رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا تمهيد * من علمتنا حب الله والناس *من زرعت فينا الحب بعضًا لبعض *من كانت تدفعنا إلى بيت الله حتى أرتضى وقبل أن أسكن في دياره إلى الأبد إلى أمنا الحنونة.. تمهيد:- هل يمكن أن تعيش وحدك؟ سؤال ربما الإجابة عليه بديهية، وهى أنك لا تقدر أن تعيش وحدك.. وأن الحياة هي أن تعيش مع الآخرين. لأنه «لَيْسَ جَيِّدا انْ يَكُونَ ادَمُ وَحْدَهُ فَاصْنَعَ لَهُ مُعِينا نَظِيرَهُ» (سفر التكوين 2: 18). فطبائع ونفسيات الناس تختلف من الواحد إلى الآخر، فلكلٍ منا صفاته التي تميزه، وعاداته، ومبادئه الخاصة التي يؤمن بها، ويحيا لتحقيقها، وقد تتباين وتختلف أمزجة الناس لدرجة التناقض. إننا أحيانا نطلب في المحبة أن نُحَبَّ وليس أن نُحِبَّ. لذلك البعض من الناس يتشكّون دائمًا على الآخرين، ويعاتبونهم لقلة محبتَّهم. وآخرون هم من يشــعرون أنـهم يحِبّون أكثر بكثير مما يُحَبون. وكثيرة هي الخبرات، واللحظات، والعلاقات التي حين نقيّمها نستنتج أننا محبّون جدًا لكن البعض مقصّرون في مقابلة هذه المحبة. وهذا يلحقه إما العتاب، أو الصراع، أو في أحسن الأحوال الصمت على هذا "الجرح" في القلب. لا شك أن التعامل مع الناس أو ربحهم على اختلاف طباعهم وثقافاتهم وعاداتهم سمة هامة لأي فرد ومن الضروري أن يتصف ويتحلى بها، ولذلك فإن أكثر الشخصيات التي تكون ناجحة في ربح الآخرين هي الشخصية الروحية الاجتماعية، حيث يكون واقع التعامل روحي بالدرجة الأولى مع صورة وسلوك المنهج الاجتماعي من ناحية أخرى. لذلك يحتاج كل منا إلى حكمة، وصبر، وحب، وهدوء، حتى في أصعب الظروف، وذلك من أجل أن نربحهم. |
18 - 06 - 2014, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
كيف نربح الآخرين؟
والقديس بولس الرسول يضع أمامنا عدة نقاط في التعامل مع الآخرين من أجل ربحهم، وذلك في رسالته إلى أهل رومية الإصحاح الثامن، وهى: ‘‘الْمُعْطِي فَبِسَخَاءٍ الْمُدَبِّرُ فَبِاجْتِهَادٍ الرَّاحِمُ فَبِسُرُورٍ. اَلْمَحَبَّةُ فَلْتَكُنْ بِلاَ رِيَاءٍ. كُونُوا كَارِهِينَ الشَّرَّ مُلْتَصِقِينَ بِالْخَيْر، وَادِّينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالْمَحَبَّةِ الأَخَوِيَّةِ، مُقَدِّمِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فِي الْكَرَامَةِ، غَيْرَ مُتَكَاسِلِينَ فِي الِاجْتِهَادِ، حَارِّينَ فِي الرُّوحِ، عَابِدِينَ الرَّبَّ، فَرِحِينَ فِي الرَّجَاءِ، صَابِرِينَ فِي الضِّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ، مُشْتَرِكِينَ فِي احْتِيَاجَاتِ الْقِدِّيسِينَ، عَاكِفِينَ عَلَى إِضَافَةِ الْغُرَبَاءِ. بَارِكُوا عَلَى الَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ. بَارِكُوا وَلاَ تَلْعَنُوا. فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ. مُهْتَمِّينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ اهْتِمَامًا وَاحِدًا، غَيْرَ مُهْتَمِّينَ بِالأُمُورِ الْعَالِيَةِ، بَلْ مُنْقَادِينَ إِلَى الْمُتَّضِعِينَ. لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ. لاَ تُجَازُوا أَحَدًا عَنْ شَرٍّ بِشَرٍّ. مُعْتَنِينَ بِأُمُورٍ حَسَنَةٍ قُدَّامَ جَمِيعِ النَّاسِ. إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ. لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلْغَضَبِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ. فَإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ. وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ. لأَنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا تَجْمَعْ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ». لاَ يَغْلِبَنَّكَ الشَّرُّ بَلِ اغْلِبِ الشَّرَّ بِالْخَيْرِ’’ (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 12-21). من الآيات السابقة وضع معلمنا بولس الرسول أمامنا بعض النقاط والمبادئ الروحية في كيفية التعامل مع الآخرين وربحهم، ولنا في شخصية ربنا يسوع المسيح وخصوصًا مع الخطاة، أو الأشرار من وجهة نظرنا، قدوة ومثال في ذلك. وذلك سوف نستعرضه معًا على الصفحات التالية. |
||||
18 - 06 - 2014, 04:48 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
بالمحبة نربح الآخرين مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 6: 6) المحبة هي أساس أية علاقة ناجحة، وسمات المحبة الحقيقية كما عرَّفها القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل كورنثوس هي: الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ وَلاَ تَنْتَفِخُ وَلاَ تُقَبِّحُ وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا وَلاَ تَحْتَدُّ وَلاَ تَظُنُّ السُّوء وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ. وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا" (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 13: 4-8). ونجد مار يوحنا الحبيب يوجه أنظارنا أيضًا إلى المحبة العملية قائلًا: بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ. وَأَمَّا مَنْ كَانَ لَهُ مَعِيشَةُ الْعَالَمِ، وَنَظَرَ أَخَاهُ مُحْتَاجًا، وَأَغْلَقَ أَحْشَاءَهُ عَنْهُ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَحَبَّةُ اللهِ فِيهِ؟ يَا أَوْلاَدِي، لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ!" (رسالة يوحنا الرسول الأولى 3: 16-18). ‘‘ فأنت يا من تقول لكل أحد أنى أحبك، ماذا فعلت من أجلهم؟ فالحب يا صديقي بالكلام وحده لا يكفي، يجب أن تعبر عنه بالعمل. في اللحظة التي تستطيع فيها أن تعبر فيها عن حبك، لابد أن تمد يدك لكل من يحتاج إليك.. أن تسرع لمن يدعوك.. إن استطعت أن تجيب كل من يسألك، فأنت على الطريق نحو جذب قلوب الآخرين وربحهم، وستكون بلا شك محبوبا جدًا، وخاصًة من الله’’ (عن مقال فن التعامل مع الآخرين). ‘‘ فاحرص على شعور كل أحد، وحاول أن تكسب كل أحد، فسليمان الحكيم يقول: "رَابحُ النُّفُوسِ حَكِيمٌ" (سفر الأمثال 11: 30). وإن عرفت أن واحدا من الناس متضايق منك، فلا يهدأ قلبك حتى ترضيه. . اجعل كل أحد يحبك، وكما قال بولس الرسول: " إِنْ كَانَ مُمْكِنًا فَحَسَبَ طَاقَتِكُمْ سَالِمُوا جَمِيعَ النَّاسِ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 18). لذلك قدم للناس محبتك، واكتسب محبتهم، واعتبر أن محبة الناس كنز ثمين يجب أن تحرص عليه لتربحهم’’ (عن مقال كيف تحب الناس، ويحبك الناس؟. لقداسة البابا شنوده الثالث). |
