفزان برشاقة ليستكملوا مسيرتهما حتى وصلوا الى القمة، واختفيا عن الانظار. “ها هو الطريق لقد اوضحه لنا الغزال والايل، لن نعود للوراء " هكذا قالت اشجان مشجعة. خوافة : لا … لا … هذا مستحيل انه طريق للايل وليس للبشر، لا اقدر على الصعود هكذا فسوف اسقط واتحطم. وبدأت ترتجف وتبكى بطريقة هستيرية واكملت: مستحيل !! مستحيل .. لن اذهب للمرتفعات بعد كل هذا " حاولت رفيقتاها ان تقولا لها شيئا ولكنها وضعت يديها فوق اذنيها حتى لا تسمع، واخذت تبكى من جديد. " ها ها ها واخيرا التقينا مرة اخرى يا خوافة !! كيف حالك الان ؟ سعيدة؟!! التفتت خوافة ناحية الصوت ونظرت بفزع .. لقد كان "جبان" !! واكمل : لقد توقعت هذا منذ البداية .. هل ظننت انه يمكن ان تهربى منى الى الابد !! انك من عائلة الخوف وسوف اخذك لمكانك لتكونى فى امان . خوافة: لن اذهب معك . جبان : اذن اختارى اما ان تصعدى على هذا الجبل، ثم تقهرى فتنكسر عظامك او ترجعى معى. خوافة .. تعرفين انه كاذب .. نادى على رئيس الرعاة حالا . هكذا قالت رفيقتاها .. تمسكت خوافة بهما وقالت: انا خائفة منه ، لانه سيقول لى انه يجب على ان اذهب فى هذا الطريق الصعب الخطر، لذا لا اقدر على مواجهته .. آه ماذا افعل ؟!! ماذا افعل ؟!! ربتت اشجان على كتفها قائلة : لابد يا خوافة .. لابد ان تنادى عليه الان وبسرعة . خوافة : سيطلب منى ان اصعد ارادتى ذبيحة ، وانا لا اقدر ان افعل ذلك ، لا اقدر هذه المرة … آه . ضحك "جبان" بانتصار وتقدم ناحيتها، ولكن رفيقتيهما احاطتا بها، ووضعتا نفسيهما بينه وبين ضحيته . حينئذ نظرت اشجان الى الام التى فهمت الاشارة، ثم هزت رأسها بالايجاب، واخرجت سكين صغير ولكنه حاد جدا من منطقتها ووخزت خوافة التى صرخت من الالم، وفعلت ما كان لابد لها ان تفعل منذ جاءت لسفح الجبل، لقد صرخت " لماذا كثر الذين يحزنونى كثيرون قاموا على، بصوتى الى الرب صرخت فاستجاب لى من جبل قدسه " (مز 3) "لماذا يا خوافة ؟؟" جاءها صوت رئيس الرعاة : تشددى انا هو لا تخافى . كان صوته مملوء بالحب والقوة حتى ان خوافة شعرت بأن الحياة تدب فى كيانها مرة اخرى. رئيس الرعاة : خوافة .. اخبرينى ماذا بك ؟ لماذا انت خائفة هكذا ؟!! خوافة : وعدتنى بأنك ستجعل رجلى كالآيل وليس لجبانة تعرج مثلى . رئيس الرعاة : ولكن يا خوافة بماذا وعدتك عندما كنت لا تزالين فى وادى المذلة ؟ خوافة : وعدتنى بأنك ستجعل رجلى كالآيل وتقيمنى على المرتفعات . رئيس الرعاة : الطريقة الوحيدة ليكون لك ارجل الايل ، ان تذهبى فى طريقهم . ارتعشت خوافة وقالت ببطء : لا اظن .. لا اريد .. لا اري ارجل الايل اذا كان لابد لى من الصعود على هذا الجبل . ولدهشتها ابتسم رئيس الرعاة، وقال : بل تريدين .. انا اعلم ما فى قلبك اكثر منك .. انك تشتهين ان تكون لك ارجل الايل وانا اعدك بها .. ماذا قلت لك اخر مرة ؟ خوافة : قلت لى (انتظرى وانظرى ما انا فاعله) ولكنى لم اتخيل شئ هكذا .. اننى لست آيل ان هذا صعب جدا رئيس الرعاة : وانا احب ان اصنع اشياء صعبة. ان اشتياقى هو ان احول الضعف الى قوة والخوف الى ايمان والنقص الى كمال .. !! ان هذا عملى الخاص !! وسوف احول خوافة الى … !! لننتظر ونرى ماذا ستكون !! خوافة هل تؤمنين بأننى سوف اغيرك ؟ "نعم" "هل تدعينى اغيرك ؟" "نعم" "هل تظنى انه من الممكن ان اتخلى عنك ؟" "بالقطع لا .. ارجوك تممم ارادتك فى .. لا شئ سوى هذا يهم " وككل المرات السابقة انحنت، وركعت وقدمت ذاتها ذبيحة واخذت الحجرة المتبقية ووضعتها فى كيسها ثم وقفت على رجليها منتظرة انت تسمع ارشادات رئيس الرعاة . "والان يا خوافة انت على سفح المرتفعات ومرحلة جديدة من رحلتك ستبدأ .. هذا الجبل اسمه "جبل التجريح" ويوجد جبال اصعب منه ، مثل جبل الكراهية ، وجبل الاضطهاد ، وجبل الانتقام ، ولا سبيل للوصول للمرتفعات الا اذا عبرت فوق واحد منهم، وانا اخترت لك هذا .. !! لقد تعلمت حتى الان درس الطاعة وهو اول درس فى المحبة والان يجب عليك ان تتعلمى الدرس الثانى اثناء صعودك على جبل التجريح لانه لن يؤذيك اى شئ اذا وعيته" بعد ذلك وضع رئيس الرعاة يده فوق خوافة، وباركها، ثم نادى على رفيقتيها لانهما كانتا دائما تتركان رئيس الرعاة وخوافة اثناء حديثهما . اخذ رئيس الرعاة حبلا ثم ربط به اشجان ثم خوافة واخيرا الام . وهكذا كانت خوافة محاطة بمعونة رفيقتيها الشديدتين وحتى ان سقطت فسوف تستطيعان ان تجذباها الى اعلى . اخرج رئيس الرعاة من جعبته زجاجة صغيرة بها دواء منعش ومقوى واوصاها ان تشرب منه لتشعر بالقوة . كان اسم الدواء هو "روح النعمة والتعزية" وحالما شربت خوافة نقطتين او ثلاثة شعرت بحيوية جعلتها مستعدة للصعود دون تردد … ودعهم رئيس الرعاة قائلاً : لن تقدرن على الوصول للقمة قبل انتهاء اليوم، لانه وقت الغروب الان، ولكن فى منتصف الطريق توجد مغارة وسط الصخور تستطعن ان تسترحن فيها. ولكن ان لم تصعدن الان فسوف يدرككن الاعداء واحذركن بأنك سوف تقابلوهم عند القمة . عندما بدأت خوافة طريق الصعود اكتشفت ولدهشتها الشديدة ان الطريق ليس بالصعوبة التى كان يبدو بها، صحيح كان ضيق وشديد الوعورة، ولكن احساسها بأنها مربوطة بقوة اشجان والام اعطاها احساس بالامان. كما حفظها من الدوار والسقوط "روح النعمة والتعزية" وشعرت ايضا بأن رئيس الرعاة قريب منها جدا رغم انها لم تكن تراه. وعندما نظرت الى اسفل وجدت اعداءها الخمسة يتتبعونها بنظراتهم الحاقدة وهى تصعد الى اعلى !! حتى "الشفقة على النفس" الذى كان يبدو اقل خطورة منهم اخذ حجارة ليرشقها بها ولكنها كانت بعيدة عن الذى كان يبدو اقل خطورة منهم اخذ حجارة ليرشقها بها ولكنها كانت بعيدة عن مجال الرمى. وتذكرت تحذير رئيس الرعاة بأنها سوف تقابل اعداءها مرة اخرى عند وصولها للقمة . ووجدت خوافة اثناء صعودها ان المناطق التى كانت تبدو خطيرة من اسف ممهدة وسهلة الى حد لم تتوقعه .. واصلن الصعود حتى وصلن الى المغارة التى قال عنها رئيس الرعاة، فدخلن فيها ليبتن ليلتهن . استيقظت خوافة فجر اليوم التالى واخذت تنظر حولها وتفكر: كما هو موحش هذا المكان، لا يوجد فيه اى كائن حى، ولو حتى شجرة .. هذه الصخور شكلها قاسى .. تبدو كما لو كانت تنتظر فريسة لتمزقها . وفيما هى تفكر هكذا لفتت نظرها حمراء تنمو على جذع رفيع جدا وتشق طريقها بصعوبة بين الصخور الصلبة ، حتى انه لم يكن لها سوى ورقتين . خوافة : ما اسمك ايتها ال الجميلة ؟ ال : اسمى "سماح" فتذكرت خوافة كلمات رئيس الرعاة : عند صعودك يجب ان تتعلمى الدرس الثانى فى المحبة . خوافة : ولكن لماذا اسمك سماح ؟ ال : لاننى ابعدت عن صديقاتى ، وطردت من بيتى، وسجنت فى هذه الصخور، وتركت لاعانى من نتيجة افعال الاخرين، ولكننى تحملت، ولم اجزع، ولم اتوقف عن المحبة، فهى التى ساعدتنى ان اشق طريقى وسط الصخور، حتى اتمكن من رؤية وجه الشمس (ملا 20:4) فلا يوجد شئ حولى يستطيع ان يحول انتباهى عنها … انها تشرق على فتفرحنى وتعوضنى عن كل ما خسرته، لا يوجد فى العالم كله تفرح بحالها وظروفها مثلى لانى دائما اردد : " من لى فى السماء ومعك لست اريد شيئا على الارض" نظرت خوافة الى ال الحمراء بغيرة، وعرفت ما لابد ان تفعله، فسجدت وقالت : يا سيدى .. هوذا انا عبدتك سماح. وعندما قالت هذا سقطت حجرة من جانب ال فوضعتها خوافة فى كيسها مع الاخريات. رجعت خوافة الى حيث كانت اشجان والام فى انتظارها ليستكملن رحلتهن وبعد مسيرة قصيرة اتين الى منزلق خطير مما ادى سقوط خوافة للمرة الاولى، فجرحت جرحا عميقا ولحسن حظها انها كانت مربوطة جيدا برفيقتيها والا لسقطت الى سفح الجبل وربما اودى ذلك بحياتها . عندما تصورت خوافة ما كان ممكنا حدوثه لها، ملأ الفزع قلبها وشعرت بدوار فجلست واخذت تستغيث : انى سأسقط .. انى خائفة .. اغيثونى . قبضت اشجان بشدة على الحبل الذى يربطهما حتى لا تسقط خوافة وجاءتها الام قائلة : اشربى من روح التعزية الذى اعطاه لك رئيس الرعاة خوافة : لا اعرف اين وضعت الزجاجة .. اننى حتى غير قادرة عن البحث عنها . قالت هذا وارتمت فى احضان الان التى اخذت تبحث عن الزجاجة فى جعبة خوافة حتى وجدتها، ثم اسالت بعض القطرات على شفتى خوافة، فبدأت تتقوى وتستعد للوقوف، ولكن لان ركبتيها كانتا قد جرحتا فقد سرن ببطء شديد، وخوافة تتأوه وتشتكى وتتذمر، وبدا انهن لن يصلن للقمة قبل حلول الظلام … فقالت لها الام : خوافة … ماذا كنت تفعلين هذا الصباح عندما تجولت وحدك خارج المغارة؟ احمر لون خوافة خجلا واجابت : كنت اتأمل جميلة !! الام : وما اسم ال يا خوافة ؟ خوافة بصوت هادئ خجول : اسمها سماح وسكتت لانها ادركت انها لم تمارس ثانى درس فى المحبة ثم قالت بعد قليل : هل يمكن ان اضع بعض من الدواء على ركبتى ؟! اجابت اشجان والام : جربى . وعندما وضعتا بعض من الدواء على ركبتيها توقف النزيف وقل الالم .. ولذلك مشين بسرعة اكبر حتى تمكن من الوصول للقمة وقت الغروب، فجلسن ليسترحن فوق العشب الاخضر ، وتحت ظلال اشجار الارز ، هنا سمعن صوتا جميلا ينشد : "كلك جميل يا حبيبتى، ليس فيك عيب هلمى معى من لبنان .. يا عروس معى من لبنان " انظرى من رأس امانة .. من رأس شنير وحرمون من خدور الاسود .. من جبال النمور . ومن بين الاشجار ظهر رئيس الرعاة اتيا نحوهن . (نش 8:3) |
|||
20 - 07 - 2014, 11:27 AM | رقم المشاركة : ( 10 ) | |||
..::| مشرفة |::..
