رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أتخذ الله لك صديقا ليكن أمامك باستمرار
نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة * إن أردت أن تحب الله, اتخذه لك صديقا.. بل ليكن صديقك الأول, الذي تهرع إليه قبل كل أحد. تكشف له أسرارك, وتحكي له كل شيء, وتشعر بعمق الراحة في الوجود معه. تحكي له كل أفكارك, وتكشف له أعماقك, بكل صراحة, وبكل صدق, وبكل ثقة. بقلب مفتوح. ولا تسأم من الحديث إليه. بل تقول. عندي كلام يا رب لأقوله لك... أنا يا رب أثق بمحبتك لي, وبأنك تريد لي الخير, وتقدر علي ذلك. لماذا لا أحكي لك كما أحكي لأحبائي من البشر؟! أتراني أجد لذة في أن أفتح قلبي لهؤلاء التراب والرماد, وفي نفس الوقت أبعد عنك أنت يا خالق الكل؟! وكلما تدعوني إليك, أنشغل بأمور أخري, وأحتج بضيق الوقت..!! لا شك أننا بالحديث مع الله ننفس عن أنفسنا.. ونجد راحة, إذ نلقي عليه كل همومنا, كأب محب لنا, نبادله الحب, ولا نخفي عليه شيئا. بل نجعله يشترك معنا في كل ما نفعل. وفي حب نسلمه أفكارنا ليقودها. ويصحح مسارها إن كان في مسلكها خطأ... ولكي تحب الله, اجعله أمامك باستمرار.. مثلما كان يقول داود النبي "جعلت الرب أمامي في كل حين, لأنه عن يميني فلا أتزعزع". لا شك أن هذا الشعور يمنح القلب إيمانا وثقة وسلاما. ولهذا يقول داود بعد هذه العبارة.. من أجل هذا, فرح قلبي وابتهجت روحي... أو اجعل الرب أمامك, كما كان يقول إيليا النبي: "حي هو رب الجنود الذي أنا واقف أمامه". وهكذا يملأ الرب حواسك, وبالتالي يملأ فكرك وقلبك, وتجد نفسك تحترس وتفعل كل ما يرضيه. بل أيضا تشعر بصحبته لك. ليس فقط ليعرف أعمالك... بل بالحري ليشترك معك فيها, أو يدعوك لأن تشترك معه فيما يريده لأجلك أو لأجل ملكوته. وشعورك بوجود الله أمامك يمنحك قوة فلا تخطيء... ومثال ذلك يوسف الصديق, الذي قال: كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطيء إلي الله... لقد كان يري الله أمامه في ذلك الوقت, ولم يغب الله عن ذهنه لحظة واحدة. ومن محبته لله, لم يقل كيف أخطيء أمامه وإنما قال كيف أخطيء إليه؟! إنك تضع صورا كثيرة في بيتك, تراها أمامك.. فلماذا لا تضع الله أمامك, مثل باقي الصور, بل قبلها؟ تراه أمامك في كل حين: حين تمشي في الطريق, وحين تكون في بيتك, وحين تجلس مع الناس.. لا شك أن بطرس الرسول حينما أنكر الرب, لم تكن صورة الرب أمامه. ولكنه حينما صاح الديك, وتذكر الرب وما سبق أن قاله له, حينذاك خرج إلي خارج وبكي بكاء مراً. إنك في محبتك لله, لست فقط تري الله أمامك, بل بالأكثر تري نفسك في حضنه... وتقول كما في سفر النشيد "شماله تحت رأسي, ويمينه تعانقني". إنك ابنه الذي أحبك, ومن أجلك فعل الكثير. وإن تذكرت كل حبه لك, لابد ستبادله الحب, ولا يمكن أن تخطيء بل تغني له كل يوم تسبيحا جديدا. وتقول مع عذراء النشيد "حبيبي لي, وأنا له, الراعي بين السوسن تحت ظله اشتهيت أن أجلس, وثمرته حلوة لحلقي". ما أجمل أن تشعر إن الله معك, وأنه ممسك بيدك, وهو أمامك, وعن يمينك, ومحيط بك... أنت في يده اليمني.