||||
18 - 06 - 2014, 04:48 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
اللطف وحُسن المعاملة سَلِّمُوا بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ بِقُبْلَةٍ مُقَدَّسَةٍ. كَنَائِسُ الْمَسِيحِ تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ. (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 16: 16) إذا استطعت أن تضع في مصافحتك الحرارة والعاطفة، دل ذلك على أن قلبك في موضعه الصحيح. فبهذه المصافحة تريد أن تقول لمصافحك: "إنني أحبك، وأن لقائي بك من الأشياء التي تجعل يومي سعيدا". إن سلامك المملوء بالعاطفة والحب، يدفع الذي أمامك للاستمرار في الوقوف معك، وانبساط وجهك مع سلامك العاطفي يضفي على شخصيتك جمالًا. ولا نخطئ إذا قلنا: أن الحب يكمن في راحة يديك. ولأهمية هذه التحية نجد السيد المسيح يشدد عليها لأنه من خلالها يهب بركة للبيت والساكنين فيه، فيوصى رسله وتلاميذه قائلًا: وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ (مت10: 12) وعنه أخذ جميع الرسل، لهذا السبب نجد أن جميع الرسائل بها بعض التحيات مثل "سَلِّمُوا عَلَى جَمِيعِ مُرْشِدِيكُمْ وَجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ. يُسَلِّمُ عَلَيْكُمُ الَّذِينَ مِنْ إِيطَالِيَا. اَلنِّعْمَةُ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ". (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 13: 24، 25)، ونظرة صغيرة إلى الإصحاح السادس عشر من رسالة معلمنا بولس الرسول لأهل رومية توضح مدى جدية وأهمية هذه المصافحة. لقد اهتمت الكنيسة أيضًا في طقوسها بالمصافحة حين ينادى الشماس قائلا: "قبلوا بعضكم بعضًا..." كتعبير عن السلام والصلح. وليس ذلك فقط بل أن نقابل الناس ببشاشة ولطف، فالناس يحبون الإنسان المرِح والإنسان اللطيف، يحبون الذي ينسيهم آلامهم ومتاعبهم بكلامه العذب وشخصيته المريحة. لذلك حاول باستمرار أن تكون بشوشا، حتى في عمق متاعبك وضيقاتك. إنسَ متاعبك لأجل الناس، فتربحهم. لا تكلم أحدا وأنت مقطب الوجه صارم الملامح، إلا في الضرورة الحتمية لأجل الصالح. أما في غير ذلك فكن لطيفا. ولنا في أبونا إبراهيم مثال وقدوة في ربح الآخرين من خلال ترحابه بضيوفه، وكيف ركض لاستقبال الثلاثة الرجال الغرباء، وسجد أمامهم، وألح عليهم، وقدم ماء وغسل أرجلهم، وذبح عجلا جيدًا، وصنع خبزًا، وقدم لهم زبدا ولبنًا ليأكلوا، ووقف يخدمهم بنفسه وهم يأكلون. . وكذلك لوط ابن أخيه عندما كان جالسًا في الساحة ووجد غريبين، لم يسترح ويهدأ حتى استطاع أن يستضيفهما ويقدم لهما عشاء ويبيتا في منزله، ولهذا أضافا ملائكة وهما لا يعلمان (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 13: 2)، وأخذا بركات ووعودا (تك 18 و19). |
||||
18 - 06 - 2014, 04:49 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