|
رد: رحلة الى المرتفعات
الفصل التاسع
فى غابة الخطر والرعب "بأسفار مرارا كثيرة بأخطار سيول بأخطار فى البرية ، فى تعب وكد" 2كو 26:11-27 يا له من فرح ذلك الذى استقبلن به رئيس الرعاة حينما جاء وسطهم، وبعد ان هنأهن بحرارة بحرارة على صعودهن قمة جبل التجريح، وضع يده على جراحات خوافة وفى الحال التأمت . ثم بدأ يكلمهن عن الطريق الى سيسلكنه: الان يجب عليكن ان تجتزن هذه الغابة التى امامكن واسمها "غابة الخطر والرعب" فيها ينمو شجر الارز بكثرة لدرجة انه يحجب اشعة الشمس، فيغطى الغابة الظلام، وتهب العواصف الكثيرة ولكن لا تهتممن لانه لن يؤذيكن شئ ما دمتن سائرات حسب ارادتى . كان شيئا غريبا ان تجزع خوافة ثانية بعد ان اجتازت تجربة صعود جبل التجريح، ولكن هذا ما حدث: غابة الخطر والرعب ؟!! الى اين ستقودنى ثانية بعد هذا ؟!! قالت خوافة بانزعاج . رئيس الرعاة : انها المرحلة التالية فى طريقك للمرتفعات . خوافة : لست ادرى كيف تريدنى ان اصعد الى المرتفعات ؟!! وانت تعلم ان رجلى مازالتا عرجاوان .. لماذا تهتم بى هكذا !! لماذا لا تتخلى عنى وتتركنى ؟!! فإن صعودى للمرتفعات اراه مستحيلا . نظر اليها رئيس الرعاة بجدية : انظرى الى يا خوافة .. هل تعتقدين اننى اخدعك؟ هل وعدت ولم اتمم او تكلمت ولم افعل؟ ارتعدت خوافة واجابت بندم : حاشا بل لتكن انت صادقا وكل انسان كاذبا (رؤ 4:3) فلما رأى رئيس الرعاة انها اجابت بندم تحنن عليها وقال: انا سأقودك خلال المخاطر .. لا تخافى لانى انا معك .. ان سرت فى وادى ظل الموت فلا تخافى شرا لان عصاى وعكازى هما يعزيانك (مز 22) لا تخافى من هول الليل ولا من سهم يطير فى النهار ولا من امر يسلك فى الظلمة ولا من شيطان الظهيرة يسقط عن يسارك الوف وعن يمينك ربوات اما انت فلا يقتربون اليك (مز 91) فسجدت خوافة عند قدميه وبنت مذبحا وقالت: ان سرت فى وادى ظل الموت فلا اخاف شرا لانك انت معى. ابتسم لها رئيس الرعاة معزيا اياها قائلاً: يا خوافة، لا تتركى خيالك يلعب بك ويرسم لك اخطارا غير موجودة واحذرك بأن اعداءك كامنين لك خلف الاشجار .. فإذا تركت "جبان" يصور لك مخاوف فستصيرين فى رعب شديد. ثم اخذ حجرة اخرى، واعطاها اياها لتحتفظ بها، ثم باركهن وودعهن ليسرن فى طريقهن.. بعد لحظات وجدن "شفقة على النفس" يطل من خلف شجرة ويصرخ : ما هذا يا خوافة ؟!! ما هذا الذى يفعله بك وانت ضعيفة ؟!! يجعلك تسيرين فى طريق لا يسلكه الا الرجال الابطال ؟!! بعده قام "ندم" وكأن الارض انشقت عنه: ثم انه لم يكن هناك داع ان يجعلك تسيرين فى هذا الطريق الخطر الذى يليق بالشهداء لانه يوجد طرق سهلة كثيرة قولى له انك لن تسيرى فى هذا الطريق الصعب. بعدهما قال "جبان" متهكماً: العلك تظنين نفسك بطلة صغيرة ؟!! انك حقا لمجنونة !! انبرى بعدهم مرارة قائلا : تماما قلت لك !! كلما انتهت من مرحلة صعبة قادك الى طريق اصعب !!! اخيرا تكلم كبرياء رغم انه كان لا يزال يقاسى من اثر السقطة التى نالها على يد رئيس الرعاة : انت تعرفين انه لن يهدأ حتى يذلك ويهينك لان هذا ما يسميه بالتواضع !! انه سيذلك حتى التراب يا خوافة !! وبعد مدة اذ رأى الاعداء انها لا تتأثر بكلامهم فارقوها الى حين. فى البداية لم تكن الغابة موحشة ومرعبة كما يبدو من اسمها .. ربما كان ذلك بسبب الهواء النقى وبعض من اشعة الشمس التى تسربت من خلال فروع الاشجار ولكن هذا لم يدم طويلا اذ بعد قليل غطت السحب السوداء الكثيفة وجه الشمس وظهر برق يشق عنان السماء، وتبعه اخر ثم رعد مدوى، ثم هطلت الامطار وارتجت الغابة تحت وطأة العاصفة. اما الغريب حقا،؟ فهو ان خوافة لم تكن تشعر بأى نوع من الخوف، بل اخذت تردد فى نفسها: يسقط عن يسارك الوف وعن يمينك ربوات اما انت فلا يقترب اليك الشر. بعد فترة بدأت العاصفة تهدأ ورأوا جبان يجرى ناحيتهم ويصيح بأعلى صوته: ارجعوا العاصفة القادمة ستكون اسوأ. وعلى غير توقع قالت خوافة لرفيقتيها: افعلا مثلى فإنى لم اعد احتمل هذا الجبان. ثم انحنت واخذت حجارة من الارض وبدأت ترشق بها جبان. فضحكت رفيقتاها لاول مرة وفعلن مثلها فظهر اعداءها الخمسة من خلف الاشجار التى كاووا يختبئون وراءها واخذوا يفروا هاربين . اكملت خوافة ورفيقتاها سيرهم حتى وجدن كوخا صغيرا مبنيا فى وسط الغابة، فذهبن تجاهه، ووجدن علامة رئيس الرعاة مرسومة على الباب، ففرحن جدا ودخلن ليسترحن. وفيما هن جالسات فى هدوء بدأت العاصفة وبصورة اشد واخطر، حتى ان الكوخ كان يهتز وفكرت خوافة فى نفسها: ان التواجد تحت سقف الكوخ يبعث فى نفسى سلاما لم اكن اتوقعه، رغم شدة الاخطار من العاصفة فى الخارج .. ان هذه اكثر اللحظات المملوءة سلاما منذ بدأت رحلتى ، حقا ان الساكن فى ستر العلى فى ظل اله السماء يبيت . وخلال تلك الايام التى امضينها فى الكوخ، شعرت خوافة انها تحب اشجان والام كما لو كانتا صديقتين عزيزتين عليها. وذات يوم وجدت الام تنشد هذا النشيد : ما اجمل رجليك بالنعلين يا بنت الكريم. من هذه الطالعة من البرية مستندة على حبيبها. من هى المشرقة مثل الصباح. جميلة كالقم. طاهرة كالشمس. مرهبة كجيش بألوية. (مقتطفات من سفر نشيد الاناشيد) خوافة : ما اجمل هذا النشيد يا الام، ارجوك علمينى اياه .. انه يذكرنى بالموعد بأن تكون رجلى كالايل . كررت الام النشيد عدة مرات حتى حفظته خوافة عن ظهر قلب واخذت تردده طوال الوقت |
|||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
رحلة إلى المرتفعات |
خذني في رحلة على جبل المرتفعات |
الصوم رحلة الى المرتفعات |
الصوم المقدس رحلة الى المرتفعات |
رحلة إلى المرتفعات |