وقد نقشك علي كفه. ولا يستطيع أحد أن يخطف من يده شيئاً بل حتي جميع شعور رأسك محصاة. إن تذكرت هذا الإله المحب لك, وجعلته أمامك فأنك لابد ستحبه, وتشعر بالأمان والاطمئنان لوجودك في حضرته. أتستطيع أن تحبه, وأنت لا تشعر بوجوده معك؟! أتحبه غيابيا, وأنت لا تشعر بوجوده؟! ليس هذا الأمر معقولا...إننا يا أخي لسنا نحب إلها مجهولا. بل هوذا الرسول يقول "الذي سمعناه, الذي رأيناه بعيوننا, الذي شاهدناه ولمسته أيدينا". فإن كان الرسل قد رأوه عيانا فإننا نراه بالإيمان, مثلما قال داود النبي..."الرب أمامي في كل حين". إذن ما هو مركز الله عمليا في حياتك, لكي ما تحبه؟ هل تجعله أمامك في كل حين؟ هل تري عمله في حياتك باستمرار؟ أم تمر عليك أيام, لا يأتي فيها ذكر الله علي قلبك وذهنك إلي أن يذكرك به يوم الرب حين تدخل الكنيسة؟!! أم تراك تنسي أن يوم الأحد هو يوم الرب, وتسميه الـ week End!! حاول إذن أن تشعر باستمرار بوجودك في حضرة الله. وأن الله موجود معك, ويعمل معك ولأجلك. علي أن القديس أوغسطينوس, وهو يري حياته في فترة ما قبل التوبة, يقول للرب عن تلك الفترة: كنت يا رب معي... ولكنني من فرط شقوتي لم أكن معك!. كما ظهر لتلميذي عمواس بعد القيامة, وتكلم معهما ولم يعرفاه، وكما ظهر لمريم المجدلية ولم تعرفه وظنته البستاني. ليتك إذن تشعر بوجودك في حضرته تشعر أن عيني الرب ناظرتان إليك باستمرار. وأن يده تمسك بك, وأنه يرعاك بحيث لا يعوزك شيء. هذه المشاعر تغرس الحب في قلبك. حاول أيضا أن تشرك الرب معك في كل عمل.. فمثلا, إن كنت ذاهبا إلي عملك, أو إلي مكان دراستك, أو حيثما أردت أن تذهب,قل له -قبل أن تخرج من بيتك- : أنا يا رب ذاهب إلي هذا المكان, فكن معي فيه. وسأقابل فلانا من الناس, وفقني في لقائه وفي الكلام معه, وضع في فمي الكلام الذي سأقوله... وهكذا تتحدث مع الله خلال اليوم. أو قبل أن تخرج من منزلك, قل له: أنا تارك يا رب هذا البيت في رعايتك... وتمشي في الطريق وأنت شاعر أن الرب إلي جوارك. وقبل أن تبدأ العمل, مهما كنت ذكيا وصاحب خبرة, قل له: يا رب, اشترك في العمل معي. فأنا بدونك لا أقدر أن أعمل شيئا. وإن نجحت في عملك, قل له: لقد كانت يدك معي في العمل. فأشكرك وأطلب دوام معونتك... وإن أجريت لك أو لأحد أحبائك عملية جراحية ونجحت, قل له: لقد كانت يدك مع الطبيب ومع المستشفي... وهكذا ظهرت محبتك لنا. ونحن نحبك كما أحببتنا. وليس فقط تجعل الله أمامك أو معك, بل يكون الله فيك وأنت فيه... تكون فيه, كما يكون الغصن ثابتا في الكرمه, لكي ما يستطيع أن يأتي بثمر. وهو فيك, لأنك هيكل الله, وروح الله ساكن فيك. وكما قال الرب "إن أحبني أحد يحفظ كلامي, ويحبه أبي. وإليه نأتي, وعنده نصنع منزلا". اسأل نفسك: هل مازلت تحتفظ بالله داخلك؟ هل الله في قلبك, وفي ذهنك, وعلي لسانك, وفي حياتك كلها.. في بيتك وفي عملك. تحس وجوده, وتسعد بوجوده معك, ويشترك معك في كل شيء؟ أم أنت قد أبتعدت عنه, وأحزنت روح الله القدوس, أو قد انفصلت عن الله بأنواع وطرق شتي؟! حينما تكون امرأة حبلي, وتشعر بأن داخلها جنينا حيا يتحرك, يمتص حياته من دمها ويتغذي, فإنها تشعر بشعور خاص, وبكل حب تقول أتغذي لكي أغذيه... وأنت في داخلك جنين روحي, ولد فيك من الروح القدس حينما عرفت الله... فهل تتغذي لكي تغذية؟ وغذاؤه هو الحب الإلهي, وبه يحيا ويتحرك... كما يقول المرتل للرب في المزمور "باسمك أرفع يدي, فتشبع نفسي كما من شحم ودسم". إن كنا نتغذي بمحبة الله, سننمو روحيا.. وحينما نتغذي بمحبته, نقول أيضا لغيرنا "ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب". كذلك حينما نتغذي بكل كلمة تخرج من فم الله وتكون لنا حياة فيه بتناولنا من سر الأفخارستيا.. ونشعر بحياته فينا, فنقول مع القديس بولس الرسول: "لي الحياة هي المسيح.. فأحيا لا أنا, بل المسيح يحيا فيّ. أتراك تشعر بحياة المسيح فيك, وبنصرته فيك وبمجده في حياتك؟ وهل تشعر بشركة الروح القدس في كل عمل تعمله؟ هل أنت لا تدخل مكانا, أو لا تعمل عملا, إلا إذا كان مجد اسم الله. وهل أنت تحمل اسم الله وعمله في كل مكان تحل فيه؟ حينما دخل داود إلي ميدان الجيش وقت تهديدات جليات, أدخل اسم الله معه. فقال الحرب لله وهو يدفعكم ليدنا. وقال لجليات الجبار: أنت تأتي إليّ بسيف ورمح. وأنا آتي إليك باسم رب الجنود... في هذا اليوم يحبسك الرب في يدي".. وهكذا كان اسم الرب علي فم داود. وكانت قوة الرب في ذراع داود. وكان اسم الرب سبب اطمئنان ونصر وفرح لكل الجيش. يعجبني أن القديس أغناطيوس الأنطاكي, كان لقبه الثيئوفورس أي حامل الله. فإن كنت تحب الله, فلابد أنك ستحمل اسم الله معك إلي كل شخص يقابلك, وإلي كل مكان تذهب إليه حينما تحمل اسم الله, يعمل الله معك, فينجح عملك, ويفرح قلبك بهذا النجاح, وتحب الله الذي أنجح طريقك. كما قيل عن يوسف الصديق إن الرب معه وأن كل ما كان يصنعه, كان الرب ينجحه بيده. إن الله يمكنه أن يعمل كل شيء وحده, فكل شيء به كان. ولكنه يحب أن يعمل بنا, كأدوات في يديه. لكي نفرح بعمل الرب فينا, ونحبه لأنه قد اختارنا لعمله. فهل أنت تعمل عمل الرب. وهل تقول له. في كل مكان أذهب إليه, سأوجد لك يا رب موضعا تسند فيه رأسك؟. وهكذا يكون الحب متبادلا بينك وبين الله: هو يعمل فيك, وأنت تعمل لأجله هو من فرط حبه لك, يرسلك لتعمل في كرمة وأنت في حبك له تقول ينبغي أن ذاك يزيد, وإني أنا أنقص. ولكن الله لا يريدك أبدا أن تنقص, بل بمحبته يجعلك منارة تنير لكل من في البيت. ويقول لك أباركك وتكون بركة. أما أنت ففي محبتك لله تقول مع المرتل في المزمور "ليس لنا يا رب ليس لنا, لكن لاسمك القدوس أعط مجدا". الذي يحب الله, يختفي ويظهر الله... كما كان يفعل يوحنا المعمدان في كل كرازته. لذلك أنكر ذاتك تصل إلي محبة الله. لأنك إن كنت تركز علي محبة ذاتك, فسوف تنشغل بها وليس بالله. أما إذا أنكرت ذاتك, فسوف يكون الله هو شغلك الشاغل, وهو الذي يملأ القلب والفكر, فتصل إلي محبته. بقيت في مقالنا نقطة أخري توصل إلي محبة الله وهي:حاول أن كل شيء يذكرك به..ولكنك تلاحظ معي أن الصفحة ما عادت تتسع, فلنؤجلها إلي العدد المقبل إن أحبت نعمة الرب وعشنا. منقول |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ليكن هدفك باستمرار هو الكمال ولا تقف عند حد |
اتخذ الرب لك صديقا |
ليكن صيامنا مقدسا و مقبولا امامك يارب |
اتخذ الله صديقا لك |
امامك باستمرار |