الاهتمام الشخصي فَسَأُعْطِيهِ.. اسْما جَدِيدا (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 17) إن اسم الإنسان هو أعز ما يملك. إذا نظرت إلى أي طفل عندما تناديه باسم آخر غير اسمه، سوف تجده متضايقا جدًا، وخاصة إذا كررت ذلك معه أكثر من مرة. إن تذكرك لاسم مُحدثك هو المفتاح للدخول إلى قلبه، ودليل على أن العلاقة بينكم علاقة صداقة وليست معرفة سطحية. والرب يسوع المسيح استطاع أن يملك قلب زكا العشار، حينما ناداه باسمه (إنجيل لوقا 19: 5)، وربحه وأعلن عن ذلك قائلا: «الْيَوْمَ حَصَلَ خَلاَصٌ لِهَذَا الْبَيْتِ إِذْ هُوَ أَيْضًا ابْنُ إِبْرَاهِيمَ لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ» (إنجيل لوقا 19: 10). وأعطانا مثالًا للراعي الصالح الذي يعرف خاصته، ويدعوها بأسماء (إنجيل يوحنا 10: 3)، مما يشعر الإنسان بالانتماء والتلاقي مع هذا الذي يناديه باسمه. حين تذكر اسم من تتحدث إليه فإن ذلك دليل على أنك تحمل في قلبك مكانًا خاصًا لهذا الصديق. يؤكد الله بنفسه على هذه الحقيقة، حينما يؤكد لكل من يحبه على لسان إشعياء النبي قائلًا: " لأَجْلِ عَبْدِي يَعْقُوبَ وَإِسْرَائِيلَ مُخْتَارِي دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. لَقَّبْتُكَ وَأَنْتَ لَسْتَ تَعْرِفُنِي" (سفر إشعياء 45: 4). وموسى النبي عندما دخل في محاجة مع الله يقول له: " انْظُرْ! أنت قَائِلٌ لِي اصْعِدْ هَذَا الشَّعْبَ وأنت لَمْ تُعَرِّفْنِي مَنْ تُرْسِلُ مَعِي. وأنت قَدْ قُلْتَ: عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ وَوَجَدْتَ أيضا نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ" (سفر الخروج 33: 12). وكأن معرفة الله لاسم موسى يعطي موسى الحق في أن يتكلم مع الله بدالة شديدة، ويتعاتب معه في أي شيء. والسيد المسيح في الأبدية سوف يعطينا اسمًا جديدا وكأنه يدلل محبيه ومختاريه الذين ربحهم لملكوته. |
||||
18 - 06 - 2014, 04:49 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
عدم مقابلة الإساءة بالإساءة
غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرٍّ بِشَرٍّ (رسالة بطرس الرسول الأولى 3: 9) السيد المسيح في العظة على الجبل يضع أمامنا معايير أساسية في كيفية التعامل مع الآخرين وربحهم، فيقول لنا: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ" (إنجيل متى 5: 44). ونجد أصداء كثيرة لهذه الوصية في الكتاب المقدس بعهديه مثل: إذا صَادَفْتَ ثَوْرَ عَدُوِّكَ أو حِمَارَهُ شَارِدا تَرُدُّهُ إليه. إذا رأيتَ حِمَارَ مُبْغِضِكَ وَاقِعا تَحْتَ حِمْلِهِ وَعَدَلْتَ عَنْ حَلِّهِ فَلا بُدَّ أن تَحِلَّ مَعَهُ" (سفر الخروج 23: 4، 5). فالله يرى في هذه الأشياء البسيطة وسيلة سهلة المنال لنربح الآخرين، لأن الله لا تهمه الثيران (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 9: 9). وأيوب الصديق في حواره مع أصحابه يقول: إِنْ كُنْتُ قَدْ فَرِحْتُ بِبَلِيَّةِ مُبْغِضِي أَوْ شَمِتُّ حِينَ أَصَابَهُ سُوءٌ. بَلْ لَمْ أَدَعْ حَنَكِي يُخْطِئُ فِي طَلَبِ نَفْسِهِ بِلَعْنَةٍ" (سفر أيوب 31: 29، 30). فأيوب يعتبر مجرد الفرح بالبلية خطية عظيمة، أو حتى لمجرد الشماتة حين إصابة السوء، فكيف يجازى عن شر بشر. وسليمان الحكيم يوصينا قائلًا: لاَ تَفْرَحْ بِسُقُوطِ عَدُوِّكَ وَلاَ يَبْتَهِجْ قَلْبُكَ إِذَا عَثَرَ (سفر الأمثال 24: 17). وإِنْ جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ خُبْزًا وَإِنْ عَطِشَ فَاسْقِهِ مَاءً (سفر الأمثال 25: 21). وفي يوسف الصديق تتجلى هذه الفضيلة في أبهى صورة، حيث أنه عانى من إخوته الكثير وبسببهم حرم من حنان أبيه لسنين عديدة حيث أنهم أبغضوه جدًا (سفر التكوين 37: 4)، وحاولوا قتله (تك 37: 18ـ 20)، ولكن عندما مات أبوه خاف إخوته منه فأتوا وَوَقَعُوا أمامه وَقَالُوا: «هَا نَحْنُ عَبِيدُكَ». فَقَالَ لَهُمْ يُوسُفُ: «لا تَخَافُوا. لانَّهُ هَلْ أنا مَكَانَ اللهِ؟ انْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرّا أما اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرا لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ لِيُحْيِيَ شَعْبا كَثِيرا. فالآن لا تَخَافُوا. أنا أعولكم وأولادكم». فَعَزَّاهُمْ وَطَيَّبَ قُلُوبَهُمْ. (سفر التكوين 50: 18-21). فقد كان يوسف يأخذ كل شيء من يد الله، واثقا أن الله يسمح به لخير نفسه وللكل (سفر التكوين 50: 5-8). حقًا يا ربُ ما أجمل كلامك ووعودك، فأنت القائل على لسان معلمنا بطرس الرسول: غَيْرَ مُجَازِينَ عَنْ شَرٍّ بِشَرٍّ أَوْ عَنْ شَتِيمَةٍ بِشَتِيمَةٍ، بَلْ بِالْعَكْسِ مُبَارِكِينَ، عَالِمِينَ أَنَّكُمْ لِهَذَا دُعِيتُمْ لِكَيْ تَرِثُوا بَرَكَةً. (رسالة بطرس الرسول الأولى 3: 9). إن كان أولاد العهد القديم مطالبين بذلك، وفعلا عاشوا هذه الوصية ونفذوها، فهل يحق لنا نحن أولاد عهد النعمة المسن ودين بقوة الروح القدس أن نتحجج بأنها وصية تحتاج إلى قامات خاصة، وننسى أن الشيطان يضع أمامنا العراقيل لكي نحرم من البركة، وربح الآخرين، مثلما كان يوسف بركة لكل العالم القديم آنذاك. |
||||
18 - 06 - 2014, 04:50 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
بالهدايا نربح الآخرين خُذْ بَرَكَتِي الَّتِي أتِيَ بِهَا إلَيْك (سفر التكوين 33: 11) إن كانت هَدِيَّةُ الإِنْسَانِ تُرَحِّبُ لَهُ وَتَهْدِيهِ إِلَى أَمَامِ الْعُظَمَاءِ (سفر الأمثال 18: 16)، فكم بالحري تفعل فعلها في ربح النفوس، فالحكيم يقول أيضًا: الْهَدِيَّةُ حَجَرٌ كَرِيمٌ فِي عَيْنَيْ قَابِلِهَا حَيْثُمَا تَتَوَجَّهُ تُفْلِحُ. (أم17: 8). ونجد سليمان الحكيم يؤكد على فاعليتها وأهميتها، ولهذا يشدد عليها في ربح النفوس قائلا: اَلْهَدِيَّةُ فِي الْخَفَاءِ تَفْثَأُ ـ أي تهدئ وتسكن ـ الْغَضَبَ (سفر الأمثال 21: 14). هذا ما فعله يعقوب أبو الآباء عندما أستعطف وجه أخيه عيسو بقطعان المواشي التي أرسلها أمام وجهه قطيعًا يلي القطيع الآخر، وبين الواحد والآخر مسافة لكى تظهر قيمتها. ونجحت فعلا الهدية في ترضية عيسو، ونسى غضبه وكل ما صنعه به يعقوب أخيه. وهو ما صنعته أبيجايل امرأة نابال الكرملى أيضًا (سفر صموئيل الأول 25: 1-37) عندما أهاج نابال سخط داود بحماقته، ونوى داود أنْ لا يبقى ذَكَرًا مِنْ كُلِّ مَا لَهُ إِلَى ضُوءِ الصَّبَاحِ... فَبَادَرَتْ وَأَخَذَتْ... وَقَالَتْ لِغِلْمَانِهَا: «اعْبُرُوا قُدَّامِي. هَئَنَذَا جَائِيَةٌ وَرَاءَكُمْ».. وَلَمَّا رَأَتْ أَبِيجَايِلُ دَاوُدَ أَسْرَعَتْ وَنَزَلَتْ عَنِ الْحِمَارِ, وَسَقَطَتْ أَمَامَ دَاوُدَ عَلَى وَجْهِهَا وَسَجَدَتْ إِلَى الأَرْضِ, وَسَقَطَتْ عَلَى رِجْلَيْهِ وَقَالَتْ: «عَلَيَّ أَنَا يَا سَيِّدِي هَذَا الذَّنْبُ... وَالآنَ هَذِهِ الْبَرَكَةُ الَّتِي أَتَتْ بِهَا جَارِيَتُكَ إِلَى سَيِّدِي فَلْتُعْطَ لِلْغِلْمَانِ السَّائِرِينَ وَرَاءَ سَيِّدِي... فَقَالَ دَاوُدُ لأَبِيجَايِلَ: «مُبَارَكٌ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَرْسَلَكِ هَذَا الْيَوْمَ لاِسْتِقْبَالِي, وَمُبَارَكٌ عَقْلُكِ وَمُبَارَكَةٌ أَنْتِ لأَنَّكِ مَنَعْتِنِي الْيَوْمَ مِنْ إِتْيَانِ الدِّمَاءِ وَانْتِقَامِ يَدِي لِنَفْسِي. وَلَكِنْ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ إِلَهُ إِسْرَائِيلَ الَّذِي مَنَعَنِي عَنْ أَذِيَّتِكِ, إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُبَادِرِي وَتَأْتِي لاِسْتِقْبَالِي لَمَا أُبْقِيَ ذَكَرٌ لِنَابَالَ إِلَى ضُوءِ الصَّبَاحِ». فَأَخَذَ دَاوُدُ مِنْ يَدِهَا مَا أَتَتْ بِهِ إِلَيْهِ وَقَالَ لَهَا: «اصْعَدِي بِسَلاَمٍ إِلَى بَيْتِكِ. انْظُرِي. قَدْ سَمِعْتُ لِصَوْتِكِ وَرَفَعْتُ وَجْهَكِ». فإن كان للهدية كل هذا التأثير في تسكين النفوس وتهدئتها وربحها، فكم يكون عملها في الأوقات الهادئة. ويجب أن نضع فى قلوبنا إن الهدية هى تعبير عن المحبة، والمحبة أيضًا فى ذاتها أعظم هدية. |
||||
18 - 06 - 2014, 04:52 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
المشاركة الوجدانية فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 15) المجاملة في الأفراح والأحزان من أقوى الدعامات التي نربح بها الآخرين، والكتاب المقدس يشدد عليها لأهميتها، ونجد السيد المسيح عندما تجسد ونزل إلى عالمنا، عاش هذا بقوة ليس كمجاملة فقط، وإنما واهبًا البركة في مثل هذه الظروف، فنجد أول معجزاته كانت في عرس قانا الجليل (إنجيل يوحنا 2: 1ـ 11)، وعندما وقف أمام قبر لعازر بكى لا كإنسان عاجز، لأنه يعلم أنه سوف يقيمه من الموت، لكن لكي يوضح أهمية المشاعر، والمجاملات في مثل هذه المواقف، ولهذا علق بعض اليهود على هذا الموقف قائلين: «انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ يُحِبُّهُ» (إنجيل يوحنا 11: 36). وداود النبي يظهر مشاعره في مثل هذه الأوقات قائلا: أَمَّا أَنَا فَفِي مَرَضِهِمْ كَانَ لِبَاسِي مِسْحًا. أَذْلَلْتُ بِالصَّوْمِ نَفْسِي... كَأَنَّهُ قَرِيبٌ كَأَنَّهُ أَخِي كُنْتُ أَتَمَشَّى. كَمَنْ يَنُوحُ عَلَى أُمِّهِ انْحَنَيْتُ حَزِينًا. (سفر المزامير 35: 13، 14). وفى الكارثة التي حدثت لأيوبجَاءَ إِلَيْهِ كُلُّ إِخْوَتِهِ وَكُلُّ أَخَوَاتِهِ وَكُلُّ مَعَارِفِهِ مِنْ قَبْلُ وَأَكَلُوا مَعَهُ خُبْزًا فِي بَيْتِهِ وَرَثُوا لَهُ وَعَزُّوهُ عَنْ كُلِّ الشَّرِّ الَّذِي جَلَبَهُ الرَّبُّ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ كُلٌّ مِنْهُمْ قَسِيطَةً وَاحِدَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ قُرْطًا مِنْ ذَهَبٍ. (أى 42: 11). وعندما ولدت أليصابات يوحنا المعمدان وَسَمِعَ جِيرَانُهَا وَأَقْرِبَاؤُهَا أَنَّ الرَّبَّ عَظَّمَ رَحْمَتَهُ لَهَا فَفَرِحُوا مَعَهَا. (إنجيل لوقا 1: 58). وراعوئيل اضطر أن يمد وليمة عرس طوبيا وابنته لمدة أسبوعين لكثرة الوافدين لمشاركته فرحهم (سفر طوبيا 8: 21ـ 24)، حيث كانت العادة أن تمتد احتفالات العرس لمدة أسبوع (سفر التكوين 29: 27، 28 وسفر القضاة 14: 12ـ 17). الإنسان عضو في جسد واحد هو الكنيسة، فلابد له أن يفرح مع كل إنسان فرِحٍ، شاعرًا بأن هذا الفرح خاص به، لأن أي مجد أو فرح يخص الآخرين لابد أن ينعكس على الجسد كله، وهكذا الحزن أو الألم، يؤثر أيضا على الجسد كله (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 12: 26). ليت مشاركتنا للآخرين لا تكون مجرد مجاملة روتينية، إنما تكون دافئة بالمشاعر والأحاسيس تجاه الآخرين، حيث أنهم يحتاجون إلى مشاعرنا الفياضة في هذا الوقت، وبالتالي نستطيع أن نربحهم بسهولة ويسر. ولذلك يشدد معلمنا مار بولس الرسول قائلًا: اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا فِي الْجَسَدِ. (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 13: 3). |
||||
18 - 06 - 2014, 04:52 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
الصلاة لآجل الآخرين وإلا فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ (سفر الخروج 32: 32) الصلاة من أجل الآخرين هي الوسيلة الأساسية في ربحهم ودونها كأن لا شيء ذو قيمة، فهي الطاقة التي تحرك كل شيء آخر. ومن أجمل الصلوات التي من أجل الآخرين هي صلاة السيد المسيح قبل الصلب أو ما تسمى بالصلاة الوداعية (إنجيل يوحنا 17)، فهو يركز في صلاته من أجل تلاميذه وكنيسته قائلا: مِنْ أَجْلِهِمْ أَنَا أَسْأَلُ... أَيُّهَا الآبُ الْقُدُّوسُ احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ. الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ... لِيَكُونَ لَهُمْ فَرَحِي كَامِلًا فِيهِمْ... لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ... قَدِّسْهُمْ فِي حَقِّكَ... لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا... لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا... لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ... يَكُونُونَ مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا لِيَنْظُرُوا مَجْدِي الَّذِي أَعْطَيْتَنِي... لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ وَأَكُونَ أَنَا فِيهِمْ. فهي طلبات محددة ومركزة في نفس الوقت حسب احتياجهم، فالسيد المسيح يقدم لنا نفسه قدوة لنعرف أهمية الصلاة ونحتذي به. وها هو بولس الرسول يتمثل بالمسيح (رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 11: 1). ويعلن عن ذلك قائلًا: إِنَّ لِي حُزْنا عَظِيما وَوَجَعا فِي قَلْبِي لاَ يَنْقَطِعُ! فَإِنِّي كُنْتُ أَوَدُّ لَوْ أَكُونُ أَنَا نَفْسِي مَحْرُومًا مِنَ الْمَسِيحِ لأَجْلِ إِخْوَتِي أَنْسِبَائِي حَسَبَ الْجَسَدِ (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 9: 3). وكذلك موسى النبي يطلب من الله ويقول له: «إنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أيُّهَا السَّيِّدُ فَلْيَسِرِ السَّيِّدُ فِي وَسَطِنَا فَإنَّهُ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. وَاغْفِرْ إثْمَنَا وَخَطِيَّتَنَا وَاتَّخِذْنَا مُلْكا». (سفر الخروج 34: 9). وكذلك في مرة أخرى يصرخ ويتضرع عن الشعب قائلًا: والآن إن غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ - وإلا فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ (سفر الخروج 32: 32). ومرة ثالثة يقول عنها: «فَسَقَطْتُ أَمَامَ الرَّبِّ الأَرْبَعِينَ نَهَارًا وَالأَرْبَعِينَ ليْلةً التِي سَقَطْتُهَا لأَنَّ الرَّبَّ قَال إِنَّهُ يُهْلِكُكُمْ. وَصَليْتُ لِلرَّبِّ: يَا سَيِّدُ الرَّبُّ لا تُهْلِكْ شَعْبَكَ وَمِيرَاثَكَ الذِي فَدَيْتَهُ بِعَظَمَتِكَ الذِي أَخْرَجْتَهُ مِنْ مِصْرَ بِيَدٍ شَدِيدَةٍ. اُذْكُرْ عَبِيدَكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. لا تَلتَفِتْ إِلى غَلاظَةِ هَذَا الشَّعْبِ وَإِثْمِهِ وَخَطِيَّتِهِ لِئَلا تَقُول الأَرْضُ التِي أَخْرَجْتَنَا مِنْهَا: لأَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ لمْ يَقْدِرْ أَنْ يُدْخِلهُمُ الأَرْضَ التِي كَلمَهُمْ عَنْهَا وَلأَجْلِ أَنَّهُ أَبْغَضَهُمْ أَخْرَجَهُمْ لِيُمِيتَهُمْ فِي البَرِّيَّةِ. وَهُمْ شَعْبُكَ وَمِيرَاثُكَ الذِي أَخْرَجْتَهُ بِقُوَّتِكَ العَظِيمَةِ وَبِذِرَاعِكَ الرَّفِيعَةِ». (سفر التثنية 9: 25ـ 29). فالصلاة هي المفتاح الحقيقي لربح الآخرين. |
||||
18 - 06 - 2014, 04:53 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب هلم نربح الآخرين - الراهب القمص يوأنس الأنبا بولا
غفران أخطاء الآخرين غفران أخطاء الآخرين من أقوى الدعامات التي نربحهم بها، ونجد السيد المسيح ربط بين الغفران والحب حينما قال لسمعان الفريسي: «كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُ مِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعًا. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبًّا لَهُ؟» فَأَجَابَ سِمْعَانُ: «أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالأَكْثَرِ». فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ» (إنجيل لوقا 7: 41ـ 43). وطبق هذا الكلام عن المرأة الخاطئة التي بللت قدميه بالدموع قائلًا: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ لأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيرًا. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلًا (إنجيل لوقا 7: 47). ولهذا السبب يطالب السيد المسيح معلمنا بطرس الرسول ألا يغفر سبع مرات في اليوم فقط بل إلى سبعين مرة سبع مرات للإنسان الواحد (إنجيل متى 18: 22). ومعلمنا بولس الرسول يضع أمامنا السيد المسيح كمثال يُحتذى به قائلًا: مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إن كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هَكَذَا انْتُمْ أيضا (رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 3: 13). وأكد على ذلك مرة أخرى قائلًا: وَكُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضًا فِي الْمَسِيحِ (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 32). وطالب تلميذه فليمون أن يغفر لعبده أُنِسِيمُسَ ـ الذي سرق أمواله وهرب وكان عبدا عنيدا غير نافع. فقبل فليمون وغفر، وكانت النتيجة أنه أصبح الآنَ نَافِعا... لا كعبد وإنما أَفْضَلَ مِنْ عَبْدٍ: أَخا مَحْبُوبا، وَلاَ سِيَّمَا إِلَيَّ ـ أي لبولس الرسول. فَكَمْ بِالْحَرِيِّ إِلَيْكَ ـ أي فليمون ـ فِي الْجَسَدِ وَالرَّبِّ جَمِيعًا! (رسالة بولس الرسول إلى فليمون 1: 10-16). |
||||
|